روح المسك ابوعاصم
23/11/2008, 10:10 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتب
فضيله شيخنا الحبيب الااريب المحدث العجيب
صاحب القلب الكبير والعلم الكثير ازاده الله علم وتقوى
الشيخ / ذياب بن سعد الغامدي حفظه الله
أحبتي سختصر ماقاله الشيخ:
حفظه الله
وقد قمت ببعض التصريف البسيط والختصار
الشديد لكي اقوم بتيسير القراءه قدر الامكان
ارجو أن الله يسمحني على ذالك ثم شيخي
يقول:
تحرير المقال في عشاق طلال
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين .
أما بعد :
اعلم أخي المسلم أنَّ النَّاظرَ في حالِ الأُمَّةِ الإسلامية ـ
لا سيما هذه الأيام ليعلم أنَّ الأمرَ جدُّ خطير
بل إخالُك إذا عَايَنْتَ تلكم اللَّحظاتِ الحَرِجةَ،
والظُّروفَ العصيبةَ التي تَعيشها الأمةُ؛ لَتَحْزنَ كُلَّ الحَزَنِ !
وفي خِضَمِّ هذه النَّكباتِ والجَهالاتِ التي لم يَزَلِ المُسْلمون
بَعْدُ يَتَجرَّعُون غُصَصَها
إذْ بالصُّحُفِ تُطَالِعُنا، والأخْبارُ تُوافينا بحادِثةٍ وَخِيمةٍ؛
أزْعجَتِ المُسلمين بِنَارِها وشَرارِها، حَيثُ أثارَ بعضُ
سَدَنةِ الإعْلام المُغرِضين
حَادثةَ مَوْتِ رَجُلٍ رَقيعٍ ممَّنْ أُشْرِبوا في قُلُوبِهم حَبَّ الغِناءِ
وهو المَدْعُو : طَلالُ مَدَّاح؛ كَما خَرجَ أخيراً
مُلْحقٌ لإحدى الجرائدِ المَحليَّةِ
تحت عِنْوان " وِتِرْحَلْ يا طَلال"!
فما كان لي أنْ أُشْغِلَ وَقْتي،
أو أُجْهِدَ ذِهْني في الحديثِ عن أهلِ العَفَنِ الفَنِّي الهابِطِ السَّاقِطِ
ممَّن قَتَلُوا الفضيلةَ، ونَشَروا الرَّذيلةَ، ولكنْ لمَّا عَمِلتْ أيدي الفَسَادِ،
وتكلَّمت الرُّوَيبضات
وخرجتِ الأفاعِي مِنْ جُحُورِها تَنْفُثُ سُمُومَها، وتَتَلوَّنُ بألْسنَتِها
... عَبْرَ قَنَواتِ الإعلامِ الَّتي لم تزلْ تَفُوحُ بِرَوائِحِهم
النَّتِنةِ الَّتي تَزْكُمُ الأُنوفَ!
وذلك حِينما قَامُوا مَثْنى وفُرَادى في تَقْليبِ الحقَائقِ
والتَّلاعُبِ بالألْفاظِ الشَّرعيةِ
وامْتِهانِ شَرَفِها وقَدَاسَتِها، والاسْتِخْفَافِ
بآدابِ ومَشَاعِرِ أهْلِ التَّوحيدِ في هذه البِّلادِ الطَّاهِرَةِ ...!
فحَسْبُنا الله ونِعْمَ الوكيل .
* * *
في حِين كان مِنْ الوَاجِبِ على المَسْؤولين
أنْ يُوقِفُوا هذا العَبَثَ الإعْلامي
وذَلك مَاثلٌ في خَرْسِ ألْسِنةِ العابِثِين، وكَسْرِ أقْلامِهم،
وهَتْكِ أسْتارِهم لِكلَّ ذِي عَيْنٍ؛ جَزَاءً وِفاقًا، لأجْلِ هذ
ا وذاك احْتَسَبْتُ هذه الوِرَيْقات في نَصْرةِ دِينِ الله تعالى
ودَفْعِ عادِيةِ أهلِ الباطلِ - إنْ شاء الله -
لذا فقدْ نَظمتُ رِسالَتِي هذِه في خَمْسَةِ أبْوابٍ :
الباب الأول : الإعلامُ في سُطُور .
الباب الثاني : طلالٌ في سُطُور .
الباب الثالث : الأقوالُ حولَ طلال .
الباب الر ابع : أحكامُ المُجاهرين بالكبائرِ في الحياةِ وبعدَ المَمَاتِ .
الباب الخامس : الدِّينُ النَّصيحة .
قال الشيخ:
ويكفينا فيه قول الله تعالى :
" ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ... "
الآية، فَلَهْوُ الحَديثِ هُنا، هو :
الغناءُ، قَالَهُ أكثْرُ المُفَسِّرين، كابنِ مَسْعودٍ، وابنِ عباسٍ رضي الله عنهما .
وقولُه صلَّى الله عليه وسلم :
" ليكوننَّ من أُمَّتي قومٌ يَستَحِلُّون الحِرَ، والحَريرَ، والخمرَ، والمعازفَ ..."
رواه البخاري
والمَعازِفُ هنا : آلاتُ اللَّهو كلُّها وقوله صلى الله عليه وسلم :
" يكون في أمَّتي قذفٌ، ومسخٌ، وخسفٌ "
قيل : يا رسولَ الله!، ومتى ذلك ؟ قال :
" إذا ظَهرتِ المَعَازفُ، وكَثُرتِ القِيَانُ، وشُرِبتِ الخُمُورُ "
رواه الترمذي
والقيانُ : جَمْعُ قَيْنَةٍ، وهي : المغنِّيةُ مِنَ الإمَاءِ .
مَنْ هو طلالُ مدَّاحٍ ؟!
هو طلالُ بنُ عَبْدُه الشَّيخُ بنُ أحمدَ الجابرِي
(1359-1421هـ)، من أسْرَةٍ حَضْرميةٍ .
فقد نَزَحَ والدُه عبدُه الشيخ مِنْ قريته الصغيرةِ من حَضْرموت
إلى مَكةَ المكرمة عام ( 1355هـ)
حزنًا وكمدًا على سُوْءِ حَظِّه، وتعاستِهِ بعد أنْ فَشِلَ مِنْ الزَّواجِ
من إحْدَى بناتِ عُمُومتِه، ثمَّ سَكَنَ في حي أجياد بمكة
ليبدأ مرحلة عملٍ قاسيةٍ حيث كان يعملُ ساقيًا للماءِ
فاستطاعَ أن يجمع خلالها مبلغًا من المالِ ساعده على الزَّواجِ
من كريمةِ عبدِ المحسنِ بُخَاري،
إلاَّ أنَّ فترةَ الزَّواجِ هذه لم تستمرْ سِوَى تِسْعةَ أشْهرٍ
حيثُ انتهتْ بوفَاةِ وَالدةِ طلالٍ رحمها الله حَيثُ ماتَتْ مِنْ مُعَاناةِ وِلادَتِها؛
حين وَضَعَتْ مَوْلُودَها الأوَّلَ طَلالاً !
أمَّا نِسْبتُه لعائلةِ المدَّاحِ فهي من التَّساهُلِ المذمومِ شَرْعًا
فهو يَعُودُ إلى اسْمِ زَوْجِ خَالَتِه : عَلي المَصْرِي المدَّاح
حيث أسْلَمَهُ والدُه إلى زوجِ خالتِهِ المصْرِي لِيَتَولَّى تربيتَه
وكانت عائلةُ المدَّاحِ تُعْرفُ بالمدَّاحين
أيْ : مَدَّاحِي النَّبي صلى الله عليه وسلم،
وهذا لا شكَّ أنَّه مِنْ إفرازاتِ الصُّوفيَّةِ !
فقد صَحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" إذا رأيتُم المدَّاحينَ فاحْثُوا في وُجُوهِهم التُّرابَ "
رواه أحمد
وتَرَعْرَعَ طلالٌ في هذه الأسْرةِ، وَشَبَّ على الغناءِ مُنْذُ صِبَاه
حتى أُشْربَ في قَلْبِه حُبُّ الغناءِ، وهكذا
حتى أصبحَ مِنْ كِبارِ المُغنيين السَّاقطين، الَّذين أفْسَدُوا أكْثَرَ مِمَّا عَمَّروا
فَقَضَى زَهْرَةَ شَبَابِه حتى آخِرَ لحظةٍ من حياتِه
وهو يَعْصِي رَبَّ العالمين بغنائِه الهابط
نعم؛ وبكلِّ أسَفٍ هذا طلالٌ؛ أربعين سنةٍ قضاها في أسْوءِ حَالٍ
ومات على هذه الحالِ ! اللهم نَسْألُك حُسْنَ الخِتَامِ، اللَّهمَّ آمين!
ماذا قدَّمَ طَلالٌ لأمَّتِهِ ؟!
لقد قدَّم طلالٌ ما يَسْتحِي المُسلمُ مِنْ ذِكْرِه
إنَّه قدَّمَ بِكلِّ أسَفٍ : مَائتين وألفَ أُغنيةٍ
لقد قدَّمتَ يا طلالُ لأمَّتِك ما لَمْ يُقَدِّمُه ألْفُ عَدُوٍّ محُاربٍ
يوم قوَّضْتَ أخْلاقَ الأمَّةِ بألفٍ ومائتين أُغنية هابطة
كيفَ ماتَ طَلالٌ ؟!
لا يَخْفى الجَمِيع كيف مات طلالٌ !
إلاَّ أنَّي أحببتُ أنْ أذْكُر شيئاً عَنْ حَالِ
موتِه للاعتبارِِ والعِظَةِ لِمَنْ ألْقى السَّمعَ وهو شَهيد .
نعم؛ صَعَدَ طلالٌ خَشَبةَ المَسْرحِ في الثُّلثِ الأخيرِ مِنَ لَيْلةِ الجُمُعةِ
– حين ينزل الربُّ إلى السَّماءِ الدُّنيا ليتوبَ عن التائبين
ويُجيبَ دعوةَ السَّائلين …
وهذا في ليلةٍ مباركةٍ طالما أحْياها
الصَّالِحون بالسُّجودِ والاسْتِغفارِ
– وأبناءُ المُسلمين حَوْله يُصفِّقُون ويُصفِّرُون ترحيبًا به
قام يغني:
" الله يِرِدْ خِطَاكَ لِدُرُوبِ خِلاَّنَكْ "
وبينما التَّابعُ والمتبُوعُ في سكرتِهم يَهِيمون ويتمنَّون
إذْ بمَلَكِ الموتِ يأتي على قَدَرٍ يا طلال
حتى إذا ما وَصَلَ هذا الرَّجُلُ عند أسْوَءِ سَوْءةٍ في أُغْنيتِه
وهي قوله : " يا معذِّبي "
إلاًّ ومَلَكُ الموتِ قد انْتَزعَ منه الرُّوحَ،
بعد أنْ تَحَجْرجَ الصَّوتُ واخْتَفَى
ثمَّ ما هي إلاَّ لحَظَاتٌ حتى سقطَ طلالٌ صَريعًا
على عُودِه (قيثارتِه )
مُحْتضنًا له بكلِّ حرارةٍ
فلمَّا أدْركهُ الطَّبيبُ المُرافقُ تفاجأَ بأنَّه قَدْ أزْرَقَّ وَجْهُهُ
وتوقَّف نَبْضُه
هكذا ماتَ طَلالٌ، اللَّهم رُحْماك، اللَّهم رُحْماك!
فهكذا؛ الحاجُ يبعثُ مُلبيًا
والشَّهيدُ يُبْعثُ وجُرحُهُ يتفجَّرُ دَمًا
والسَّكرانُ يُبعثُ مخمورًا، والمغنيُّ يُبعثُ مغنِّيًا !
الإعلامِ
الذين استباحوا الصحفَ والمجلاتَ في تَرْويجِ باطلِهم
وغَشِّ أُمَّتِهم، وخِداعِ السُّذَّجِ من أبناءِ المسلمين !
وهذا كلُّه ضِمْنَ كلماتِهم المُزوَّرةِ، وعباراتِهم المُنْكرةِ
يوم قالوا عن طلالٍ : شَهيدُ الفَنِّ، فقيدُ الفَنِّ، المَرْحُومُ
المُنَاضِلُ، قُدْوةُ المُغنِّيين، صاحبُ رِسالةٍ، فَنَّانُ العربٍ
قِيثارَةُ الشَّرقِ، صُوْتُ الأرضِ، أُستاذُ الفَنانين
حتى جاءَ أشْقَاهُم وقال عنه :
يا أيَّتها النَّفسُ المطمئنةُ ارْجعي إلى رَبِّك راضيةً مرضيةً
... إلى غيرِ ذلك من الكلماتِ المُستنكرةِ !
والله المستعان على ما يصفون .
فحديثنا مع هؤلاءِ السُّفهاءِ الحَمْقى
بأنْ نُذَكِّرَهم بقول الله تعالى :
" ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل
الله عنهم يوم القيامة أم مَّن يكون عليهم وكيلاً "
الآية
فإذا استطعتم أيُّها الإعلاميون
أنْ تُجَادِلوا وتُنَافِحُوا وتُدُافِعُوا عن أهلِ الغناءِ السَّاقطِ
في حياتِكم الدُّنيا عبرَ صُحُفِكم
فمنْ ذَا الَّذي سَيُجَادلُ ويُدَافعُ عنهم يومَ القيامةِ ؟!
وقوله صلى الله عليه وسلم :
" ... إن العبدَ ليتكلمُ بالكلمةِ من سَخَطِ الله
لا يُلقي لها بالاً يَهوي بها في جهنَّم "
رواه البخاري
فيكفيكم هذه الكلماتُ التي أسْخطتم بها ربَّ العالمين
وآذيتُم بها المسلمين
فهل أَمِنْتُم بعد هذا ألاَّ يُؤاخذكم الله بما تقولون ؟!
ثمَّ نذكِّرهم بقوله صلى الله عليه وسلم :
" المَرْءُ مَع مَنْ أحَبَّ "
رواه الترمذي
فيا أهل الغناء :
إذ كنتم صادقين فيما تقولون :
بأنكم تُحبُّون طلالاً؛ فادعوا الله تعالى أن يَحشُرَكم معه
وأن يُميتَكم كما ماتَ عليه !
ونحن مِنْ وَرَائِكم – إنْ شئتُم – نُؤمِّنُ على دعائِكم
وإنْ كان هذا يَعزُّ علينا !، لكنَّ عزَانا فيكم أنَّكم تَعلمون
بأنَّا نَعلمُ أنَّكم كاذبون فيما تقولون !
وأذَكِّرُهم بقولِ النبي صلى الله عليه وسلم :
" مَنْ وَلِيَ من أمورِ المسلمين شيئًا فغشَّهم فهو في النَّار "
رواه الطبراني
وقال المرداوي :
" وقال جماعةٌ من الأصحاب :
إن كان الميتُ معروفاً ببدعةٍ، أو قلةِ دينٍ
أو فجورٍ ونحوه؛ فلا بأس بإظهارِ الشَّرِّ عنه
وسترِ الخيرِ عنه لتجتنبَ طريقتَه"
وبنحوه قال العثيمين في صاحب البدعة :
" ومن رأى على وجهِهِ مكروهاً، فإنه ينبغي
أن يُبيِّنَ ذلك حتى يَحذرَ الناسُ من دعوتِه إلى البدعةِ
لأن الناسَ إذا علموا أنَّ خاتمتَه على هذه الحالِ
فإنهم ينفرون من منهجِه وطريقِه
وهذا القولُ لا شك أنه قولٌ جيدٌ وحسنٌ
لما فيه من درءِ المفسدةِ التي تحصلُ باتباع هذا المبتدع الداعية ".
وللمسلمين إساءةُ الظنِّ بمن مات مجاهراً بمعصيته .
قال محقِّقُ المذهب البهوتي وغيره :
" ولا حرجَ بظنِّ السوءِ بمن ظاهرُه الشَّرُّ "
وقال شيخنا العثيمين :
" وأمَّا من عُرف بالفسوق والفجور ،
فلا حرج أن نُسيءَ الظَّنَّ به؛ لأنه أهلٌ لذلك ".
وهناك أحكامٌ كثيرةٌ تتعلَّق بالمجاهرين
من أهل الكبائر عَدَلْتُ عنها
فمن أرادها فلينظُر كتابَنا " أحكامُ المُجاهرين بالكبائر"،
والله الموفق .
ذياب بن سعد آل حمدان الغامدي
20/5/1421هـ
روح المسك
كتب
فضيله شيخنا الحبيب الااريب المحدث العجيب
صاحب القلب الكبير والعلم الكثير ازاده الله علم وتقوى
الشيخ / ذياب بن سعد الغامدي حفظه الله
أحبتي سختصر ماقاله الشيخ:
حفظه الله
وقد قمت ببعض التصريف البسيط والختصار
الشديد لكي اقوم بتيسير القراءه قدر الامكان
ارجو أن الله يسمحني على ذالك ثم شيخي
يقول:
تحرير المقال في عشاق طلال
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين .
أما بعد :
اعلم أخي المسلم أنَّ النَّاظرَ في حالِ الأُمَّةِ الإسلامية ـ
لا سيما هذه الأيام ليعلم أنَّ الأمرَ جدُّ خطير
بل إخالُك إذا عَايَنْتَ تلكم اللَّحظاتِ الحَرِجةَ،
والظُّروفَ العصيبةَ التي تَعيشها الأمةُ؛ لَتَحْزنَ كُلَّ الحَزَنِ !
وفي خِضَمِّ هذه النَّكباتِ والجَهالاتِ التي لم يَزَلِ المُسْلمون
بَعْدُ يَتَجرَّعُون غُصَصَها
إذْ بالصُّحُفِ تُطَالِعُنا، والأخْبارُ تُوافينا بحادِثةٍ وَخِيمةٍ؛
أزْعجَتِ المُسلمين بِنَارِها وشَرارِها، حَيثُ أثارَ بعضُ
سَدَنةِ الإعْلام المُغرِضين
حَادثةَ مَوْتِ رَجُلٍ رَقيعٍ ممَّنْ أُشْرِبوا في قُلُوبِهم حَبَّ الغِناءِ
وهو المَدْعُو : طَلالُ مَدَّاح؛ كَما خَرجَ أخيراً
مُلْحقٌ لإحدى الجرائدِ المَحليَّةِ
تحت عِنْوان " وِتِرْحَلْ يا طَلال"!
فما كان لي أنْ أُشْغِلَ وَقْتي،
أو أُجْهِدَ ذِهْني في الحديثِ عن أهلِ العَفَنِ الفَنِّي الهابِطِ السَّاقِطِ
ممَّن قَتَلُوا الفضيلةَ، ونَشَروا الرَّذيلةَ، ولكنْ لمَّا عَمِلتْ أيدي الفَسَادِ،
وتكلَّمت الرُّوَيبضات
وخرجتِ الأفاعِي مِنْ جُحُورِها تَنْفُثُ سُمُومَها، وتَتَلوَّنُ بألْسنَتِها
... عَبْرَ قَنَواتِ الإعلامِ الَّتي لم تزلْ تَفُوحُ بِرَوائِحِهم
النَّتِنةِ الَّتي تَزْكُمُ الأُنوفَ!
وذلك حِينما قَامُوا مَثْنى وفُرَادى في تَقْليبِ الحقَائقِ
والتَّلاعُبِ بالألْفاظِ الشَّرعيةِ
وامْتِهانِ شَرَفِها وقَدَاسَتِها، والاسْتِخْفَافِ
بآدابِ ومَشَاعِرِ أهْلِ التَّوحيدِ في هذه البِّلادِ الطَّاهِرَةِ ...!
فحَسْبُنا الله ونِعْمَ الوكيل .
* * *
في حِين كان مِنْ الوَاجِبِ على المَسْؤولين
أنْ يُوقِفُوا هذا العَبَثَ الإعْلامي
وذَلك مَاثلٌ في خَرْسِ ألْسِنةِ العابِثِين، وكَسْرِ أقْلامِهم،
وهَتْكِ أسْتارِهم لِكلَّ ذِي عَيْنٍ؛ جَزَاءً وِفاقًا، لأجْلِ هذ
ا وذاك احْتَسَبْتُ هذه الوِرَيْقات في نَصْرةِ دِينِ الله تعالى
ودَفْعِ عادِيةِ أهلِ الباطلِ - إنْ شاء الله -
لذا فقدْ نَظمتُ رِسالَتِي هذِه في خَمْسَةِ أبْوابٍ :
الباب الأول : الإعلامُ في سُطُور .
الباب الثاني : طلالٌ في سُطُور .
الباب الثالث : الأقوالُ حولَ طلال .
الباب الر ابع : أحكامُ المُجاهرين بالكبائرِ في الحياةِ وبعدَ المَمَاتِ .
الباب الخامس : الدِّينُ النَّصيحة .
قال الشيخ:
ويكفينا فيه قول الله تعالى :
" ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ... "
الآية، فَلَهْوُ الحَديثِ هُنا، هو :
الغناءُ، قَالَهُ أكثْرُ المُفَسِّرين، كابنِ مَسْعودٍ، وابنِ عباسٍ رضي الله عنهما .
وقولُه صلَّى الله عليه وسلم :
" ليكوننَّ من أُمَّتي قومٌ يَستَحِلُّون الحِرَ، والحَريرَ، والخمرَ، والمعازفَ ..."
رواه البخاري
والمَعازِفُ هنا : آلاتُ اللَّهو كلُّها وقوله صلى الله عليه وسلم :
" يكون في أمَّتي قذفٌ، ومسخٌ، وخسفٌ "
قيل : يا رسولَ الله!، ومتى ذلك ؟ قال :
" إذا ظَهرتِ المَعَازفُ، وكَثُرتِ القِيَانُ، وشُرِبتِ الخُمُورُ "
رواه الترمذي
والقيانُ : جَمْعُ قَيْنَةٍ، وهي : المغنِّيةُ مِنَ الإمَاءِ .
مَنْ هو طلالُ مدَّاحٍ ؟!
هو طلالُ بنُ عَبْدُه الشَّيخُ بنُ أحمدَ الجابرِي
(1359-1421هـ)، من أسْرَةٍ حَضْرميةٍ .
فقد نَزَحَ والدُه عبدُه الشيخ مِنْ قريته الصغيرةِ من حَضْرموت
إلى مَكةَ المكرمة عام ( 1355هـ)
حزنًا وكمدًا على سُوْءِ حَظِّه، وتعاستِهِ بعد أنْ فَشِلَ مِنْ الزَّواجِ
من إحْدَى بناتِ عُمُومتِه، ثمَّ سَكَنَ في حي أجياد بمكة
ليبدأ مرحلة عملٍ قاسيةٍ حيث كان يعملُ ساقيًا للماءِ
فاستطاعَ أن يجمع خلالها مبلغًا من المالِ ساعده على الزَّواجِ
من كريمةِ عبدِ المحسنِ بُخَاري،
إلاَّ أنَّ فترةَ الزَّواجِ هذه لم تستمرْ سِوَى تِسْعةَ أشْهرٍ
حيثُ انتهتْ بوفَاةِ وَالدةِ طلالٍ رحمها الله حَيثُ ماتَتْ مِنْ مُعَاناةِ وِلادَتِها؛
حين وَضَعَتْ مَوْلُودَها الأوَّلَ طَلالاً !
أمَّا نِسْبتُه لعائلةِ المدَّاحِ فهي من التَّساهُلِ المذمومِ شَرْعًا
فهو يَعُودُ إلى اسْمِ زَوْجِ خَالَتِه : عَلي المَصْرِي المدَّاح
حيث أسْلَمَهُ والدُه إلى زوجِ خالتِهِ المصْرِي لِيَتَولَّى تربيتَه
وكانت عائلةُ المدَّاحِ تُعْرفُ بالمدَّاحين
أيْ : مَدَّاحِي النَّبي صلى الله عليه وسلم،
وهذا لا شكَّ أنَّه مِنْ إفرازاتِ الصُّوفيَّةِ !
فقد صَحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" إذا رأيتُم المدَّاحينَ فاحْثُوا في وُجُوهِهم التُّرابَ "
رواه أحمد
وتَرَعْرَعَ طلالٌ في هذه الأسْرةِ، وَشَبَّ على الغناءِ مُنْذُ صِبَاه
حتى أُشْربَ في قَلْبِه حُبُّ الغناءِ، وهكذا
حتى أصبحَ مِنْ كِبارِ المُغنيين السَّاقطين، الَّذين أفْسَدُوا أكْثَرَ مِمَّا عَمَّروا
فَقَضَى زَهْرَةَ شَبَابِه حتى آخِرَ لحظةٍ من حياتِه
وهو يَعْصِي رَبَّ العالمين بغنائِه الهابط
نعم؛ وبكلِّ أسَفٍ هذا طلالٌ؛ أربعين سنةٍ قضاها في أسْوءِ حَالٍ
ومات على هذه الحالِ ! اللهم نَسْألُك حُسْنَ الخِتَامِ، اللَّهمَّ آمين!
ماذا قدَّمَ طَلالٌ لأمَّتِهِ ؟!
لقد قدَّم طلالٌ ما يَسْتحِي المُسلمُ مِنْ ذِكْرِه
إنَّه قدَّمَ بِكلِّ أسَفٍ : مَائتين وألفَ أُغنيةٍ
لقد قدَّمتَ يا طلالُ لأمَّتِك ما لَمْ يُقَدِّمُه ألْفُ عَدُوٍّ محُاربٍ
يوم قوَّضْتَ أخْلاقَ الأمَّةِ بألفٍ ومائتين أُغنية هابطة
كيفَ ماتَ طَلالٌ ؟!
لا يَخْفى الجَمِيع كيف مات طلالٌ !
إلاَّ أنَّي أحببتُ أنْ أذْكُر شيئاً عَنْ حَالِ
موتِه للاعتبارِِ والعِظَةِ لِمَنْ ألْقى السَّمعَ وهو شَهيد .
نعم؛ صَعَدَ طلالٌ خَشَبةَ المَسْرحِ في الثُّلثِ الأخيرِ مِنَ لَيْلةِ الجُمُعةِ
– حين ينزل الربُّ إلى السَّماءِ الدُّنيا ليتوبَ عن التائبين
ويُجيبَ دعوةَ السَّائلين …
وهذا في ليلةٍ مباركةٍ طالما أحْياها
الصَّالِحون بالسُّجودِ والاسْتِغفارِ
– وأبناءُ المُسلمين حَوْله يُصفِّقُون ويُصفِّرُون ترحيبًا به
قام يغني:
" الله يِرِدْ خِطَاكَ لِدُرُوبِ خِلاَّنَكْ "
وبينما التَّابعُ والمتبُوعُ في سكرتِهم يَهِيمون ويتمنَّون
إذْ بمَلَكِ الموتِ يأتي على قَدَرٍ يا طلال
حتى إذا ما وَصَلَ هذا الرَّجُلُ عند أسْوَءِ سَوْءةٍ في أُغْنيتِه
وهي قوله : " يا معذِّبي "
إلاًّ ومَلَكُ الموتِ قد انْتَزعَ منه الرُّوحَ،
بعد أنْ تَحَجْرجَ الصَّوتُ واخْتَفَى
ثمَّ ما هي إلاَّ لحَظَاتٌ حتى سقطَ طلالٌ صَريعًا
على عُودِه (قيثارتِه )
مُحْتضنًا له بكلِّ حرارةٍ
فلمَّا أدْركهُ الطَّبيبُ المُرافقُ تفاجأَ بأنَّه قَدْ أزْرَقَّ وَجْهُهُ
وتوقَّف نَبْضُه
هكذا ماتَ طَلالٌ، اللَّهم رُحْماك، اللَّهم رُحْماك!
فهكذا؛ الحاجُ يبعثُ مُلبيًا
والشَّهيدُ يُبْعثُ وجُرحُهُ يتفجَّرُ دَمًا
والسَّكرانُ يُبعثُ مخمورًا، والمغنيُّ يُبعثُ مغنِّيًا !
الإعلامِ
الذين استباحوا الصحفَ والمجلاتَ في تَرْويجِ باطلِهم
وغَشِّ أُمَّتِهم، وخِداعِ السُّذَّجِ من أبناءِ المسلمين !
وهذا كلُّه ضِمْنَ كلماتِهم المُزوَّرةِ، وعباراتِهم المُنْكرةِ
يوم قالوا عن طلالٍ : شَهيدُ الفَنِّ، فقيدُ الفَنِّ، المَرْحُومُ
المُنَاضِلُ، قُدْوةُ المُغنِّيين، صاحبُ رِسالةٍ، فَنَّانُ العربٍ
قِيثارَةُ الشَّرقِ، صُوْتُ الأرضِ، أُستاذُ الفَنانين
حتى جاءَ أشْقَاهُم وقال عنه :
يا أيَّتها النَّفسُ المطمئنةُ ارْجعي إلى رَبِّك راضيةً مرضيةً
... إلى غيرِ ذلك من الكلماتِ المُستنكرةِ !
والله المستعان على ما يصفون .
فحديثنا مع هؤلاءِ السُّفهاءِ الحَمْقى
بأنْ نُذَكِّرَهم بقول الله تعالى :
" ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل
الله عنهم يوم القيامة أم مَّن يكون عليهم وكيلاً "
الآية
فإذا استطعتم أيُّها الإعلاميون
أنْ تُجَادِلوا وتُنَافِحُوا وتُدُافِعُوا عن أهلِ الغناءِ السَّاقطِ
في حياتِكم الدُّنيا عبرَ صُحُفِكم
فمنْ ذَا الَّذي سَيُجَادلُ ويُدَافعُ عنهم يومَ القيامةِ ؟!
وقوله صلى الله عليه وسلم :
" ... إن العبدَ ليتكلمُ بالكلمةِ من سَخَطِ الله
لا يُلقي لها بالاً يَهوي بها في جهنَّم "
رواه البخاري
فيكفيكم هذه الكلماتُ التي أسْخطتم بها ربَّ العالمين
وآذيتُم بها المسلمين
فهل أَمِنْتُم بعد هذا ألاَّ يُؤاخذكم الله بما تقولون ؟!
ثمَّ نذكِّرهم بقوله صلى الله عليه وسلم :
" المَرْءُ مَع مَنْ أحَبَّ "
رواه الترمذي
فيا أهل الغناء :
إذ كنتم صادقين فيما تقولون :
بأنكم تُحبُّون طلالاً؛ فادعوا الله تعالى أن يَحشُرَكم معه
وأن يُميتَكم كما ماتَ عليه !
ونحن مِنْ وَرَائِكم – إنْ شئتُم – نُؤمِّنُ على دعائِكم
وإنْ كان هذا يَعزُّ علينا !، لكنَّ عزَانا فيكم أنَّكم تَعلمون
بأنَّا نَعلمُ أنَّكم كاذبون فيما تقولون !
وأذَكِّرُهم بقولِ النبي صلى الله عليه وسلم :
" مَنْ وَلِيَ من أمورِ المسلمين شيئًا فغشَّهم فهو في النَّار "
رواه الطبراني
وقال المرداوي :
" وقال جماعةٌ من الأصحاب :
إن كان الميتُ معروفاً ببدعةٍ، أو قلةِ دينٍ
أو فجورٍ ونحوه؛ فلا بأس بإظهارِ الشَّرِّ عنه
وسترِ الخيرِ عنه لتجتنبَ طريقتَه"
وبنحوه قال العثيمين في صاحب البدعة :
" ومن رأى على وجهِهِ مكروهاً، فإنه ينبغي
أن يُبيِّنَ ذلك حتى يَحذرَ الناسُ من دعوتِه إلى البدعةِ
لأن الناسَ إذا علموا أنَّ خاتمتَه على هذه الحالِ
فإنهم ينفرون من منهجِه وطريقِه
وهذا القولُ لا شك أنه قولٌ جيدٌ وحسنٌ
لما فيه من درءِ المفسدةِ التي تحصلُ باتباع هذا المبتدع الداعية ".
وللمسلمين إساءةُ الظنِّ بمن مات مجاهراً بمعصيته .
قال محقِّقُ المذهب البهوتي وغيره :
" ولا حرجَ بظنِّ السوءِ بمن ظاهرُه الشَّرُّ "
وقال شيخنا العثيمين :
" وأمَّا من عُرف بالفسوق والفجور ،
فلا حرج أن نُسيءَ الظَّنَّ به؛ لأنه أهلٌ لذلك ".
وهناك أحكامٌ كثيرةٌ تتعلَّق بالمجاهرين
من أهل الكبائر عَدَلْتُ عنها
فمن أرادها فلينظُر كتابَنا " أحكامُ المُجاهرين بالكبائر"،
والله الموفق .
ذياب بن سعد آل حمدان الغامدي
20/5/1421هـ
روح المسك