مشهور
06/01/2008, 03:34 PM
هادئة من فوق وشغّالة من تحت
قال الأب لابنه العصبي ينصحه: يا ولدي خليك مثل البطة، هادئة من فوق، وشغالة من تحت.. وهي من وجهة نظري نصيحة (جهنمية).
وعلى مبدأ البطة تقريباً، إليكم حكاية (باول غلاسغو) غير انه كان بطة تشتغل من فوق ومن تحت أيضاً. فقد اشترى مصنعاً في بلدة (بلاك ستون) بولاية فرجينيا بأميركا، وذلك عندما كان التمييز العنصري ضارباً أطنابه هناك، و(باول) هذا رجل منفتح وذو نزعة إنسانية، وقد هاله أن المصنع الذي اشتراه ليس فيه عامل واحد أسود، فكلهم كانوا من البيض، واستغرب أن الأنظمة في تلك البلدة تحتم على ذلك، فذهب إلى المسؤولين ليخبرهم انه سوف يدخل للعمل في مصنعه بعض المواطنين السود، فرفضوا في البداية، ولكنهم بعد أن تيقنوا من إصراره، لانوا قليلاً ووجهوا له خطاباً جاء فيه، انه لا مانع من ذلك على أن يقسم المصنع إلى قسمين، الأول للبيض والآخر للسود، فرفض اقتراحهم هذا.
وبعدها اقترحوا عليه اقتراحا أخف، وهو انه لا مانع أن يعمل (العنصران) في المصنع، من دون أي حاجز، ولكن كل عنصر يكون في جهة بعيدة عن العنصر الآخر، فرفض السيد (باول) ذلك الاقتراح أيضاً.
وبحكم أن وجود ذلك المصنع مهم جداً بالنسبة للحركة الاقتصادية في تلك البلدة، والمسؤولون فيها لا يريدون أي (هزة) تؤثر في عمله، فقد تنازلوا قليلاً، ووافقوا على دمج العنصرين مع بعضهما بعضا في العمل، على شرط فصل دورات المياه وأماكن الأكل والشرب بينهما، ورفض (باول) العرض الأخير هذا أيضا.
عندها جنّ جنون المسؤولين من هذا التحدي، وأرادوا أن يمسكوا (باول) من اليد التي تؤلمه، فهددوه بأنهم وحسب ما لديهم من صلاحيات، سوف يعارضون أي توظيف جديد لمصنعه.
فما كان من (البطة) باول، إلاّ أن يصعد بدوره القضية، ويشتغل (من فوق ومن تحت) في نفس الوقت، وركب رأسه، واستعمل مع المسؤولين سياسة (حافة الهاوية)، وقرر (إغلاق المصنع) فوراً، ومعنى ذلك تسريح جميع العمال البيض، وانتكاسة اقتصادية ومعيشية للبلدة بكاملها.
وما هو إلاّ يوم واحد، حتى رضخ المسؤولون، وبدأ توظيف المواطنين السود، ودارت عجلة العمل، وازدادت الأرباح، وبسبب هذا الموقف الشجاع تغير كثير من قوانين التوظيف في أميركا.
فيا عزيزي القارئ، هل تتمنى أن تكون بطة أم (أبو جلنبو)؟!
التعليــقــــات
صفاء مرمرجي، «الولايات المتحدة الامريكية»، 05/01/2008
ما احوج مجتمعنا العربي لاشخاص مصلحين مثل السيد باول ، خصوصا بعد ما فقدنا الامل في حكوماتنا التي لا تستطيع اصلاح شيء في مجتمعنا ، ولا اعني اصلاح الطرق او المجاري او الفساد الاداري، بل الاهم هو اصلاح ما فينا من موروث اجتماعي سيء يجعل بعض الناس افضل من البعض الاخر لاسباب عرقية او دينية او مادية او حتى قبلية احيانا.
كانيساركي برواري، «النرويج»، 05/01/2008
استاذ مشعل المشكلة ليست في ان تكون { بطة} ولكن المشكلة اين سوف تعمل لو حدث هذا الجدال بين البطة في الوطن العربي لقامت السلطات بذبحها على الفور ولّما تجادلوا معها البيئة مهمة لعمل { البطة } لوتعمل من تحت لاتهموك السلطات بالعمل لصالح دولة معادية وهذه تهمة جاهزة.
عبدالكريم العبدالكريم، «المملكة العربية السعودية»، 05/01/2008
طبعاً ... نتمنى أن يكون هنالك أناس كثر أمثال (باول غلاسغو)..
هاتي بياني، «المملكة العربية السعودية»، 05/01/2008
حقيقة الاصرار هو مفتاح التغيير، لكن كثيرة هي العوامل التي ساعدت السيد باول في فرك يدي الحكومة المحلية وكلها تصب في مصلحة السيد باول فالحكومة تقوم في الاصل ايراداتها على الدخل من الضرائب والسيد باول له حقوق تقرها وتعمل على صونها حكومة المدينة وحكومة الولاية والحكومة الفيدرالية وله محامي سيدافع عنه وعن مصنعه. في العالم الثالث اذا وجد مثل السيد باول وتصرف تصرفه فان عسكر الحكومة وعرباتها المدرعة والمجنزرة ستهدم المصنع وتدمر آلياته وتزج بالسيد باول المفترض في السجن وربما امتد الامر لكل عائلته واقاربه باعتبار انهم معادون للسلطة وخطر على الامن القومي، والحل الافضل، إن لم تكن ممن وضع القانون لخدمتهم، هو ان تكون مثل طائر البطريق تتباهى بقصر قامتك وتصفق بجناحيك لكل ايماءة من اصحاب القرار فذلك ادعى للامن والسكينة وعسى الله تكون من السالمين.
ماجد العلي، «الاراضى الفلسطينية»، 05/01/2008
أستاذي الفاضل لكم يسعدني أن التقي بك مره اخرى بمقال من مقالاتك. هنيئا لك استاذي الفاضل اسلوبك الرائع وطرحك الجميل وتقبل مني خالص تحياتي. وأنا لو تمنيت تمنيت ان اكون ( ابو جلنبو ) ولكن الزمن هو الذي يحدد وليس انا.
محمدعبيد الله البقي، «المملكة العربية السعودية»، 05/01/2008
الاستاذ مشعل السديري حياك الله وابقاك، لقد عرفت البطة ولكن لم اعرف (ابو جلنبو) لكي نختار ماذا نريد أن نكون لان كلمة ابو جلنبو عندنا في السودان اسم مرض يصيب (الماعز والضان) لذلك لم اجد وجه شبه بين الخيارين فضحكت كثيرا لك كل الشكر على مقالاتك الساخرة دائما والتي نتابعها بشغف ونجد فيها كثيرا من (المتنفس) لاننا (مغلوبييييييين) على رأي عادل امام في الوطن العربي نحتاج الى كثير من (البط اللي يشتغل من فوق وتحت) لك كل الود.
طارق يوسف، «الولايات المتحدة الامريكية»، 05/01/2008
أستاذ مشعل شكرا علي المقال الجميل ولكننا نتساءل ماذا عسانا أن نفعل مع الانظمة العربية التي تريدنا أن نكون بطا من فوق ونعاما من تحت!
صالحة الكعبي، «المملكة العربية السعودية»، 05/01/2008
العنصرية إحدى أسخف الأمور التي عرفتها البشرية ! إذ هي مجموعة من المعتقدات والتصرفات التي تنبع من فكرة التمييز بين الناس سواء من حيث اللون أو الجنس أو الدين أو اللغة ..
وفي رأيي أنها ورم خبيث إذا ما استشرى في المجتمع فإنه يزيده تخلفا ورجعية لذا ينبغي أن نتكاتف لاستئصاله لأن الأورام لا ينفع معها أنصاف الحلول ..
قال الأب لابنه العصبي ينصحه: يا ولدي خليك مثل البطة، هادئة من فوق، وشغالة من تحت.. وهي من وجهة نظري نصيحة (جهنمية).
وعلى مبدأ البطة تقريباً، إليكم حكاية (باول غلاسغو) غير انه كان بطة تشتغل من فوق ومن تحت أيضاً. فقد اشترى مصنعاً في بلدة (بلاك ستون) بولاية فرجينيا بأميركا، وذلك عندما كان التمييز العنصري ضارباً أطنابه هناك، و(باول) هذا رجل منفتح وذو نزعة إنسانية، وقد هاله أن المصنع الذي اشتراه ليس فيه عامل واحد أسود، فكلهم كانوا من البيض، واستغرب أن الأنظمة في تلك البلدة تحتم على ذلك، فذهب إلى المسؤولين ليخبرهم انه سوف يدخل للعمل في مصنعه بعض المواطنين السود، فرفضوا في البداية، ولكنهم بعد أن تيقنوا من إصراره، لانوا قليلاً ووجهوا له خطاباً جاء فيه، انه لا مانع من ذلك على أن يقسم المصنع إلى قسمين، الأول للبيض والآخر للسود، فرفض اقتراحهم هذا.
وبعدها اقترحوا عليه اقتراحا أخف، وهو انه لا مانع أن يعمل (العنصران) في المصنع، من دون أي حاجز، ولكن كل عنصر يكون في جهة بعيدة عن العنصر الآخر، فرفض السيد (باول) ذلك الاقتراح أيضاً.
وبحكم أن وجود ذلك المصنع مهم جداً بالنسبة للحركة الاقتصادية في تلك البلدة، والمسؤولون فيها لا يريدون أي (هزة) تؤثر في عمله، فقد تنازلوا قليلاً، ووافقوا على دمج العنصرين مع بعضهما بعضا في العمل، على شرط فصل دورات المياه وأماكن الأكل والشرب بينهما، ورفض (باول) العرض الأخير هذا أيضا.
عندها جنّ جنون المسؤولين من هذا التحدي، وأرادوا أن يمسكوا (باول) من اليد التي تؤلمه، فهددوه بأنهم وحسب ما لديهم من صلاحيات، سوف يعارضون أي توظيف جديد لمصنعه.
فما كان من (البطة) باول، إلاّ أن يصعد بدوره القضية، ويشتغل (من فوق ومن تحت) في نفس الوقت، وركب رأسه، واستعمل مع المسؤولين سياسة (حافة الهاوية)، وقرر (إغلاق المصنع) فوراً، ومعنى ذلك تسريح جميع العمال البيض، وانتكاسة اقتصادية ومعيشية للبلدة بكاملها.
وما هو إلاّ يوم واحد، حتى رضخ المسؤولون، وبدأ توظيف المواطنين السود، ودارت عجلة العمل، وازدادت الأرباح، وبسبب هذا الموقف الشجاع تغير كثير من قوانين التوظيف في أميركا.
فيا عزيزي القارئ، هل تتمنى أن تكون بطة أم (أبو جلنبو)؟!
التعليــقــــات
صفاء مرمرجي، «الولايات المتحدة الامريكية»، 05/01/2008
ما احوج مجتمعنا العربي لاشخاص مصلحين مثل السيد باول ، خصوصا بعد ما فقدنا الامل في حكوماتنا التي لا تستطيع اصلاح شيء في مجتمعنا ، ولا اعني اصلاح الطرق او المجاري او الفساد الاداري، بل الاهم هو اصلاح ما فينا من موروث اجتماعي سيء يجعل بعض الناس افضل من البعض الاخر لاسباب عرقية او دينية او مادية او حتى قبلية احيانا.
كانيساركي برواري، «النرويج»، 05/01/2008
استاذ مشعل المشكلة ليست في ان تكون { بطة} ولكن المشكلة اين سوف تعمل لو حدث هذا الجدال بين البطة في الوطن العربي لقامت السلطات بذبحها على الفور ولّما تجادلوا معها البيئة مهمة لعمل { البطة } لوتعمل من تحت لاتهموك السلطات بالعمل لصالح دولة معادية وهذه تهمة جاهزة.
عبدالكريم العبدالكريم، «المملكة العربية السعودية»، 05/01/2008
طبعاً ... نتمنى أن يكون هنالك أناس كثر أمثال (باول غلاسغو)..
هاتي بياني، «المملكة العربية السعودية»، 05/01/2008
حقيقة الاصرار هو مفتاح التغيير، لكن كثيرة هي العوامل التي ساعدت السيد باول في فرك يدي الحكومة المحلية وكلها تصب في مصلحة السيد باول فالحكومة تقوم في الاصل ايراداتها على الدخل من الضرائب والسيد باول له حقوق تقرها وتعمل على صونها حكومة المدينة وحكومة الولاية والحكومة الفيدرالية وله محامي سيدافع عنه وعن مصنعه. في العالم الثالث اذا وجد مثل السيد باول وتصرف تصرفه فان عسكر الحكومة وعرباتها المدرعة والمجنزرة ستهدم المصنع وتدمر آلياته وتزج بالسيد باول المفترض في السجن وربما امتد الامر لكل عائلته واقاربه باعتبار انهم معادون للسلطة وخطر على الامن القومي، والحل الافضل، إن لم تكن ممن وضع القانون لخدمتهم، هو ان تكون مثل طائر البطريق تتباهى بقصر قامتك وتصفق بجناحيك لكل ايماءة من اصحاب القرار فذلك ادعى للامن والسكينة وعسى الله تكون من السالمين.
ماجد العلي، «الاراضى الفلسطينية»، 05/01/2008
أستاذي الفاضل لكم يسعدني أن التقي بك مره اخرى بمقال من مقالاتك. هنيئا لك استاذي الفاضل اسلوبك الرائع وطرحك الجميل وتقبل مني خالص تحياتي. وأنا لو تمنيت تمنيت ان اكون ( ابو جلنبو ) ولكن الزمن هو الذي يحدد وليس انا.
محمدعبيد الله البقي، «المملكة العربية السعودية»، 05/01/2008
الاستاذ مشعل السديري حياك الله وابقاك، لقد عرفت البطة ولكن لم اعرف (ابو جلنبو) لكي نختار ماذا نريد أن نكون لان كلمة ابو جلنبو عندنا في السودان اسم مرض يصيب (الماعز والضان) لذلك لم اجد وجه شبه بين الخيارين فضحكت كثيرا لك كل الشكر على مقالاتك الساخرة دائما والتي نتابعها بشغف ونجد فيها كثيرا من (المتنفس) لاننا (مغلوبييييييين) على رأي عادل امام في الوطن العربي نحتاج الى كثير من (البط اللي يشتغل من فوق وتحت) لك كل الود.
طارق يوسف، «الولايات المتحدة الامريكية»، 05/01/2008
أستاذ مشعل شكرا علي المقال الجميل ولكننا نتساءل ماذا عسانا أن نفعل مع الانظمة العربية التي تريدنا أن نكون بطا من فوق ونعاما من تحت!
صالحة الكعبي، «المملكة العربية السعودية»، 05/01/2008
العنصرية إحدى أسخف الأمور التي عرفتها البشرية ! إذ هي مجموعة من المعتقدات والتصرفات التي تنبع من فكرة التمييز بين الناس سواء من حيث اللون أو الجنس أو الدين أو اللغة ..
وفي رأيي أنها ورم خبيث إذا ما استشرى في المجتمع فإنه يزيده تخلفا ورجعية لذا ينبغي أن نتكاتف لاستئصاله لأن الأورام لا ينفع معها أنصاف الحلول ..