صقر الجنوب
13/03/2008, 02:08 AM
http://www.alriyadh.com/2006/09/20/img/199029.jpg
سراة عبيدة - رفعة المنصور:
يشكل البيت الجنوبي بعمارته المتميزة وما يحتويه من مفردات عامل جذب للذائقة البصرية بما يضمه من ألوان ذات استقطاب جمالي يواكب بيئة المنطقة وحين الحديث عن التراث والبيت الجنوبي لابد من وقفة للإشارة إلى تشجيع ودعم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة عسير مهندس السياحة الذي جعل من التراث ومن خامات البيئة نفسها سياحة بحد ذاتها فترى أسواق المنطقة تفيض بالأواني الشعبية التي تحمل هوية المنطقة ما بين نقوش وغيرها بالاضافة إلى المباني الأثرية المنتشرة والتي تتوسط ميادين المحافظات كنماذج ودلالات على جمال التراث في المنطقة الجنوبية بصفة عامة من أبها إلى نجران نرى البيت الحجري شامخاً إلى جانب العقبات التي تشكل أحد معالم المنطقة التراثية العمرانية.
والإنسان الجنوبي يعتز بأصالة تراثه حتى مساجد المنطقة نجد البعض منها يتسم بالطابع التراثي فمسجد الملك عبدالعزيز الذي يقع في وسط مدينة أبها يشكل انموذجاً لتأصيل العمارة الجنوبية فهو يحكي لنا من الداخل والخارج وبلغته الخاصة أصالة الماضي الراسخة في عقول أبناء المنطقة وكأن لسان حاله يقول أعلم انني حديث البناء ولكن شكلي يوحي لكم بعراقة الماضي الأصيل وهو يدعمنا ويتحفنا بتراث غني بالجمال المتميز في شكله ولونه وعراقته.
وكذلك الأمر بالنسبة للقصور الحجرية المنتشرة في النماص وتنومة وبلقرن وشمران والسراة هذه القصور شواهد حضارية تمتع الحاسة البصرية بتلك المعطيات الجمالية وهذه القصور تتألف من دورين، فالدور الأرضي خاص بالمواشي والثاني يتكون من المجلس وغرفة واحدة للنوم والمقهى ومطبخ صغير يضم تنوراً للخبز وبعض الأواني الفخارية ويزين جدران القصر نقوش جميلة تقوم برسمها المرأة الجنوبية وتسمى بالقطة، فالمرأة الجنوبية تعد فنانة تشكيلية تمارس هذه المهنة على جدران بيتها بالإضافة إلى عملها خارج البيت فهي التي تصهر الاصلال والأدباب داخل القصر، والأدباب هنا هي بمثابة الكنبات وهي أيضاً من يعمل خارج البيت فهي من يحضر الحطب والماء ويحلب البقر والغنم..
لقد كانت للمرأة دور عظيم في الماضي فقد كانت تعمل الكثير.. بل ان كل شيء ملقى على عاتقها واستطاعت أن يكون لها بصمة داخل البيت وخارجه.
الحديث عن التراث الجنوبي فضاء لا حدود له وكل صفحة فيه أجمل من الأخرى، فأهل المنطقة قبائل عشائرية أصيلة تنبعث من أوساطها أجيال جديدة تقتبس عادات وتقاليد وكرم الأجيال القديمة..
القصبات والأبراج
وتشكل القصبات والأبراج منظراً جمالياً لعبت دوراً كبيراً في الماضي..
وهي مبنية بشكل دائري يتوسط القرية وهي عبارة عن برج عال ينقسم إلى قسمين الأسفل منه يستخدم لحفظ الحبوب ويسمى المدفن والدور الثاني يعتبر برجاً لمراقبة القرية..
فالإنسان الجنوبي إنسان مكافح حفر الصخر بيديه رغم الفقر وقلة الموارد إلا ان تراث المنطقة يشهد له بأنه إنسان صبور فقد استطاع ان يبني نفسه ويؤمن حاجياته من خامات بيئته، فالبيت مبني من الطين والأسقف والأبواب والنوافذ مأخوذة من خشب الشجر الذي بالقرية..
كذلك المرأة الجنوبية فهي امرأة عصامية لها دور كبير في استمرار الحياة وتنظيمها فهي ثلاثة أرباع المجتمع آنذاك فهي تنجب وتربي وتقوم برعي الأغنام وجمع الحطب وتعود عند غروب الشمس إلى البيت لتؤدي واجبها، فهي من يطحن بالرحى ويعد الطعام ويغسل الأواني ويفرش الفراش، وبين لحظة وأخرى تعود لطبيعتها الانثوية وغريزتها الفطرية فتصنع من الرياحين العطور الفواحة لنفسها ولغرفة نومها وتختضب وتنقش الحناء على كفوفها المعطاء وتشعل لمبة الكاز وغرفة النوم صغيرة ولا يوجد بداخلها إلا فراش الزوجين وقليل من الثياب لكنها تموج بمشاعر دافئة من الحب الصادق.
كلمة لابد منها
إن تراث المنطقة الجنوبية تراث أصيل استطاع أن يرسم الدهشة في عيون الجميع وليس أدل على ذلك انتشاره ليس في المملكة فحسل بل وفي مختلف دول الخليج العربي، فالثوب الجنوبي والعطور المستخرجة من الرياحين وكذلك القطة التي تزين الجدران لا زالت محافظة على وهجها.. ان حضارة الشعوب لا تقاس بما وصلت إليه من تطور علمي فقط بل تقاس بما لديها من تاريخ ثري بتراثها وقدرة وإصرار أبنائها على المحافظة على تلك الموروثات وتنميتها فالتراث اليوم أحد أبرز عوامل الجذب السياحي.
المصدر.. جريدة الرياض (http://www.alriyadh.com/2006/09/20/article187910.html)
سراة عبيدة - رفعة المنصور:
يشكل البيت الجنوبي بعمارته المتميزة وما يحتويه من مفردات عامل جذب للذائقة البصرية بما يضمه من ألوان ذات استقطاب جمالي يواكب بيئة المنطقة وحين الحديث عن التراث والبيت الجنوبي لابد من وقفة للإشارة إلى تشجيع ودعم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة عسير مهندس السياحة الذي جعل من التراث ومن خامات البيئة نفسها سياحة بحد ذاتها فترى أسواق المنطقة تفيض بالأواني الشعبية التي تحمل هوية المنطقة ما بين نقوش وغيرها بالاضافة إلى المباني الأثرية المنتشرة والتي تتوسط ميادين المحافظات كنماذج ودلالات على جمال التراث في المنطقة الجنوبية بصفة عامة من أبها إلى نجران نرى البيت الحجري شامخاً إلى جانب العقبات التي تشكل أحد معالم المنطقة التراثية العمرانية.
والإنسان الجنوبي يعتز بأصالة تراثه حتى مساجد المنطقة نجد البعض منها يتسم بالطابع التراثي فمسجد الملك عبدالعزيز الذي يقع في وسط مدينة أبها يشكل انموذجاً لتأصيل العمارة الجنوبية فهو يحكي لنا من الداخل والخارج وبلغته الخاصة أصالة الماضي الراسخة في عقول أبناء المنطقة وكأن لسان حاله يقول أعلم انني حديث البناء ولكن شكلي يوحي لكم بعراقة الماضي الأصيل وهو يدعمنا ويتحفنا بتراث غني بالجمال المتميز في شكله ولونه وعراقته.
وكذلك الأمر بالنسبة للقصور الحجرية المنتشرة في النماص وتنومة وبلقرن وشمران والسراة هذه القصور شواهد حضارية تمتع الحاسة البصرية بتلك المعطيات الجمالية وهذه القصور تتألف من دورين، فالدور الأرضي خاص بالمواشي والثاني يتكون من المجلس وغرفة واحدة للنوم والمقهى ومطبخ صغير يضم تنوراً للخبز وبعض الأواني الفخارية ويزين جدران القصر نقوش جميلة تقوم برسمها المرأة الجنوبية وتسمى بالقطة، فالمرأة الجنوبية تعد فنانة تشكيلية تمارس هذه المهنة على جدران بيتها بالإضافة إلى عملها خارج البيت فهي التي تصهر الاصلال والأدباب داخل القصر، والأدباب هنا هي بمثابة الكنبات وهي أيضاً من يعمل خارج البيت فهي من يحضر الحطب والماء ويحلب البقر والغنم..
لقد كانت للمرأة دور عظيم في الماضي فقد كانت تعمل الكثير.. بل ان كل شيء ملقى على عاتقها واستطاعت أن يكون لها بصمة داخل البيت وخارجه.
الحديث عن التراث الجنوبي فضاء لا حدود له وكل صفحة فيه أجمل من الأخرى، فأهل المنطقة قبائل عشائرية أصيلة تنبعث من أوساطها أجيال جديدة تقتبس عادات وتقاليد وكرم الأجيال القديمة..
القصبات والأبراج
وتشكل القصبات والأبراج منظراً جمالياً لعبت دوراً كبيراً في الماضي..
وهي مبنية بشكل دائري يتوسط القرية وهي عبارة عن برج عال ينقسم إلى قسمين الأسفل منه يستخدم لحفظ الحبوب ويسمى المدفن والدور الثاني يعتبر برجاً لمراقبة القرية..
فالإنسان الجنوبي إنسان مكافح حفر الصخر بيديه رغم الفقر وقلة الموارد إلا ان تراث المنطقة يشهد له بأنه إنسان صبور فقد استطاع ان يبني نفسه ويؤمن حاجياته من خامات بيئته، فالبيت مبني من الطين والأسقف والأبواب والنوافذ مأخوذة من خشب الشجر الذي بالقرية..
كذلك المرأة الجنوبية فهي امرأة عصامية لها دور كبير في استمرار الحياة وتنظيمها فهي ثلاثة أرباع المجتمع آنذاك فهي تنجب وتربي وتقوم برعي الأغنام وجمع الحطب وتعود عند غروب الشمس إلى البيت لتؤدي واجبها، فهي من يطحن بالرحى ويعد الطعام ويغسل الأواني ويفرش الفراش، وبين لحظة وأخرى تعود لطبيعتها الانثوية وغريزتها الفطرية فتصنع من الرياحين العطور الفواحة لنفسها ولغرفة نومها وتختضب وتنقش الحناء على كفوفها المعطاء وتشعل لمبة الكاز وغرفة النوم صغيرة ولا يوجد بداخلها إلا فراش الزوجين وقليل من الثياب لكنها تموج بمشاعر دافئة من الحب الصادق.
كلمة لابد منها
إن تراث المنطقة الجنوبية تراث أصيل استطاع أن يرسم الدهشة في عيون الجميع وليس أدل على ذلك انتشاره ليس في المملكة فحسل بل وفي مختلف دول الخليج العربي، فالثوب الجنوبي والعطور المستخرجة من الرياحين وكذلك القطة التي تزين الجدران لا زالت محافظة على وهجها.. ان حضارة الشعوب لا تقاس بما وصلت إليه من تطور علمي فقط بل تقاس بما لديها من تاريخ ثري بتراثها وقدرة وإصرار أبنائها على المحافظة على تلك الموروثات وتنميتها فالتراث اليوم أحد أبرز عوامل الجذب السياحي.
المصدر.. جريدة الرياض (http://www.alriyadh.com/2006/09/20/article187910.html)