تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من هم الوسطيون؟ كم من كاتب أو ناشط يثني على


عبد المجيد
16/04/2007, 05:09 PM
عفواً، أنا لست وسطياً!!

د. عبد الرحمن الحبيب

في كثير من المناقشات والحوارات يُرفع شعار "الوسطية"، ويدعي كل طرف بأنه معتدل أو وسطي في أفكاره بين الأفكار المطروحة، رغم أن المنطق العام يقول أن كثير من هذه الأطراف بعيد تماماً عن الوسطية؛ أو رغم أن الوسطية قد لا تكون مناسبة لسياق الحديث، ولا علاقة لها بالموضوع. وهنا، يتبادر لي سؤالان رئيسيان: هل صحيح أن هؤلاء وسطيون؟ وإذا كانت الوسطية فضيلة في بعض الأمور فهل هي إيجابية في موضوع الأفكار والقناعات والحقوق؟ مثلاً هل الوسطية بين الخير والشر موقف إيجابي؟

من هم الوسطيون؟ كم من كاتب أو ناشط يثني على التوسط والاعتدال، لكن لا نسمع منه إلا التشدد والإفراط؟ كم من دعاة يطلقون على أنفسهم "وسطيون"، وهم يعتبرون التوجهات السياسية المختلفة معهم ضلال مبين، والمناهج الفكرية غير منهجهم كفر، والديموقراطية تغريب، والأساليب القضائية غير أساليبهم حكم بغير ما

أنزل الله.. وهكذا الآداب والفنون إن لم تكن إسلامية فهي فسق ومجون، بل أن أغلب الفنون لديهم حرام من غناء ورسم وتصوير وسينما ومسرح.. ورأيهم في المرأة ليس وسطياً، فمثلاً يرون أن لا يصح عملها ولا خروجها إلا لضرورة قصوى، وكشفها لوجهها حرام.. الخ، رغم أن الغالبية من فقهاء المسلمين ترى خلاف ذلك.. بل أن كثيراً من الأمور المباحة يطالب هؤلاء "الوسطيون" بتحريمها من باب سد الذرائع، حتى أصبحت القاعدة أن الأصل في المعاملات التحريم على عكس القاعدة الفقهية " الأصل في المعاملات الإباحة". ومع أن لهم كامل الحق في الرأي الفقهي والتفسير الذي يناسبهم، لكن أين التوسط أو الاعتدال في طرحهم؟ وما هي الوسطية؟

سيقول لنا مثل هؤلاء: أن الوسطية هي التوسط بين المسلمين، والانتماء إلى الجماعات المتوسطة المعتدلة بين الإفراط من بعض الجماعات والتفريط من بعضها الآخر. ولكن هل هناك جماعات واضحة أكثر تشدداً منهم؟ سيكون جواب كثير منهم: نعم، هناك جماعات متشددة تحرم الأخذ بالتكنولوجيا المتطورة والأساليب الإدارية الحديثة والمدارس الحكومية وغيرها من مظاهر الحياة الحديثة التي أباحها الشرع. لكن تلك جماعات نادرة جداً منعزلة وخارجة عن التأثير، والنادر لا حكم له.. وتلك جماعات لا يمكن وضعها في معادلة الوسطية، فالتوسط هو أن تكون متوسطا بين أعداد من جهة وأعداد موازية أو مقاربة لها من الجهة المناقضة، بحيث تمثل هاتان الجهتان الغالبية. وسيقول لك بعضهم: أن الأصل في المقارنة هو ما كان عليه المسلمون الأوائل، وليس ما هم عليه الآن فقد تبدل الحال وفسد الناس، والحق أولى أن يُتَّبع.. وفي تقديري أن القول بفساد الناس هو خروج من التوسط بينهم، ولا علاقة له بالوسطية، فلماذا، إذن، يتم اقحامها بمناسبة وبدونها؟

عندما يأتيك متشدد يرى نفسه مركز العالم، زاعماً أن نظرياته أو فتاويه وسطية تمثل الغالبية من جمهور الفقهاء وهو يدرك تمام الإدراك خلاف ذلك، خاصة عندما يستند في كل أمور دينه ودنياه على أراء ثلاثة أو أربعة فقهاء بين المئات من فقهاء المسلمين، يكون ادعاء الوسطية أمراً سيئا؛ على أن الأسوأ هو عندما لا يدرك هذا المتشدد أن ثمة أراء فقهية متنوعة ورحابة فكرية في شتى المواضيع كفلتها الشريعة..

ولتحديد الموقف من الوسطية هل هي إيجابية أم سلبية، لا بد من تحديد ما نقصده بالوسطية، ومتى نطلق كلمة الوسطية، وكيف نطلقها، حين نردد مقولات نبيلة: "خير الأمور الوسط"، "لا إفراط ولا تفريط"، وحين نستخدم في كثير من المواضيع الآية الكريمة:" وكذلك جعلناكم أمة وسطا"، وكلمة " وسط" لا تعني الوسطية بالمعنى العامي الدراج، بل تعني العدل كما جاء في الحديث الشريف وكتب اللغة والتفاسير.

كيف تصبح الوسطية إيجابية حين تكون بين: العنف والسلم، المعرفة والجهل، الصحة والمرض، الخير والشر، الصدق والكذب.. الخ. هل تصبح الوسطية مناسبة حين تقع بين الجيد والرديء؟ أليس الجيد هنا أفضل من الوسطي؟ وهل الوسطية جيدة بين العدالة والظلم؟ ربما التوسط بين الظالم والمظلوم يكون سياسياً مفيداً، لكن الوسطية في الحقوق غير ذلك تماماً!

من وجهة نظري، الوسطية في عالم الفكر هو نوع من التلفيق، فمن لديه وجهة نظر فليطرحها وفقاً لقناعاته دون النظر لتوسطها بين الأفكار الرائجة أو عدم توسطها.. صحيح أن خير الأمور الوسط، لكن الصحيح أيضا أن لك مقام مقال، ولا يمكن إطلاق المقولات على عواهنها أو في غير سياقها.. فالتوسط خير بين المبالغات كالتبذير والبخل، أو القسوة واللين، أو العصبية والبرود، أو الخوف والتهور، أو التخمة والجوع، أو بين المبالغة في الجد واللعب، وبين المبالغة في العمل والكسل.. فهنا المسألة تخص السلوك المعيشي أو الذوق العام، أو كما أوضحها أرسطو تخص الفضائل، حيث التوسط ملكة بين إفراط وتفريط كلاهما رذيلة..

وفضيلة التوسط بين الناس لا تشمل الرأي الفكري في قضايا خلافية، ولا وجهة النظر الشخصية في أمر من الأمور.. ولا ينتظر من المفكر أو المثقف أن يمالي الأغلبية فذلك أقرب للنفاق وتلفيق وجهات النظر.. وعلى نقيض ذلك، فإن التوسط قد يكون إيجابي، مثلما يفعل السياسي حين يتمثل الوسطية كي يتوسط بين الجمهور وتفاوتاته الطبيعية ويحافظ على التوازنات..

وقد تكون الوسطية واقعية وتمثل أصحاب وجهات النظر الواقعة فعلا في الوسط، ولكن تكاثر ادعاء الوسطية في المجال الفكري الذي يحصل هذه الأيام هو في أحسن الأحوال تكلف لا موجب له.. وهو غالباً محاولة غير منهجية ولا موضوعية في استدرار عطف الجمهور، وهو في نفس الوقت استدراج للعموم لتبني فكرة بغلاف زائف.. فالجمهور يتوق لتلقي وجهات نظر أمينة، "فالمستشار مؤتمن".. لذا من يستشيرني في أمر من الأمور لن أكون معه وسطياً، لأنني لست كذلك

أم رتيبة
17/04/2007, 09:12 AM
احب الوسطية في الاسلام
احب الوسطية فى كل يوم شىء
جزاك الله خيرا
خير الامور اوسطها