المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صيام البطن د/عائض القرني


مشهور
27/09/2007, 03:40 AM
[align=center]صيام البطن

د. عائض القرني



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد.
الطعامُ حِلّاً وحرمةً له أثرُه على حياة الإنسان وسلوكه وأخلاقه، ولذلك أمر الله ـ سبحانه وتعالى ـ رسله، فقال: «يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً» (المؤمنون: من الآية 51). وقال سبحانه للمؤمنين: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ» (البقرة:172). والطيبات هي ما أحلّه الله ـ عز وجلّ ـ لعباده المؤمنين على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم. فالله يقول عنه: «وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ» (لأعراف: من الآية 157).

وصيامُ البطن اجتنابُه للحرام، زيادةً على اجتنابه الطعامَ والشرابَ، وكلّ ما يفطر في نهار رمضان. فهو يصوم أيضاً عن الحرام عند إفطاره؛ فلا يأكل الربا؛ إذ إنه بأكله الربا يغضب المولى تبارك وتعالى. يقول سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً» (آل عمران: من الآية 130). وقال سبحانه: «وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا» (البقرة: من الآية275). صحّ عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه قال: «لعن اللهُ آكلَ الرّبا ومُوكِلَه وكاتبَه وشاهديْه». وقال: «هم سواء».

آكِلُ الرّبا يضحك على نفسه؛ فيملأ بطنه من الحرام، ويدعو ربّه وقد سدّ طرُقَ الإجابة وأغلق باب القبول.

صحّ عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنّه ذكر الرجل أشعثَ أغبرَ يطيل السّفر، يمدّ يديه إلى السماء، يقول: يا رب! يا رب! ومَطعَمُه حرام، ومَشرَبُه حرام، وغُذّي بالحرام، فأنّى يستجاب له؟». فهذا رجلٌ كثير العبادة، ولكنّه آثم في طعامه، غير متّقٍ لله في أكله وشرابه.

كيف يصوم البطن وقد أفطر على الحرام، وطعامه من الرّبا والسُّحت، والغشّ ومال اليتيم والغصب؟

فسدت ـ والله ـ كلّ الأذواق لمّا فسد الطعام والشراب، قست القلوبُ لمّا خبث المأكل والمشرب، انطمس النور لما فُقدت اللقمة الحلال.

صحّ عن أبي بكر الصّدّيق ـ رضي الله عنه ـ أنه تغدّى يوماً من الأيام، ثم سأل خادمه: من أين هذا الطعام؟ فقال: من كهانة كنت أتكهّن بها في الجاهلية. فأدخل أبو بكرٍ يدَه، وانتغر، فأخرج ما في بطنه من الطعام. فرضي الله عنه، ما أصدقه وأطيبه وأطهره! اللقمة تبقى في بطن صاحبها، ويبقى أثرها مع اللحم والدم. وأيّ جسدٍ نبتَ من الحرام فالنار أولى به.

كان السلف الصالح يعرفون من أين يأكلون، فصفَتْ أذواقُهم، وصحّت أبدانُهم، وأشرقتْ قلوبُهم. فلمّا فسد طعام المتأخِّرين وشرابُهم انطمستْ معالم الهدى من قلوبهم.

صحّ عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه قال: «ما أكلَ عبدٌ طعاماً خيراً مِن أن يأكلَ مِن كَسِب يده، وإنّ نبيّ الله داودَ ـ عليه السلام ـ كان يأكل من طعام يده".

فزكريّا ـ عليه السلام ـ كان نجاراً، وداودُ ـ عليه السلام ـ كان حدّاداً، ومحمدّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ والأنبياءُ ـ عليهم الصلاة والسّلام ـ كانوا يرعون الغنم.

والإسلام يدعو إلى الكسب وطلب الرزق، لكن من أبوابه المشروعة.

يقول سبحانه: «وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»(الأنعام: من الآية 152). وقال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً» (النساء:10). وقال عزّ وجلّ: «وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» (البقرة:188). وقال عزّ اسمه: «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ» (البقرة: من الآية 275) .

وصحّ عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه قال: «لعن الله الراشي والمرتشي». ويروى: الرائش. يقول ـ سبحانه ـ ذامّاً مَن فسد من اليهود والنصارى: «وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (المائدة:62). يقصّ علينا ابن الجوزي في صيد الخاطر أنّه أكل أكلةً من شُبهةٍ، فتغيّر قلبُه، وأظلم عليه مدةً من الزمن. وذلك أنهم لصفاء قلوبهم أحسّوا بالتغيّر. أمّا الكثير اليومَ فيأكل ما أراد من الحرام، فلا يرى تغيّر قلبه؛ لأنه

* من يَهُنْ يسْهُلِ الهوانُ عليه - ما لِجرحٍ بميّتٍ إيلامُ.

وتناول بعضهم الخمر والمسكر بأنواعه، فحرّم لذّة العبادة وحلاوة الطّاعة، وعاش منغّصاً قلِقاً محروماً من السعادة، ومن ساعة الإجابة. فيا أيّها الصائم! هناك صيام للبطن، مَن لم يصمْه فكأنّه ما صام. فهل من صائمٍ عن الحرام، ورِعٍ عن الشراب والطعام ليدخل دار السلام.

اللهم اجعلنا ممّن يحلّل حلال الشريعة، ويحرّم حرامها.

صقــــــ أسيا ــــــــر
09/10/2007, 03:06 AM
جزاك الله خير

بدوية
01/08/2010, 05:54 AM
جزاك الله خير الجزاء
وجعل الجنه مثواك
اللهم بلغنا رمضااان صيامه وقيامه
متصفح اكثر من رااائع