نجم الصفا
10/06/2008, 08:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : أما بعد :-
فأيها المحب سيكون موضوعنا اللسان وما أدراك ما اللسان هو نعمة من نعم الله العظيمة ولطائف صنعه العظيمة صغير حجمه عظيم طاعته وجرمه إذ باللسان يستبان الكفر والإيمان ...
اللسان رحب الميدان .. واسع المجال .. هو ترجمان القلوب والأفكار .. آلة البيان وطريق الخطاب .. له في الخير مجال كبير وله في الشر باع طويل .. فمن استعمله للحكمة والقول النافع .. وقضاء الحوائج .. وقيده بلجام الشرع .. فقد اقر بالنعمة ووضع الشيء في موضعه وهو بالنجاة جدير ومن أطلق لسانه وأهمله .. سلك به الشيطان كل طريق ولا يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ...
بل إن جوارح الإنسان كلها مرتبطة باللسان في الاستقامة والاعوجاج .. فعن أبى سعيد ألخدري رضي الله عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أصبح ابن أدم فان الأعضاء كلها تكفر اللسان ـ أي تخضع له ـ فتقول : اتق الله فينا فإنما نحن بك فان استقمت استقمنا وان اعوججت اعوججنا " روه الترمذي وحسنه الألباني
تأمّلوا يارعاكم الله في هذا الحديث العظيم ... في "الصحيحين " من حديث أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات وان العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في نار جهنم "
ومن هنا جاء التأكيد العظيم على حفظ اللسان قال تعالى : ( ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد) ومن هنا أيضا جأت تلك الوصية العظيمة من النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه معاذ بن جبل رضي الله عنه قال (ألا أخبرك بملاك ذلك كله) قال: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه وقال: (كف عليك هذا) قال: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: (ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح
فالواجب عليك أخي المسلم ـ أختي المسلمة ـ حفظ لسانك إلا عن الخير. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) متفق عليه.
إذن فمن الخطر العظيم ما يقع فيه كثير من الناس من إطلاق ألسنتهم والتهاون بالكلام غافلين عن أنه يُحصى عليهم ما تتلفظ به ألسنتهم ويُسألون عنه قال تعالى: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ : الصافات (24)
وقد سُئل رسول الله عن أكثر ما يدخل الناس النار، فقال: (الفمُ والفرج) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
وإذا تدبرنا ـ إخواني ـ هذا الحديث ونحوه من النصوص الواردة في الكتاب والسنة عرفنا حقيقة اللسان وخطره، فإن اللسان لا يَكَلُّ كما تكلُّ سائر الأعضاء، ثم إن المعاصي التي تكون باللسان كثيرة، منها: الغيبة، والنميمة، وقول الزور، والسخرية بالمسلمين، والكذب في الحديث، وأعظمُه الكذب على الله عز وجل ورسوله 0
ومن أكثر هذه الذنوب انتشاراً بين العامة والخاصة، وبين الرجال والنساء ، بل أصبحت عادة ذميمة وعمل لئيم وجريمة أخلاقية منكرة، لا يلجأ إليها إلا الضعفاء والجبناء، ولا يستطيعها إلا الأراذل والتافهون، ولا ينتشر هذا العمل إلا حين يغيب الإيمان، وهي اعتداء صارخ على الأعراض، وظلم فادح، وإيذاء ترفضه العقول وتمجه الطباع، وتأباه النفوس الكريمة، وهي كبيرة من كبائر الذنوب.. ألا وهي "الغيبة" التي جاء وصفها في كتاب الله بأبشع الصفات، قال تعالى: { ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه} الحجرات: 12].
وبينها ووصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هي ذكرك أخاك بما يكره)
ولا يخفى أثر اللسان وتأثيره في نفسيات الناس وعقولهم، ولاسيما في حالة الحروب عن طريق الإشاعات المغرضة والادعاءات الزائفة، التي تزين بزخرف القول وأباطيله. كما أن ظروف العصر وتقنياته لها تأثير بيّن في سلامة اللسان وبذاءته، فإنه لما تعددت أماكن الاجتماعات في مجتمعنا اليوم في الاستراحات ومنتديات الإنترنت وغيرها كان تأثير الألسنة أقوى لأنها فاكهة المجالس وقوام المنتديات وأصبحت مغريات انحرافها عن الطريق السواء أكبر
حيث عبَّد الأشرار طرقه وسهلوا مسالكه بالكذب وبالبهتان وبالإشاعة المغرضة.
وإذا كانت مجالس بني آدم لا بد فيها من الكلام - وهذا حق لا مرية فيه - فإنه من المؤسف أن هذه المجالس بما فيها مجالس الصالحين والمعلمين والمتعلمين لا تكاد تخلو من آفات اللسان، وإن اختلفت درجة الانحراف في مجلس عن مجلس. والآفات التي تحصد الحسنات وتربي السيئات كثيرة، منها: القيل والقال والقذف والغيبة والنميمة والنفاق والكذب والتدليس والتلبيس وتزييف الحقائق والتجريح واللمز والغمز وسوء الظن وتصنيف الناس والحكم على نياتهم ومقاصدهم واحتقارهم وتضخيم أخطائهم وغير ذلك مما يخمد العزائم والهمم ويبث الفرقة ويذكي الخلاف.
وآفات اللسان في حق العلماء وولاة أمور المسلمين وأمرائهم أشنع وأقبح؛ فإن الانتقاص منهم والتشكيك فيهم وتصيد أخطائهم التي اجتهدوا فيها وتفسير بعض أفعالهم على غير حقيقته المقصودة منهم، كل ذلك ينقص قدرهم في نفوس الناس، ويذهب هيبتهم، فلا يعرف المسلم له مرجعاً من أهل الذكر الذين أمره الله عز وجل أن يرجع إليهم إذا أشكل عليه أمر من أمور دينه، فإن كل من أراد الرجوع إليه قيل له: فيه كذا وكذا، وعليه ملاحظة، وعنده كذا وكذا، ومتهم بكذا وكذا، وكذلك فإن انتقاص ولاة أمور المسلمين من الشر بمكان سحيق؛ فإن تضخيم أخطائهم إذا وقعت أو إطلاق الألسنة في الكذب عليهم، أو التشكيك في صلاحهم وإصلاحهم، أو بث الإشاعات السيئة عنهم في المجتمع، كل ذلك مما يضعف هيبتهم، ويصنع حواجز بينهم وبين رعاياهم، فتتفتت بذلك وحدة الأمة والجماعة المسلمة، فآفات اللسان في حق الولاة حرب موجهة ضد قيادة الأمة التي لا يقوم أمرها إلا بها، ولا يستقيم عودها بدونها.
كما أن بث الفرقة بالألسنة مما يغري الأعداء لجعل المسلمين متنافرين لا رابطة من الود تجمع حكامهم بمحكوميهم ولا وازع من الاحترام يربط علماءهُم بمتعلميهم.
وقد حرص الإسلام أشد الحرص على الكيان السياسي للأمة ووضع حماية أمنية تمنع من تسول له نفسه أو تحدثه أن يشق عصا المسلمين لأي عذر دون الكفر البواح الذي عليه من الله برهان قاطع، وقد فهمها سلفنا الصالح مثل جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه وغيره، الذين كانوا يقولون: (باعينا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره، وألا ننازع الأمر أهله). وروى الإمام مسلم في صحيحه قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها، قالوا: فما تأمر من أدرك منا ذلك يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: ( تؤدون الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم) 0
ومن الألفاظ المنهي عنها والتي يُلاحظ إنتشارها خاصةً بين الشباب على نوعيهما ( بنين _ وبنات )
_ انت ووجهك قبح الله وجهك قبح الله وجهك ووجه من يشبهك شكله أو شكلك غلط
الدليل : (( لا يقولن أحدكم لأحد قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك )) احمد وابن خزيم وابن حبان وغيرهم
_ قول : يا حمار يا كلب الله يكرمكم يا ثور يا بقره يا فار يا قرد… الخ 0
الدليل : (( سباب المسلم فسوق )) البخاري ومسلم
_ زمان سوء يوم سيء يوم اسود أو مشئوم
الدليل ( قال الله تعالى : يؤذني ابن ادم . يسب الدهر وأنا الدهر . اقلب الليل والنهار )) البخاري
_ لا حياء في الدين
الدليل (( الحياء شعبه من شعب الإيمان )) البخاري
والصواب أن يقوال : لا حياء في تعلم الدين
_ قول صدق الله العظيم عند الانتهاء من قراءة القرآن
الدليل : بدعه لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم 0
_ قول برفاء والبنين للمتزوج
الدليل : لكونها تهنئه أهل الجاهلية
_ نستشفع با الله عليك
الدليل : (( لا يستشفع با الله على احد )) أبو داود
_ الله يلعنك أو يدخلك النار أو عليك غضب الله
الدليل : (( لا تلعنوا بلعنة الله . ولا بغضبه . ولا با النار (( أبو داود والترمذي
_ياخبيث يا فاسق يا فاجر يا مجرم
الدليل : ( لا يرمي رجل رجلاً با الفسق أو الكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك ) 0
_ أخزاك الله
الدليل : (( لاتقولوا هذا . لاتعينوا عليه الشيطان ))
_ فلان له المثل الأعلى
الدليل قال الله تعالى : (( وله المثل الاعلى في السموات والأرض ))
-لا تقل : يا كافر، يا يهودي، يا نصراني، يا عدو الله ..( أيما رجل قال لأخيه، يا كافر فقد باء بها أحدهما (
-قول : شاءت الأقدار أو شاءت الظروف..
- قول : ما تستأهل أو فلان ما يستأهل المرض أو المصيبة ..( محرم لكونه اعتراض على قدر الله)
- لا تقل : فلان بعيد عن المغفرة، أو الخير، أو الهداية ، أو الجنة، أو رحمة الله... قال الله : { من ذا الذي يتألى عليَّ أن لا أغفر لفلان إني قد غفرت له وأحبطت عملك } .
- قول -: الله يظلمك ، الله يسأل عن حالك ، خان الله من يخون ، ربنا افتكر فلان ( للميت)، يأكل معك الرحمن ، ماذا فعلتُ يا رب ، غداً سأفعل كذا ( لأنه لم يقل : إن شاء الله )، لو أني فعلت كذا لكان كذا لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لو تفتح عمل الشيطان (
-قول : فلان دفن في مثواه الأخير 0 الدليل قوله تعالى (وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ) 0
حُـكم قول : ( في مستقر رحمته )
يقول بعض الناس عن الميت : وجمعنا به في مستقر رحمته .
وهذا القول لا يخلو من ملحظ .
روى البخاري في الأدب المفرد عن أبي الحارث الكرماني قال : سمعت رجلا قال لأبي رجاء : أقرأ عليك السلام وأسأل الله أن يجمع بيني وبينك في مستقر رحمته . قال : وهل يستطيع أحد ذلك ؟ قال : فما مستقر رحمته ؟ قال : الجنة . قال : لم تُصِب . قال : فما مستقر رحمته ؟ قال : رب العالمين .
وصحح إسناده الشيخ الألباني - رحمه الله - في صحيح الأدب المفرد ( ص 286 (
وقال في الحاشية : وهذا الأثر عنه - أي عن أبي رجاء العطاردي - يدل على فضله وعلمه ، ودقة ملاحظته ، فإن الجنة لا يمكن أن تكون مستقر رحمته تعالى ؛ لأنـها صفة من صفاته ، بخلاف الجنة فإنـها خلق من خلق الله ، وإن كان استقرار المؤمنين فيها إنما هو برحمته تعالى ، كما في قوله تعالى : ( وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) يعني الجنة . انتهى كلامه – رحمه الله – .
- ومن بعض الالفاظ المنهية
حرام عليك تفعل كذا .. إذا قصد به أمر غير محرم شرعا
من علمني حرفا صرت له عبدا .. وهذا لفظ منكر ومخالف بإجماع المسلمين وقد أنكره
شيخ الإسلام ابن تيميه
قال الشافعي :
أحفظ لسانك أيها المسلم لايلدغك انه ثعبان
كم في المقابر قتيل لسانه كانت تهاب لقاءه الأقران
كذلك من الأقوال التي يجب الابتعاد عنها
( فلان شكله غلط ) لان فية سخرية واعتراضاً على خلق الله .
تسمية بعض الزهور ( عباد الشمس ) سبب النهي : لأن جميع المخلوقات بما فيها الأشجار لا تعبد إلا الله تعالى .
قول بعضهم (يعلم الله اني فعلت كذا ) سبب النهي : لأنة إذا قالها والأمر بخلاف ما قال , اتهم الله بالجهل .
- منادة بعضهم ( للممرضة الكافرة بـ " سستر " ) سبب النهي : لان معناها أخت والكافر ليس أخا للمسلم .
- والنبي ":
- وحياتك ,
للحلف فلا يجوز الحلف إلا بالله ، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" ... من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ". رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
- يدي الحلق للي بلا ودان!! :
و فيها اعتراض و سخرية على تقسيم الله للأرزاق و هو ما لا يليق به سبحانه و تعالى.
- رزق الهبل على المجانين!! :
فالرزاق هو لله وحده وليس أحد يملك لنفسه ولا لغيرة رزقاً ولا نفعاً ولاموتاً ولاحياة ولا نشورا، قال الله في كتابه العزيز:{ إنَّ اْللهَ هُوَ الرَّزَّاقٌ ذُو القُوَّةِ المَتيِنُ } الذاريات:58
- لا بيرحم ولا يخلى رحمة ربنا تنزل!! :
كلمة لا ينبغي لنا أن نقولها على الإطلاق ... فالله تعالى لا يؤده شيء ولا ينازعه في سلطانه منازع
قال الله جل و علا: { مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } فاطر-2
فمن هذا المخلوق الذي يستطيع أن يمنع رحمة الله ، فهذا القول لا يجوز
- ثور الله في برسيمه!! :
كلمة عجيبة هل هناك ثور الله !! وثيران أخرى للناس !!، و حيث ثور الله يرمز له الغباء والبلاهة من دون الثيران الأخرى ؟!! كلام غريب.. غير انه سوء أدب مع الله تعالى.. قال تعالى: { مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } نوح-13.
- أنا عبد مأمور !! :
هذه كلمة خاطئة لأننا كلنا عبيد لله الواحد الأحد القهار، هي توحي أن قائلها ليس عليه أي ذنب إذا أمره رئيسه بفعل ما يغضب الله ، و الحقيقة غير ذلك ، فكل إنسان مسئول عن أفعاله مسئولية كاملة ، فعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: " على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
- العمل عبادة :
عبارة ليس لها أصل شرعي لا من كتاب ولا من سنة وإن كان السعي للرزق والعمل هذا واجب على العبد قال الله: { فَامشُوا في مَنَاكِبِها وَكُلُوا مِن رِزِقِه } تبارك:15.
ونجد البعض إذا قيل له قم إلى الصلاة قال العمل عبادة وكأن العمل يتعارض مع الصلاة وهذا غير صحيح ولا بارك الله في عمل يشغل عن الصلاة
وقد يكون العمل عبادة إذا كان حلالا ونوى صاحبه الطاعة، ككف النفس عن السؤال والنفقة الطيبة على أهله وعياله ولم يشغله عن طاعة ربه .
والمتأمل في أسباب آفات اللسان وشيوعها بين طوائف كثيرة من الناس يدرك أن مرد ذلك إلى أمور أظهرها:
أولاً: ضعف الوعي بالآثار والنتائج المترتبة على آفات اللسان في الدنيا والآخرة في حق صاحب اللسان وفي حق المتعرض لأذى اللسان، أو نسيان ذلك قبل الوقوع في الخطأ، ويؤكد هذه الحقيقة قول المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها - وفي حديث آخر ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت - يزل بها أو يهوى بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب).
ثانياً: ضعف الإيمان عند بعض الناس، فإن الإيمان حارس يحرس فكر الإنسان من غلبة جند الشيطان وتزيين شياطين الإنس، فإذا ضعف الحارس ضعفت المقاومة وسقط المحروس في أسر الغزاة. والإيمان له محكات، وحركة اللسان واحدة منها، ولذا لما جاء أحد الصحابة رضي الله عنه يسأل النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أخوف ما تخاف عليّ؟) أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بلسان نفسه ثم قال: هذا!
ثالثاً: تجاهل ضوابط التلقي، مثل التثبت وفهم المقصود الصحيح وعدم الاكتفاء بالظواهر، فيحكم المرء على الناس بفهمه. قال الشاعر:
وكم من عائب قولاً سليماً
وآفته من الفهم السقيم
ولكن تأخذ الأفهام منه
على قدر القرائح والفهوم
وقد يحكم على القول بموجب الجزء الذي ظهر له أو نقل إليه، وإن كان ما خفي عليه لو بحث عنه وتثبت منه يزيل ما تولد عنده من غبش لأن الظاهر نصف الحقيقة، وليس هو الحقيقة كاملة، وقديماً قيل: وما آفة الأخبار إلا رواتها.
رابعاً: الإيغال في إحسان الظن بالنفس فوق قدرها، وفي سوء الظن بالناس بما ليس فيهم، فما أكثر ما نقول: إننا نخاف من عذاب الله بسبب فعل فلان وذنبه، ولكننا ننسى أو نتناسى أفعالنا وذنوبنا، يقول بعض السلف عن هذا: (إن الناس خافوا الله من الناس وأمنوه على ذنوبهم).
خامساً: التعود على فحش القول والعادة مستحكمة في النفس، ولذا قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه - أي تركه - الناس اتقاء فحشه) وإن ضحكوا له ومدحوه.
العــــــــــــــــــــــلاج
هناك عدة أمور يمكن وصفها بالعلاج المفيد ومن أهمها ما يأتي:
أولاً: الإكثار من ذكر الله تعالى والاستغفار والتوبة وقراءة القرآن والتذكير بالخير في مجالسنا، والأخذ على يد مروجي الإشاعات الضارة، والافتراءات الباطلة.
ثانياً: الوعي بأن الإشاعات المغرضة وانتقاص العلماء وولاة أمور المسلمين وأمرائهم خطر يهدد كيان الوطن ويضعفه في مواجهة الأعداء الحقيقيين .
ثالثاً: إشغال أنفسنا بالقراءة المفيدة المتنوعة في شتى العلوم والمجالات، وإشغال مجالسنا بالمسابقات العلمية المفيدة والمناقشات الفكرية النافعة في المعاش والمعاد.
رابعاً: أن نقنع أنفسنا بأن البلاء موكل بالمنطق فإن كثيراً من الناس كانوا معافين فلما أطلقوا لألسنتهم العنان بالحديث في عيوب الناس ابتلاهم الله بما تكلموا به مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تُظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله - أو يرحمه - ويبتليك).
خامساً: تربية أنفسنا وتربية غيرنا على فضيلة التواضع فإن المتواضع الذي عرف قدر نفسه حري أن يغفر عيوب الناس وأن يتجاوز عن أخطائهم.
سادساً : وأخيراً ودوماً: أن نضع نصب أعيننا دوماً تذكر النتائج والآثار المترتبة على أقوالنا وأن نتذكر أن ألسنتنا شهود علينا ومن مصلحتنا ألا يشهدوا علينا إلا بخير قال الله عز وجل:
(يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (24) (سورة النور. ) اسأل الله تعالى أن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم وأن يجعل ما قولنا حُجةً لنا لا علينا يوم العرض عليه
وأخيراً ماكان من توفيقاً وصواباً فمن الله وما كان من خطاءٍ فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء 0
وأخيرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِ العالمين وصلى الله وبارك على نبيه محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين 0
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : أما بعد :-
فأيها المحب سيكون موضوعنا اللسان وما أدراك ما اللسان هو نعمة من نعم الله العظيمة ولطائف صنعه العظيمة صغير حجمه عظيم طاعته وجرمه إذ باللسان يستبان الكفر والإيمان ...
اللسان رحب الميدان .. واسع المجال .. هو ترجمان القلوب والأفكار .. آلة البيان وطريق الخطاب .. له في الخير مجال كبير وله في الشر باع طويل .. فمن استعمله للحكمة والقول النافع .. وقضاء الحوائج .. وقيده بلجام الشرع .. فقد اقر بالنعمة ووضع الشيء في موضعه وهو بالنجاة جدير ومن أطلق لسانه وأهمله .. سلك به الشيطان كل طريق ولا يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ...
بل إن جوارح الإنسان كلها مرتبطة باللسان في الاستقامة والاعوجاج .. فعن أبى سعيد ألخدري رضي الله عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أصبح ابن أدم فان الأعضاء كلها تكفر اللسان ـ أي تخضع له ـ فتقول : اتق الله فينا فإنما نحن بك فان استقمت استقمنا وان اعوججت اعوججنا " روه الترمذي وحسنه الألباني
تأمّلوا يارعاكم الله في هذا الحديث العظيم ... في "الصحيحين " من حديث أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات وان العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في نار جهنم "
ومن هنا جاء التأكيد العظيم على حفظ اللسان قال تعالى : ( ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد) ومن هنا أيضا جأت تلك الوصية العظيمة من النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه معاذ بن جبل رضي الله عنه قال (ألا أخبرك بملاك ذلك كله) قال: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه وقال: (كف عليك هذا) قال: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: (ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح
فالواجب عليك أخي المسلم ـ أختي المسلمة ـ حفظ لسانك إلا عن الخير. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) متفق عليه.
إذن فمن الخطر العظيم ما يقع فيه كثير من الناس من إطلاق ألسنتهم والتهاون بالكلام غافلين عن أنه يُحصى عليهم ما تتلفظ به ألسنتهم ويُسألون عنه قال تعالى: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ : الصافات (24)
وقد سُئل رسول الله عن أكثر ما يدخل الناس النار، فقال: (الفمُ والفرج) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
وإذا تدبرنا ـ إخواني ـ هذا الحديث ونحوه من النصوص الواردة في الكتاب والسنة عرفنا حقيقة اللسان وخطره، فإن اللسان لا يَكَلُّ كما تكلُّ سائر الأعضاء، ثم إن المعاصي التي تكون باللسان كثيرة، منها: الغيبة، والنميمة، وقول الزور، والسخرية بالمسلمين، والكذب في الحديث، وأعظمُه الكذب على الله عز وجل ورسوله 0
ومن أكثر هذه الذنوب انتشاراً بين العامة والخاصة، وبين الرجال والنساء ، بل أصبحت عادة ذميمة وعمل لئيم وجريمة أخلاقية منكرة، لا يلجأ إليها إلا الضعفاء والجبناء، ولا يستطيعها إلا الأراذل والتافهون، ولا ينتشر هذا العمل إلا حين يغيب الإيمان، وهي اعتداء صارخ على الأعراض، وظلم فادح، وإيذاء ترفضه العقول وتمجه الطباع، وتأباه النفوس الكريمة، وهي كبيرة من كبائر الذنوب.. ألا وهي "الغيبة" التي جاء وصفها في كتاب الله بأبشع الصفات، قال تعالى: { ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه} الحجرات: 12].
وبينها ووصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هي ذكرك أخاك بما يكره)
ولا يخفى أثر اللسان وتأثيره في نفسيات الناس وعقولهم، ولاسيما في حالة الحروب عن طريق الإشاعات المغرضة والادعاءات الزائفة، التي تزين بزخرف القول وأباطيله. كما أن ظروف العصر وتقنياته لها تأثير بيّن في سلامة اللسان وبذاءته، فإنه لما تعددت أماكن الاجتماعات في مجتمعنا اليوم في الاستراحات ومنتديات الإنترنت وغيرها كان تأثير الألسنة أقوى لأنها فاكهة المجالس وقوام المنتديات وأصبحت مغريات انحرافها عن الطريق السواء أكبر
حيث عبَّد الأشرار طرقه وسهلوا مسالكه بالكذب وبالبهتان وبالإشاعة المغرضة.
وإذا كانت مجالس بني آدم لا بد فيها من الكلام - وهذا حق لا مرية فيه - فإنه من المؤسف أن هذه المجالس بما فيها مجالس الصالحين والمعلمين والمتعلمين لا تكاد تخلو من آفات اللسان، وإن اختلفت درجة الانحراف في مجلس عن مجلس. والآفات التي تحصد الحسنات وتربي السيئات كثيرة، منها: القيل والقال والقذف والغيبة والنميمة والنفاق والكذب والتدليس والتلبيس وتزييف الحقائق والتجريح واللمز والغمز وسوء الظن وتصنيف الناس والحكم على نياتهم ومقاصدهم واحتقارهم وتضخيم أخطائهم وغير ذلك مما يخمد العزائم والهمم ويبث الفرقة ويذكي الخلاف.
وآفات اللسان في حق العلماء وولاة أمور المسلمين وأمرائهم أشنع وأقبح؛ فإن الانتقاص منهم والتشكيك فيهم وتصيد أخطائهم التي اجتهدوا فيها وتفسير بعض أفعالهم على غير حقيقته المقصودة منهم، كل ذلك ينقص قدرهم في نفوس الناس، ويذهب هيبتهم، فلا يعرف المسلم له مرجعاً من أهل الذكر الذين أمره الله عز وجل أن يرجع إليهم إذا أشكل عليه أمر من أمور دينه، فإن كل من أراد الرجوع إليه قيل له: فيه كذا وكذا، وعليه ملاحظة، وعنده كذا وكذا، ومتهم بكذا وكذا، وكذلك فإن انتقاص ولاة أمور المسلمين من الشر بمكان سحيق؛ فإن تضخيم أخطائهم إذا وقعت أو إطلاق الألسنة في الكذب عليهم، أو التشكيك في صلاحهم وإصلاحهم، أو بث الإشاعات السيئة عنهم في المجتمع، كل ذلك مما يضعف هيبتهم، ويصنع حواجز بينهم وبين رعاياهم، فتتفتت بذلك وحدة الأمة والجماعة المسلمة، فآفات اللسان في حق الولاة حرب موجهة ضد قيادة الأمة التي لا يقوم أمرها إلا بها، ولا يستقيم عودها بدونها.
كما أن بث الفرقة بالألسنة مما يغري الأعداء لجعل المسلمين متنافرين لا رابطة من الود تجمع حكامهم بمحكوميهم ولا وازع من الاحترام يربط علماءهُم بمتعلميهم.
وقد حرص الإسلام أشد الحرص على الكيان السياسي للأمة ووضع حماية أمنية تمنع من تسول له نفسه أو تحدثه أن يشق عصا المسلمين لأي عذر دون الكفر البواح الذي عليه من الله برهان قاطع، وقد فهمها سلفنا الصالح مثل جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه وغيره، الذين كانوا يقولون: (باعينا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره، وألا ننازع الأمر أهله). وروى الإمام مسلم في صحيحه قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها، قالوا: فما تأمر من أدرك منا ذلك يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: ( تؤدون الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم) 0
ومن الألفاظ المنهي عنها والتي يُلاحظ إنتشارها خاصةً بين الشباب على نوعيهما ( بنين _ وبنات )
_ انت ووجهك قبح الله وجهك قبح الله وجهك ووجه من يشبهك شكله أو شكلك غلط
الدليل : (( لا يقولن أحدكم لأحد قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك )) احمد وابن خزيم وابن حبان وغيرهم
_ قول : يا حمار يا كلب الله يكرمكم يا ثور يا بقره يا فار يا قرد… الخ 0
الدليل : (( سباب المسلم فسوق )) البخاري ومسلم
_ زمان سوء يوم سيء يوم اسود أو مشئوم
الدليل ( قال الله تعالى : يؤذني ابن ادم . يسب الدهر وأنا الدهر . اقلب الليل والنهار )) البخاري
_ لا حياء في الدين
الدليل (( الحياء شعبه من شعب الإيمان )) البخاري
والصواب أن يقوال : لا حياء في تعلم الدين
_ قول صدق الله العظيم عند الانتهاء من قراءة القرآن
الدليل : بدعه لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم 0
_ قول برفاء والبنين للمتزوج
الدليل : لكونها تهنئه أهل الجاهلية
_ نستشفع با الله عليك
الدليل : (( لا يستشفع با الله على احد )) أبو داود
_ الله يلعنك أو يدخلك النار أو عليك غضب الله
الدليل : (( لا تلعنوا بلعنة الله . ولا بغضبه . ولا با النار (( أبو داود والترمذي
_ياخبيث يا فاسق يا فاجر يا مجرم
الدليل : ( لا يرمي رجل رجلاً با الفسق أو الكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك ) 0
_ أخزاك الله
الدليل : (( لاتقولوا هذا . لاتعينوا عليه الشيطان ))
_ فلان له المثل الأعلى
الدليل قال الله تعالى : (( وله المثل الاعلى في السموات والأرض ))
-لا تقل : يا كافر، يا يهودي، يا نصراني، يا عدو الله ..( أيما رجل قال لأخيه، يا كافر فقد باء بها أحدهما (
-قول : شاءت الأقدار أو شاءت الظروف..
- قول : ما تستأهل أو فلان ما يستأهل المرض أو المصيبة ..( محرم لكونه اعتراض على قدر الله)
- لا تقل : فلان بعيد عن المغفرة، أو الخير، أو الهداية ، أو الجنة، أو رحمة الله... قال الله : { من ذا الذي يتألى عليَّ أن لا أغفر لفلان إني قد غفرت له وأحبطت عملك } .
- قول -: الله يظلمك ، الله يسأل عن حالك ، خان الله من يخون ، ربنا افتكر فلان ( للميت)، يأكل معك الرحمن ، ماذا فعلتُ يا رب ، غداً سأفعل كذا ( لأنه لم يقل : إن شاء الله )، لو أني فعلت كذا لكان كذا لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لو تفتح عمل الشيطان (
-قول : فلان دفن في مثواه الأخير 0 الدليل قوله تعالى (وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ) 0
حُـكم قول : ( في مستقر رحمته )
يقول بعض الناس عن الميت : وجمعنا به في مستقر رحمته .
وهذا القول لا يخلو من ملحظ .
روى البخاري في الأدب المفرد عن أبي الحارث الكرماني قال : سمعت رجلا قال لأبي رجاء : أقرأ عليك السلام وأسأل الله أن يجمع بيني وبينك في مستقر رحمته . قال : وهل يستطيع أحد ذلك ؟ قال : فما مستقر رحمته ؟ قال : الجنة . قال : لم تُصِب . قال : فما مستقر رحمته ؟ قال : رب العالمين .
وصحح إسناده الشيخ الألباني - رحمه الله - في صحيح الأدب المفرد ( ص 286 (
وقال في الحاشية : وهذا الأثر عنه - أي عن أبي رجاء العطاردي - يدل على فضله وعلمه ، ودقة ملاحظته ، فإن الجنة لا يمكن أن تكون مستقر رحمته تعالى ؛ لأنـها صفة من صفاته ، بخلاف الجنة فإنـها خلق من خلق الله ، وإن كان استقرار المؤمنين فيها إنما هو برحمته تعالى ، كما في قوله تعالى : ( وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) يعني الجنة . انتهى كلامه – رحمه الله – .
- ومن بعض الالفاظ المنهية
حرام عليك تفعل كذا .. إذا قصد به أمر غير محرم شرعا
من علمني حرفا صرت له عبدا .. وهذا لفظ منكر ومخالف بإجماع المسلمين وقد أنكره
شيخ الإسلام ابن تيميه
قال الشافعي :
أحفظ لسانك أيها المسلم لايلدغك انه ثعبان
كم في المقابر قتيل لسانه كانت تهاب لقاءه الأقران
كذلك من الأقوال التي يجب الابتعاد عنها
( فلان شكله غلط ) لان فية سخرية واعتراضاً على خلق الله .
تسمية بعض الزهور ( عباد الشمس ) سبب النهي : لأن جميع المخلوقات بما فيها الأشجار لا تعبد إلا الله تعالى .
قول بعضهم (يعلم الله اني فعلت كذا ) سبب النهي : لأنة إذا قالها والأمر بخلاف ما قال , اتهم الله بالجهل .
- منادة بعضهم ( للممرضة الكافرة بـ " سستر " ) سبب النهي : لان معناها أخت والكافر ليس أخا للمسلم .
- والنبي ":
- وحياتك ,
للحلف فلا يجوز الحلف إلا بالله ، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" ... من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ". رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
- يدي الحلق للي بلا ودان!! :
و فيها اعتراض و سخرية على تقسيم الله للأرزاق و هو ما لا يليق به سبحانه و تعالى.
- رزق الهبل على المجانين!! :
فالرزاق هو لله وحده وليس أحد يملك لنفسه ولا لغيرة رزقاً ولا نفعاً ولاموتاً ولاحياة ولا نشورا، قال الله في كتابه العزيز:{ إنَّ اْللهَ هُوَ الرَّزَّاقٌ ذُو القُوَّةِ المَتيِنُ } الذاريات:58
- لا بيرحم ولا يخلى رحمة ربنا تنزل!! :
كلمة لا ينبغي لنا أن نقولها على الإطلاق ... فالله تعالى لا يؤده شيء ولا ينازعه في سلطانه منازع
قال الله جل و علا: { مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } فاطر-2
فمن هذا المخلوق الذي يستطيع أن يمنع رحمة الله ، فهذا القول لا يجوز
- ثور الله في برسيمه!! :
كلمة عجيبة هل هناك ثور الله !! وثيران أخرى للناس !!، و حيث ثور الله يرمز له الغباء والبلاهة من دون الثيران الأخرى ؟!! كلام غريب.. غير انه سوء أدب مع الله تعالى.. قال تعالى: { مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } نوح-13.
- أنا عبد مأمور !! :
هذه كلمة خاطئة لأننا كلنا عبيد لله الواحد الأحد القهار، هي توحي أن قائلها ليس عليه أي ذنب إذا أمره رئيسه بفعل ما يغضب الله ، و الحقيقة غير ذلك ، فكل إنسان مسئول عن أفعاله مسئولية كاملة ، فعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: " على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
- العمل عبادة :
عبارة ليس لها أصل شرعي لا من كتاب ولا من سنة وإن كان السعي للرزق والعمل هذا واجب على العبد قال الله: { فَامشُوا في مَنَاكِبِها وَكُلُوا مِن رِزِقِه } تبارك:15.
ونجد البعض إذا قيل له قم إلى الصلاة قال العمل عبادة وكأن العمل يتعارض مع الصلاة وهذا غير صحيح ولا بارك الله في عمل يشغل عن الصلاة
وقد يكون العمل عبادة إذا كان حلالا ونوى صاحبه الطاعة، ككف النفس عن السؤال والنفقة الطيبة على أهله وعياله ولم يشغله عن طاعة ربه .
والمتأمل في أسباب آفات اللسان وشيوعها بين طوائف كثيرة من الناس يدرك أن مرد ذلك إلى أمور أظهرها:
أولاً: ضعف الوعي بالآثار والنتائج المترتبة على آفات اللسان في الدنيا والآخرة في حق صاحب اللسان وفي حق المتعرض لأذى اللسان، أو نسيان ذلك قبل الوقوع في الخطأ، ويؤكد هذه الحقيقة قول المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها - وفي حديث آخر ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت - يزل بها أو يهوى بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب).
ثانياً: ضعف الإيمان عند بعض الناس، فإن الإيمان حارس يحرس فكر الإنسان من غلبة جند الشيطان وتزيين شياطين الإنس، فإذا ضعف الحارس ضعفت المقاومة وسقط المحروس في أسر الغزاة. والإيمان له محكات، وحركة اللسان واحدة منها، ولذا لما جاء أحد الصحابة رضي الله عنه يسأل النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أخوف ما تخاف عليّ؟) أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بلسان نفسه ثم قال: هذا!
ثالثاً: تجاهل ضوابط التلقي، مثل التثبت وفهم المقصود الصحيح وعدم الاكتفاء بالظواهر، فيحكم المرء على الناس بفهمه. قال الشاعر:
وكم من عائب قولاً سليماً
وآفته من الفهم السقيم
ولكن تأخذ الأفهام منه
على قدر القرائح والفهوم
وقد يحكم على القول بموجب الجزء الذي ظهر له أو نقل إليه، وإن كان ما خفي عليه لو بحث عنه وتثبت منه يزيل ما تولد عنده من غبش لأن الظاهر نصف الحقيقة، وليس هو الحقيقة كاملة، وقديماً قيل: وما آفة الأخبار إلا رواتها.
رابعاً: الإيغال في إحسان الظن بالنفس فوق قدرها، وفي سوء الظن بالناس بما ليس فيهم، فما أكثر ما نقول: إننا نخاف من عذاب الله بسبب فعل فلان وذنبه، ولكننا ننسى أو نتناسى أفعالنا وذنوبنا، يقول بعض السلف عن هذا: (إن الناس خافوا الله من الناس وأمنوه على ذنوبهم).
خامساً: التعود على فحش القول والعادة مستحكمة في النفس، ولذا قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه - أي تركه - الناس اتقاء فحشه) وإن ضحكوا له ومدحوه.
العــــــــــــــــــــــلاج
هناك عدة أمور يمكن وصفها بالعلاج المفيد ومن أهمها ما يأتي:
أولاً: الإكثار من ذكر الله تعالى والاستغفار والتوبة وقراءة القرآن والتذكير بالخير في مجالسنا، والأخذ على يد مروجي الإشاعات الضارة، والافتراءات الباطلة.
ثانياً: الوعي بأن الإشاعات المغرضة وانتقاص العلماء وولاة أمور المسلمين وأمرائهم خطر يهدد كيان الوطن ويضعفه في مواجهة الأعداء الحقيقيين .
ثالثاً: إشغال أنفسنا بالقراءة المفيدة المتنوعة في شتى العلوم والمجالات، وإشغال مجالسنا بالمسابقات العلمية المفيدة والمناقشات الفكرية النافعة في المعاش والمعاد.
رابعاً: أن نقنع أنفسنا بأن البلاء موكل بالمنطق فإن كثيراً من الناس كانوا معافين فلما أطلقوا لألسنتهم العنان بالحديث في عيوب الناس ابتلاهم الله بما تكلموا به مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تُظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله - أو يرحمه - ويبتليك).
خامساً: تربية أنفسنا وتربية غيرنا على فضيلة التواضع فإن المتواضع الذي عرف قدر نفسه حري أن يغفر عيوب الناس وأن يتجاوز عن أخطائهم.
سادساً : وأخيراً ودوماً: أن نضع نصب أعيننا دوماً تذكر النتائج والآثار المترتبة على أقوالنا وأن نتذكر أن ألسنتنا شهود علينا ومن مصلحتنا ألا يشهدوا علينا إلا بخير قال الله عز وجل:
(يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (24) (سورة النور. ) اسأل الله تعالى أن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم وأن يجعل ما قولنا حُجةً لنا لا علينا يوم العرض عليه
وأخيراً ماكان من توفيقاً وصواباً فمن الله وما كان من خطاءٍ فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء 0
وأخيرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِ العالمين وصلى الله وبارك على نبيه محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين 0