المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حل مشكلت الشاب تابع موضوع الوسوسه


نهرالعسل
24/08/2004, 07:19 PM
الحل


الأخ العزيز: حياك الله، وأدام عليك الهناء وراحة البال، نعم المسلم أنت إذ تريد أن تجنبَ إخوانك في الله المرور بمثل معاناتك، والحقيقة أنك تتمتعُ بقدرةٍ ممتازةٍ على العرض والتحليل وهذا ما دفعنا إلى نشر رسالتك كاملةً، لما نجدهُ فيها من نفع عظيمٍ لمن شاء لهم الله الابتلاء باضطراب الوسواس القهري ولغيرهم ممن يحملون مفاهيم ما أنزل الله بها من سلطان تدفعهم في طرقٍ تزيد معاناتهم وتبعدهم عن طريق الطبيب النفسي، كما نعدك بأن نرسل ذلك الملف إلى كل من يحتاج إليه كما طلبت.

بينت في أول رسالتك كيف تاهت بك السبل بمعاناتك بعيدًا عن الطبيب النفسي، والحقيقة أن المسار المرضي لاضطراب الوسواس القهري مسار طويل من حيث المدة الزمنية خاصة إذا عرفنا أن كثيرًا من المرضى يستمرون في معاناتهم سرًّا فترة طويلة ربما تصل إلى سنوات عديدة، وهم يخجلون من الشكوى من معاناتهم أو يخافون من وصفهم بالجنون أو الكفر! وذلك رغم ما روي من أن أحد الصحابة قال للرسول صلى الله عليه وسلم: "إني لأجد في صدري ما تكاد أن تنشق له الأرض، وتخر له الجبال هدًّا"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوجدتموه في قلوبكم.. ذلك صريح الإيمان"، ثم قال: "الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة". صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم (رواه مسلم وأبو داود وأحمد عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه). وفي حديث آخر: "إن الشيطان ليأتي أحدكم فيقول له: مَنْ خلق الشمس؟ فيقول: الله. فَمَنْ خلق القمر؟ فيقول: الله. فيقول: فمن خلق الله؟ فمن وجد ذلك فليقل: آمنت بالله ورسوله". صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم (رواهُ مسلمٌ ‏عَنْ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏رضي الله عنه)، وذلك حتى يقطع الإنسان هذه الوساوس.

وهنالك أيضا من يعانون ولا يعرفون أن ما يعانون منه هو مرضٌ يمكنُ أن يعالج كما ذكرت أنت أيضًا في إفادتك. ولكن ما الذي يحدث بعد أن يتخلى الإنسان عن سره الأليم؟ إن مسار المرض يعتمد الآن في مجتمعاتنا العربية إلى حد كبير على: لمن أفشى المريض سره؟ هل لأبيه أم لأمه أو من هو في وضع أي منهما؟ هل للشيخ في المسجد؟ أو للأب في الكنيسة هل لأخيه هل لصديقه؟ هل لطبيبه الباطني أو للصيدلي الذي يعرفه؟

إن الكلام عن المسار المرضي لمرض نفسي في بلادنا لا بد أنه مختلف عما هو في البلاد الأخرى التي يتكلم فيها الأطباء النفسيون بطريقة يفهمها المجتمع الذي يعيشون فيه بالشكل الذي يجعل معظم الناس يعرفون ما هو الوسواس القهري، ويدلون المريض بالتالي إلى الاتجاه الصحيح، لكن الذي لا شك فيه أن المريض المحاط بأناس أصحاء من الناحية النفسية سواء في مجتمعاتنا أو غيرها يصل إلى الطبيب النفسي في نهاية الأمر.

فإذا أردنا أن نقـدر المدة الزمنية التي يضيعها المريض بالوسواس القهري في مسالك غالبا ما تزيد من معاناته أو على الأقل لا تفيده، فلدينا بحث أجري في مصر أوضح أن:
1- نسبة 7% فقط من مرضى الوسواس القهري يصلون الطبيب النفسي خلال العام الأول للمرض.
2- نسبة 18% من مرضى الوسواس القهري يصلون الطبيب النفسي خلال العام الثاني للمرض.
3- نسبة 41% يصلون الطبيب النفسي بين العام الثاني والعام الرابع لظهور أعراض المرض.
4- نسبة 26% يصلون الطبيب النفسي بين العام الرابع والعام الثامن لظهور أعراض المرض.
5-نسبة 10% يصلون الطبيب النفسي بعد أكثر من عشرة أعوام من ظهور أعراض المرض.

ومن الملاحظات الجديرة بالذكر في ذلك البحث أن المرضى من المناطق الريفية كانوا يصلون إلى الطبيب النفسي بعد مدة زمنية أقل من سكان المدن، ويبدو ذلك عكس المتوقع، إلا أن الحقيقة أن سكان الريف يلجئون بسرعة إلى الشيخ الذي يفشل في مساعدتهم فيلجئون بعد ذلك مباشرة إلى الطبيب النفسي في المدينة، وربما كان لوجود الأخير في المدينة لا في القرية ما يسهل عليهم ذلك، أما سكان المدن فغالبا ما يمرون بعد الشيخ على جراح المخ والأعصاب ثم يستبدلون به آخر.. كل ذلك هربا من وصمة المرض النفسي التي هي أكثر تأثيرا عندنا في أوساط الطبقة المتوسطة من ساكني المدن منها في الريف، وذلك استنادا إلى ملاحظات العديد من الأطباء النفسيين، وإن لم تكن لدي دراسة تؤكده.

وأما النقطة الثانية المهمة جدا في إفادتك فهي ما أشرت إليه من موقف فضيلة الأستاذ الدكتور "علي جمعة" معك، فهو نعم المثل على الفقيه المتبصر بأمور الدين والدنيا معا، وليس هذا غريبا على شيخنا الذي أنعم الله تعالى عليه بفطنة لا تخفى على أحد، فأنا شخصيا استفتيت فضيلته عدة مرات بناء على أسئلة من مرضاي ولا أخفيك أنني كنت أعجب من فطنته حين يقول لي مثلا:

المريض الذي سألك هذا السؤال موسوس، وعليك أن تجيبه بكذا، وكان لطريقة فضيلته في التحليل والرد ما دفعني بحق إلى زيادة الإصرار على أن يكون للمسلمين طبهم النفسي الخاص بهم؛ لأن علم النفس والطب النفسي ليسا من مبتدعات الحضارة الغربية كما يعتقد ويردد الكثير من المثقفين مع الأسف، بل إن التناول النفسي للإنسان هو الأصل في الشرع الإسلامي وفي عمل الفقيه المسلم كما تعلمت وفهمت من ردود وطريقة تفكير فضيلة الشيخ علي جمعة، فماذا أقول لك غير ادع الله أن يجعل جل شيوخنا مثل فضيلته.

وإنه لمن دواعي إسعادنا واعتزازنا أن تكون معظم محتويات الملف الرائع الذي قمت بإعداده وبعثته لنا لنرسله لمن يستشيرنا من مرضى الوسواس القهري، معظم محتويات هذا الملف عبارة عن صفحات من صفحة "مشاكل وحلول للشباب"، ومن بينها:
• الوسواس القهرى : أنواعه وأعراضه وحكمه الشرعى
• الوسواس والحسد واللغة العربية
• الوسواس مرض أم شيطان؟
• الوسواس القهري.. " الموت " فقط
• (ماس) و(ماسا) .. هل "يخربطوا" الدماغ
• الخناس واللاخناس.. أنواع الوسواس
• الوساوس: مرض أم شيطان؟!
• الماس والماسا واحتمال الخطأ
• الصبر على الماس يمحو الوسواس
• "التجارة.. اللغة.. الكمبيوتر.. وسواس الحرام".. متابعة
• هل يحاسب الإنسان على الوسواس القهري؟

وأما النقطة التي أشرت إليها في آخر إفادتك من أن ثلاثة من واحد وعشرين هم كل دفعتك الدراسية أصيبوا بالوسواس القهري فهذا بالتأكيد معدل انتشار مرعب، ولكنه والحمد لله مصادفة بالتأكيد، فنتائج الدراسات العلمية القليلة التي أجريت في منطقتنا العربية لا تشير إلى معدل مرتفع بهذا الشكل، وإن كانت أكثر هذه الدراسات احتكاكا بالمجتمع قد أعطت معدل انتشار الوسواس القهري 3% وهو أكثر من كل الدراسات الأخرى.

وإذا قدرنا على أساس نتيجة هذه الدراسة فإن هناك ما يزيد على تسعة ملايين شخص عربي يعانون من اضطراب الوسواس القهري في درجته الشديدة. إن وجود ثلاثة أفراد من كل مائة فرد يعانون من مرض ما يمكن أن يسبب عائقا كبيرا لحياتهم الشخصية، وعائقا أكبر للمجتمع من خلال تأثيرات اضطرابهم على أسرهم وعلى قدرتهم على العمل وقدرتهم الإنتاجية بشكل عام.

ومن المهم بالطبع أن أبين أن فرقا كبيرا يوجد بين أن ندرس المترددين على عيادات الطب النفسي الموجودة في أنحاء العالم العربي المختلفة، وبين أن ندرس معدل الانتشار في المجتمع خاصة عندما يكون الكلام عن اضطراب نفسي تتداخل معظم أعراضه مع التصرفات العادية الطبيعية للبشر جميعا مثلما هو الحال في اضطراب الوسواس القهري وفي اضطراب الاكتئاب وفي غير ذلك من الاضطرابات النفسية.

فمثلا يمكن أن تعتبر أم مريضة باضطراب الوسواس القهري، مجرد أم تهتم بالنظافة أكثر من اللزوم، وتعيش هي وزوجها وأبناؤها ربما العمر كله دون أن يعتبر أحد أن الأم مريضة بالوسواس القهري، ويمكن كذلك أن تعتبر أم توسوس في خوفها على أولادها مجرد أم كثيرة القلق على أبنائها لأنها تحبهم! ولا يرى أحد في هذا الأمر علامة على اضطراب نفسي... والأمثلة كثيرة على ذلك لكن الأمر طبعا يتعلق في معظم الأحيان بالحالات الخفيفة أو المتوسطة الشدة من اضطراب الوسواس القهري، وهذا ما يسبب الفرق الذي أتكلم عنه؛ لأننا لا نستطيع أبدا أن نتصور أن كل من يعانون من اضطراب الوسواس القهري، إنما يعرفون أنه مرض ويعرضون أنفسهم على الطبيب النفسي بناء على ذلك، أي أن هناك أعدادا كبيرة جدا من المرضى لا يعرفون أنهم مرضى.

إذن لو حدث مسح طبي نفسي لتحديد معدلات انتشار الوسواس القهري في الأفراد العاديين في المجتمع لاكتشفنا أضعاف أضعاف الأعداد التي تصل إلى عيادات الطب النفسي، وأنا أستثني أيضا قطاعا كبيرا من المرضى يبحثون عن المساعدة لمعاناتهم عند الدجالين وعند مدعيي العلاج بالقرآن الكريم، وأستثني أيضا أولئك الذين يعرفون أن ما يعانون منه هو خبرة نفسية غير طبيعية، لكنهم يخافون من الإفصاح عنه مخافة اتهامهم بالجنون أو لأنهم يعتقدون أن ما يعانون منه مقتصر عليهم ولا يعاني منه غيرهم، أي أنني أتكلم عمن هم على استعداد للإدلاء بمعلومات صحيحة لمن يقومون بالمسح الطبي النفسي.

وأما النقطة الأخيرة التي أود تنبيه المتصفحين لها فهي أن نوعية وجرعات العقاقير التي تحسنت أنت عليها بفضل الله ليست صالحة للتعميم بأي شكل من الأشكال، فلكل إنسان منا تركيبته النفسية والعضوية الخاصة جدا، وما قد يفيد في علاجك قد يضر بحالة غيرك رغم تشابه الأعراض الخارجية للاضطراب، ولذلك وجب علينا التنبيه إلى ضرورة وصف العقار بواسطة الطبيب النفسي المتخصص بعد التقييم الشامل لحالة المريض النفسية والجسدية.

وفي الختام أشكر لك مجهودك الرائع وشعورك الطيب، وأسأل الله أن يجزيك خير الجزاء، وتابعنا بأخبارك.

أم رتيبة
12/06/2007, 09:22 PM
مشاركــة ممتـــازة كعادتكـ

سلمتى وسلمت يدكـ