المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يجوز بيع دم القتيل؟**د. عايض القرني


مشهور
23/03/2007, 11:38 PM
هل يجوز بيع دم القتيل؟

د. عايض القرني


انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة العفو عن القاتل مقابل ملايين من الريالات قد تصل إلى العشرة أو أقل أو أكثر، وما أدري كيف تُسمى هذه الطريقة عفو لوجه الله؟ إن الإسلام أوجب القصاص أو الدية أو العفو، فإما قصاص تذهب فيه النفس بالنفس؛ ليأمن المجتمع وتنكسر شوكة القتلة وتُصان الدماء وتُحفظ الأنفس «ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون» وإما دية محددة يأخذها ولي الدم ويتفق عليها من قبل الدولة ويرعى تحديدها ولي الأمر بما يراه العلماء مناسباً للعصر، وإما عفو لوجه الله لا يأخذ فيه ولي الدم قطميراً أو نقيرا بل له الأجر من الله وحده، كيف نفهم العفو من ولي دم يقول: عفوت لوجه الله مقابل 8 ملايين ريال وأربعة جيوب لكزس 8 سلندرات!. وآخر يقول عفوت لوجه الله مقابل مخطط في شمال الرياض ودار سكنية في مكة ومزرعة للعيال!، فكيف يكون هذا من أهل العفو والصفح؟! وقد أشرفتُ على قضايا طلب بعضهم الستة والسبعة والثمانية ملايين وهو عند نفسه قد عفا لوجه الله وقد تفضل مشكوراً على القاتل وأهله، ومن أين يجمع ولي الدم هذا المبلغ الذي تعجز عنه القبيلة بأسرها؟ فيركبه هم الدين وشماتة الشحاذة أمام الناس، وهنا واجب الدولة التدخل السريع أمام هذا البيع العلني لدم القتيل ومخالفة الشريعة لأن ولي الدم لم يأخذ بالقصاص ولا بالدية المحددة ولم يعف لوجه الله وإنما انتقل إلى المزاد العلني في بيع دم القتيل، هل دماء المسلمين تُباع بهذا الرخص؟ إن قطرة من دم الإنسان أفضل من كنوز الدنيا، فلماذا نترك الحبل على الغارب أمام الجشع والطمع لأناس لـمّا قُتل إخوانهم وأبناؤهم أخذوها فرصة لجمع الملايين وأخذ المخططات والفلل واشتراط سيارات المرسيدس مع تحديد الموديل والمواصفات، ولماذا يتدخل بعض الأعيان والتجار في غياب الدولة لبذل أموالهم وأحدهم لا يستحي من الله وجاره يبيت جائعاً بجانبه، وآخر يرى الأطفال الأيتام يتسوّلون في الشوارع فلا يرفُّ له جفن ولا تفيض منه دمعة ولا تجود يده بريال، نحن إذاً أمام مشكلة اجتماعية كبرى غاب عنها المسؤولون والعلماء وهي: المزايدة في بيع دم القتيل تحت مسمى العفو لوجه الله وهذا تضليل للمصطلحات الشرعية، وأعرف بعض القضايا باع فيها أهل القاتل دورهم ومزارعهم؛ ليدفعوها لولي الدم الذي عفا بزعمه لوجه الله، أي عفو يا أخي ورصيدك وصل العشرة ملايين ريال وبعض الأسر عجزت أن تجد ألف ريال تشتري به لحماً وخبزاً، إذاً لنعد إلى الشريعة في القصاص أو الدية المعروفة أو العفو بلا مقابل ولترعى الدولة المسلمة هذه الأحكام التي فيها صلاح العباد والبلاد، أما أن تترك الأمور لتخمينات الطامعين والجشعين الذين لا يعرف بعضهم نواقض الوضوء فهذا إهمال وتفريط، إن الشريعة عظيمة لأنها ربّانية ولهذا حدّدت المسارات في القصاص والدية والعفو وحثت على العفو والمسامحة، ولكنها لم تترك الأمر نهباً مشاعاً للقبائل والعشائر يحددونه هم بل أوجبت على ولي الأمر أن يرعى تنفيذ هذه الأوامر الشرعية، ثم أقول لمن يدعي أن في القصاص همجية: تبَّتْ يدك وسحقاً لك، والله لقد رأينا الأمن استتب، والقاتل ارتدع، وعصابات الجريمة دُمِّرت، وأمِنَ الناس على دمائهم وأموالهم «أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون» ولقد عادت بعض الدول الغربية الكبرى إلى مسألة إعدام القاتل؛ لأنهم وجدوا أن القتل انتشر وأنه لا يردع القتلة إلا قتل النفس بالنفس، فسبحان الله الخالق الحكيم ما أعدله في خلقه وما أعلمه بما يصلح الدولة والأمة والمجتمع والفرد:
* من بلادي يُشرقُ الحقُ ولا ـ يشرقُ الحق من الغير الغبي

* وبها مهبطُ وحي الله بـلْ ـ أرسل اللهُ بها خيـرَ نبـي

* قل: هو الرحـمن آمنا به ـ واتبعنـا هادياً مـن يثربِ

التعليــقــــات
سمير سماره، «اسبانيا»، 23/03/2007
معك حق ياشيخ عائض ، لايجوز المتاجرة بدم القتيل ، ونوافقك أيضا على أن في القصاص ردع للقاتل واستتباب للأمن. والسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا عندما يقوم شخص بقتل شخص آخر نتسارع الى الضغط على عائلة القتيل لكي تتنازل أو تقبل الدية؟ الا يعتبر ذلك متعارضا مع الهدف الذي يرمي اليه القصاص وهو الردع؟

فيصل العتيبي، «المملكة العربية السعودية»، 23/03/2007
مقالة رائعة كعادتك يا فضيلة الشيخ الأديب الدكتور عايض ، وقليلٌ أمثالك ..

ناصح الرشيد، «الفلبين»، 23/03/2007
والله لقد تطرقت في مقالك الى ما يهدد امن واستقرار اسرنا في مملكتنا الغالية والملاحظ ان حكم القتل لم يعد يطبق الا على العاجزين ماليا او ليس لهم علاقات او مكانة عند بعض المسئولين. وولاة الامر لايردون بطبعهم من يقصدهم في مثل هذه الامور وقد يتبرعون مجاملة وابتغاء الاجر والثواب وهم في الحقيقة من يبادرون الى التبرع لكن يجب كما تفضلت ياشيخ دراسة هذا الامر من قبل الحكومة قبل استفحال شره قبل خيره واستسهال امر القتل لدى الغير طالما انه سيجد من يتبرع له وينقذه من حد السيف.

walid shishani - sweden، «السويد»، 23/03/2007
بارك الله بك أيها الإنسان الجليل ،فإثارة مثل هذا الموضوع وما شابهه، فيه الخير والأمن والسلام للمجتمع . بغض النظر عن القصاص كعقوبة شرعية على القاتل، إلا أن الدولة بيدها الحل والربط، لكنها تتخلى عن مسؤوليتها تخاذلا وجهلا وكسلا، وما يترتب على حد القصاص من ملحقات كأخذ الدية وإبتزاز أهل القاتل بهذا الشكل، وهم أبرياء طبعا، ما كان ليتم لو أن الدولة إستبدلت القصاص بعقوبة رادعة للقاتل ،وبنفس الوقت تقضي على جشع أهل القتيل. فلولا عقوبة القصاص ،لا يستطيع الجشع المادي أن يفرض نفسه. وإن كان لا بد من القصاص كإلتزام شرعي ، فلتكن الدية أموال القاتل وحده ،لا أموال أهله وعشيرته ،مع الأخذ بعين الأعتبار حقوق أهل بيته. أما العفو لوجه الله سبحانه، فذلك من شيم الكرام،حيث التسامح هو الأصل في الشريعة ،والأسلام يأمرنا بأن نكون كرام النفوس ،ومتسامحين.

يوسف أحمد، «البحرين»، 23/03/2007
صح لسانك يا شيخ و بارك الله فيك .......

مجدي قاري، «فرنسا ميتروبولتان»، 23/03/2007
موضوع بالفعل مهم وخطير، سلمت يمينك شيخنا الفاضل.

متغب بن محمد، «المملكة العربية السعودية»، 23/03/2007
«ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون».
جزاك الله خيرا ياشيخ عايض.

سعيد بن سعود، «المملكة العربية السعودية»، 23/03/2007
موضوع كان يجب طرحه من السابق. يعطيك العافية. شئ مؤسف المزايدة على روح الميت و التي كثرت في الاونة الاخيرة و العياذ بالله.

وليد العيسائي - الهند، «الهند»، 23/03/2007
والله فعلا ياشيخ وهذه مسأله مهمه ولا بد من حل لها.. ونسال الله الخير والعافيه لجميع المسلمسين, بس لابد من الدعوه والتوضيح لان البعض كما قلت انه يعتبرها عفا وانه قد صفح عن الاخر. ونشاء الله لك الخير ياشيخ على المواضيع الطيبه.

محمد عيسي، «مصر»، 23/03/2007
بارك الله فيك شيخنا الفاضل بالفعل حضرتك وفيت وكفيت بالمقالة واتفق مع سماحتكم بان الأمر لم يصبح عفوا ولم يصبح قصاصا إنما تجارة فقط كم اكسب من وراء قتل قريبي هذا او اخي.
فيجب ان يكون العفو لوجه الله وهو الا تحصل على اي مقابل وبهذا يطبق العفو.

عبده الخبراني، «المملكة العربية السعودية»، 23/03/2007
الله يعطيك ألف ألف عافية شيخ عائض ,لقد وفقت في إختيار هذا الموضوع الجد حساس ومهم وياليت يكون مسموع من قبل المسئولين والعامة.
وفقك الله وإلى الأمام. تحياتي.

ابو عبد الاله، «المملكة العربية السعودية»، 23/03/2007
موضوع جميل ووقته مناسب. بارك الله فيك ياشيخ.