المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حجة الذئب 00000


عطر الحروف
18/03/2008, 12:24 AM
http://www.7elm3aber.com/up1/folder1/7elm3aber_E5aEycpKLB.gif
كان كل شيء في الغابة يدعو للتفاؤل والبهجة؛ شمس ساطعة، ونسيم جميل، وأشجار قد اكتست بزينتها، والأهم من ذلك أن ميثاق حقوق الحيوانات قد أُعلن، وأن الذئب ـ كبير الغابة بعد أن انقرض الأسد والنمر ـ أعلن أنه شخصياً مـعنيٌّ بالحفاظ على هذا الميـثاق وتطـبيقه، إذاً؛ ممَّ يخاف ذلك الكبش؟! لماذا لا يذهب إلى الغدير الكبير ليشرب؟! ولماذا لا يعلن رضاءه لكل الكائنات عن هذا القرار الحكيم؛ الذي جعل غدران الغابة كلها غديراً واحداً؟!

نعم؛ هو حرٌّ في قراره، ويمكنه أن يصبر أكثر، وأن يبحث عن الماء في المرتفعات؛ ليشرب بعيداً عن هذا الغدير الكبير الذي تشرب منه كل الحيوانات وكل الوحوش. ولكن؛ لمـاذا لا يجـرّب؟ سيـذهب اليـوم إلى الغدير ليشرب في وضـح النـهار، أمـام أعـين كـل الحـيوانات وكـل الطـيور، لا يمـكن ـ حينئذ ـ أن يغدر الذئب، وساعتها إن غدر سوف يعلم الجميع أنه كاذب، وسيهبّون لمقاومته، وسيسقط ميثاق حقوق الحيوانات.

أخيراً؛ ارتفع صوت الكبش بالثغاء.. ماء.. ماء..

أخذ يجري خارجاً من مكمنه إلى الغدير، لم يراعِ اتجاه الريح في جريانه كما كان يفعل من قبل، لم يعدْ يهتم أن تحمل الريح رائحته إلى الوحوش، هو كبش محترم، ملتزم بكل القوانين، وهو ذاهب ليشرب من غدير الحيوانات الجديد، ولكن؛ لماذا توقف كبشنا عن الثغاء وعن الجريان؟! لماذا انبهرت نفسه وارتعشت مفاصله وازدادت دقات قلبه؟! هل يكون هذا لأنه رأى الذئب نفسه يشرب من الغدير؟ نعم؛ هـذا هـو السـبب، الذئب يبدو جائعاً، ولا أحد بجانبه يشرب مـن كل الحيوانات، هل يعود أدراجه إلى حيث كان؟ لم يعدْ يفيد، لقد رآه الذئب وسمع صوته، لا بـد أن يذهب رابط الجـأش ويخفي كل مشاعره، لو جرى فسيعتبر الذئب ـ سيد الغابة الجديد ـ أن هذا سوء أدب منه، وسيعتبره مروّجاً للإشاعات التي تقول: إن الذئب لا يحترم وعوده وعهوده، ولا يحترم ميثاق الحيوانات الجديد، كما فعل من قبل مع تلك الغزلان التي لم تكن تملك نفسها حين تراه فتجري خائفة منه، لم يكن يُؤْويها عندئذ مكان، ولم يكن يساعدها حيوان، وفي النهاية تكون طعاماً للذئب؛ عقاباً لها على عدم تصديقها لوعود الذئب وإيمانه بالنظام الحيواني الجديد.

لا يدري هذا الكبش نفسه كيف قاوم مشاعر الخوف فيه؟ سيطر على كل جوارحه ومشى بخطى وئيدة، كان يرسم على وجهه ابتسامة كبيرة، ثم قال وهو ينطلق نحو الغدير: طاب صباحك يا سيد الغابة!

لم يردّ الذئب على تحية الكبش، نظر إليه فقط ثم أقبل على شـرب المياه وهو يقول في نفسه: (أيها الخروف! ستكون فطـوري اليوم لا محالة، سوف أجد حجة لآكلك بها، لو لم تكن هذه الطيور على هذه الأشجار تشهد ما يحدث لأكلـتك على الفـور، دون أن أكلِّـف نفسي عناء البحث عن حجة سخيفة، ولكني سأصبر، وسوف أجد الحجة السخيفة أو المقنعة لا فرق، وفي النهاية سآكلك.. ها.. ها.. ها... ).

واصل الكبش سيره، لم يستطع أن يسير كثيراً، هو خائف ومرتعد، وهو يبذل قصارى جهده للسيطرة على نفسه، كان يريد أن يبتعد أكثر وأكثر لكنه لم يستطع، وقف ليشرب، فجأة صكَّ سمع كبشنا صوت الذئب يقول: أيها الخروف! ألم تكن تستطيع أن تنتظر حتى أنتهي أنا من شربي؟ ألا تعلم أنك بصنيعك هذا قد عكرت عليَّ الماء؟

تسـمَّر الكـبش مـكانه، وازداد خفـقان قلبه، اقترب الذئب وعــيناه ترسـلان شـواظاً وبريقاً، ولكن الكبش قال: يا سيد الحيوانات! إن الماء يجري من ناحيتك، فكيف أعكّره أنا عليك؟

من فوق الأشجار ارتفع صوت عدد من الطيور؛ ترفرف وتقول: نعم أيها الذئب؛ كلام الخروف صحيح، لو كان هناك تعكير للماء فيجب أن يكون منك أنت؛ لا منه هو!

رغماً عنه توقف الذئب، نظر إلى أعلى الأشجار فوجد الأطيار واقفة تترقب، نظر إليها وضحك، ترك الكبش وأقعى مكانه، ينظر للكبش وهو يشرب ويقول في نفسه: (أنا معجب جـداً بشجاعتك ـ أيها الخروف ـ وبثبات فؤادك، وهـذا يزيـدني رغـبة في التهام لحمك، الذي يبدو ألذّ من لحم كل الخراف التي أكلتها، لا بأس؛ سأجد حجة أخرى آكلك بها... ).

وقتها؛ كان الكبش قد شرب وقرَّر الرجوع، لم يكن قد روى ظمأه تماماً، ولكنه رأى أن يبتعد عن الذئب. لم يتركه الذئب يمشي، أمسكه وهو يقول: ألستَ الذي شتمتني العام قبل الماضي؛ دون إساءة مني إليك؟ سأقتلك وأجعلك عبرة لكل من تسوّل له نفسه إهانة الناس بدون ذنب.

ثانـيةً ضـحك الكـبش وهـو يقول: إن عمري أيها الذئب لا يتجاوز العام إلا قليلاً؛ فلا يمكن أبداً أن يكون الذي شتمك هو أنا.

لم يترك الذئب الخروف من يده، ظل ممسكاً به ولكنه كان سـاهماً يفكر (نعم أيها الخروف الشجاع؛ غلبتني هـذه المرة أيضاً، كل مـن يراك يعرف أنك صغير السن، لماذا تسرعت أنا وقلت أن ذلك كان العام قبل الماضي؟ ولكن الحجج لا تفنى، وسآكلك!)

قال الذئب بصوت يُسْمع الأطيار فوق الأشجار: كلامك صحيح أيها الخروف؛ فأنت صغير السن، ولكن إذا لم تكن أنت الذي شتمتني فلا بد أنه أحد أقاربك؛ لأن شكله يشبهك تماماً؛ له قرون، وعلى ظهره صوف.

لم يستطع الكبش حينئذ إلا أن يجمع قوته في ساقَيْه الأماميتين، ثم يضرب بكل خوفه وجه الذئب وهو يقول: سأموت بكرامة أيها الذئب!

كانت المفـاجـأة على الذئب شـديدة، ظل برهة مدهوشاً لا يصدق، كسر الكبش له سنّاً وجرحه في وجهه، وكانت الأطيار واقفة فوق الأشجار منقسمة على نفسها؛ فريق يرى الحق مع الذئب، وفريق يرى الكبش هو صاحب الحق، وفي النهاية مات الكبش، وحمله الذئب ومشى.

جزاكم الله خيرا
المصدر:islamweb

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
__________________

واعلم انه لا يأتي بعد الصبر الا فرجا
http://www.7elm3aber.com/up1/folder1/7elm3aber_giArQ8Jlr1.gif

العالم المثالي
16/04/2008, 12:07 AM
جزاك الله كل خير

وسلمت اناملك

علي السبيَه
16/04/2008, 04:27 AM
جزاك الله كل خير وسلمت اناملك ياعطر المنتدى

عطر الحروف
16/04/2008, 04:54 AM
http://smiles.q82.net/data/12/Q82_27.gif
الأخوين 000العالم المثالي 000
على السبية 00
لكما الشكر والتقدير 000مرور عطر ورد لطيف منكما 00
دمتما بحفظ الرحمن 00

رياض الجنوب
16/04/2008, 09:00 AM
الأخت عطر الحرف :
قصة جميلة ولها أبعاد كثيرة ومثيرة ... فعلا إن بين السطور خفايا ولا يفهمها إلا القلّة .
اشكرك على الموضوع ولك التحية .

حلم طفلة
16/04/2008, 03:31 PM
قصة جميلة الا انها جعلتني
احبس انفاسي حتى فرغت منها
و كم كنت اتمنى ان النهاية
غير تلك

اشكرك يا عطر الحرووووووووف

عطر الحروف
16/04/2008, 04:03 PM
http://www.pic.alfrasha.com/data/media/57/1094.gif

00الأخ 00رياض الجنوب 00أحسنت القصة تحمل في طياتها الكثير من المعاني ومغزاها أكثر بكثير مما يتصور البعض 00لك كل الشكر والتقدير 000

ابو مشاري
17/04/2008, 04:06 PM
وفقك اااااااالله

عطر الحروف
18/04/2008, 04:13 PM
http://www.al-wed.com/pic-vb/922.gif
أخوي أبو مشاري 00بارك الله فيك وفي مرورك 00هلا وغلا 00

«.•°*° الـشـمـالي«.•°*°
17/05/2008, 06:20 AM
عطر الحروف
اشكرك على هذة القصة التي
تذكرتنا ان العدو لايمكن ان يكون صديق
فاٍن الذئب اهتم في مصلحته وهو الذي يمثل
نظام الغابة .
وتمنيت الاتكون هذة نهاية الخروف

ولك مني التقدير والاحترام

الشمالي

ابوالوليد الغامدي
17/05/2008, 09:22 AM
عطور شكرا لك اختي على هذه القصه
وجزاك الله كل خير

عطر الحروف
17/05/2008, 09:20 PM
أبو الوليد 00حياك الله 00وجزالك ربي خير على المرور الطيب 00
http://ruba3.net/up/files/1183.gif