مشهور
18/03/2007, 04:55 PM
أمة مشردين
هناك شيء واحد أسوأ من الكذب: التكاذب! وعندما ينتهي مفعول هذا الأفيون تبدأ الحقائق بالظهور من تحت الأرض. وإذا بنا اليوم من أمة تطلب الوحدة وتتناولها في الصباح على الريق، وقد أصبحنا أمة مشردين. من دارفور إلى كركوك. ونحن من الوقاحة وقلة الحياء والإدمان عليها، بحيث ان عندنا ملايين المشردين والتائهين وليست عندنا جمعية واحدة للعناية بهم. ويخجل أكثرنا بالاعتراف بأن الوضع الديموغرافي في الأردن الذي تغير بسبب الاحتلال الإسرائيلي، يتغير الآن مرة أخرى بسبب الهجرة العراقية. وهناك عبء بشري على سورية. ولبنان أصبح دولة يهاجر أهلها إلى الخارج وجوارها يهاجر إلى الداخل.
وبدل أن تُعنى الحكومة السودانية بلاجئي دارفور وبؤسائها تمنع الناس والكتّاب والجمعيات من الكلام عن المأساة بحجة أن إسرائيل موجودة هناك. ولو أن السودان اهتم بالوحدة السودانية منذ البداية وبحث عن سبل تدعيمها لكان قطع شوطاً مهماً في ذلك. لكنه أراد أن يعلن الوحدة مع مصر ومع ليبيا وحتى مع سورية، فيما العاصمة تقاتل الجنوب وتستعد لمقاتلة دارفور. وبعد أربعين عاماً من الحرب في الجنوب صار وضع العاصمة أكثر ضعفا. وبعد أربعين عاما من محاربة الأكراد في جبالهم، أداروا ظهرهم للعراق ومضوا إلى دولة غير معلنة، وها هم ينكلون بالعرب كما نُكّل بهم من قبل، تشريداً وترويعاً.
من «أقسى» ما قرأت هذا العام أن مصر «احتفلت» بأن عدد مهاجريها أصبح عشرة ملايين! هل يمكن لأحد أن «يحتفل» بتغريب أبنائه، أو بتشريقهم؟ عندما أستقل المصعد في دبي ألاحظ أن ثمانية من عشرة لبنانيون. وجميعهم دون الثلاثين. وجميعهم كفاءات علمية. وأحزن لأنه لم يبق نصفهم على الأقل في لبنان، ثم أحمد الله لأن هناك دبي تستوعب هذا العدد من الطاقات، بدل أن يضيعوا العمر والوقت والزمن والمستقبل في ساحة 8 آذار أو 14 آذار. والحقيقة أنهم جميعا في ساحة واحدة هي 31 شباط.
عندما تكون هناك قضايا قومية كبرى مثل الحقائب الوزارية ومعركة رئاسة الجمهورية لا يعود هناك مكان للقضايا التافهة مثل حياة الناس ومستقبلها والفصل بين العائلات وتدمير الاقتصاد وزرع اليأس وتفريغ البلد وتحويل محبة الأوطان إلى أمل وحيد هو الهجرة.
عندما هاجرت إلى كندا «استقبلني» موظف عند الحدود. وسلمني بضعة كتب. وروزنامة. وظل نحو ربع ساعة يخبرني ما هي حقوقي المدنية وكيف يمكن أن أحافظ عليها. ولم أكن قد سمعت من قبل بأن للمواطنين في العالم العربي حقوقا سوى حق الهجرة. وحق عدم العودة.
هناك شيء واحد أسوأ من الكذب: التكاذب! وعندما ينتهي مفعول هذا الأفيون تبدأ الحقائق بالظهور من تحت الأرض. وإذا بنا اليوم من أمة تطلب الوحدة وتتناولها في الصباح على الريق، وقد أصبحنا أمة مشردين. من دارفور إلى كركوك. ونحن من الوقاحة وقلة الحياء والإدمان عليها، بحيث ان عندنا ملايين المشردين والتائهين وليست عندنا جمعية واحدة للعناية بهم. ويخجل أكثرنا بالاعتراف بأن الوضع الديموغرافي في الأردن الذي تغير بسبب الاحتلال الإسرائيلي، يتغير الآن مرة أخرى بسبب الهجرة العراقية. وهناك عبء بشري على سورية. ولبنان أصبح دولة يهاجر أهلها إلى الخارج وجوارها يهاجر إلى الداخل.
وبدل أن تُعنى الحكومة السودانية بلاجئي دارفور وبؤسائها تمنع الناس والكتّاب والجمعيات من الكلام عن المأساة بحجة أن إسرائيل موجودة هناك. ولو أن السودان اهتم بالوحدة السودانية منذ البداية وبحث عن سبل تدعيمها لكان قطع شوطاً مهماً في ذلك. لكنه أراد أن يعلن الوحدة مع مصر ومع ليبيا وحتى مع سورية، فيما العاصمة تقاتل الجنوب وتستعد لمقاتلة دارفور. وبعد أربعين عاماً من الحرب في الجنوب صار وضع العاصمة أكثر ضعفا. وبعد أربعين عاما من محاربة الأكراد في جبالهم، أداروا ظهرهم للعراق ومضوا إلى دولة غير معلنة، وها هم ينكلون بالعرب كما نُكّل بهم من قبل، تشريداً وترويعاً.
من «أقسى» ما قرأت هذا العام أن مصر «احتفلت» بأن عدد مهاجريها أصبح عشرة ملايين! هل يمكن لأحد أن «يحتفل» بتغريب أبنائه، أو بتشريقهم؟ عندما أستقل المصعد في دبي ألاحظ أن ثمانية من عشرة لبنانيون. وجميعهم دون الثلاثين. وجميعهم كفاءات علمية. وأحزن لأنه لم يبق نصفهم على الأقل في لبنان، ثم أحمد الله لأن هناك دبي تستوعب هذا العدد من الطاقات، بدل أن يضيعوا العمر والوقت والزمن والمستقبل في ساحة 8 آذار أو 14 آذار. والحقيقة أنهم جميعا في ساحة واحدة هي 31 شباط.
عندما تكون هناك قضايا قومية كبرى مثل الحقائب الوزارية ومعركة رئاسة الجمهورية لا يعود هناك مكان للقضايا التافهة مثل حياة الناس ومستقبلها والفصل بين العائلات وتدمير الاقتصاد وزرع اليأس وتفريغ البلد وتحويل محبة الأوطان إلى أمل وحيد هو الهجرة.
عندما هاجرت إلى كندا «استقبلني» موظف عند الحدود. وسلمني بضعة كتب. وروزنامة. وظل نحو ربع ساعة يخبرني ما هي حقوقي المدنية وكيف يمكن أن أحافظ عليها. ولم أكن قد سمعت من قبل بأن للمواطنين في العالم العربي حقوقا سوى حق الهجرة. وحق عدم العودة.