المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قرية النهود **مشعل السديري


مشهور
31/05/2007, 02:07 AM
قرية النهود

هم يؤكدون أن (الرفيق قبل الطريق) ـ أي انك إذا أزمعت على الرحيل وكان برفقتك احد الناس، فعليك أن تتمعن به جيداً وتراقبه وتختبره وتزنه وتقلبه قبل أن تتورط بالسفر معه ـ، فقد يكون (علة العلل) فتشقى به، وقد يكون أحمقاً فيردي بك إلى التهلكة، وقد يكون مريضاً فيعديك، وقد يكون جائعاً بخيلاً فيسمن على حسابك، وقد يكون فاجراً فيغويك ويزين في عينك الفواحش ما ظهر منها وما بطن.

كل هذه المقدمة أوردتها عندما قررت مرافقة احدهم بالسفر بسيارته لمسافة تزيد على (800 كيلومتر)، والحق يقال إن ذلك الرفيق كان (خفيف طينه) ـ أي مقبول نوعاً ما ـ، ولديه قدرة هائلة على التحمل إلى درجة انه طوال تسع ساعات تقريباً لم يبرح مقعده التي يجلس عليه خلف (الدريكسون)، اللهم إلاّ مرة واحدة، عندما أوقف السيارة بجانب الطريق، ونزل منها لكي يؤمني بصلاة الظهر والعصر جمعاً وقصراً، كان طوال الطريق يشرب الماء فقط بدون أن يحتاج إلى دورة مياه، مما أصابني بالعجب والتساؤل: أين ذهبت تلك الكميات الهائلة من المياه التي بلعها؟!

وفيما نحن نسير وإذا بي أقرأ لوحة عليها سهم يشير إلى قرية اسمها (النهود)، وبطبيعة الحال لفت الاسم نظري، فتمنيت عليه أن نتجه لتلك القرية لإلقاء نظرة عليها، ويبدو لي انه عرف ما يعتمل بنفسي، فقال لي وهو يواصل السير من دون أن يلتفت: إن معنى نهد بالعربية الفصحى هو (المرتفع)، وجمع نهود هو مرتفعات، فهون على نفسك ولا يذهب بك الخيال بعيداً.. ثم واصل كلامه قائلاً وبلهجة علمية صرفة: بما أننا أتينا بسيرة النهد ـ الذي هو (الثدي)، فهل تعلم انه يسمى باللاتينية (ماما) (Mamma)؟!، وان العلم حتى الآن لم يفهم الطريقة البالغة التعقيد التي يعمل بها؟!

وعندما وصل حديثه الممتع إلى هنا، قلت له: لحظة، وأخذت أكتب وأسجل تلك المعلومات الجديدة عليَّ، ومنها مثلاً أنه قال: تعد عملية تحول الدم إلى لبن معجزة كيميائية مذهلة، إذ يقدر الباحثون انه لا بد من مرور (400 أوقية) من الدم في الثديين لكي يفرزا أوقية واحدة من اللبن.. والعجيب أن عملية الرضاعة تجربة ممتعة جداً لجميع الحيوانات وأكثر الأمهات، ولولا ذلك لهجر كثير من الحيوانات صغارها، فمن التهييج الذي يحدث للحلمة خلال امتصاص الطفل للبن تنشأ متعة حسية لطيفة مبهجة.

عند ذلك صمت رفيقي، وتقاطرت على رأسي الذكريات غير المكتوبة ولا المسجلة، والتي لا أفقه منها شيئاً، ولكنني سمعت ما قيل لي عنها في ما بعد. فولادتي كانت في البادية، ووالدتي توفيت من جرائها، والمشكلة أنه لا بد أن أرضع لكي أعيش، لهذا تبرعت الكثير من نساء البادية لترضيعي، ويقال بدون مبالغة إنني رضعت من عشرات النساء، لأنني صعب المزاج، ولا أستمر مع الواحدة منهن فترة طويلة، فسرعان ما أرفض حليبها ولا أستسيغه وكأنني أطلب أخرى جديدة، وأحياناً إذا أصروا على إرغامي، ألجأ إلى أسلوب العض، وهو أسلوب خبيث وناكر للجميل، لهذا تنقلت كثيراً، وتذوقت كثيراً، وبكيت كذلك كثيراً.

ولا أدري هل كان ذلك من حسن حظي أم سوئه.. ولا شك انه يوجد لي عشرات الإخوة والأخوات من الرضاعة، غير أنني للأسف لا أعرف ولا واحداً منهم.

علي السبيَه
31/05/2007, 04:05 AM
العنوان ملفت للنضر والقصه جميله
شكرا لك يا استاذنا مشهور

الهمس
31/05/2007, 07:46 AM
الحقيقه ان الموضوع ملفت للنظر دعنا نقول انه يجذب الناظر اليه وكأنك تأتي على فتوى الدكتور المصري الله يمسيه بالخير عندما اسال لعاب الكثيرين من الرجال للرضاعه من زميلات العمل كما زعم رغم تجاهله او ربما تناسيه الأحكام الدينيه في الرضاع وما شابه
اما انت ياصديقي فقصتك غريبه عجيبه منذ ولادتك الميمونه التي اتت بالخير والله اعلم ماحل باهل تلك البلده التي اتيت منها وقمت بشفط الكثير من الحليب وربما قد تسببت بمجاعه لأطفال تلك البلده المنكوبه (عشرات النساء) اللهم لاحسد
ونحن كنا نرضع على عجل ربما لا نكمل الرضعه الا ونحن نرتطم بالارض لك من الأخوات والأخوان الكثير احذر وتوخ الدقه في الزواج
تحياتي لك مواضيعك جميله ويروقني التعليق عليها