تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فتياتٌ لكنّهنّ خيولُ


عبد المجيد
30/03/2008, 10:42 PM
فتياتٌ لكنّهنّ خيولُ



أعمار الزهور أشتد عودها بعد أن كانت رضيعة .. ثم طفلة .. وباتت اليوم في عنفوان المراهقة لشبابها القشيب .. كانت في صغرها تصيح وتبكي في طلب الطعام والمساعدة لكـل ما يحتاجه الجسم في الأخذ والعطاء .. اليوم اصبحن خيولا يصرخن لرغبات ويكتمن بعضها .. وبات لهن الترويض مطلوبا.. نعم كل أنواع الترويض بما تفهمه في الحياة اليومية وفي المواقع ذات الاختلاء مرة .. ومرات على مرأى من الجميع بطرف خفي .. إنها بنت العشرين عاماً .. خيل منطلقة مندفعة حرة في قوامها.. شديدة الإعجاب من نظرة الآخرين الذين تكالبوا على الآمال في الترويض .. والكل يعرف أن الترويض بالكلمة وبناء العيش لأسرية تبدأ حياتها هي خبرة تحتاج لصبر السنين والفن مع الأنين .. فهذه خيل جموح كم من الوقت تحتاج .. عام أو عدة شهور من الدلال والإنفعال والرغبة وكأنها السعال .. إنها النظرة البعيدة في كيفية الترويض الإنساني لحياة أسرية تستمر مع السنين
فاز رجل الستين في اقترابه ولمساته لخيل العشرين .. نعم اربعون عاما من الفروقات يفوز في التقرب والإقتراب لترويض هذا الخيل الصغير .. ويستغرب أصحاب الثلاثين ونيّف من رجل الستين .. كيف يفوز رجل في هذا العمر بخيل جموح .. ولماذا اقتربت خيل العشرين لهذا العمر وقد كان امامها العديد من الاختيار ومراعاة الفروقات .. وسريعا مات استغرابهم عندما أدرك الجميع أن رجل الستين أستعرض في مقدمة ترويضه .. حلوى كانت على شفاهه المتهالكة المستهلكة .. أما السر الخفي فقد ظهر في لمعان الذهب والمجوهرات والمال الوفير .. وتذوّقت خيل العشرين عاما تلك الحلوى مع الكلمات من خبرة السنين .. وما عرفت خيل العشرين أين تضع قَدَميها استعدادا للانطلاق حين الركوب
غاب عن خيل العشرين أن رجل الستين لا يتوفر عنده الصبر من عروسه لعام من الغنج والدلال وذكرى ليلة العرس في السهر حتى الصباح .. وتصحو حتى تتوسط الشمس كبد السماء .. فاكتفت الخيل بالبريق دون أن تعرف ماذا يخبيء لها المكان من غدر الزمان وفوارق الأعوام .. وماذا بعد عام الترويض .. هل يمكن للعجوز الركوب والانطلاق بتلك الخيل العنيدة الجامحة بكل سهولة ويسر أمام المفارقات بين صديقاتها ومعارفها في الحياة النشطه الشابة .. مقارنة بصاحب الأنين في الليل الدفين !!.. وماذا يؤدي سقوط رجل الستين من على موقع الركوب اللين الشديد!! .. إنها خيل العشرين التي هربت سريعا من رجل الستين في لقائه الأول عندما وضع أدوات الترويض جانبا وقفز على الخيل الصغير بنفس سريعة مستعجلة حيث أصبح الصبر عنده عدوا لدودا بعد خبرات السنين الطويلة .. فقد أكتفى من زمانه بترويض العديد من الخيول في أعوامه السابقة .. فما بقى له أكثر مما مضى .. فليستعجل متعة الخيل الصغيرة .. ولكن انكسرت نفس رجل الستين في أول قفزة له عندما هربت الخيل بعيدا في الخفاء بين عام العشرين والثلاثين .. وجلس رجل الستين يجتر الخبرة الطويلة ويلعن عدم الصبر الدفين .. ولكنه يتلذذ بمبدأ لا وقت للترويض بعد هذا العمر الطويل .. وأخيرا أدرك رجل الستين أن مقدرته الحالية تنحصر بالخيول التي تم ترويضها من قبل الآخرين .. لأنها مركوبة تعرف طريقها دون أن تطيح أو تطير بعدد السنين .. وأدرك انـه لا وقت لرجل الستين مهما كانت خبرته طويلة أمام خيل العشرين .
كانت فرصة مفقودة ضائعة بات رجل الستين في نارها مفكرا من يستطيع الحصول على مركب لدى خيل العشرين.. وينطلق به بعيدا دون ترويض في شهيق وزفير .. واصبح رجل الستين يجتر الماضي في خبرة السنين في صداقة مع الشباب باعمار لا تتعدى العشرين والثلاثين .. وسريعا ما شاهد خيل العشرين تقترب في عنفوانها رويدا من رجل في عامه الثلاثين .. وشاهد رجل الستين الحبل الطويل وقد احتضنه رجل الثلاثين متوجها الى خيل العشرين فصرخ رجل الستين .. كلا .. كلا .. إنها احد وسائل الترويض القديمة .. فما كانت الإ هنيهة من الزمن التفت بها رجل الثلاثين الى رجل الستين ليفهم مقولته .. وعندما عاد بنظره لخيل العشرين وجد الفراغ في الأفق البعيد .. فقد غاب الخيل بعيدا في لمح البصر .. وجلس رجل الستين منتظرا مع رجل الثلاثين عودة خيل العشرين متى تعود ؟؟.. فهل يُشبع رجل الستين رغباته حينما يروض رجل الثلاثين خيل العشرين .. ومن يمتطي هذا الخيل عندما يعود !!.. ولا بد له أن يعود في القريب باحثا عن رجل لديه القسوة في اللين والحب في الكلمة للعيش سويا في إزداوجية الترويض لبعضهما مع الصبر .. والحب في كلمة عند حدودها تستكين .. وبداية الخبرة للعيش سويا مع الصبر لعام حتى يلين .
عاد الخيل في ظلمات الليل .. ونام العجوز عن سهر الانتظار .. وفي وسط الدجى والناس نيام .. سمع رجل الستين كرا وفرا .. وصهيلا وهمهمة .. وذهابا وإيابا .. ونهض متأرجحا بين النعاس ورغبة الرؤى .. ونظر من خلف الباب .. نعم هي الخيل بعينها .. تجمح مرة .. وتسرع الخطوات مرات .. وتعود طائعة لحظات ولحظات .. وأستغرب رجل الستين أن يجد رجل الثلاثين قد أمتطى ظهر الخيل العنيد وكيف صار الخيل الطائع المطيع .. فأقترب رجل الستين لذاك الشاب وقال له .. هذا الخيل يخصني .. فنزل الشاب من فوق الخيل الجموح .. وتقدم رجل الستين ممسكا بلجام الخيل .. وحاول الصعود ولم يتمكن .. فخفضت الخيل ظهرها قليلا حتى تمكّن رجل الستين من الركوب .. وأمسك جيدا في زمام الأمر .. وفجأة كلمح البصر .. وقليل من الوقت .. طارت الخيل بنت العشرين بقدميها مرتفعة للعلو .. وصرخ الرجل العجوز قائلا .. كفى .. كفى .. أنا راغب في خيل مروضة في عامها الأربعين .. قال بعد أن فات الأوان .. فخيل العشرين قذفت به من العلو.. فوقع على أم رأسه مفصول الأعضاء .. وعادت خيّل العشرين مع عام الثلاثين بعد أن عرفت معنى الحياة مع خبرة الترويض وكيفية الركوب والانطلاق .. فهل يعود مثل هذا السن المتقدم منتظرا فرصة أخرى من خيل العشرين .. أو يترك خيل العشرين لأصحابها في عصر لا مكان لعام الستين في الانتظار لهذه الخيل التي تقترب لرغبة ملموسة .. وطمع زائف في الوقت الذي تنادي من داخلها قائلة .. إنما الحياة متزامنة في الشكل والقوى حتى تستمر وتدوم إلى حين .. تلك هـن فتيات ولكنهن خيول .

طلال بن عبدالمحسن النزهه
www.talnuzha.com

العالم المثالي
16/04/2008, 12:09 AM
يعطيك الف عافيه

كلام جميل جدآ