تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : رجال الأعمال العرب: متى يوثّقون مشوارهم؟!**ثريا الشهري


مشهور
11/06/2007, 02:07 AM
رجال الأعمال العرب: متى يوثّقون مشوارهم؟!

ما من ملحق اقتصادي مقروء، أو نشرة اقتصادية مرئية أو مسموعة إلا وتتحدث عن الصفقات المالية التي يعقدها رجال المال والأعمال العرب، وما من شهر يمر إلا ويفاجئنا بتوقيع اتفاقيات وتسجيل شركات برؤوس أموال بمئات الملايين، وربما لمساهمين وملاك لم نسمع بهم قبلاً، وما من تداولات مالية بحجمها الحالي ونتجرأ أن نقارنها بمثيلاتها في العقود السابقة.

كل هذا، والمواطن العادي خارج السباق، تمر عليه الأرقام وأصحابها فلا يجد نفسه في عالمها وكأنه من طينة والمشاريع الاستثمارية من طينة أخرى لا ينتمي إليها ولا تنتمي إليه، عالم مجهول يتمنى الاقتراب منه ولكنه يخشاه، يتسلح بشهادته الجامعية وأحياناً بشهاداته ولكنه يوقن أن التفوق في الدنيا يتطلب أكثر من الدرجات الأكاديمية، وهو موضوع مقالي، فمع كل رجل أعمال ناجح هناك قصة تحكى، بمفردات ذكائها وشجاعتها وعنادها وتهورها وبراعتها وحتى سقوطها ونهوضها من جديد، باختصار، إنها التجارب التي تحتاج أن توثّق حتى نقرأها ونتعلم منها، حتى تضخ في عروق شبابنا حقن الأمل واليقين بذاته، فلمَ يضن رجال الأعمال العرب على أمتهم ببعض من خبراتهم وحكايات كفاحهم، وقد قرروا يوماً امتلاك السلم بدلاً من اعتلائه! فالمال قوة، ولكنه يتطلب معرفة صائبة تُبقي عليه وتنميه، وعلى المدى الطويل، ليس من المهم مقدار ما يجني المرء، وإنما حجم ما يحتفظ به، وإلى متى سيحتفظ به، فأي مال يفتقر إلى ذكاء مالي مصيره أن يتبدد، هذا الذكاء والتخطيط يمكن أن يطلعنا عليه من عايشه.

ولا أقصد بالتوثيق هنا الحديث العابر في العموميات، أو يأتي أحدهم ويختصر رحلته بكلمة التوفيق كما تعج بها المقابلات، فهو أمر مفروغ منه، وحالته تنبئ عن توفيق ربه، إنما نحن وراء التفاصيل، وراء الاحباطات والإخفاقات التي اعترضت مشواره ولم تهزمه، وراء الفرق بين التفكير العقلاني بعقلية رجل المال والتفكير الانفعالي بعقليتنا، وراء المهارات في اتخاذ القرارات في غضون أيام وأحياناً ثوان، وراء خوض المضمون وغير المضمون ومتى يكون هذا أو ذاك، وراء الكيفية في إنفاق النقود بعد الحصول عليها، وراء آلية عمل الحدس وقيمتها وتوظيفها، وراء الإدارة بأبجدياتها ودهاليزها.

والسؤال: هل يعني التعلّم الحديث أو التنظير؟ والجواب: نعم ولا، نعم لأنه السبيل المنهجي للمعلومة، ولا، لأنها ليست الطريقة التي تعلمنا بها الحياة، ففي أغلب المواقف لا تتكلم الحياة وإيانا، ولكنها تدفع بنا في طريق وعلينا ترجمة الإشارات والتقاطها، وكلما زاد مخزوننا التراكمي المعرفي، كلما زادت فرصتنا في الملاحظة واختيار الأصوب، فمن أين لهذا المخزون أن يأتي إذا افتقرنا إلى البحث في الدروس التي استفاد منها الآخرون ودونوها لنا بعرق سنينهم! إنه التدوين الذي يجب أن يكون عربياً حتى نشعر بدنو المسافات وتشابه الظروف، فحين يتحدث بيل غيتس عن تجربته على سبيل الذكر أو دونالد ترامب أو وارين بافيت وغيرهم ممن أثبتوا وجودهم واستمروا، يظل واقعهم، مهما يكن، غير واقعنا، وما صلح وناسب أوضاعهم وقوانينهم، ليس بالضرورة أن يطبق في بلادنا، وعليه، حين يكون التفكير عربياً، والتحقيق عربياً، تكون الدورة التدريبية التي التحقنا بنا عن طريق الكتاب أقرب إلى تصديقنا لها من غيرها.

وبمناسبة الصدق، لابد من الإشارة إليه على اعتبار أنه القيمة الأساسية التي ينبغي الالتزام بها عند الكشف عن رحلة التحدي، وإلا فلا عبرة للجهد المبذول في الطباعة والنشر، فالفكرة ليست في تلميع الصورة، ولكن في صدق المروي، ليست في إخفاء الحقائق بذريعة العين والحسد وتفتيح العيون، ولكن في وضوح السرد والدرس والذي عادة ما يكون معلوماً للمحيطين والمقربين، فلمَ يكن المرء قد نجا من عيون كل هؤلاء ولا ينجو من عيون غيرهم! صحيح ستبقى بعض الأمور والخصوصيات التي لا يرتاح المرء ولا يرغب في التطرق إليها وهذا حقه، ولكننا لا نعني هذه الجزئية بالذات، وإنما تلك المرتبطة بالمحطات الرئيسية وبالاستراتيجيات المعقدة وغير المعقدة التي سلكها راوي التجربة، والتي تهم القارئ واقتنى الكتاب من أجلها.

روبرت تي كيوساكي، من منا سمع باسمه؟ إنه مؤلف كتاب «الأب الغني والأب الفقير» أو ما يعلّمه الأثرياء ولا يعلّمه الفقراء وأفراد الطبقة الوسطى لأبنائهم عن المال، إنه بحق من الكتب العملية والمقنعة في التخطيط المالي الموصي بفهم فصوله جيداً، فقد يظن المرء لوهلة أن الكاتب يقلل من شأن الدرجة الأكاديمية أو المهنة الوظيفية، وهو الاستيعاب السطحي إن وقع، وكل ما في الأمر أن الرجل وهو من تمتع بنعمة تحصيل الملايين قد وجد أن السبب الأهم في معاناة الناس مالياً، أنهم ينفقون أعمارهم في الدراسة ولكن من دون أن يتعلموا شيئاً عن المال، فتكون المحصلة أنهم يتعلمون العمل لقاء المال، من دون أن يتعلموا تسخير المال للعمل لصالحهم، فعند سؤاله للبعض عمن يسعه طهو هامبورغر أفضل من الذي يطهوه ماكدونالد، كانت إجابة معظم الحاضرين أن بوسعهم طهو ما هو أفضل منه، وحين جاء سؤاله المنطقي: فلم يجن هو مالاً يفوق ما تجنونه أنتم؟ لم يجبه أحد مع أن السر يكمن في نظم العمل، ففي حين يركز العديد من المبتدئين أو الفقراء على طهو أفضل، لا يعلمون سوى القليل عن نظم العمل والإدارة، وهو ما يفضي بنا إلى النصيحة الأخرى التي قدمها وترى أن المرء إذا أراد تلافي الخسارة فعليه أن يبدأ مبكراً، ذلك أن حماس الصغير والمسؤوليات الحياتية الأقل إنما تعينه على المجازفة والتعلم من أخطائه فيما بعد.

كلمة أخيرة: أرصدة المصارف وودائعها لن تخبرنا كيف وصلت إلى هناك، ولكن أصحابها يستطيعون، وكما أنهم كانوا في الماضي بأمس الحاجة إلى من يأخذ بأيديهم ويرشدهم، فكذا هم شبابنا الحائر اليوم، كلمة بعد الأخيرة: رب همة أحيت أمة، فأحيوا الهمة في نفوس أبنائنا بتجاربكم الموثّقة، ليقوى إيمانهم بأقدارهم وبتسخير أيامهم صوب وجهتهم.




التعليــقــــات
احمد قاسم، «المملكة العربية السعودية»، 09/06/2007
قيمة الكلام ثمرته لا جزالة ألفاظه وفخامتها وعليه لتسمح لي الكاتبة الفاضلة بأن أصف مقالها اليوم بانه غير ذي ثمرة فقد غلب فيه استعراض الفصاحة والبلاغة على ايصال شيء مهم ذي جدوى.

عـيـدروس عـبـدالـرزاق جـبـوبه الـصـومالي، «المملكة المتحدة»، 09/06/2007
ربما كان رجال الأعمال يخافون من الحسد، ومن يدري فقد يعزى وراء ثقافة حهلهم بمدى أهمية مذكراتهم كما يفعل الغرب. فهم من جانب سيحظون بالشهرة، والدعاية المجانية لأعمالهم، حيث ستسلط الأضواء على مجال أعمالهم، وربما تخاطفته وسائل الإعلام وكتبت ودبجت عنه المقالات.

م . إستشارى /محمد عبد الحميد خطاب ( السع، «المملكة العربية السعودية»، 09/06/2007
سؤالك في محله يا أستاذه ثريا ولكن سوف أرد على سؤالك بسؤال آخر هل تعتقدين انهم سوف يوثقون ذلك؟ والجواب لا لأن معظم رجال الأعمال أخطاؤهم كثيرة وفي بعض الأحيان مشينة وهم لا يريدون الإفصاح عنها.

عمار علي القطامين، «الكويت»، 09/06/2007
بعض رجال الأعمال العرب فعلا وثقوا مشوارهم في عالم المال والأعمال بشكل مهني، منهم على سبيل المثال الأمير الوليد بن طلال في الكتاب الذي ألف عنه، ومنهم كتاب (التحول) لكارلوس غصن. والكتابان رائعان جدا أنصحكم بقراءتهما. أما بالنسبة لكتاب (الأب الغني والأب الفقير) فهو فعلا موسوعة تبين لماذا أغلب المتعلمين (من أمثالي) يعيشون طوال عمرهم على الوظيفة! وهذا الكتاب يشرح الخلل الفادح في نظامنا التعليمي والإجتماعي الذي يهمل موضوع التعليم المالي.

حازم عبدالله، «المملكة العربية السعودية»، 09/06/2007
روعة المقال بأنه يسلط الضوء على زوايا غير مرئية لمعظم الناس العاديين، فالعمل والتجارة هي مهارات مكتسبة وخبرات موروثة، لكن معظمنا يميل الى الكسل والتوكيل فنعلق على جدار خيبتنا الحظ والقدر، ولكن لنكن واقعيين ونتحدث بلسان حالنا وثقافتنا من سنين على واقعية التفكير العربي من هم جمع الأموال ليس للنجاح وليس للتطور بل لصرفها على توافه الأمور والتفاخر بها ناهيك عن كيفية جمعها. نتمنى أن يتأثروا من خلال سفرهم واختلاطهم بالعالم الخارجي ان يفتحوا قليلا نافذة الأمل على غيرهم، نتمنى من سنين ولن نفقد الأمل لسنين قادمة،على أمل...

عاطف محمد، «فرنسا ميتروبولتان»، 09/06/2007
أشكرك على هذا الموضوع الرائع وهذا السرد الأكثر من رائع، لكن السؤال المهم هل رجال الأعمال العرب الناجحون هم فعلاً نجحوا لأنهم يعملون فق منهجية ادارية واقتصادية مثالية ام أنهم ناجحون لانهم امراء او ابناء امراء واصدقائهم، وهل المواطن العادي يستطيع أن ينجح في مجال الاعمال من غير دعم من اصحاب السلطان؟ وهل هناك رجل اعمال شجاع يستطيع ان يروي لنا قصة نجاحه مهما كان فيها من اخطاء (رشاوى وافساد للذمم وغيرها من الامور التي اجزم انه لن يستطيع ان يذكرها)؟

سعود عبدالله، «المملكة العربية السعودية»، 09/06/2007
وكم نتمنى أن يسأل هؤلاء من أين لكم هذا ويتعرف المجتمع عن مصادر هذه الأموال.
وغياب هؤلاء عن دعم المشاريع والمؤسسات الخيرية كما يحدث في الغرب.

ابوريان
11/06/2007, 09:10 AM
http://www.islamroses.com/zeenah_images/1137114121_3.gif