المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حفل تكريمٍ مشرف للشاعر الكبير عبدالرزاق بن سعيد الزهراني المشهور بـ ( أبو رزق )


صقر الجنوب
02/03/2008, 12:42 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تحت رعاية لجنة التنمية الإجتماعية ببرحرح , أقيمت أمسيةٌ شعرية وحفل تكريمٍ مشرف للشاعر الكبير عبدالرزاق بن سعيد الزهراني المشهور بـ ( أبو رزق ) , كانت الأمسية رائعةَ لدرجة يصعب معها الوصف والحديث , وقد شارك شاعرنا الكبير في إحياء تلك الأمسية الأخيلية الشاعران المبدعان خالد بن رجب الدوسي , و ماجد بن عبد ربه الحسني . كان اللقاء جميلاً بما تعنية الكلمة , وكانت أسارير الحكمة وبلاغات التجارب لشاعرنا العظيم أبو رزق أشبه ما تكون بواسط العقد الذي يملأ الأعين والصدور بهجةً وسعادة , وقد ظن بي الأخوة القائمين على أمر الأمسية خيراً عندما طلبوا مني مشاركة الأمسية بقراءةٍ أدبيةٍ انطباعية , وعلى الرغم من محاولتي الكتابة عن مقدار الحكمة والتجربة في شعر أبو رزق إلا أنني أعترف بأن العجز وقلّة الحيلة كانت حليفةً لكلماتي المتناثرة , وأجد في صدر شاعري المفضل وأبي وصديقي الشاعر أبو رزق عذراً عن تلك المغامرة العاجزة . *** قيل قديماً ( الشعرُ بحرٌ لؤلؤهُ الحكمة ) , و شعر الضاد باختلاف مدارسهِ و مشاربه متفقٌ بأن جوهر المعنى في جلباب الشعر يُنبئك عن مكنون الجودة ومقدارها , ولقد كان أوائل الأدباء , وأكابر النقاد , لا يُسَموّن الأبيات الشعرية بمسمى ( قصيدة ) حتى يُعْمِلّوا الفكر والسمع والبصر إلى مقدار ما بها من الحكمة والتجربة , ولقد اتفق رهطٌ منهم على أن شرط القصيدة الجيدة هو احتوائها على بيت واحدٍ من الحكمةِ على أقلِ تقدير . وإذا أعْمَلّنا ذلك الشرط النقدي , والمقياس البلاغي , على تراث الشاعر المُجيد ( أبو رزق ) لوجدنا أن سلسبيل تلك التجربة الطويلة التي عاشها شاعرنا قد صبت الحكمة في آنية الشعر حتى امتلأت بشعرٍ يُعَلّقُ في كعبهِ المجدُ , و يُتوجُ به مَفْرِقُ الدهر , شعرٌ خالدٌ تفجّرت ينابيعُ الحكمةِ من أقطاره , وشقّت سحائب البلاغة من قراره . لنا وقفةٌ أدبية , شاردة النجوى , سريعة النظرة , على رائعةٍ شعرية من روائع شاعرنا الحكيم , نلمحُ في أردانها العَطِرة , أنقى الدُرِّ , وأصفى القَطرِ , وأعجبُ الأمر . ذؤابة الحكمة لا تُنْقل السيف الذي مِثْلما عليك ولا تِشلّ الميْزر إلا بَلّي و لك وش فايدة لا كان ما ترمي الأمثال ولا تهادي اللي نوى الله ما يهدى له أعط النصايح واحدٍ يهتدي بها ( لا تُنْقل السيف الذي مِثْلما عليك ) ( لا ) الناهية , ومعناها في الأصل : طلب الكف عن فعلٍ ما , و استفتاح البيت الشعري بالنهي تنبيهٌ صريح بمثابة الجرس الذي يقرع الآذان والصدور دلالةً على عِظَمِ النصيحة . ( لا تُنْقل السيف ) بدأ الشاعر في تبيان سبب ابتدائه بـ ( لا ) الناهية عندما قال ( لا تُنقل ) بمعنى ( لا تحمل ) , واختيار الشاعر لكلمة ( تُنْقل ) دلالةٌ واضحة على تمكُنهِ من مفردات خبره , وهو بهذا الاختيار الموفق يشير في شيءٍ من الخفاء إلى أنه قادرٌ على إيصال الرسالة كاملةً دون غموضٍ أو تشويش , فَنَقْلُ شيءٍ ( ما ) والتنقل به من مكانٍ لآخر دلالةٌ على نفعهِ وكمال صفاته في العموم , غير أن الشاعر فاجأنا سريعاً بأن تلك المقولة العامة قد تكون فاسدة , لا أصل لها , فليس كُل ما يُنقل ذو منفعة وكمال , خصوصاً إذا كان المنقول ( السيف ) الذي في صفاته ( مِثْلما عليك ) أي السيف المتثلم الحد , العَلِكُ في مقبضه وأصل معدنه , فهو سيفٌ لا إمضاء له و لا خِضاب , وقد وصف العرب المتقدمون السيف الذي لم يُحكم عمله بلفظ ( الددان وقيل المعضد ) , والشاعر في خاتمة خطابه يعود بنا مجدداً إلى بداية بيتهِ الشعري ليُخبرنا بأن ( لا ) الناهية التي استفتح بها خبره دالةٌ على التحقير , وهو في هذا الخطاب المُعجز يُشير في خفاء إلى عدم الاغترار بالمظهر الجذاب فقد قيل قديماً ( ليس كُل ما يلمع ذهباً ) . (ولا تِشلّ الميْزر إلا بَلّي و لك ) مرةً أخرى يعود الشاعر لقرع أجراس العقول , عندما يستكمل استفتاح بيَِتهُ الثاني بـ ( لا ) الناهية التي تدلُ هنا على معنى الإرشاد فيقول ( ولا تِشلّ ) بمعنى ( لا تستخدم ) والمعنى هنا يخالف المعنى السابق لكلمة ( تُنْقل ), ( فالشّل ) الذي يقصده الشاعر هنا قد تجاوز حدّ الحمل والتنقل إلى معنى توجيه ( الميزر ) لإصابة الهدف " ساعة الصفر" , و ( الميزر ) لفظٌ محرف عن اللفظ ميزور , وهو نوعٍ خاص من أنواع الأسلحة , أجود أنواعه من الصناعة الألمانية والبلجيكية , بدأ ظهوره في أرجاء الوطن العربي منتصف الحرب العالمية الأولى . ومفهوم الجملة الشعرية ( ولا تِشلّ الميزر ) أي لا تبدأ في عملية توجيه الميزر ( إلا ) للاستثناء وهي على مذهب سيبويه الذي يرى بجواز أن تأتي ( إلا ) صفةً مع صحة الاستثناء , فالشاعر يستثني ويصف شروطاً لذلك أولها : لا تُوجه الميزر إلا ( بِلّي ) أي بوجود الّلي المكوّن من عصا حديدية تكون بمثابة قاعدة الانطلاق , واشترط أيضاً لصحة التوجيه توفر ما وصفه بـ ( ولّك ) أي القياس المناسب لطول تلك العصا الحديدية , إضافةً إلى مقدرة قادح الزناد على القيام بمهمته على أكمل صورة . ( وش فايدة لا كان ما ترمي الأمثال ) ( وش فايدة ؟ ) استفهامٌ استنكاري بمعنى ما النفع المرتجى وما الصيّب المجتبى , ( لا كان ) بمعنى إذا كانت بندقية الميزر ( ما ترمي الأمثال ) أي لا تصيب الأهداف . والشاعرُ في هذا المثل الذي طرحهُ في جلبابٍ غامض من الحكمة , يستدعي أرباب العقول والنُهى قائلاً : لا تُلقي بنفسك إلى مصارع الهَلاك جُزافاً , وإن أردت الإقدام إلى أمرٍ جلل فأحسن اختيار السلاح فقد قيل قديماً ( قبل نزول الحرب تملأ الكنائن ) , و اختر من مقارعات الحُجج والخطوب أقواها , ومن حِيّل الدهاء و الذكاء أعلاها , ولا تكنُ إلا مُصانعاً لدهرك , مُطالعاً في خبر أمركَ كُله . ( ولا تَهَادي الّلي نوى الله ما يهدى له ) ( ولا ) عاد الشاعر مرةً أخرى إلى استخدام ( لا ) الناهية لجذب الأسماع , وتهيئة العقول , خصوصاً وأن ( لا ) الناهية هنا جاءت بمعنى طلب الكف عن الفعل على وجه الاستعلاء , ( تَهَادي ) الهداية هنا تشمل عدداً لا حصر له من المعاني الجليلة , من أهمها النصح والإرشاد وتقديم الموعظة , والشاعر يطلبُ من مستمعهِ عدم النصح والموعظة لـ ( الّلي نوى الله ) النية هنا لا تعني اللحظية بل هي بمعنى الفعل الماضي المُقدر على الأزل , ومفهوم العبارة ( الذي كتب الله عليه عدم الهداية ) حتى أكل الطيش حُلمهُ , وأضاع في هوى النفس عقله , ( ما يَهْدى له ) في الحكمة العربية قول : إنك لا تهدي المتضال , فمن ركب الضلال على عمد , وكَرِهَ الحق على إباءٍ وتكبر فقد أعجز الناصحين عن نصحه . وأمر الهداية , وصلاح القلوب والعقول , من الشؤون التي أختص بها الله عز وجل , جاء في الكتاب المحكم قول الله تعالى (أتريدون أن تهدوا من أضل الله ) وقوله تعالى مخبراً عن أهل الجنة (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ) . ( أعط النصايح واحدٍ يهتدي بها ) ( أعط ) فعل أمرٍ يدلُ على الوجوب , وهو هنا بمعنى الإرشاد , ( النصايح ) الأصل لدلالة اللفظ ( النصائح ) جمع نصيحة , ( واحدٍ يهتدي بها ) مَنْ رصد نجوم فِهمهِ , وطالع خواطر علمه , وأوقد مصابيح قرائحهُ , وسَرج أفكاره وبصائره , حتى لاح له السّنا الوضّاح , وبدأ له يوم الإصباح , فذلك أولى بالنصح والموعظة والإرشاد , ذلك لأن مشكاة فؤاده قد أُنيرت مطمئنةً بالحق , بعد أن ارتقت في درجات الهدى , ونالت منازل الفوز و الزلفى . وفي الشعر العربي : لا تبذلــن نصيحة إلا لمــن *** تلقى لبذل النصح منه قبولا فالنصح إن وجد القبول فضيلة ***ويكون إن عدم القبول فضولا في البيتين الأخيرين يتحدث الشاعر عن حِكمَةٍ مكتسبة , أهدتها إليه طول التجارب , وتعاقب السنين , فيشير في وضوح إلى أن صاحب العجب والنزق لا يمكن إصلاح فساد أمره , فهو كـ " فراشة " النار التي لا ترعوي عن إحراق فؤادها بنار الطيش , ولذلك فالصنف المذكور لا ينفع معه نصحٌ ولا عتاب , والشاعر من خلال ضربه لذلك المثل يُشير في خفاء إلى وجوب اختيار ما يحفظ العقل والكمال في جميع جوانب الحياة , عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( الحكمة ضالة المؤمن )

علي السبيَه
03/03/2008, 07:40 PM
شكرا لك ياابواحمد وابورزق يستاهل التكريم

ابو مرضي
28/03/2008, 01:52 PM
الله يعطيك العافيه وابو رزق يستاهل الا كثر