تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عين الإنسان تميز مليون لون


نهرالعسل
09/11/2004, 04:25 AM
تجارب علمية حديثة أثبتت حقائق مدهشة
عين الإنسان تميز مليون لون

تتشارك عين الإنسان بنظامها البصري في التعرف الى مليون صبغة لونية في الطبيعة. ويلعب الدماغ في إدراك الألوان دورا بارزا. وتوجد في شبكية العين خلايا مستقبلة للضوء على درجة عالية من الحساسية، فهي التي تلتقط الأشعة المنعكسة عن الأجسام التي نراها. وتتكون هذه الخلايا من نوعين: خلايا عصوية حساسة للإضاءة، الضعيفة جدا وخلايا مخروطية حساسة للألوان إذا كانت الإضاءة كافية. والخالق المبدع سبحانه وتعالى جعل الخلايا المخروطية تتكون من ثلاثة أنواع مختلفة، وكل نوع يكون حساسا لطائفة من الأطوال الموجية، فالخلايا ذات الأطوال الموجية القصيرة تبلغ درجتها القصوى في حالة الاستثارة عند طول موجي يساوي 420 نانومتر (النانومتر يساوي واحداً على مليون من المليمتر)، أي عند اللون الأزرق، أما الخلايا المخروطية المتوسطة المستثارة، فيبلغ طولها الموجي 530 نانومتر أي اللون الأخضر، في حين نجد أن الخلايا الطويلة تصل الى درجة استثارتها القصوى عند الطول الموجي البالغ 560 نانومتر أي عند اللون الأصفر. وإذا ما زادت درجة الاستثارة على ذلك تصبح هذه الخلايا حساسة للون الأحمر.

وبشكل عام يمكن القول إن العين ترى جزءا صغيرا من الطيف الشمسي أو ما يسمى بالطيف المرئي والمتكون من الألوان السبعة المعروفة بدءاً من اللون البنفسجي فالنيلي فالأزرق فالأخضر فالأصفر فالبرتقالي وانتهاءً بالأحمر، وتبدأ أطوال الموجات كما نرى باللون البنفسجي عند 380 نانومتر، وتنتهي بالأكثر طولاً للون الأحمر عند 780 نانومتر. وتختلف حساسية العين لرؤية هذه الألوان حيث تصل حساسيتها الى أكبر قيمة للون الأخضر، وتقل كلما اتجهنا نحو البنفسجي أو الأحمر. لذا نجد أن الأطباء ينصحون الناس بالراحة في الريف حيث الخضرة تحيط بهم من كل مكان، ما يجعل العين تتعرض لأقل إجهاد ممكن وبالتالي تكون أكثر استرخاء.

ويطلق العلماء على الأشعة التي لها تردد أكبر من تردد اللون البنفسجي أو طول موجي أقل من 380 نانومتر، الأشعة فوق البنفسجية، أما تلك التي لها تردد أقل من تردد اللون الأحمر أو طول موجي أكبر من 780 نانومتر فتسمى بالأشعة تحت الحمراء.

ومن الملاحظ أن عدد الخلايا المخروطية الحساسة للون الأصفر 60% أكبر من تلك الحساسة للون الأخضر (30%) أو الأزرق 10% ولا يعلم العلماء حتى الآن السبب وراء ذلك.



تحولات

ويعتقد العلماء أنه لدى سقوط الضوء “الفوتونات” على هذه الخلايا فإن كمية الطاقة في هذه الفوتونات تتناسب طرديا مع الطول الموجي، ما يعني أن هذا النوع من الخلايا هو موطن لتحولات دقيقة، فالفوتونات تعمل على تغيير جزيء صغير ليّن أو ذي مرونة يسمى الشبكي الموجود داخل صبغة تسمى (الأوبسين). ويؤدي التغيير أو التشوه في هذا الجزيء الى تغير في هذه الصبغة، الأمر الذي تنتج عنه سلسلة من التفاعلات الكيميائية والحيوية التي تؤدي بدورها الى توليد إشارة عصبية تسمى “الجهد التدريجي”. وتدل شدة هذه الإشارة على شدة الضوء الواصلة الى بقية أجزاء النظام البصري.

وتوجد ثلاثة أنواع من صبغة الأوبسين، كل منها يتأثر بجزء من الطيف الضوئي. ويتبين أنه عندما تسقط كمية من الفوتونات على نوع ما من أنواع الخلايا المخروطية، فإن هذه الخلايا تنشط بشكل كبير لاسيما إذا كان الطول الموجي للطيف الساقط معبرا عن درجة امتصاص الخلايا للضوء أو للطيف المعني.

وترتبط الخلايا المخروطية في الشبكية بخلايا عصبية تسمى الخلايا الأفقية وثنائية القطب تعمل على المقارنة بين استثارة الخلايا المخروطية بأنواعها المختلفة وقابلية استقطابها للأطياف الضوئية (أصفر، أزرق..).

ويتم تشفير هذه المقارنة على هيئة نبضات عصبية ثم تنقل بعد ذلك الى الدماغ عن طريق العصب البصري الذي ينقسم بدوره الى طريقين عصبيين يعرفان ب (بارفو وكونيو). ويشير هذان المجريان الى حجم الخلايا التي تلتقي معها الألياف العصبية في منطقة أخرى في الدماغ تسمى “الجسم الجانبي المنثني كالركبة”. وعندما تصل النبضات العصبية الى الجزء الدماغي الخاص بالرؤية وبالتحديد الى منطقة تسمى (V4) تتوزع هذه النبضات داخل شبكة معقدة مكونة من ملايين الخلايا العصبية القادرة على التعرف الى الصبغات (الألوان) المختلفة. والواقع أن كل واحدة من هذه الخلايا تستثار بشكل خاص بدفق عصبي قادم من الخلايا المخروطية عن طريق الخلايا الأفقية وثنائية القطب، أي أنها تتعرف الى لون معين. ومن خلال هذا النظام المكون في ظاهره من ثلاثة أنواع من المستقبلات الضوئية، يتم تحليل الإشارة داخل الخلية العصبية المعقدة جدا في تركيبها ليتعرف المرء الى الألوان.

يذكر أن الطول الموجي للطيف الضوئي المنبعث من الجسم، ليس هو العامل الوحيد الذي يؤخذ بالاعتبار داخل النظام البصري برمته على الرغم من أهميته البالغة، فالإطار الذي نشاهد من خلاله الألوان تتشارك فيه عوامل عدة. فعلى سبيل المثال لو نظرنا الى لون أحمر عادي يوجد على خلفية حمراء غامقة، فإن اللون الأحمر سيظهر أقل لمعانا مما لو كان على خلفية زرقاء. ويقول العلماء إن التجربة الشخصية لكل إنسان مع الألوان وطريقة تخزينه لها منذ سن الطفولة تؤثر تأثيرا طفيفا في رؤيته وإدراكه للألوان، مع العلم أن الاختلافات في إدراك الألوان عند الناس يصعب تفسيرها وتوضيحها، كما أن الكلمات التي يمكن من خلالها الإشارة الى تلك الاختلافات الدقيقة جدا لا توجد حتى الآن. ويعتقد العلماء أن رؤية البعض للألوان بطريقة مختلفة أو بدرجة غير متشابهة بوساطة العين اليمنى واليسرى، تجعل الكثيرين منهم يعتقدون أن ثمة اختلافات فعلية بين شخص وآخر في إدراك طبيعة الألوان.

ولكن كيف حدث ذلك طالما أن طبيعة الإنسان واحدة ولا يختلف تركيب العين من إنسان الى آخر؟

تقول فرانسواز فينو المتخصصة برؤية الألوان في المتحف الوطني الفرنسي للتاريخ الطبيعي: إن مجمل الأنواع الحيوانية التي تتقن عملية رؤية الألوان، وخاصة الثدييات التي تعيش جل وقتها أثناء النهار، استطاعت أن تبقى على قيد الحياة نظرا لقدرتها الكبيرة على تعويض التغييرات في الإضاءة على مدار اليوم.

وتضيف فينو إنه لولا رؤيتنا للألوان، لكان من المستحيل علينا أن نلمح طلوع الفجر وغياب الشمس بالطريقة نفسها مع ما ينتج عن هاتين الظاهرتين من ألوان متدرجة بين الأزرق والبنفسجي والأحمر. والمعروف أن كثيراً من الحيوانات لا يمكنها الاستفادة من تلك الميزة الموجودة عند الانسان وقدرته على ملاحظة الاختلاف في تدرجات الألوان، إلا أن بعض الحيوانات قد خلقت ولديها القدرة الفطرية على التعرف الى بعضها بعضا خلال مراحل حياتها المختلفة نظرا لأن لون جلد الحيوان يختلف في العادة من مرحلة الى أخرى.



تجارب لونية
يجري العلماء تجارب كثيرة كمحاولة منهم للتعرف الى عدد الألوان التي يمكن للإنسان أن يميزها. ويلجأ هؤلاء الى إجراء اختبارات للرؤية الملونة على عشرات الأشخاص، حيث يضعون أمامهم عينات مطلية ببعض الألوان أو يعرضون عليهم شاشات ملونة باستخدام الحاسوب. وفي البداية يظهر على الشاشة لونان متشابهان تماما، ثم يقوم الشخص المعني بالاختبار بتغيير التدرج في اللونين، وما ان يلحظ اختلافا بينهما، حتى يضغط على زر خاص.

وقد أوصلت هذه التجارب العلماء الى نتيجة مفادها أنه يمكن للإنسان التمييز بين أكثر من مليون لون، على الرغم من أن البعض منهم قد هبط بهذا الرقم الى 17 ألف لون