مشهور
21/11/2007, 01:27 PM
للذكرى والتاريخ
ما أصعب أن تكون في داخل (المصيدة) وتود الخروج منها ولكنك لا تقدر، خصوصاً إذا كنت أنت الذي دخلت لها بطوعك وإرادتك (وفتاكتك).
ولا شك أن المصائد أنواع، وإذا لم تصدقوني فاسألوا كل (الثعالب) التي تمرست بالالتفاف عليها وتفاديها، غير أن هناك بعض الثعالب أودى أو كاد أن يودي بها ذكاؤها إلى التهلكة... وأكثرهم مع الأسف هم من الباحثين عن الرزق ولقمة العيش.
مثل هؤلاء الشباب من الإخوة الفلسطينيين الذين تناقلت وكالات الأنباء خبرهم، وهم 15 شابا دخلوا في (كونتينر) ـ حاوية ـ في باخرة أحد الموانئ التركية على أمل الوصول إلى إسبانيا، وفعلاً وصلت الباخرة إلى ميناء برشلونة بعد عدّة أيام، وسمع عمال الميناء صراخاً، وبعد البحث عن مصدره، وقفوا على الحاوية، وعندما فتحوها وجدوا الشباب بين الحياة والموت، وكانوا طوال الرحلة لا يتنفسون إلاّ من الثقوب الصغيرة في الحاوية، ولا تسألوا عن أكلهم وشربهم وقضاء حاجاتهم.الشاهد أنهم نقلوهم إلى المستشفى وبعد أن استردوا عافيتهم أرجعوهم مرة ثانية على أول سفينة شحن إلى تركيا.
وهؤلاء الشباب أحسن حظا من ستة أفارقة هربهم من اليمن إلى السعودية عبر الحدود أحد المحترفين، الذي أدخلهم في (وايت) ـ صهريج ماء ـ وأحكم إغلاقه عليهم، ولكي يتفادى مركز التفتيش سلك طريقاً جانبياً وعراً تعطلت من جرائه السيارة وتركها بمن فيها وذهب إلى إحدى الورش واحضر ميكانيكياً وأصلحها وانطلق بحمولته، وعندما اطمأن إلى انه قد تجاوز مركز التفتيش بمسافة بعيدة، أوقف السيارة وفتح كوة الصهريج، وإذا به يجد ست جثث لا حراك فيها.
وأسخف من هؤلاء جميعاً هو سائق (ترللاّ) ثلاجة، أراد أن يهرب أحد الأشخاص من الأردن إلى السعودية، ووضعه داخل الثلاجة وخفف درجة البرودة، وعندما توقف عند مركز الحدود، نزل من سيارته للذهاب إلى الموظفين لإنهاء معاملة الدخول، وفي هذه الأثناء مر على سيارته أحد زملائه، ولاحظ أن درجة الحرارة في سيارة زميله مرتفعة، وحرصاً منه على مصلحة زميله، وخوفاً على بضاعته من التلف ما كان منه إلاّ أن يخفض درجة الحرارة إلى ما تحت الصفر، وعندما عاد زميله بعد ساعة تقريباً، وإذا به يسمع تخبيطاً ورجفاً داخل الثلاجة، وفتح بابها سريعاً، وإذا بمن داخلها يقفز بنفسه للخارج كلوح الثلج المتجمد، فقبض عليه وعولج، ثم أعيد بأول شاحنة ذاهبة إلى الأردن.
أما أسوأ من وقع في المصيدة فهو رجل خليجي، له صديقة أجنبية ـ ويقال إن صداقتهما كانت بريئة جداً ـ المهم أن تلك الصديقة كانت راكبة بجانبه بالسيارة، ووقف عند إشارة المرور الحمراء وكانت أمامه وخلفه وعلى جانبيه مجموعة من السيارات، وبينما كان مستغرقاً ومستمتعاً مع صديقته للهمسات والأغنيات، وإذا به يسمع من يناديه: بابا، أبوي، يبه، والتفت إلى يساره وإذا بسيارة (جمس) كانت تقف بجانبه تماماً، وبها ثمانية من أبنائه مع أمهم وعاشرهم السائق، ويقال إن زوجته صورته (بكاميرا الموبايل) ـ فقط للذكرى والتاريخ ـ.
أرجو من كل رجل وامرأة أن يتخيل، ويضع نفسه في مثل هذا الموقف.. يا لطيف!
التعليــقــــات
رولا القحطاني، «لبنان»، 21/11/2007
إنها ليست بمصيدة بل هي مأساة طويلة مليئة بالحزن والالم والدموع. يدخلها الشباب مكرهين عليها لا ابطالا هروبا من وضعهم التعيس داخل بلدانهم الفقيرة, ويحلمون بالوصول إلى دول يحققون بها احلامهم بجمع الاموال وبناء قصور وإرسال اموال لذويهم. لكن هيهات, فلا احلام تتحقق ولا يعودوا سالمين. أما مصيدة الرجل الخليجي فهي مصيدة (مهضومة) ويا ليت مصائد الشباب الاخرين مثلها.
محمد السعيد الشيوى - باريس، «فرنسا»، 21/11/2007
يقولون بالأمثال ( إيه اللى رماك على المر قال : اللى أمر منه ) . فالعيش في الوطن أحياناً غربة . وطالبنا أن نسعى في مناكبها رب العزة . ولا أحد يحب الموت ويتمناه ولو خُيّر الإنسان بين الموت والفقر لاختار الفقر .
وكلها محاولات للبحث عن لقمة العيش . والموقف الأخير يستحق عدم الدعاء للرجل عند سفره مع صديقته .
ما أصعب أن تكون في داخل (المصيدة) وتود الخروج منها ولكنك لا تقدر، خصوصاً إذا كنت أنت الذي دخلت لها بطوعك وإرادتك (وفتاكتك).
ولا شك أن المصائد أنواع، وإذا لم تصدقوني فاسألوا كل (الثعالب) التي تمرست بالالتفاف عليها وتفاديها، غير أن هناك بعض الثعالب أودى أو كاد أن يودي بها ذكاؤها إلى التهلكة... وأكثرهم مع الأسف هم من الباحثين عن الرزق ولقمة العيش.
مثل هؤلاء الشباب من الإخوة الفلسطينيين الذين تناقلت وكالات الأنباء خبرهم، وهم 15 شابا دخلوا في (كونتينر) ـ حاوية ـ في باخرة أحد الموانئ التركية على أمل الوصول إلى إسبانيا، وفعلاً وصلت الباخرة إلى ميناء برشلونة بعد عدّة أيام، وسمع عمال الميناء صراخاً، وبعد البحث عن مصدره، وقفوا على الحاوية، وعندما فتحوها وجدوا الشباب بين الحياة والموت، وكانوا طوال الرحلة لا يتنفسون إلاّ من الثقوب الصغيرة في الحاوية، ولا تسألوا عن أكلهم وشربهم وقضاء حاجاتهم.الشاهد أنهم نقلوهم إلى المستشفى وبعد أن استردوا عافيتهم أرجعوهم مرة ثانية على أول سفينة شحن إلى تركيا.
وهؤلاء الشباب أحسن حظا من ستة أفارقة هربهم من اليمن إلى السعودية عبر الحدود أحد المحترفين، الذي أدخلهم في (وايت) ـ صهريج ماء ـ وأحكم إغلاقه عليهم، ولكي يتفادى مركز التفتيش سلك طريقاً جانبياً وعراً تعطلت من جرائه السيارة وتركها بمن فيها وذهب إلى إحدى الورش واحضر ميكانيكياً وأصلحها وانطلق بحمولته، وعندما اطمأن إلى انه قد تجاوز مركز التفتيش بمسافة بعيدة، أوقف السيارة وفتح كوة الصهريج، وإذا به يجد ست جثث لا حراك فيها.
وأسخف من هؤلاء جميعاً هو سائق (ترللاّ) ثلاجة، أراد أن يهرب أحد الأشخاص من الأردن إلى السعودية، ووضعه داخل الثلاجة وخفف درجة البرودة، وعندما توقف عند مركز الحدود، نزل من سيارته للذهاب إلى الموظفين لإنهاء معاملة الدخول، وفي هذه الأثناء مر على سيارته أحد زملائه، ولاحظ أن درجة الحرارة في سيارة زميله مرتفعة، وحرصاً منه على مصلحة زميله، وخوفاً على بضاعته من التلف ما كان منه إلاّ أن يخفض درجة الحرارة إلى ما تحت الصفر، وعندما عاد زميله بعد ساعة تقريباً، وإذا به يسمع تخبيطاً ورجفاً داخل الثلاجة، وفتح بابها سريعاً، وإذا بمن داخلها يقفز بنفسه للخارج كلوح الثلج المتجمد، فقبض عليه وعولج، ثم أعيد بأول شاحنة ذاهبة إلى الأردن.
أما أسوأ من وقع في المصيدة فهو رجل خليجي، له صديقة أجنبية ـ ويقال إن صداقتهما كانت بريئة جداً ـ المهم أن تلك الصديقة كانت راكبة بجانبه بالسيارة، ووقف عند إشارة المرور الحمراء وكانت أمامه وخلفه وعلى جانبيه مجموعة من السيارات، وبينما كان مستغرقاً ومستمتعاً مع صديقته للهمسات والأغنيات، وإذا به يسمع من يناديه: بابا، أبوي، يبه، والتفت إلى يساره وإذا بسيارة (جمس) كانت تقف بجانبه تماماً، وبها ثمانية من أبنائه مع أمهم وعاشرهم السائق، ويقال إن زوجته صورته (بكاميرا الموبايل) ـ فقط للذكرى والتاريخ ـ.
أرجو من كل رجل وامرأة أن يتخيل، ويضع نفسه في مثل هذا الموقف.. يا لطيف!
التعليــقــــات
رولا القحطاني، «لبنان»، 21/11/2007
إنها ليست بمصيدة بل هي مأساة طويلة مليئة بالحزن والالم والدموع. يدخلها الشباب مكرهين عليها لا ابطالا هروبا من وضعهم التعيس داخل بلدانهم الفقيرة, ويحلمون بالوصول إلى دول يحققون بها احلامهم بجمع الاموال وبناء قصور وإرسال اموال لذويهم. لكن هيهات, فلا احلام تتحقق ولا يعودوا سالمين. أما مصيدة الرجل الخليجي فهي مصيدة (مهضومة) ويا ليت مصائد الشباب الاخرين مثلها.
محمد السعيد الشيوى - باريس، «فرنسا»، 21/11/2007
يقولون بالأمثال ( إيه اللى رماك على المر قال : اللى أمر منه ) . فالعيش في الوطن أحياناً غربة . وطالبنا أن نسعى في مناكبها رب العزة . ولا أحد يحب الموت ويتمناه ولو خُيّر الإنسان بين الموت والفقر لاختار الفقر .
وكلها محاولات للبحث عن لقمة العيش . والموقف الأخير يستحق عدم الدعاء للرجل عند سفره مع صديقته .