صقر الجنوب
17/09/2007, 10:10 PM
http://www.maktoobblog.com/user_files/salamoony/images/pigeon.gif
يُحكى أن عصفوراً رقيقاً جلس في أحد الحقول مُستلقياً على ظهره ، رآه الفلاح الذي يحرث في الحقل وأبدى دهشته واستغرابه ، فسأل العصفور : لماذا تستلقي على ظهرك هكذا ؟! . فأجابه العصفور الرقيق : سمعت أن السماء ستسقط اليوم . فضحك الفلاح كثيراً وقال له : وهل أنت تظن أن رجليك الرقيقتين النحيفتين ستمنعان السماء من السقوط على الأرض ؟! . فأجابه العصفور الرقيق : كل واحد منَّا يبذل ما في وسعه ! .
إنها قصة من وحي الخيال ، ولكنها ترتبط دائماً بأرض الواقع . معاني كثيرة نراها في هذه القصة : الأمل .. الجرأة .. الإيجابية .. عدم التسليم بالأمر الواقع .. الثقة بالنفس .. تحمل المسئولية .. ولكن هناك معنى يرتبط تماماً بأحوالنا في هذه الأيام فلا أكاد أجلس مجلساً أو أتجاذب أطراف الحديث مع بعض الأصدقاء أو زملاء العمل أو أتسمع لأحاديث العامة في المناسبات أو في وسائل المواصلات إلاَّ وأجد أن لغة الحوار مشتركة ومحور الموضوعات واحد ، قد تتغير الألفاظ ويتعدد الأفراد ولكن الموضوعات واحدة ، فالكل يتكلم عن الأزمة أو المحنة ، الكل ينقد ويذكر المثالب والمساوئ والعيوب ..
فما أسرع أن ترد على ألسنة المتحدِّثين عبارات مثل محنة الاقتصاد المصري أو تدهور الأخلاق والقيم أو مأزق السياسة وانحسار دورها الإقليمي وتقزُّم دورها العالمي أو انحطاط الثقافة المصرية فإذا كان الحديث عن الاقتصاد اشتكى الجميع من اختلال الهيكل الانتاجى لصالح القطاعات غير الإنتاجية واختلال ميزان المدفوعات وكثرة الاعتماد على استيراد الغذاء وشيوع أنماط استهلاكية جديدة فينبري لهم مجموعة من المستمعين إن المشكلة أساسها انتشار الفساد أو التسيب وعدم الانضباط ، وحوادث العنف وظهور أنواع جديدة من الجرائم وتفكك الأسر وشيوع مظاهر العرى والإباحية في الطرقات والجامعات فيتصدى لهم آخرون : إن ذلك مرده ـ إلى ضعف الروح والولاء والانتماء للوطن وانتشار اللا مبالاة بالقضايا القومية أسمع ذلك كله ـ وغيره ـ فأتعجَّب كما تعجَّب من قبل الفقيه العابد الإمام الحسن البصري يوم وقف في سوق البصرة يعظ الناس فأبكاهم جميعاً ، وعندما همَّ بالانصراف بحث عن مصحفه فلم يجده ، فقال موجهاً حديثه لهم : كلكم يبكى فمَنْ سرق المصحف ؟! . نعم كلنا يبكى مشخصاً الداء واصفاً له الدواء إذن فمَنْ منَّا المسئول ؟؟؟!!! .
أليس منا العامل والصانع المسئول عن الإنتاج والاقتصاد ؟ .. أو كأننا لسنا الآباء والأمهات المسئولون عن تربية الأبناء وبناء الأجيال ؟ .. أو أن السياسي والحزبي لاينتمى لهذه الأمة ولم يخرج من بيننا ؟ .. إن الأمر يحتاج إلى وقفة مع النفس فالكل مشارك في المسئولية بقدر موقعه ، ولو استقام الناس على أداء الواجب وانتظار الأجر الربَّاني والثبات على ذلك لقلت الشكوى والأحاديث ، ويومها سنجد الإجابة عن السؤال وسنعرف مَنْ السَّارق . إنه معنى العمل والعطاء وتحمل المسؤولية بدلاً من إنكارها . الآن أصبحنا نضيع الوقت في تبادل الاتهامات وتحميل كل طرف للطرف الآخر مسؤولية الواقع الذي نعيشه .
للأسف الشديد ارتفع صوت الإحباط ، وفقد التفاؤل طريقه إلى قلوبنا ، تملكتنا قناعة بأن الحاضر مُظلِم والغد حالك السواد ، استغرقنا في الكلام والأحاديث التي تفنِّد الأفعال والتصرفات على المستوى الجماعي ، ونسينا ما ينبغي أن نفعله على المستوى الفردي ، حكاية العصفور تقول لنا : إن الحل دائماً هو أن كل إنسان يبذل كل ما في وسعه في مجال عمله ، ولا يشغل نفسه كثيراً بما يفعله الآخر ، كل إنسان يجتهد في مجاله ويقدِّم فيه أفضل ما عنده . لو تخيلنا أن كل إنسان في مجتمعنا يبذل ما في وسعه ، كيف ستكون الصورة عندئذ ؟ . بالتأكيد ستختلف الصورة ، سنصير مجتمعاً يؤمن بقيمة الفعل والعطاء ، مجتمعاً يخرج من دائرة التأثُّر ليدخل منطقة التأثير .
منقول
يُحكى أن عصفوراً رقيقاً جلس في أحد الحقول مُستلقياً على ظهره ، رآه الفلاح الذي يحرث في الحقل وأبدى دهشته واستغرابه ، فسأل العصفور : لماذا تستلقي على ظهرك هكذا ؟! . فأجابه العصفور الرقيق : سمعت أن السماء ستسقط اليوم . فضحك الفلاح كثيراً وقال له : وهل أنت تظن أن رجليك الرقيقتين النحيفتين ستمنعان السماء من السقوط على الأرض ؟! . فأجابه العصفور الرقيق : كل واحد منَّا يبذل ما في وسعه ! .
إنها قصة من وحي الخيال ، ولكنها ترتبط دائماً بأرض الواقع . معاني كثيرة نراها في هذه القصة : الأمل .. الجرأة .. الإيجابية .. عدم التسليم بالأمر الواقع .. الثقة بالنفس .. تحمل المسئولية .. ولكن هناك معنى يرتبط تماماً بأحوالنا في هذه الأيام فلا أكاد أجلس مجلساً أو أتجاذب أطراف الحديث مع بعض الأصدقاء أو زملاء العمل أو أتسمع لأحاديث العامة في المناسبات أو في وسائل المواصلات إلاَّ وأجد أن لغة الحوار مشتركة ومحور الموضوعات واحد ، قد تتغير الألفاظ ويتعدد الأفراد ولكن الموضوعات واحدة ، فالكل يتكلم عن الأزمة أو المحنة ، الكل ينقد ويذكر المثالب والمساوئ والعيوب ..
فما أسرع أن ترد على ألسنة المتحدِّثين عبارات مثل محنة الاقتصاد المصري أو تدهور الأخلاق والقيم أو مأزق السياسة وانحسار دورها الإقليمي وتقزُّم دورها العالمي أو انحطاط الثقافة المصرية فإذا كان الحديث عن الاقتصاد اشتكى الجميع من اختلال الهيكل الانتاجى لصالح القطاعات غير الإنتاجية واختلال ميزان المدفوعات وكثرة الاعتماد على استيراد الغذاء وشيوع أنماط استهلاكية جديدة فينبري لهم مجموعة من المستمعين إن المشكلة أساسها انتشار الفساد أو التسيب وعدم الانضباط ، وحوادث العنف وظهور أنواع جديدة من الجرائم وتفكك الأسر وشيوع مظاهر العرى والإباحية في الطرقات والجامعات فيتصدى لهم آخرون : إن ذلك مرده ـ إلى ضعف الروح والولاء والانتماء للوطن وانتشار اللا مبالاة بالقضايا القومية أسمع ذلك كله ـ وغيره ـ فأتعجَّب كما تعجَّب من قبل الفقيه العابد الإمام الحسن البصري يوم وقف في سوق البصرة يعظ الناس فأبكاهم جميعاً ، وعندما همَّ بالانصراف بحث عن مصحفه فلم يجده ، فقال موجهاً حديثه لهم : كلكم يبكى فمَنْ سرق المصحف ؟! . نعم كلنا يبكى مشخصاً الداء واصفاً له الدواء إذن فمَنْ منَّا المسئول ؟؟؟!!! .
أليس منا العامل والصانع المسئول عن الإنتاج والاقتصاد ؟ .. أو كأننا لسنا الآباء والأمهات المسئولون عن تربية الأبناء وبناء الأجيال ؟ .. أو أن السياسي والحزبي لاينتمى لهذه الأمة ولم يخرج من بيننا ؟ .. إن الأمر يحتاج إلى وقفة مع النفس فالكل مشارك في المسئولية بقدر موقعه ، ولو استقام الناس على أداء الواجب وانتظار الأجر الربَّاني والثبات على ذلك لقلت الشكوى والأحاديث ، ويومها سنجد الإجابة عن السؤال وسنعرف مَنْ السَّارق . إنه معنى العمل والعطاء وتحمل المسؤولية بدلاً من إنكارها . الآن أصبحنا نضيع الوقت في تبادل الاتهامات وتحميل كل طرف للطرف الآخر مسؤولية الواقع الذي نعيشه .
للأسف الشديد ارتفع صوت الإحباط ، وفقد التفاؤل طريقه إلى قلوبنا ، تملكتنا قناعة بأن الحاضر مُظلِم والغد حالك السواد ، استغرقنا في الكلام والأحاديث التي تفنِّد الأفعال والتصرفات على المستوى الجماعي ، ونسينا ما ينبغي أن نفعله على المستوى الفردي ، حكاية العصفور تقول لنا : إن الحل دائماً هو أن كل إنسان يبذل كل ما في وسعه في مجال عمله ، ولا يشغل نفسه كثيراً بما يفعله الآخر ، كل إنسان يجتهد في مجاله ويقدِّم فيه أفضل ما عنده . لو تخيلنا أن كل إنسان في مجتمعنا يبذل ما في وسعه ، كيف ستكون الصورة عندئذ ؟ . بالتأكيد ستختلف الصورة ، سنصير مجتمعاً يؤمن بقيمة الفعل والعطاء ، مجتمعاً يخرج من دائرة التأثُّر ليدخل منطقة التأثير .
منقول