تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : بحثت عن وظيفة و إليكم قصتي


دمعة قلم
06/04/2008, 07:30 PM
هذه القصة من إبداع متميز
تفضلو بالقراءة .. و أرجو سماع آرائكم :bye1:
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
قصة (البحث عن المستقبل)
كما هو معلوم لدى الناس أن ما من كلمة هي أثقل على السامع وأبغض إليه ، من كلمة (أنا) ، والناس يبغضون المرء حين يتحدث عن نفسه... بيد أني متحدث عن نفسي ، وبما أني منفرد بنفسي ، لا أجد معي من أتحدث عنه إلا(أنا). فسأكررها مراراً فسامحوني , فكل ما هو مكتوب هنا مني (أنا ) وبعضا من الاقتباسات البسيطة من كلمات وألفاظ من غيري .
والقصة التي سأتحدث عنها وقعت لي , و بالمقابل تحدت لكثير من الناس , لهذا حين أتحدث عن نفسي أتحدث عن كل نفس ، وحين أصف شعوري وعواطفي، أصفُ شعورَ الناسِ كلهم وعواطفهم
فيارب ! لا تدعني أصاب بالغرور إذا نجحت , ولا أصاب باليأس إذا فشلت .
قبل كتابتي للقصة كنت جالسا مع نفسي, والقلم في يدي ينتظر الأمر بالكتابة !! ولكن جاءني صوت خفي ؟!! قال لي : لحظة ! كيف تكتب ؟ ومن أين تبدأ ؟ ولم تعد لهذا المقام كلاما ! بل أصبحت تلك الأيام كالأحلاما !! فلماذا تنبش الماضي وأنت تعلم أن الماضي قد ذهب بمسراته وأحزانه , ولم يبقى منه إلا الذكريات . !! فهز نفسي هزا عنيفا ؛ فوصل حاضرها بماضيها ، فسرحت في خضم من بحر من الأفكار ووصلت إلى قاع هـــوّة النفس السحيقة ..... أه اه ... هل يكتب القلم ؟ ... طافت برأسي تساؤلات وتساؤلات لم أجد لها تبريرا ؛ فشعرت بخيبة أمل , ويأس قاتل مدمر , وأحسست بالهموم الثقيلة في صدري ... لمَ العجب وأنا أكتب (لأهل المكارم ) قد وصلوا من الثقافة الشيء الكثير !! ومن القدر العالي ليس باليسير!! لمَ العجب ؟ فرأسي يدق ولكن من الداخل , فيه أفكار تجري وتصطدم فتقرعه , فكيف أكتب وهذه الأفكار تدق رأسي دق الحجارة ؟ يا أبا أمجاد .. الحذر ... الحذر.
ندأ آخر جاءني يقول يا أبا أمجاد أين عقلك ؟ ... أين قوتك ؟ أين شجاعتك ؟ بل أين صراحتك ... ؟ دع عنك الوساوس وقاوم الأفكار الجنونية التي تكدست في رأسك , واكتب القصة , واعلم أن القارئ سيلتمس لك العذر عن الخطأ أو الزلاة, فهذه الكلمات ربما ينظر إليها أحدا يوما من الدهر , وأنت قد غبت عن هذه الدنيا فيدعو لك بالرحمة والمغفرة.
منذ كنا صغاراً , كان الناس وما زالوا من أقارب وأصدقاء ومعلمون يخوفوننا بالمستقبل , إذا لم تجتهد لن تنجح !! ولن تتوظف !! , أنظر إلى فلان وعلان لم يكملوا دراستهم لهذا هم في البيت عاطلين ... أنظر إلى فلان ’ أجتهد وأصبح من أحسن الناس ... فترسخ في ذهني أن مستقبلي في نيل الشهادة ثم تأتي الوظيفة تبعا لذلك ثم تأتي السعادة في نهاية المطاف.
نلت وظيفة في الباحة براتب بسيط , لكن الطمع المخلوط بذريعة النفس التواقة الباحثة عن الأفضل جعلتني أبحث عن وظيفة أخرى !! وبالفعل تقدمت بطلب في أكثر من جهة لكسب وظيفة أكثر راتبا , وأكثر سعادة.
وبينما أنا جالس في مكتبي ؛ رن جرس الهاتف فأتتني رعشة !! يا ساتر ما الذي حصل؟ كأنني ضُربت بصعقة كهربائية فأصيب عقلي بالخلل. عدّلت من جلستي , ورتبت غترتي , وقلبي ينبض من الوجل .
-السلام عليكم .
-وعيكم السلام .
-أنت فلان ابن فلان .
-قلت : نعم
-قال : هل تقدمت على وظيفة عندنا .
- قلت: نعم .
- قال : مبروك حصلت على الوظيفة .
أقفلت السماعة , وأنا أكاد أطير فرحاً , ونسيت أن أشكر المتصل على ما بذل , سمع الزملاء ما قد جرى , فقالوا يا أبا أمجاد ما الخبر ؟ قلت لهم بالموضوع , فحزنوا وأصابهم الكدر , خسارة ستذهب ! قلت أصابكم مثل ما أصابني من الضجر .
- أشيروا عليّ , هل أسافر ؟ أم أبقى في الديرة .
- فقال أحدهم : لا تتردد أذهب فهذه فرصة العمر الكبيرة.
- وقال ثانيهم : بتروح فلوسك في الإيجار والمصاريف الكثيرة .
- وقال ثالثهم : عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة العسيرة.
- قلت في نفسي عشرة في الشجرة خير من يد فيها عصفورة صغيرة .
طال الجدال حتي نهاية الدوام , إلى ما بعد الظهيرة.
-قلت لزوجتي بعد ذهابي إلى البيت بشأن السفر والمسيرة .
-ذُهلت ! وسكتت برهة , ثم قالت: أستخر فالأمور ستصبح بإذن الله يسيرة .
-ولا تحزن ولا تهتم فإني معك دائما (بتوفيق الله ) عونا ونصيرة .
-قالت : يا أبا أمجاد سنجد أرحامك هناك , وسنقضي أياما حلوة بل سنوات مديدة
بعد الاستخارة والاستشارة قررت السفر , فجهزت زوجتي كل شيء كبيرة وصغيرة.
شكرتها على صنيعها , ودعوت لها , أه يا زوجتي فبدونك بئست العشرة و العشيرة .
تم التجهيز للسفر بالحقائب , حتى لا تواجهني المصاعب .
وكالعادة التفتيش الدقيق في المطار , لتجنب النكبات والأخطار , أخذت مكاني عند نافذتي , وقد عانق ضوء الشمس ناحيتي , المكان جميل ومريح أنساني كل سالفتي , قرأت المجلة بالمكان المخصص لمائدتي , كلّمني المضيف فجأة كاد أن يُذهب معها عقلي وعافيتي .
-مضيف الطائرة : السلام عليم .
- وعليكم السلام
- لو سمحت أربط الحزام .
- إن شاء الله ... ربطت الحزام , ولا أعلم هل عند سقوط الطائرة سينفعني ربطه ؟ أترك الإجابة لكم ! .
طارت الطائرة , وطارت معها خواطري , فكم كنت أرقب ذلك المستقبل البعيد , بين الخوف والشوق والانتظار , هل أحلامي وأمنياتي سأخرج منها بانتصار ؟ أم مهزوم قد أصابتني الهزيمة والانكسار , لا يهم ؛ فأنا أحب المغامرة , وأحلامي لا تحدها الحدود ... ولن تمنعها بإذن الله السدود , فلا أحب الركود ولا شق الجيوب ولطم الخدود . كل تلك الأفكار وأنا أنظر إلى نافذتي لعلي من خلالها أن أمتع عيناي قبل الرحيل , هاهي الديرة تصغر شيئا فشيئا ..... ولكن الذكريات والأفكار تكبر شيئا فشيئا ... وعاد شريط الذكريات يدور في رأسي ... عدت إلى الماضي بكل دقائقه وأحزانه.... , انقطعت الأفكار مرة أخرى , أتدرون لماذا ؟ .
- مضيف الطائرة : السلام عليم .
- وعليكم السلام.
-وش تشرب عصير؟- قلت له : العصير الذي (ما يمشي عندكم أعطني إياه ) فتبسم ضاحكا من قولي وأعطاني عصير أناناس ,
-قلت في نفسي : ما هذا ؟ ولا أختار لي إلا الأناناس ! لو أعطاني مشكل كان أفضل ؛ لأن أفكاري في ذلك الوقت مشكلة !!.
عموما رجعت إلى نافذتي مرة أخرى . أن هذا المنظر يمثل الحياة ويفسرها ويصور حقيقتها أكثر من تصوير الأدباء وتفسير الفلاسفة . بل أن ساعة واحدة تنظر فيها من خلال هذه النافذة أجدى عليك في فهم الحياة من دراسة عشر سنين في الكتب ؛ فعندما أتأمل هذا الكون الشاسع , أقف مدهوشا أمام عظمة الخالق , وروعة سر هذا الوجود – سبحان الله – الحياة سفر , كم من الناس يسأل نفسه ؛ لٍمَ السفر؟ وإلى أين الرحيل , هذه الصورة تجعلني كثير التساؤلات ؛ لماذا لا تبقى شجرة الحياة خضراء يانعة ؟ !! ألاّ أنها رمز ضمور الحياة؟ !! وغروب العُمر .
يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله أننا نقطع الوقت من الصباح إلى المساء في مشاغل نخترعها لننسي بها أنفسنا ونبدد أعمارنا , من أحاديث فارغة ومطالعات في كتب لا تنفع , أو نظرات في مجلات لا تفيد .
صراع دائم وتهافت شديد على المادة .. وحسرتاه ! عليك أيها الإنسان وأنت تسحقك أقدام الأيام والأشهر والسنين في رحلة الحياة ... إنك تتحاشى التفكير في مطافك , تُرى ماذا ستأخذ معك من متاع الدنيا ؟! ألا تعلم أن نهاية العالم هو الفنا ؟! فكّرجيداً !! فقطار العمر يمضي بنا مسرعاً .. فأدرك نفسك قبل فوات الأوان وعموما كل متع الدنيا أوهام , من لم ينلها تشوّق إليها وحسد عليها, ومن نالها ملها وتمنى غيرها .
عفوا يا أحبائي , إن جئت أعظكم وأزهدكم , فما أردت وعظاً ولا تزهيدا , وما أنا من الوعّاظ الزهّاد , ولكنها خواطر أثارها في نفسي هذا السفر . أهـ.
نلت الوظيفة الجديدة وبعدها صار مستقبلي في الترقيات و العلاوات والادخار .. وكنت أقول دائما إذا حصل هذا الشيء سأشعر بالسعادة ... هذه المقولة أقولها و يقولها الكثير غيري من الناس ... تأمل ماذا تقول فلانة ويقول فلان :
 إذا أنهيت الدراسة سأشعر بالسعادة فهو ينتظر متى ينهي الدراسة و يصبح بعد ذلك سعيدا
 إذا جاءت الترقية سأشعر بالسعادة فهو ينتظر متى تأتي الترقية التي ستسعده .
 إذا بنيت العمارة سأكون سعيداً فهو ينتظر متى يبني العمارة لكي يكون سعيدا .
 إذا أنقصت وزني سأكون سعيداً فهو ينتظر متى ينقص وزنه لكي يكون سعيدا .
 إذا تزوجت سأكون سعيدة فهي تنتظر متى تتزوج لكي تكون سعيدة .
إذا لم تكن سعيداً في حياتك ، وتنتظر وقوع شيء ما من شأنه أن يغير حياتك للأفضل ، فإنك بكل تأكيد ستنتظر طويلاً .فلكي يشعر كل شخص من هؤلاء بالسعادة فإنه ينتظر أن يحدث له شيء بعينه ... بمعنى آخر أن كل منهم يسوف و يقول أنه لن يشعر بالسعادة إلا إذا حصل على ما يريده . أي أنهم يعتقدون أن اقتناءهم لشيء محدد سيكون السبب في شعورهم بالارتياح و السعادة .
أخي الكريم : أليس البصر من ذهب , والصحة من ذهب , والوقت من ذهب ؟ لماذا لا تعرفون النعم إلا عند فقدها ؟! لماذا لا نرى السعادة إلاّ إذا ابتعدت عنا . فكر وأخلو بنفسك , في وقت كل شيء حولك ساكن , يلف المكان بوشاح من الهدوء وأسبح بأفكارك وخواطرك في خضم بحر من الذكريات التي عشتها في هذه الحياة ودون أن تدري ستشعر بدمعة قوية قد انفلتت على الرغم منك , يا رحمة الله على تلك الأيام والسنين التي مضت , من يعيدها إليّ ؟ . نحن نتناسى الموت و هو أمامنا نظنه أبعد شيء عنا.
عزيزي القارئ .. ! تنبه !! ، و قف كما يقف المسافر على المحطة ، ينظر كم قطع من الطريق و كم بقي عليه منه ؟ وفتح دفترك وحاسب نفسك كالتاجر لترى ماذا ربحت في سنتك التي مضت و ماذا خسرت ؟
كل منا قد جرت له مثل هذه القصة , فعليه أن يهتم بيومه , لأنه حاضره , و قد كان بالأمس مستقبله , و غدا سيكون ماضيه .
قد آن الأوان لتعزيز الجانب الروحي في شخصياتنا ومحاسبة النفس على أشكال القصور التي وقعنا فيها في يوم مملوء بالصخب والمادة والمنافسة.
وأدام الله لكم الخير والسعادة ورزقكم الحسنى وزيادة.
كاتب القصة : راشد غرسان (ابو امجاد)

رياض الجنوب
06/04/2008, 09:41 PM
أعجبني كثيرا هذا الموضوع لما فيه من النصح والتذكير وأيضا التحلّي بالصبر ... ولدمعة قلم نفس طويل في الكتابة وفقه الله وزاده علما وإيمانا .
شكرا لك يا أخ راشد غرسان وبسط الله لك في عيشك ومالك وجمعنا في مستقر رحمته .
وتقبل تحيــــــــــاتي .

حلم طفلة
11/04/2008, 12:04 PM
الحقيقة يا
دمعة قلم
لم اكن اعلم ان
اخي
ابو امجاد
يملك موهبة الكتابة القصصية بهذا
المستوى اللائق العالي
و كنت احسبه لا يجيد غير
علم المواريث و الفقة
الله يزيده علما ً
و فقها
.
و موااااااااااهب طلع زوجك و افكار
.
وفقكما الله
لما يحب ويرضى
و بانتظار القصة القادمة
.
.
و نصيحتي له
استمر
لا تدع القلم يخبو
دفئه
فانت بليغ الكلمه
راقي الاحساس
عطر الدعابه هناك
بين الاسطر خلف الكلمات
.
شكرااااااااا لك ابو امجاد
و شكراااااااااااا ام امجاد
بارك الله فيكما

ابو هباد الغامدي
11/04/2008, 07:39 PM
السلام عليكم اولا
مشكورة اختي دمعة قلم على هذا النقل عن الأخ راشد غرسان
وبصراحة هو رجل فضيل ومن بيت عريق فوفقكم الله جميعا
والقصة جميلة جدآ