المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ذكريات موسوس سابقا


نهرالعسل
24/08/2004, 07:14 PM
أود أن أذكر تجربتي مع مرض الوسواس القهري علها تكون مفيدة للمصابين بهذا المرض، وأن تحمل لهم بين طياتها بعض الإجابات على أسئلتهم الحائرة، وحتى ينتعش الأمل في قلوبهم بأن هذا المرض له دواء وله شفاء وليس ميئوسا منه.

بدأت تجربتي مع الوسواس القهري من حوالي ست سنوات، وقد بدأت مع بداية المرحلة الثانوية، وكانت من شقين:
الأول هو موضوع وسواس الطقوس وتكرار الأفعال: وكانت متركزة بشدة في مسألة الطهارة والصلاة بصفة خاصة، وكانت له صوره المختلفة والمتنوعة، حتى وصل الأمر إلى قضاء ما يزيد عن ساعة في الوضوء، أما الغسل فكان أشبه بمعركة حربية لها ترتيباتها وخططها واستعداداتها الخاصة، ناهيك عن تكرار الصلوات مرات ومرات... إلخ. ولا يمكنكم تخيل مدى الضيق والتذمر والقلق الذي كنت أسببه لوالدي بسبب هذا الموضوع.. وقد استمر هذا النوع معي ست سنوات كاملة.

والعجيب أنني كنت عندما أستفتي في شيء من هذه الأشياء وتأتي الإجابة لتريحني من بعض التصرفات أجد أن عقلي يتفتق عن مشاكل جديدة وممارسات جديدة (يا له من إبداع!) تزيد الطين بلة، وبهذه المناسبة أحب أن أشيد بأستاذنا الدكتور علي جمعة فقد سألته ذات مرة عن إحدى المشاكل التي تواجهني في هذا الجانب، لكنه رفض إجابتي قائلا إنه لا فائدة من الفتوى، وإن الحل الوحيد هو الاتجاه إلى الطبيب النفسي.

والحقيقة أنه من المهم أن يكون أهل العلم والفتوى على دراية بمثل هذا الموضوع -خاصة أن كثيرا من صور هذا المرض تظهر في صورة مشاكل دينية- وبالتالي إذا نصحوا باللجوء إلى الطبيب النفسي فإنهم يختصرون المسافة والمعاناة التي تحيط بالمريض.

كما عانيت أيضا من وسواس الأفكار والهواجس، وكانت في مسائل العقيدة وذلك في صورة أفكار كريهة تحوم حول مواضيع لها قداستها، ولا ينبغي التفكير فيها إلا بما تستحق من الإجلال والاحترام، وللعلم فإن هذا الجانب في بعض الأحيان يكون أكثر إيلاما أو إزعاجا من النوع الأول، وهو كفيل بأن يحيل حياة المريض إلى جحيم لا يهنأ معه بشيء، وقد استمر هذا الأمر معي حوالي ثلاث سنوات.

المهم كانت غلطتي الأولى هي أنني لم أتجه الاتجاه الصحيح وهو الطب النفسي، واستشرت المعارف والأهل، والعجيب أن بينهم مثقفين كبارا، وكلهم ينصحونني بالذكر وقراءة القرآن... إلخ، وكلها أمور مهمة لا أنكر أهميتها -بل إن البعض منهم وبخني ونهرني على طريقتي في التفكير- ولكن لكل داء دواء؛ وبالتالي لا بد من العلاج. المهم، بعد مرور حوالي ثلاث سنوات ومع اشتداد الوضع اقترح علي الأهل الذهاب إلى الطبيب النفسي (والحقيقة أنهم اقترحوه على استحياء وكأن الذهاب إلى الطبيب النفسي سبة أو وصمة عار)، وهنا وقعت في غلطتي الثانية، حيث رفضت ذلك تماما تحت تأثير الأفكار الخاطئة المتداولة في ثقافتنا عن الطب النفسي، وأنه للمجانين فقط أو أنه عبارة عن جلسات من الكلام والدردشة التي لا طائل من ورائها.

المهم؛ في السنة السادسة من بداية المرض بدأت البحث في الإنترنت ووجدت الكثير من المواقع التي تتحدث عن هذا المرض وعلاجه، وكان لصفحتكم هذه نصيبها الوافر فجزاكم الله كل خير، وقد دفعني هذا البحث إلى اتخاذ الخطوة الصحيحة وهي اللجوء إلى الطبيب النفسي، ولكي أجعل الأهل يتقبلون هذه الفكرة ولكي أجعلهم يغيرون الفكرة الخاطئة عندهم عن الطب النفسي قمت باقتطاف بعض الصفحات من الإنترنت التي تتحدث عن هذا الموضوع وطبعتها وقدمتها إليهم ليقرءوها، وقد كانت فكرة ناجحة جدا، وأعتقد أنها مفيدة لكل من يمر بهذا الموقف، والحمد لله استشرت الطبيب، واستمررت على العلاج الذي آتى ثماره بحمد الله تعالى وتوفيقه.

بالنسبة للعلاج: كما تفضلتم وأشرتم في عدد من إجابتكم على هذه النوعية من المشاكل هناك العديد من الأدوية لهذا المرض؛ لذا فسأصف هنا العلاج الذي سرت عليه أنا، فقد وصف لي الطبيب "أنافرانيل Anafranil"، بالإضافة إلى علاج آخر مؤقت (استمر لمدة ثلاثة أشهر) "ريسبيردال Resperidal"، وقد بدأ معي الطبيب في الأنافرانيل بحبة واحدة 25جم ترتفع الجرعة تدريجيا يعني كل أسبوعين حبة زيادة مثلا حتى وصل إلى 150جم أي ثلاث حبات صباحا وثلاث مساءً.

وبدأ معي التحسن بعد حوالي شهر، واستمر إلى أن وصل إلى قمته بحمد الله بعد حوالي خمسة أشهر، ولكن قرر الطبيب الاستمرار على العلاج بجرعة مخفضة، وأنا الآن في الشهر الثامن على ما أعتقد، وأتناول الجرعة المخففة 75جم، والأمور تسير على ما يرام بحمد الله.

ختاماً.. نصيحتي لكل مصاب بهذا المرض أن يتخذ الخطوة الصحيحة ويتجه إلى الطبيب النفسي، ولا يلتفت إلى من يزعم أن هذا المرض نتيجة لضعف الإيمان أو مطاوعة الشيطان.. إلخ، فهذا المرض مثله مثل الصداع والمغص، فهل يزعم أحد أنك ضعيف الإيمان لمجرد إصابتك بالمغص مثلا..؟ الإجابة هي لا بالطبع.

النصيحة الثانية هي الصبر والاستمرار على العلاج؛ لأنه من خلال تجربتي الشخصية لا تظهر بوادر التحسن إلا بعد شهر وأحيانا ثلاثة أشهر، كما أن فترة العلاج قد تمتد إلى سنة، نعم قد يعتقد المريض أن الموضوع طويل، ولكنه على كل حال يستحق الجهد والصبر، ولا يمكن تخيل مدى الراحة التي يشعر بها المريض عندما يشفيه الله ويعافيه من هذا المرض.

ويجب على المرضى أن يتذكروا -قبل كل شيء وبعده- أن الشافي هو الله، وأن العلاج ما هو إلا سبب للشفاء فعليهم مع طلب العلاج والأخذ بالأسباب الاتجاه إلى مسبب الأسباب فهو القادر على كل شيء.

كما أزف لهم هذه البشرى النبوية، علها تخفف عنهم بعض الآلام التي يجدونها:
-عن عروة بن الزبير ‏أن ‏‏عائشة ‏ ‏-رضي الله عنها- ‏زوج النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏‏قالت: ‏قال رسول الله‏ ‏صلى الله عليه وسلم: "‏ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفّر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها" [رواه البخاري].
- ‏عن ‏أبي سعيد الخدري ‏‏وعن ‏أبي هريرة عن النبي ‏‏صلى الله عليه وسلم ‏‏قال: "‏ما يصيب المسلم من‏ ‏نصب ‏‏ولا ‏وصب‏ ‏ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه‏" [رواه البخاري]، وختاما.. أرجو ألا تنسوني من دعوة بظهر الغيب، وأسأل الله لجميع مرضى المسلمين الشفاء العاجل وراحة البال.

ملاحظة: في أثناء بحثي على الإنترنت قمت بعمل ملف يضم بعض المواضيع والاستشارات المتعلقة بهذا المرض، وقد استفدت من بعضها كما ذكرت في تصحيح الفكرة الخاطئة لدى أهلي عن الطب النفسي، كما قمت بإعطائها لبعض زملائي في الكلية ممن أصيبوا بهذا المرض (تخيل أن في دفعتنا التي لا تزيد عن واحد وعشرين طالباً، ثلاثة مصابون بهذا المرض، وليس هذا حكما من عندي بل إنهم ذهبوا إلى الأطباء وهو الذي شخص هذه الحالة لهم).. كما أنني مشارك في بعض المنتديات المهتمة بالطب النفسي، وأعمل على مساعدة من يعانون من هذا المرض، وأعتقد أن هذا أقل ما يمكنني فعله؛ شكرا لنعمة الله علي بالشفاء من هذا المرض.

أم رتيبة
15/06/2007, 06:38 PM
http://up.alfrasha.com/u/1265/8334/163144.gif

شكرا جزيلا لك
وجزاكـــ الله خيرا

http://www.21za.com/pic/thankyou003_files/15.gif

http://www.m5zn.com/uploads/dcb3fe0b11.gif
http://www.m5zn.com/uploads/0336a79dd8.gif
http://up.alfrasha.com/u/1265/8334/163144.gif
http://www.islamroses.com/zeenah_images/4.gifhttp://www.islamroses.com/zeenah_images/4.gifhttp://www.islamroses.com/zeenah_images/4.gif