الهباق
22/03/2007, 09:52 PM
عامر عبدالله الشهراني*
من المعروف أن أي شخص لا يذهب إلى المستشفى أو العيادة الطبية إلا عندما يشعر أنه بحاجة لعناية صحية، وفي حالات كثيرة جدا يحتاج المريض إلى عناية علاجية من جانبين، الجانب الأول: علاج نفسي، والجانب الآخر علاج عضوي، وفي بعض الأوقات لا يحظى بالجانب الأول، ولا بالجانب الثاني، فعندما يقابل المريض الطبيب في عيادته سواء في المستشفى الحكومي، أو المستشفى الأهلي، أو العيادات الخاصة لا يحس بالعناية التي يتوقعها، أو يستحقها من بعض الأطباء، ذلك أنه في كثير من الأوقات لا يستمع الطبيب إلى مريضه، ولا يعطيه الفرصة، أو الوقت لعرض مشكلته، أو شكواه الصحية بشكل جيد، وقد يكون ذلك نتيجة للضغط الذي يعاني منه الطبيب في عيادته، ولكن لا يعني ذلك أن الطبيب لا يهتم بالمريض بالشكل المطلوب، ويجعل من ضغوطاته سبباً لحدوث مثل هذه الحالات.
ويمكن تفسير ذلك بأن الطبيب قد لا يرى أن لدى هذا المريض مشكلة صحية عضوية، فإذا كان ذلك هو تقييم الطبيب الأولي لهذا المريض وهو متأكد من ذلك، فقد يكون لدى المريض مشكلة نفسية، ويحتاج إلى عناية من هذه الناحية، لأن كثيراً من الحالات ما هي إلا مشكلة نفسية أكثر مما هي عضوية، ولا بد من توضيح ذلك للمريض ولو أخذ ذلك من وقته دقائق قليلة لتوضيح الأمر له، وأرى أنه من الضروري الاهتمام بالجانب النفسي للمريض، أو الشخص الذي يزور عيادة الطبيب، فإذا كان الطبيب لا يملك المهارات والخبرات في التعامل مع المريض من هذا الجانب فإنه مطالب بأن يأخذ بعض الدورات التأهيلية في المجال النفسي، مع إدراكي بأن برنامج إعداد الأطباء في كليات الطب يقدم بعض المقررات في هذا الجانب.
وفي بعض الأوقات قد يكون الطبيب هو مصدر المرض النفسي لبعض المرضى في حالة أن المريض لديه مرض من الأمراض المستعصية، وبعد التحاليل والأشعة اللازمة يقابل المريض على عجل ويخبره بما لديه من مشكلات صحية، وبأسلوب قد يؤدي إلى الصدمة النفسية التي قد تزيد حالته الصحية سوءا، والتي بدورها قد تجعل إمكانية علاجه من الصعوبة بمكان. وهنا أرى أن الطبيب مطالب بأن يدرس حالة المريض من كافة الجوانب، ومدى تحمله للصدمات النفسية، وأن يتم إبلاغ من لديه مرض مستعص بأسلوب تكون فيه الصدمة النفسية بأقل ما يمكن.
أما الموقف الآخر فيمكن ملاحظته عندما يذهب المريض للطبيب في بعض المستشفيات، أو العيادات الخاصة حتى لو لنزلة برد خفيفة، وفي هذا الموقف يقوم بعض الأطباء بعمل أشعة، أو عدد منها وتحاليل متقدمة وكثيرة، قد لا تحتاجها الحالة، وكل هذه الإجراءات التي قد يكون أغلبها - إن لم يكن جميعها - غير مطلوبة، أو غير ضرورية. وقد يكون للطبيب المعالج نسبة من دخلها. كما أن هذه الإجراءات قد تجعل المريض يشعر أن لديه مشكلة، أو مشكلات صحية، ومن هنا تبدأ مشكلة صحية نفسية جديدة. وهنا أرى أن هذه الفئة من الأطباء مطالبة بالاقتصار على الأشعة، والتحاليل الضرورية - فقط - التي يحتاجها المريض.
المثال الآخر يمكن ملاحظته عندما يكتب الطبيب للمريض وصفة طبية علاجية بها عدد مختلف من الأدوية قد تصل إلى أكثر من أربعة أنواع مثلاً لالتهاب بسيط في الحلق، أو لنزلة برد، ولا يقتصر الأمر عند تعدد الأدوية ولكن يتعدى ذلك إلى أن الأدوية الموصوفة من أغلى الأدوية والتي قد تكون تأثيراتها الجانبية أكثر من نفعها لمثل هذه الحالات، وقد يطلب بعض الأطباء من المرضى شراء الدواء من صيدلية المستوصف أو المستشفى، وإحضارها له ليقوم بشرح كيفية استخدامها له، وهذه المهمة قد يقوم بها الصيدلي في حالة كتابة كيفية الاستخدام، وعدد مرات استخدامه في اليوم الواحد، ولكن الغرض من ذلك كله هو أن يضمن الطبيب شراء المريض العلاج من الصيدلية التابعة للمستشفى، أو المستوصف الذي قد يكون له نسبة من مبيعات الأدوية التي يصفها للمرضى الذين يزورون عيادته، ومن هنا، آمل ألا يطغى الجانب المادي على العناية الصحية المتوقعة من الطبيب، وتجب مراعاة أخلاقيات المهنة التي تعلمها في أثناء فترة الدراسة بكلية الطب.
كما أن بعض الأطباء يعتقد أن بعض مراجعيه غير متمكن من اللغة الإنجليزية، ففي بعض الأوقات يتحدث عن المريض في عيادته باللغة الإنجليزية مع الممرض، أو الممرضة عن حالته، أو عما يقوم به للمريض مثل عملية فتح خراج، أو التغيير على الجرح، أو غير ذلك، وقد يتحدث بنوع من التقزز عن حالة المريض، وقد لا يدرك أن المريض يعرف تماماً ما يقوله عنه باللغة الإنجليزية، وهنا أرى أنه يتوجب على هؤلاء الأطباء أن يدركوا أن اللغة الإنجليزية لست حكراً عليهم، بل إن ثقافة المرضى اللغوية ليست كما يعتقدون، وليست هناك ضرورة لمثل هذه السلوكيات التي قد تجعل المريض ينظر إلى الطبيب نظرة مختلفة، وهنا آمل أن تكون ثقة المريض، وعلاقته مع طبيبه قوية، ولا يحس المريض بأن الطبيب ينظر إليه نظرة دونية.
وكل ما تم عرضه في مقالي هذا لا يمكن تعميمه على كل الأطباء، لأن التعميم غير وارد في مثل هذه الحالات، فهناك عدد منهم يتعامل مع المرضى، ويستمع إليهم، ويتعامل معهم بكل لطف وعناية.
وما أود أن أختم به مقالي هذا أنه يتوجب على الطبيب الذي يتعامل بهذه الأساليب مع المرضى أن يعدل من طرق تعامله معهم، ويستمع لهم، وأن يصف لهم الأدوية المناسبة في حالة حاجتهم لهذه الأدوية، وألا تصبح الخدمات الصحية لها الطابع المادي البحت الذي قد يخرجها عن إطارها الصحيح، ولذا أراني أكرر وأقول: أيها الأطباء رفقاً بالمرضى.
* أكاديمي وكاتب سعودي
من المعروف أن أي شخص لا يذهب إلى المستشفى أو العيادة الطبية إلا عندما يشعر أنه بحاجة لعناية صحية، وفي حالات كثيرة جدا يحتاج المريض إلى عناية علاجية من جانبين، الجانب الأول: علاج نفسي، والجانب الآخر علاج عضوي، وفي بعض الأوقات لا يحظى بالجانب الأول، ولا بالجانب الثاني، فعندما يقابل المريض الطبيب في عيادته سواء في المستشفى الحكومي، أو المستشفى الأهلي، أو العيادات الخاصة لا يحس بالعناية التي يتوقعها، أو يستحقها من بعض الأطباء، ذلك أنه في كثير من الأوقات لا يستمع الطبيب إلى مريضه، ولا يعطيه الفرصة، أو الوقت لعرض مشكلته، أو شكواه الصحية بشكل جيد، وقد يكون ذلك نتيجة للضغط الذي يعاني منه الطبيب في عيادته، ولكن لا يعني ذلك أن الطبيب لا يهتم بالمريض بالشكل المطلوب، ويجعل من ضغوطاته سبباً لحدوث مثل هذه الحالات.
ويمكن تفسير ذلك بأن الطبيب قد لا يرى أن لدى هذا المريض مشكلة صحية عضوية، فإذا كان ذلك هو تقييم الطبيب الأولي لهذا المريض وهو متأكد من ذلك، فقد يكون لدى المريض مشكلة نفسية، ويحتاج إلى عناية من هذه الناحية، لأن كثيراً من الحالات ما هي إلا مشكلة نفسية أكثر مما هي عضوية، ولا بد من توضيح ذلك للمريض ولو أخذ ذلك من وقته دقائق قليلة لتوضيح الأمر له، وأرى أنه من الضروري الاهتمام بالجانب النفسي للمريض، أو الشخص الذي يزور عيادة الطبيب، فإذا كان الطبيب لا يملك المهارات والخبرات في التعامل مع المريض من هذا الجانب فإنه مطالب بأن يأخذ بعض الدورات التأهيلية في المجال النفسي، مع إدراكي بأن برنامج إعداد الأطباء في كليات الطب يقدم بعض المقررات في هذا الجانب.
وفي بعض الأوقات قد يكون الطبيب هو مصدر المرض النفسي لبعض المرضى في حالة أن المريض لديه مرض من الأمراض المستعصية، وبعد التحاليل والأشعة اللازمة يقابل المريض على عجل ويخبره بما لديه من مشكلات صحية، وبأسلوب قد يؤدي إلى الصدمة النفسية التي قد تزيد حالته الصحية سوءا، والتي بدورها قد تجعل إمكانية علاجه من الصعوبة بمكان. وهنا أرى أن الطبيب مطالب بأن يدرس حالة المريض من كافة الجوانب، ومدى تحمله للصدمات النفسية، وأن يتم إبلاغ من لديه مرض مستعص بأسلوب تكون فيه الصدمة النفسية بأقل ما يمكن.
أما الموقف الآخر فيمكن ملاحظته عندما يذهب المريض للطبيب في بعض المستشفيات، أو العيادات الخاصة حتى لو لنزلة برد خفيفة، وفي هذا الموقف يقوم بعض الأطباء بعمل أشعة، أو عدد منها وتحاليل متقدمة وكثيرة، قد لا تحتاجها الحالة، وكل هذه الإجراءات التي قد يكون أغلبها - إن لم يكن جميعها - غير مطلوبة، أو غير ضرورية. وقد يكون للطبيب المعالج نسبة من دخلها. كما أن هذه الإجراءات قد تجعل المريض يشعر أن لديه مشكلة، أو مشكلات صحية، ومن هنا تبدأ مشكلة صحية نفسية جديدة. وهنا أرى أن هذه الفئة من الأطباء مطالبة بالاقتصار على الأشعة، والتحاليل الضرورية - فقط - التي يحتاجها المريض.
المثال الآخر يمكن ملاحظته عندما يكتب الطبيب للمريض وصفة طبية علاجية بها عدد مختلف من الأدوية قد تصل إلى أكثر من أربعة أنواع مثلاً لالتهاب بسيط في الحلق، أو لنزلة برد، ولا يقتصر الأمر عند تعدد الأدوية ولكن يتعدى ذلك إلى أن الأدوية الموصوفة من أغلى الأدوية والتي قد تكون تأثيراتها الجانبية أكثر من نفعها لمثل هذه الحالات، وقد يطلب بعض الأطباء من المرضى شراء الدواء من صيدلية المستوصف أو المستشفى، وإحضارها له ليقوم بشرح كيفية استخدامها له، وهذه المهمة قد يقوم بها الصيدلي في حالة كتابة كيفية الاستخدام، وعدد مرات استخدامه في اليوم الواحد، ولكن الغرض من ذلك كله هو أن يضمن الطبيب شراء المريض العلاج من الصيدلية التابعة للمستشفى، أو المستوصف الذي قد يكون له نسبة من مبيعات الأدوية التي يصفها للمرضى الذين يزورون عيادته، ومن هنا، آمل ألا يطغى الجانب المادي على العناية الصحية المتوقعة من الطبيب، وتجب مراعاة أخلاقيات المهنة التي تعلمها في أثناء فترة الدراسة بكلية الطب.
كما أن بعض الأطباء يعتقد أن بعض مراجعيه غير متمكن من اللغة الإنجليزية، ففي بعض الأوقات يتحدث عن المريض في عيادته باللغة الإنجليزية مع الممرض، أو الممرضة عن حالته، أو عما يقوم به للمريض مثل عملية فتح خراج، أو التغيير على الجرح، أو غير ذلك، وقد يتحدث بنوع من التقزز عن حالة المريض، وقد لا يدرك أن المريض يعرف تماماً ما يقوله عنه باللغة الإنجليزية، وهنا أرى أنه يتوجب على هؤلاء الأطباء أن يدركوا أن اللغة الإنجليزية لست حكراً عليهم، بل إن ثقافة المرضى اللغوية ليست كما يعتقدون، وليست هناك ضرورة لمثل هذه السلوكيات التي قد تجعل المريض ينظر إلى الطبيب نظرة مختلفة، وهنا آمل أن تكون ثقة المريض، وعلاقته مع طبيبه قوية، ولا يحس المريض بأن الطبيب ينظر إليه نظرة دونية.
وكل ما تم عرضه في مقالي هذا لا يمكن تعميمه على كل الأطباء، لأن التعميم غير وارد في مثل هذه الحالات، فهناك عدد منهم يتعامل مع المرضى، ويستمع إليهم، ويتعامل معهم بكل لطف وعناية.
وما أود أن أختم به مقالي هذا أنه يتوجب على الطبيب الذي يتعامل بهذه الأساليب مع المرضى أن يعدل من طرق تعامله معهم، ويستمع لهم، وأن يصف لهم الأدوية المناسبة في حالة حاجتهم لهذه الأدوية، وألا تصبح الخدمات الصحية لها الطابع المادي البحت الذي قد يخرجها عن إطارها الصحيح، ولذا أراني أكرر وأقول: أيها الأطباء رفقاً بالمرضى.
* أكاديمي وكاتب سعودي