صقر الجنوب
14/06/2007, 12:09 PM
جريمة بدأت بصفعة أبكت تعز
نقيب شرطة يذبح سائق تاكسي أمام ولده
غمدان اليوسفي (صنعاء)
في لحظات كان «اكرم» الطفل ذو السبع سنوات شاهداً على ذبح والده احمد ابراهيم سائق تاكسي الاجرة. الجريمة التي هزت محافظة تعز اليمنية بدأت بصفعة.. وانتهت بطعنة نجلاء في عنق سائق تاكسي مسكين ظل يبحث عن رزقه.. والقاتل نقيب متقاعد في الشرطة العسكرية اليمنية.
لن ينسى «اكرم» تلك الدماء الغزيرة التي سالت من عنق والده الذي لفظ انفاسه الاخيرة بين يديه في مشهد لن ينساه ايضاً سائقو «التاكسي» في محطة الركاب.. تحول الطفل الى يتيم.. وشاهد.. على ضياع والده ورحيله الفاجع.
رحلة النهاية
قصد احمد ابراهيم- ابو اكرم- (45 سنة) مدينة تعز بسيارته الاجرة من نوع «بيجو» محملاً بعدد من الركاب قادماً من صنعاء..ولكن اغلب الركاب كانوا ترجلوا في محافظة اب قبل الوصول الى تعز. عندما وصل احمد ابراهيم الى بلدته «القاعدة» حيث يقطن مع عائلته كانت اغلب مقاعد مركبته خالية فلم يمانع ان يقل طفله «اكرم» الذي كان ينتظر والده على طرف الشارع على بعد امتار قليلة من منزله. كان اكرم يمني نفسه برحلة ترويح جميلة برفقة والده.. ولكن رحلة الترويح هذه اصبحت اكبر فجيعة ومأساة في حياته.. وحياة اسرته الصغيرة.
ركاب على الماشي
في الحادية عشرة ظهراً وصل الاب برفقة ولده الذي يدرس في الصف الثاني الابتدائي ومع الركاب الآخرين الى موقف سيارات الاجرة.. اوقف احمد سيارته في موقف «شعب الدبا» في مديرية صالة، الحي الذي اعتاد السائقون ركن سياراتهم به في انتظار «ركاب الماشي» وكان احمد ينتظر مثلهم.. ويترقب ركاباً يقصدون بلدة «القاعدة» او ما قبلها.. كان ينوي تناول الغداء مع اسرته في منزله ولكن ثلاجة الموتى في مستشفى الثورة احتوت جسده النحيل في رحلة بلا نهاية مضرجاً في دمائه.
قارورة ماء وسيجارة
بدأت القصة حينما بعث الاب نجله اكرم الى بقالة قريبة لشراء ماء وسيجارة.. المسافة بين البقالة وموقف السيارات ليست بعيدة.. جلس الاب يترقب عودة نجله.. فعاد الصبي يحمل قارورة المياه وعلبة السيجارة وسيلاً من الدموع تغطي وجهه.. مع خارطة لاصابع يد غليظة على خده.
خارطة على الخد
الخارطة كانت تدل على صفعة قوية على وجه اكرم.. واتضح من خلال كلمات اكرم ان اليد اليمنى وخارطتها تعود لعبدالرحمن الزبيدي النقيب المتقاعد في الشرطة العسكرية.. قال صاحب البقالة ان الزبيدي صفع اكرم في مؤخرة رأسه ثم ابتسم في اشارة الى انه يمازحه.. بيد ان الصغير لم يقبل المزحة فظل يبكي ثم تلفظ وشتم الزبيدي الذي ما لبث ان حول وجه اكرم الى ساحة صب فيها جام غضبه بالصفع والضرب بكل وحشية.. ظهرت آثارها في خارطة رسمت ملامحها في وجه الطفل.
الثأر من صافع الولد
جن جنون الاب وهو يرى دموع طفله الحبيب واستشاط غضباً وحاول الاسراع الى البقالة للثأر من صافع ولده الا ان زملاءه السائقين امسكوا به وافرغوا شحنته من الغضب وجردوه من «صميل» خشبي كان يضعه تحت مقعد سيارته.. واقنعوه باستيضاح اسباب ضرب الزبيدي لابنه اكرم. وبحسب صاحب بقالة البيضاني، فإن الجاني «الزبيدي» قال لوالد أكرم أن ابنه تلفظ عليه وقام بشتمه حينها باشر ابو اكرم بضرب ابنه أكرم وهو يقول «ابني أنا الذي شاربيه» واتجه صوب سيارته لكنه لم يصل ووجد نفسه ملقى على الأرض ويتلقى سيلاً من اللكمات من «بشير» (25 عاماً) ابن الزبيدي الذي سمع أن والده يخوض معركة مع سائقي «التاكسي» فجاء مسرعاً لإنقاذ والده. أبو اكرم كان ما يزال مستلقياً ويتلقى اللكمات في وجهه وعندما تمكن بعض قاصدي المسجد المجاور لبقالة البيضاني لتأدية صلاة الظهر من إبعاد «بشير» عن أحمد ابراهيم، كان الزبيدي الأب قد لاحظ نشوب معركة وابنه طرف فيها، فاندفع رافعاً جنبيته بيده وغرسها في عنق أحمد إبراهيم الذي كان مستلقياً، ليلفظ أنفاسه وسط الشارع. عقبها سحب القاتل جنبيته من عنق والد أكرم بمئزره ومسح الدم العالق على نصلها وغادر مسرح الجريمة وكأن شيئاً لم يكن.
اكرم يبكي والده
كان المارة يشاهدون أكرم وهو يجلس القرفصاء بجوار والده ويصيح: «اسعفوا أبي».. «أباه أنا فداك لا تموتش» ويضع راحة يده الصغيرة على مكان الطعنة محاولاً منع خروج الدم المتدفق من عنق والده. لكن دون جدوى. فارق أحمد ابراهيم الحياة ولم تثمر محاولة الأهالي إسعافه إلى مستشفى الثورة.
تقرير الطبيب الشرعي أورد أن أحمد إبراهيم «تلقى طعنة واحدة مميتة بعرض (2سم) وبعمق (8 × 1سم) مزقت الشرايين والعصب». وقال مصدر أمني في قسم شرطة الشماسي بتعز إن أجهزة الأمن ألقت القبض على الجاني مساء يوم الحادث فيما ظل ابنه هارباً ليومين وتم القبض عليه وأضاف أن الجاني من أصحاب السوابق، وتم احالة ملف القضية إلى النيابة فيما الجاني وابنه محتجزان حالياً في السجن المركزي في محافظة تعز حيث ستبدأ محاكمتهما هذا الشهر.
يصف نوفل (27 عاماً) وهو الابن الأكبر للمجني عليه حادثة مقتل والده بأنها جريمة كبيرة: «كيف استطاع ان يقتل أبي وأخي أكرم جنبه؟!».
«أكرم» عاد إلى المنزل –في القاعدة- بدون والده ومنذ الحادثة وهو يعاني من اكتئاب شديد أعاقه عن الذهاب إلى المدرسة، وجسده الذي ينزف حتى الآن من جروح كي النار لعلاج الفجيعة ما يزال مصفراً، برغم محاولات عدة لمعالجته.
قد يريحــه خبر إعدام قــــاتل والده، في حال تطبيق العدالة وقد يعــود مجدداً إلى المدرســـة، ولكن من غير المرجح أن يتمكن من محـــو مشــهد نحر والده أمام عينيه حتى مع تقادم السنين.
نقيب شرطة يذبح سائق تاكسي أمام ولده
غمدان اليوسفي (صنعاء)
في لحظات كان «اكرم» الطفل ذو السبع سنوات شاهداً على ذبح والده احمد ابراهيم سائق تاكسي الاجرة. الجريمة التي هزت محافظة تعز اليمنية بدأت بصفعة.. وانتهت بطعنة نجلاء في عنق سائق تاكسي مسكين ظل يبحث عن رزقه.. والقاتل نقيب متقاعد في الشرطة العسكرية اليمنية.
لن ينسى «اكرم» تلك الدماء الغزيرة التي سالت من عنق والده الذي لفظ انفاسه الاخيرة بين يديه في مشهد لن ينساه ايضاً سائقو «التاكسي» في محطة الركاب.. تحول الطفل الى يتيم.. وشاهد.. على ضياع والده ورحيله الفاجع.
رحلة النهاية
قصد احمد ابراهيم- ابو اكرم- (45 سنة) مدينة تعز بسيارته الاجرة من نوع «بيجو» محملاً بعدد من الركاب قادماً من صنعاء..ولكن اغلب الركاب كانوا ترجلوا في محافظة اب قبل الوصول الى تعز. عندما وصل احمد ابراهيم الى بلدته «القاعدة» حيث يقطن مع عائلته كانت اغلب مقاعد مركبته خالية فلم يمانع ان يقل طفله «اكرم» الذي كان ينتظر والده على طرف الشارع على بعد امتار قليلة من منزله. كان اكرم يمني نفسه برحلة ترويح جميلة برفقة والده.. ولكن رحلة الترويح هذه اصبحت اكبر فجيعة ومأساة في حياته.. وحياة اسرته الصغيرة.
ركاب على الماشي
في الحادية عشرة ظهراً وصل الاب برفقة ولده الذي يدرس في الصف الثاني الابتدائي ومع الركاب الآخرين الى موقف سيارات الاجرة.. اوقف احمد سيارته في موقف «شعب الدبا» في مديرية صالة، الحي الذي اعتاد السائقون ركن سياراتهم به في انتظار «ركاب الماشي» وكان احمد ينتظر مثلهم.. ويترقب ركاباً يقصدون بلدة «القاعدة» او ما قبلها.. كان ينوي تناول الغداء مع اسرته في منزله ولكن ثلاجة الموتى في مستشفى الثورة احتوت جسده النحيل في رحلة بلا نهاية مضرجاً في دمائه.
قارورة ماء وسيجارة
بدأت القصة حينما بعث الاب نجله اكرم الى بقالة قريبة لشراء ماء وسيجارة.. المسافة بين البقالة وموقف السيارات ليست بعيدة.. جلس الاب يترقب عودة نجله.. فعاد الصبي يحمل قارورة المياه وعلبة السيجارة وسيلاً من الدموع تغطي وجهه.. مع خارطة لاصابع يد غليظة على خده.
خارطة على الخد
الخارطة كانت تدل على صفعة قوية على وجه اكرم.. واتضح من خلال كلمات اكرم ان اليد اليمنى وخارطتها تعود لعبدالرحمن الزبيدي النقيب المتقاعد في الشرطة العسكرية.. قال صاحب البقالة ان الزبيدي صفع اكرم في مؤخرة رأسه ثم ابتسم في اشارة الى انه يمازحه.. بيد ان الصغير لم يقبل المزحة فظل يبكي ثم تلفظ وشتم الزبيدي الذي ما لبث ان حول وجه اكرم الى ساحة صب فيها جام غضبه بالصفع والضرب بكل وحشية.. ظهرت آثارها في خارطة رسمت ملامحها في وجه الطفل.
الثأر من صافع الولد
جن جنون الاب وهو يرى دموع طفله الحبيب واستشاط غضباً وحاول الاسراع الى البقالة للثأر من صافع ولده الا ان زملاءه السائقين امسكوا به وافرغوا شحنته من الغضب وجردوه من «صميل» خشبي كان يضعه تحت مقعد سيارته.. واقنعوه باستيضاح اسباب ضرب الزبيدي لابنه اكرم. وبحسب صاحب بقالة البيضاني، فإن الجاني «الزبيدي» قال لوالد أكرم أن ابنه تلفظ عليه وقام بشتمه حينها باشر ابو اكرم بضرب ابنه أكرم وهو يقول «ابني أنا الذي شاربيه» واتجه صوب سيارته لكنه لم يصل ووجد نفسه ملقى على الأرض ويتلقى سيلاً من اللكمات من «بشير» (25 عاماً) ابن الزبيدي الذي سمع أن والده يخوض معركة مع سائقي «التاكسي» فجاء مسرعاً لإنقاذ والده. أبو اكرم كان ما يزال مستلقياً ويتلقى اللكمات في وجهه وعندما تمكن بعض قاصدي المسجد المجاور لبقالة البيضاني لتأدية صلاة الظهر من إبعاد «بشير» عن أحمد ابراهيم، كان الزبيدي الأب قد لاحظ نشوب معركة وابنه طرف فيها، فاندفع رافعاً جنبيته بيده وغرسها في عنق أحمد إبراهيم الذي كان مستلقياً، ليلفظ أنفاسه وسط الشارع. عقبها سحب القاتل جنبيته من عنق والد أكرم بمئزره ومسح الدم العالق على نصلها وغادر مسرح الجريمة وكأن شيئاً لم يكن.
اكرم يبكي والده
كان المارة يشاهدون أكرم وهو يجلس القرفصاء بجوار والده ويصيح: «اسعفوا أبي».. «أباه أنا فداك لا تموتش» ويضع راحة يده الصغيرة على مكان الطعنة محاولاً منع خروج الدم المتدفق من عنق والده. لكن دون جدوى. فارق أحمد ابراهيم الحياة ولم تثمر محاولة الأهالي إسعافه إلى مستشفى الثورة.
تقرير الطبيب الشرعي أورد أن أحمد إبراهيم «تلقى طعنة واحدة مميتة بعرض (2سم) وبعمق (8 × 1سم) مزقت الشرايين والعصب». وقال مصدر أمني في قسم شرطة الشماسي بتعز إن أجهزة الأمن ألقت القبض على الجاني مساء يوم الحادث فيما ظل ابنه هارباً ليومين وتم القبض عليه وأضاف أن الجاني من أصحاب السوابق، وتم احالة ملف القضية إلى النيابة فيما الجاني وابنه محتجزان حالياً في السجن المركزي في محافظة تعز حيث ستبدأ محاكمتهما هذا الشهر.
يصف نوفل (27 عاماً) وهو الابن الأكبر للمجني عليه حادثة مقتل والده بأنها جريمة كبيرة: «كيف استطاع ان يقتل أبي وأخي أكرم جنبه؟!».
«أكرم» عاد إلى المنزل –في القاعدة- بدون والده ومنذ الحادثة وهو يعاني من اكتئاب شديد أعاقه عن الذهاب إلى المدرسة، وجسده الذي ينزف حتى الآن من جروح كي النار لعلاج الفجيعة ما يزال مصفراً، برغم محاولات عدة لمعالجته.
قد يريحــه خبر إعدام قــــاتل والده، في حال تطبيق العدالة وقد يعــود مجدداً إلى المدرســـة، ولكن من غير المرجح أن يتمكن من محـــو مشــهد نحر والده أمام عينيه حتى مع تقادم السنين.