نواف بيك البريدية
26/01/2009, 01:30 AM
قصتي مع الفشل
بقلم الدكتور سعود المصيبيح
http://www.yabdoo.com/users/476/gallery/3645_p168860.gif
تقول المعرفة إن هدفها من هذا الباب هو إيصال رسالة للجيل الجديد بأنالحياة لا تأتي بالنجاح والعطاء بسهولة بل لابد من المحاولة والتعلم منالفشل للوصول لمراتب أعلى... وقد لاحظت مؤخرًا من خلال محاضرات ولقاءاتلمجموعة كبيرة من طلبة كليات التقنية في المملكة أن المشكلة في أن الجيلالجديد لا تتاح له الفرصة في الالتقاء بالأجيال التي تقدم نماذج مختلفة منالحياة، وفوجئت بأسئلة واستفسارات تدل على أن ما يحدث في التعليم العاميحتاج إلى مشروعات كثيرة على غرار مشروع الملك عبدالله.. وقالها طالب فيسنته الأولى الجامعية
لماذا لم نسمع بمثل هذا الكلامفي المدرسة؟ وقلت له إن المدرسة انشغلت بالحفظ والتلقين وإنهاء جدول اليومالدراسي بمعلمين يصارعون من أجل العطاء جلهم مخلصون إن شاء الله ولكنهمضاعوا في تأثير القلة اللامبالية فجاءت المخرجات بهذا الوضع. ولقد صغرتأمام نفسي وأنا أقرأ هذا الباب لشهر رجب مع رجل لم أسمع به من قبل (وهذاقصور مني) وهو العلامة الأستاذ الدكتور سهيل زكار الذي قدم تجربة ودروسًاعظيمة أتمنى من المعرفة أن تجمع أجمل وأقوى ما قيل في هذا الباب، ثم تنشرهفي كتاب ومن ذلك تجربة الدكتور سهيل الذي خلّف تراثًا تاريخيًا من الكتبوالمؤلفات ولا يزال يواصل العطاء وأسرة ناجحة تمثل في مخرجات طبية نافعةلوطنه وأمته.
أما كاتب هذهالسطور فأقول كبداية إنني ولدت في حي العطايف في الرياض في بيت جدي لأمييوسف بن عبدالرحمن النفيسة، رحمه الله، من أم حملتني وهي صغيرة ولم تتجاوزالسادسة عشرة من عمرها. بعد أن تزوجت والدي الذي نقلها إلى بيته الكبيرالواقع في حي دخنه في الرياض مع زوجاته الثلاث ما لبثت أن عادت بعد سنةونصف مطلقة إلى بيت والدها وأنا عائد معها للعيش في ظروف محدودة الدخلوالإمكانات. عدت مع بداية المرحلة الابتدائية للعيش في بيت الوالد الكبير،رحمه الله، حتى المرحلة الثانوية الأولى، حيث قررت الاستقلال مع والدتيوعمتها وأخيها في منزل صغير.
واجهتنا صعوبات المعيشة تذللتولله الحمد باجتهاد أفراد الأسرة الصغيرة ومساعدة الخيرين. وكانت مرحلةالعيش في منزل الوالد هامة في زيادة محصولي التعليمي والثقافي، إذ إنإخوتي الكبار ومنهم الأخ عبدالرحمن من المتعاطين مع الشأن الإعلامي وكانتالصحف اليومية وسيلة للتثقيف الذاتي لطفل فريد يعيش في بيت كبير مع إخوتهوأخواته وزوجات أبيه الذين كانوا نعم المشجع والداعم رحم الله من توفىمنهم. أما جوانب العمل فقد عملت في كافة الأعمال الممكنة بدأتها بالعمل فيشركة الكهرباء مسجل عدادات ومطابقة الأرقام قبل تسليمها وذلك في الفجرالباكر، ثم في جريدة الرياض كمحرر متعاون وكنت حينها في السنة الأخيرة منالدراسة في معهد إمام الدعوة العلمي. وما إن دخلت الجامعة (جامعة الإماممحمد بن سعود الإسلامية) حتى أخذت سيارة تويوتا (كورلا) صغيرة بالتقسيطكفلني فيها أخي عبدالرحمن جزاه الله خيرًا وكان ذلك في عام 1398هـ وغيرتهافورًا للون الأصفر كسائق أجرة مع الإلحاح في العمل لإيجاد وسائل أخرىللدخل لمساعدة أسرتي بدعم وتشجيع من والدتي العظيمة أطال الله في عمرهاالتي تعلمت منها الكثير وهي سبب رئيس في ما وصلت إليه.
وتمثل مصادر الدخل الإضافية في التردد على جمعية الثقافة والفنون للبحث عندور تمثيلي في مسرحية أو مسلسل أو في إذاعة الرياض عبر برامج إذاعيةوتمثيليات كانت تبث وفي كلتا الحالتين أذهب إلى صندوق الإذاعة لاستلامالمكافأة الشهرية التي ترتبط بعدد المشاركات، وكان الدافع لذلك هواية منذالصغر للتمثيل وأداء الأدوار. كما شاركت في مسرحيات في الجامعة وكذلك فيحفلات السمر في المراكز الإسلامية والأندية السعودية بعد الابتعاث.. إضافةإلى ذلك كان هناك مصدر دخل إضافي وهو اللعب لإحدى الأندية الرياضية فيالدرجة الثانية وهو نادي العرض بالقويعية الذي تم تأسيسه في تلك الأيامووقف شاب متحمس من أبناء القويعية ولديه علاقات واسعة مع الجميع وهوالأستاذ محمد الشقيران، إذ سجلنا ومجموعة من لاعبي حواري الرياض في الناديوبدأنا نلعب في درجة الشباب والدرجة الأولى لموسمين أو أكثر حققنا فيهانتائج طيبة
وأذكر أن مستواي في كرة القدمقد أهلني عندما تمرنت مع نادي الهلال بحضور ابن أخي فهد محمد المصيبيحلرغبة المدرب الوطني حميد الجمعان في الإصرار على تسجيلي في الهلال، إلاأنني كنت واثقًا بأنه رغم أن مستواي يؤهلني لذلك إلا أنني سأكون لاعبًاثانويًا وربما لن أمثل المنتخب وهذا دون طموحي بمعنى أن أكون في المقدمةفي الموهبة أو المهنة التي أمارسها.. وأذكر أننا نجتمع و«نعسكر» تحت(الكوبري) في الطريق لمقر المباراة وأحيانًا تكون في المزاحمية أو الدرعيةأو القويعية أو عفيف. وأذكر في سابقة كأس ولي العهد أنني سجلت هدفًا فيالشوط الأول وكان هناك ضغط شديد من نادي عفيف مع حماس جماهيري من المشجعينولم يكن الملعب مزروعًا بل كان ترابيًا وبدون أي سياج وكنا نخشى الغضبالجماهيري
وفي لحظة حماس من نادي عفيف لتسجيل التعادل ارتدت الكرة وجاء منها (كورنر)سجلت منه الهدف الثاني. وبعد عودتي في الليل بعد أن قطعت 500 كيلومتر منعفيف ذهبت للدوام في الجريدة حيث أعمل في نهاية دراستي الجامعية سنة1400هـ رئيسًا للقسم الرياضي في جريدة الرياض وجاءني الخبر والتحليل عنالمباراة فنشرته بحسب مقتضيات النشر الصحفي... والشاهد أن يومي كانمزدحمًا لتحسين الدخل وكنت أصحو في الفجر وبعد الصلاة وقبل الذهاب للجامعةكان لا بد أن أوصل (ردًا أو ردين) في سيارة الأجرة، ثم أذهب للجامعة حتىالثانية عشرة ظهرًا، وثم لجريدة الرياض كمحرر صحفي، ثم مسؤول عن صفحاترياضية وفنية، ومشارك في التغطيات والتحقيقات الصحفية، ثم الإذاعة، ثمجمعية الثقافة والفنون، ثم العودة للجريدة واستكمال عمل سيارة الأجرة، ثمالنوم متأخرًا وكانت الوالدة أطال الله عمرها تطلب مني الجلوس أثناء أكلطعام الغداء، إذ كنت آكله على جلسة القرفصاء لارتباطي بشيء آخر.
وما زلت أذكر الغداء وأنا(مبوبز) وهي جلسة أكيد سيعرفها بعض القراء وأطالب منهم أن يشرحوها لمن لميعرفها.. والخلاصة أن فترة المرحلة الثانوية والجامعة كانت فترة كفاح وجهدومثلي كثيرون من جيل تلك الأيام وفيها جمعت قيمة أرض منزلي الأول في حيالروضة، ثم أتممت بناءه وانتقلت إليه في عام 1403هـ وهو عام ابتعاثي منكلية الملك خالد العسكرية لدراسة الماجستير والدكتوراه في مجال علم النفسالتربوي. ومحطات عدم الإخفاق في هذه المرحلة تكمن في عدم استمراري فيهوايات أحبها كالتمثيل وكرة القدم والصحافة كتفرغ لاختيار طريق الدراسةالأكاديمية. أما سيارة الأجرة فقد نجحت فيها لأنني انتهجت منهجًا مختلفًاعن السائد تلك الأيام وذلك بعد قراءتي عن واجبات سائق الأجرة في ألمانياوبريطانيا في إحدى المجلات فطبقت ذلك،
ويشمل ذلك الحرص الشديد على تنظيف السيارة وأن تكون أنيقة ورائحتها جيدةمع فتح الباب للزبون ومساعدته في حمل الحقائب، وعدم الركوب إلا بعد أنيركب، وعدم التحدث إلا إذا بدأ الحديث، ووضع الخيار في نوعية ما يريدسماعه من إذاعة أو أشرطة كاسيت، والابتسامة وحسن الهندام، وهذا جعلني أحصلعلى إكرامية وبخشيش أكثر في معظم الأحيان من أجرة السيارة لاستغراب الناسمثل هذا السلوك. وسعدت بتوديع جريدة الرياض لي في حفل نشر في صفحة رئيسيةوصور الحفل لدي أعتز بها وبهدية رئيس التحرير الأستاذ تركي السديري.. أماالدراسة فقد فشلت في إتقان اللغة الإنجليزية بالشكل الذي أطمح إليه،
ويعود ذلك إلى أن جامعة الإمام محمد بن سعود ومعاهدها العلمية لم تدرسنااللغة وذهبت لأمريكا بدون أي معرفة سابقة وإن كنت لاحقًا أتقنتها بحكم حبيللإعلام كمتحدث ومناقش، بينما لا يزال هناك قصور وإشكالية في تهجئةالكلمات عند كتابتها، ومثل ذلك في عدم إتقاني للطباعة على الحاسب الآلي.وعاصرت في الدراسة في أمريكا فترة الجهاد الأفغاني وكان نصف راتبي يذهبتبرعًا لعبدالله عزام ولتجمعات الجهاد، وكانت نفسي تراودني للذهاب إلىهناك لولا إرادة الله عزوجل وقراءتي وفهمي لهؤلاء، إذ لاحظت أن توجههم فيالمركز الإسلامي هو استغلال طيبة السعوديين وتبرعاتهم ولكنهم ينالون منحكامنا وعلمائنا.
ولم أستطع تحملذلك فاختلفت معهم وهذا فشل آخر إذ لم أستطع إقناع العديد من الشباب الذينتأثروا هناك بفكرة الإسلام السياسي وإقامة الخلافة الإسلامية على أنقاضالطواغيت كما كانوا يقولون. ثم فشلت مرة أخرى في استكمال دراستي في أمريكالتعذر قبولي في الجامعات التي أرغب فيها، إذ قبلت في جامعات غير التي كنتأريد والتي اعتذرت عن قبولي، فتوجهت لبريطانيا وهناك أكملت درجة الدكتوراهمع نهاية عام 1990م، وكان أجمل ما في بريطانيا مرحلة النادي السعودي وشرفتولي رئاسته والأجواء الوطنية التي افتقدتها في أمريكا
وكانت عودتي للوطن الحبيب مع غزو صدام للكويت فكان أول أمر عملته بعدالتعيين كأستاذ مساعد في كلية الملك خالد العسكرية هو الالتحاق بدورةالتطوع فتم تدريبنا على الانضباط العسكري والتمارين العسكرية والركوب بـ(اللوري) وهو يسير ثم النزول منه بسرعة والدوران حول الكلية وملاعبها.وأذكر التمرين الرئيسي والخنادق والمبيت والقنابل الضوئية وسمو الأميرمتعب بن عبدالله يتفقد المتدربين وعلب المأكولات التي وزعت علينا وملابسناالعسكرية ونحن نسير في المناورة.
وأذكر أنني فشلت في الرماية وذلك بسبب قوة إطلاقالبندقية وعدم تعودي على القبض عليها فأطلق النار وتهتز بي البندقية وترتدبي إلى الوراء، كما أن هناك مشكلة «الحور» في عيوني، وهناك من يقول غيرذلك سامحه الله كل ذلك جعل الزميل المتدرب بجانبي يحقق مركزًا متقدمًا، إذكنت أسدد في مرماه وتصيب هدفه وليس هدفي وهو طبعًا يصيب هدفه في أحيانكثيرة.
وما زلت أذكر مرحلة العمل كوكيل لقسم العلوم الإنسانية واجتماعات مجلسالقسم والخطة الدراسية وابتعاث المعيدين والمحاضرين والجو الأكاديمي الذييجمع بين الضبط العسكري والرتم الأكاديمي.. وكان علينا واجب المرابطة فيالأزمة كمجموعات، وأذكر أول صواريخ أطلقت على الرياض أنني لبست الكمامة،وبسبب رائحة «الربل» اعتقدت أنه غاز فأخبرت زميلي بذلك، واختبأت تحتالطاولة، وما زال ذلك الحدث محل ذكريات جميلة مع الزملاء في الكلية..
وعقب ذلك جاءت إعارتي للقطاع الخاص عبر عكاظ، وحرصتعلى انتشار أكثر للصحيفة في تحقيقاتها وتوزيعها حتى لمس ذلك رئيس التحريرالمتميز السابق د. هاشم عبده هاشم وفاجأني بحافز وإيجاد أول وظيفة لنائبرئيس للتحرير في المنطقة الوسطى، وشهدت عكاظ انطلاقة مجموعة كبيرة منالصحفيين الذين لهم حضور الآن في الصحف والعمل الإعلامي، إذ كان منواجباتي التي أحرص عليها هي التدريب والتوجيه وتشجيع الشباب على العمل.
وفشلت في استمرار بعضهم كمتفرغين بينما نجح القلة والبقية بقواكمتعاونين.. وعقب ذلك مرحلة التلفزيون عبر برنامج جماهيري قد يكون أولبرنامج
(Taik Show)
حواري جماهيري على مستوىالمنطقة في عام 1416هـ، أي قبل بروز وظهور القنوات التلفزيونية الكثيرة،ولفت أنظار الجمهور الذي شجعني ولله الحمد، وعقبه وجهاً لوجه ثم الميدانالتربوي الذي كان يشهد متابعة من العاملين في حقل التربية، ثم التعليم فيمئة عام وأخيرًا المخدرات النهاية.. والأول والأخير حققا جوائز ذهبيةومتقدمة في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون،
وكانت أول جائزة ذهبية يحققها التلفزيون السعودي فيهذا المهرجان، وفشلت في الاستمرار في التلفزيون لضيق وقتي وضعف لياقتيوأجواء العمل الحكومي البيروقراطي غير الواضح، وربما أعود فيما بعد منخلال أسئلة الناس التي تسأل عن هذه البرامج، وهذا فضل من الله ساعدني فيهكل من شارك وعمل ودعم هذه الأعمال.. وعرض علي د. محمد الرشيد وزير التربيةوالتعليم كما عرض علي سابقًا د. هاشم عبده هاشم، العمل في وزارة التربيةوالتعليم مستشارًا ومشرفًا على الإعلام والعلاقات العامة ثم مديرًا عامًاللإعلام التربوي كأول من حمل هذا المسمى في الوطن العربي،
وأجتهدت بقدر الإمكان فياستثمار وسائل الإعلام لخدمة أغراض التربية، وتم ترسيخ تجربة الإعلامالتربوي في إدارات التعليم وفي الإشراف وفي المدارس وأصبحت التربية هاجسالجميع. وأمضيت ثلاث سنوات تشرفت بعدها بطلب وزارة الداخلية للعمل مديرًاعامًا للعلاقات والتوجيه، وكان هذا ولا يزال أكبر وسام في شرف خدمتيالوطنية أن أكون بقرب الإنسان العظيم والرجل النبيل الأمير الجليل نايف بنعبدالعزيز،
وهأنذا أقترب منإكمال عشر سنوات في الداخلية مكتسبًا خبرة في المجال الأمني مضيفها إلىتجاربي السابقة في العمل الإعلامي والأكاديمي والتربوي، وعاصرت فيالداخلية فترة التكفير والتفجير وأحداث 11 سبتمبر وتفجيرات الحمراءوالمحيا ومحاولة تفجير الداخلية ومبنى المرور وموقوفي جوانتامو والموقوفينوتجربة لجنة المناصحة التي شرفت بالعمل معها منذ بدايتها ولمدة ثلاث سنواتتوجت بتقدير دولي من مجلس الأمن، وهذا تحقق بتوفيق الله عز وجل أولاًوأخيراً، ثم بدعم وتوجيه ومساندة سمو وزير الداخلية وسمو نائبه وسمومساعده للشؤون الأمنية.. وكان حماسي الوطني وولائي وحبي لهذا الكيان الذيافتخر به واعتز،
مثلي مثل الكثيرين من أبناء هذا الوطن المعطاء هو الدافع في الاجتهاد فيالحرب الإعلامية ضد التكفير والتفجير عبر المشاركات الإعلاميةوالتلفزيونية والمقالات المتتابعة خلال أيام الأزمة، وكان الهدف هوالإسهام بإيضاح خطورة دوافع هؤلاء ومن يقف وراءهم. وكان خط ملك الإصلاحوولي عهده الأمين واضحًا في الحرص لاستئصال هذه الفئة التي لايزال خطرهاموجودًا، وكان السبيل لمقاومتها يكمن في نظري في تقوية الولاء للعقيدةالصحيحة التي قامت عليها هذه البلاد عبر جهود الموحد البطل الملكعبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه،
والارتكاز على علماء المملكة المعتبرين الذين يحاول البعض أن يصرف الشبابعنهم إلى علماء أو متعالمين لهم أهداف خبيثة للإساءة لهذا الوطن والتأثيرعلى ولاء أبنائه. وشهدت الإنترنت صراعًا كنت حذرت منه منذ سنوات، حيث بدأتمبكرًا متابعة الإنترنت وخطرها، وأعتقد أنني فشلت حتى الآن في أن تقومالعلاقات العامة برسالتها في الأجهزة الحكومية كما ينبغي، وأن تنتقل منإدارة ثانوية إلى إدارة رئيسية تتبع في كل جهة حكومية رئيس الجهة، وأعتقدأننا نعيش حرب الإعلام والعلاقات العامة، والتأثير على العقول يبدأ من ذلك- وللأسف - الاهتمام بالأسمنت والرخام والمظاهر المكتبية أصبح أهم منالصرف والانفاق على توجهات الفكر والإعلام وايصال رسالة الوطن للمواطنوالمقيم
ورغم اجتهادي في كتابي «هذا البلد الأمين» الذي تشرف بافتتاحية من أميرالأمن والأمان، ورغم ثقتي بأسلوب كتابته المبسط القريب من الشباب للتحذيرمن أعداء الوطن الذين حاولوا تدمير حقول النفط، ــ وهو النعمة التي أنعمهاالله على عباده، فرأينا العناية بالحرمين الشريفين ورأينا نشر العقيدةالإسلامية والمساجد والأمن والأمان والتعليم والجامعات والعمرانوالمستشفيات ليأتي بعده هؤلاء ليحاولوا تفجير حقول النفط هذه ــ إلا أنهذا الكتاب لم يأخذ حقه من التوزيع والانتشار، وأعتقد أنه كان مطلوب منيأكثر في سبيل دعم رجال الأمن وجهودهم العظيمة، ورغم أن كتابي كان إهداءلهم وحرصي على الإسهام في مساندة أسر شهداء الواجب إلا أن المطلوب منالمجتمع أكبر وأكثر، وما زلنا مقصرين حيالهم.
وأعتقد أن أكبر فشل حصل لي وما زلت أحاول أن أقنع الناس به، هو أنه لايوجد مصطلح (احتراق إعلامي).. فالإعلام لا يحرق الشخصيات كما يتوهمالمتوهمون.. لأن الإعلام لم يوجد إلا ليستغل ويستفاد منه، ومطلوب من كلالعاملين في الدولة على اختلاف مستوياتهم وبالذات المسؤولين التنفيذيين فيوظائف قيادية أو قيادية مساندة أن يعوَّدوا على التحدث للرأي العام عبرالصحافة والإذاعة والتلفزيون ليوضحوا عملهم ويناقشوا وسائل الإعلاموالمجتمع بعيدًا عن تخوف وجود أولئك الذين لا هم لهم إلا متابعة مقال فلانأو تصريح فلان لالتقاط ما يسيء إليه، والتصيد في الماء العكر بعيدًا عنالأبعاد الوطنية وإيجاد مساحة للمجتهد والمخلص في عمله
وأحمد الله أنني في تجربتي الوظيفية تعرضت لإغراء المنصب والمطامع الماديةوالفساد الإداري الذي قد يتعرض له أي مسؤول إلا تربية والدي رحمه اللهالذي عاش أمينًا ومات أمينًا وتربية والدي في ألا يدخل جيب الإنسان مالليس ماله يجعلني أفتخر وأعتز بأنه رغم المغريات إلا أن هؤلاء المفسدينوغوايتهم واجهتها مثلي مثل الكثيرين في وطني الذين نفتخر ونعتز بأمانتهمونزاهتهم، وأقول هذا ليس رياء وتصنعًا،
ولكن أقول ذلك رسالة للأجيال أنه لا يمكن أن نبني وطننا ونحن لا نهتم إلابمصالحنا الذاتية، أو ننهبه عبر الرشاوي والفساد الإداري الذي أنشئت لههيئة ننتظر بإذن الله دورها الفعال في هذا الأمر.. ورغم أن الحال مستورةولله الحمد إلا أن كرم ولاة الأمر وعائد راتبي الحكومي وأنشطة أخرىأمارسها أسهمت في توفير حياة جيدة ولله الحمد لي ولأسرتي
لولا أزمة الأسهم وغلاء الأسعار الملاحظ حاليًا وله تأثير على دخولالمواطنين. وأستطيع أن أقول بأنني أحاول الإسهام في نشر ثقافة الخدمةالعامة والمساعدة بين أفراد المجتمع (افعل المعروف وارمه في البحر) وحثالموظفين على مساعدة وخدمة المراجعين بابتسامة وإخلاص ولطف، مكررًا دعوتيعبر موقعي ومقالاتي وساحة الحوار في الموقع إلى ما يدعو له ملك الإصلاح فينبذ التقسيمات داخل المجتمع وفي البعد عن التطرف والغلو والحث على التسامحوإشاعة السلام والابتسامة والابتعاد عن العنف ودعم التوجهات في الانضباطواحترام الوقت والجدية والابتكار وتعلم اللغات الأجنبية وإتقان الحاسبالآلي والإنترنت والعمل في كافة المهن لنشر الدين الإسلامي المعتدل الصحيح،
وإعمار هذاالوطن بالمصانع والمتاجر والمستشفيات والجامعات القائمة على الجديةوالأمانة، والالتزام والإخلاص لمحاربة الاستغلال والثراء الفاحش غيرالموزون، وخلق مجتمع تنموي يسوده العلم والعمل، ويختفي فيه الفقر والعوزوالبطالة، وتشاع فيه ثقافة حقوق الإنسان والاحترام بين أفراد المجتمع كماأراده الإسلام وكما أجتهد البطل عبدالعزيز بن عبدالرحمن لإيجاده، وكمايعمل ملك الإصلاح وسمو ولي عهده لتحقيقه
أخوكم سعود المصيبيح
---------
تعليق من إدارة المجموعة
نرحب بالدكتور سعود المصيبيح وننتظر المزيد من المقالات والمشاركات
المزيد... (http://www.nawafnet.ws/msg-2987.htm)
بقلم الدكتور سعود المصيبيح
http://www.yabdoo.com/users/476/gallery/3645_p168860.gif
تقول المعرفة إن هدفها من هذا الباب هو إيصال رسالة للجيل الجديد بأنالحياة لا تأتي بالنجاح والعطاء بسهولة بل لابد من المحاولة والتعلم منالفشل للوصول لمراتب أعلى... وقد لاحظت مؤخرًا من خلال محاضرات ولقاءاتلمجموعة كبيرة من طلبة كليات التقنية في المملكة أن المشكلة في أن الجيلالجديد لا تتاح له الفرصة في الالتقاء بالأجيال التي تقدم نماذج مختلفة منالحياة، وفوجئت بأسئلة واستفسارات تدل على أن ما يحدث في التعليم العاميحتاج إلى مشروعات كثيرة على غرار مشروع الملك عبدالله.. وقالها طالب فيسنته الأولى الجامعية
لماذا لم نسمع بمثل هذا الكلامفي المدرسة؟ وقلت له إن المدرسة انشغلت بالحفظ والتلقين وإنهاء جدول اليومالدراسي بمعلمين يصارعون من أجل العطاء جلهم مخلصون إن شاء الله ولكنهمضاعوا في تأثير القلة اللامبالية فجاءت المخرجات بهذا الوضع. ولقد صغرتأمام نفسي وأنا أقرأ هذا الباب لشهر رجب مع رجل لم أسمع به من قبل (وهذاقصور مني) وهو العلامة الأستاذ الدكتور سهيل زكار الذي قدم تجربة ودروسًاعظيمة أتمنى من المعرفة أن تجمع أجمل وأقوى ما قيل في هذا الباب، ثم تنشرهفي كتاب ومن ذلك تجربة الدكتور سهيل الذي خلّف تراثًا تاريخيًا من الكتبوالمؤلفات ولا يزال يواصل العطاء وأسرة ناجحة تمثل في مخرجات طبية نافعةلوطنه وأمته.
أما كاتب هذهالسطور فأقول كبداية إنني ولدت في حي العطايف في الرياض في بيت جدي لأمييوسف بن عبدالرحمن النفيسة، رحمه الله، من أم حملتني وهي صغيرة ولم تتجاوزالسادسة عشرة من عمرها. بعد أن تزوجت والدي الذي نقلها إلى بيته الكبيرالواقع في حي دخنه في الرياض مع زوجاته الثلاث ما لبثت أن عادت بعد سنةونصف مطلقة إلى بيت والدها وأنا عائد معها للعيش في ظروف محدودة الدخلوالإمكانات. عدت مع بداية المرحلة الابتدائية للعيش في بيت الوالد الكبير،رحمه الله، حتى المرحلة الثانوية الأولى، حيث قررت الاستقلال مع والدتيوعمتها وأخيها في منزل صغير.
واجهتنا صعوبات المعيشة تذللتولله الحمد باجتهاد أفراد الأسرة الصغيرة ومساعدة الخيرين. وكانت مرحلةالعيش في منزل الوالد هامة في زيادة محصولي التعليمي والثقافي، إذ إنإخوتي الكبار ومنهم الأخ عبدالرحمن من المتعاطين مع الشأن الإعلامي وكانتالصحف اليومية وسيلة للتثقيف الذاتي لطفل فريد يعيش في بيت كبير مع إخوتهوأخواته وزوجات أبيه الذين كانوا نعم المشجع والداعم رحم الله من توفىمنهم. أما جوانب العمل فقد عملت في كافة الأعمال الممكنة بدأتها بالعمل فيشركة الكهرباء مسجل عدادات ومطابقة الأرقام قبل تسليمها وذلك في الفجرالباكر، ثم في جريدة الرياض كمحرر متعاون وكنت حينها في السنة الأخيرة منالدراسة في معهد إمام الدعوة العلمي. وما إن دخلت الجامعة (جامعة الإماممحمد بن سعود الإسلامية) حتى أخذت سيارة تويوتا (كورلا) صغيرة بالتقسيطكفلني فيها أخي عبدالرحمن جزاه الله خيرًا وكان ذلك في عام 1398هـ وغيرتهافورًا للون الأصفر كسائق أجرة مع الإلحاح في العمل لإيجاد وسائل أخرىللدخل لمساعدة أسرتي بدعم وتشجيع من والدتي العظيمة أطال الله في عمرهاالتي تعلمت منها الكثير وهي سبب رئيس في ما وصلت إليه.
وتمثل مصادر الدخل الإضافية في التردد على جمعية الثقافة والفنون للبحث عندور تمثيلي في مسرحية أو مسلسل أو في إذاعة الرياض عبر برامج إذاعيةوتمثيليات كانت تبث وفي كلتا الحالتين أذهب إلى صندوق الإذاعة لاستلامالمكافأة الشهرية التي ترتبط بعدد المشاركات، وكان الدافع لذلك هواية منذالصغر للتمثيل وأداء الأدوار. كما شاركت في مسرحيات في الجامعة وكذلك فيحفلات السمر في المراكز الإسلامية والأندية السعودية بعد الابتعاث.. إضافةإلى ذلك كان هناك مصدر دخل إضافي وهو اللعب لإحدى الأندية الرياضية فيالدرجة الثانية وهو نادي العرض بالقويعية الذي تم تأسيسه في تلك الأيامووقف شاب متحمس من أبناء القويعية ولديه علاقات واسعة مع الجميع وهوالأستاذ محمد الشقيران، إذ سجلنا ومجموعة من لاعبي حواري الرياض في الناديوبدأنا نلعب في درجة الشباب والدرجة الأولى لموسمين أو أكثر حققنا فيهانتائج طيبة
وأذكر أن مستواي في كرة القدمقد أهلني عندما تمرنت مع نادي الهلال بحضور ابن أخي فهد محمد المصيبيحلرغبة المدرب الوطني حميد الجمعان في الإصرار على تسجيلي في الهلال، إلاأنني كنت واثقًا بأنه رغم أن مستواي يؤهلني لذلك إلا أنني سأكون لاعبًاثانويًا وربما لن أمثل المنتخب وهذا دون طموحي بمعنى أن أكون في المقدمةفي الموهبة أو المهنة التي أمارسها.. وأذكر أننا نجتمع و«نعسكر» تحت(الكوبري) في الطريق لمقر المباراة وأحيانًا تكون في المزاحمية أو الدرعيةأو القويعية أو عفيف. وأذكر في سابقة كأس ولي العهد أنني سجلت هدفًا فيالشوط الأول وكان هناك ضغط شديد من نادي عفيف مع حماس جماهيري من المشجعينولم يكن الملعب مزروعًا بل كان ترابيًا وبدون أي سياج وكنا نخشى الغضبالجماهيري
وفي لحظة حماس من نادي عفيف لتسجيل التعادل ارتدت الكرة وجاء منها (كورنر)سجلت منه الهدف الثاني. وبعد عودتي في الليل بعد أن قطعت 500 كيلومتر منعفيف ذهبت للدوام في الجريدة حيث أعمل في نهاية دراستي الجامعية سنة1400هـ رئيسًا للقسم الرياضي في جريدة الرياض وجاءني الخبر والتحليل عنالمباراة فنشرته بحسب مقتضيات النشر الصحفي... والشاهد أن يومي كانمزدحمًا لتحسين الدخل وكنت أصحو في الفجر وبعد الصلاة وقبل الذهاب للجامعةكان لا بد أن أوصل (ردًا أو ردين) في سيارة الأجرة، ثم أذهب للجامعة حتىالثانية عشرة ظهرًا، وثم لجريدة الرياض كمحرر صحفي، ثم مسؤول عن صفحاترياضية وفنية، ومشارك في التغطيات والتحقيقات الصحفية، ثم الإذاعة، ثمجمعية الثقافة والفنون، ثم العودة للجريدة واستكمال عمل سيارة الأجرة، ثمالنوم متأخرًا وكانت الوالدة أطال الله عمرها تطلب مني الجلوس أثناء أكلطعام الغداء، إذ كنت آكله على جلسة القرفصاء لارتباطي بشيء آخر.
وما زلت أذكر الغداء وأنا(مبوبز) وهي جلسة أكيد سيعرفها بعض القراء وأطالب منهم أن يشرحوها لمن لميعرفها.. والخلاصة أن فترة المرحلة الثانوية والجامعة كانت فترة كفاح وجهدومثلي كثيرون من جيل تلك الأيام وفيها جمعت قيمة أرض منزلي الأول في حيالروضة، ثم أتممت بناءه وانتقلت إليه في عام 1403هـ وهو عام ابتعاثي منكلية الملك خالد العسكرية لدراسة الماجستير والدكتوراه في مجال علم النفسالتربوي. ومحطات عدم الإخفاق في هذه المرحلة تكمن في عدم استمراري فيهوايات أحبها كالتمثيل وكرة القدم والصحافة كتفرغ لاختيار طريق الدراسةالأكاديمية. أما سيارة الأجرة فقد نجحت فيها لأنني انتهجت منهجًا مختلفًاعن السائد تلك الأيام وذلك بعد قراءتي عن واجبات سائق الأجرة في ألمانياوبريطانيا في إحدى المجلات فطبقت ذلك،
ويشمل ذلك الحرص الشديد على تنظيف السيارة وأن تكون أنيقة ورائحتها جيدةمع فتح الباب للزبون ومساعدته في حمل الحقائب، وعدم الركوب إلا بعد أنيركب، وعدم التحدث إلا إذا بدأ الحديث، ووضع الخيار في نوعية ما يريدسماعه من إذاعة أو أشرطة كاسيت، والابتسامة وحسن الهندام، وهذا جعلني أحصلعلى إكرامية وبخشيش أكثر في معظم الأحيان من أجرة السيارة لاستغراب الناسمثل هذا السلوك. وسعدت بتوديع جريدة الرياض لي في حفل نشر في صفحة رئيسيةوصور الحفل لدي أعتز بها وبهدية رئيس التحرير الأستاذ تركي السديري.. أماالدراسة فقد فشلت في إتقان اللغة الإنجليزية بالشكل الذي أطمح إليه،
ويعود ذلك إلى أن جامعة الإمام محمد بن سعود ومعاهدها العلمية لم تدرسنااللغة وذهبت لأمريكا بدون أي معرفة سابقة وإن كنت لاحقًا أتقنتها بحكم حبيللإعلام كمتحدث ومناقش، بينما لا يزال هناك قصور وإشكالية في تهجئةالكلمات عند كتابتها، ومثل ذلك في عدم إتقاني للطباعة على الحاسب الآلي.وعاصرت في الدراسة في أمريكا فترة الجهاد الأفغاني وكان نصف راتبي يذهبتبرعًا لعبدالله عزام ولتجمعات الجهاد، وكانت نفسي تراودني للذهاب إلىهناك لولا إرادة الله عزوجل وقراءتي وفهمي لهؤلاء، إذ لاحظت أن توجههم فيالمركز الإسلامي هو استغلال طيبة السعوديين وتبرعاتهم ولكنهم ينالون منحكامنا وعلمائنا.
ولم أستطع تحملذلك فاختلفت معهم وهذا فشل آخر إذ لم أستطع إقناع العديد من الشباب الذينتأثروا هناك بفكرة الإسلام السياسي وإقامة الخلافة الإسلامية على أنقاضالطواغيت كما كانوا يقولون. ثم فشلت مرة أخرى في استكمال دراستي في أمريكالتعذر قبولي في الجامعات التي أرغب فيها، إذ قبلت في جامعات غير التي كنتأريد والتي اعتذرت عن قبولي، فتوجهت لبريطانيا وهناك أكملت درجة الدكتوراهمع نهاية عام 1990م، وكان أجمل ما في بريطانيا مرحلة النادي السعودي وشرفتولي رئاسته والأجواء الوطنية التي افتقدتها في أمريكا
وكانت عودتي للوطن الحبيب مع غزو صدام للكويت فكان أول أمر عملته بعدالتعيين كأستاذ مساعد في كلية الملك خالد العسكرية هو الالتحاق بدورةالتطوع فتم تدريبنا على الانضباط العسكري والتمارين العسكرية والركوب بـ(اللوري) وهو يسير ثم النزول منه بسرعة والدوران حول الكلية وملاعبها.وأذكر التمرين الرئيسي والخنادق والمبيت والقنابل الضوئية وسمو الأميرمتعب بن عبدالله يتفقد المتدربين وعلب المأكولات التي وزعت علينا وملابسناالعسكرية ونحن نسير في المناورة.
وأذكر أنني فشلت في الرماية وذلك بسبب قوة إطلاقالبندقية وعدم تعودي على القبض عليها فأطلق النار وتهتز بي البندقية وترتدبي إلى الوراء، كما أن هناك مشكلة «الحور» في عيوني، وهناك من يقول غيرذلك سامحه الله كل ذلك جعل الزميل المتدرب بجانبي يحقق مركزًا متقدمًا، إذكنت أسدد في مرماه وتصيب هدفه وليس هدفي وهو طبعًا يصيب هدفه في أحيانكثيرة.
وما زلت أذكر مرحلة العمل كوكيل لقسم العلوم الإنسانية واجتماعات مجلسالقسم والخطة الدراسية وابتعاث المعيدين والمحاضرين والجو الأكاديمي الذييجمع بين الضبط العسكري والرتم الأكاديمي.. وكان علينا واجب المرابطة فيالأزمة كمجموعات، وأذكر أول صواريخ أطلقت على الرياض أنني لبست الكمامة،وبسبب رائحة «الربل» اعتقدت أنه غاز فأخبرت زميلي بذلك، واختبأت تحتالطاولة، وما زال ذلك الحدث محل ذكريات جميلة مع الزملاء في الكلية..
وعقب ذلك جاءت إعارتي للقطاع الخاص عبر عكاظ، وحرصتعلى انتشار أكثر للصحيفة في تحقيقاتها وتوزيعها حتى لمس ذلك رئيس التحريرالمتميز السابق د. هاشم عبده هاشم وفاجأني بحافز وإيجاد أول وظيفة لنائبرئيس للتحرير في المنطقة الوسطى، وشهدت عكاظ انطلاقة مجموعة كبيرة منالصحفيين الذين لهم حضور الآن في الصحف والعمل الإعلامي، إذ كان منواجباتي التي أحرص عليها هي التدريب والتوجيه وتشجيع الشباب على العمل.
وفشلت في استمرار بعضهم كمتفرغين بينما نجح القلة والبقية بقواكمتعاونين.. وعقب ذلك مرحلة التلفزيون عبر برنامج جماهيري قد يكون أولبرنامج
(Taik Show)
حواري جماهيري على مستوىالمنطقة في عام 1416هـ، أي قبل بروز وظهور القنوات التلفزيونية الكثيرة،ولفت أنظار الجمهور الذي شجعني ولله الحمد، وعقبه وجهاً لوجه ثم الميدانالتربوي الذي كان يشهد متابعة من العاملين في حقل التربية، ثم التعليم فيمئة عام وأخيرًا المخدرات النهاية.. والأول والأخير حققا جوائز ذهبيةومتقدمة في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون،
وكانت أول جائزة ذهبية يحققها التلفزيون السعودي فيهذا المهرجان، وفشلت في الاستمرار في التلفزيون لضيق وقتي وضعف لياقتيوأجواء العمل الحكومي البيروقراطي غير الواضح، وربما أعود فيما بعد منخلال أسئلة الناس التي تسأل عن هذه البرامج، وهذا فضل من الله ساعدني فيهكل من شارك وعمل ودعم هذه الأعمال.. وعرض علي د. محمد الرشيد وزير التربيةوالتعليم كما عرض علي سابقًا د. هاشم عبده هاشم، العمل في وزارة التربيةوالتعليم مستشارًا ومشرفًا على الإعلام والعلاقات العامة ثم مديرًا عامًاللإعلام التربوي كأول من حمل هذا المسمى في الوطن العربي،
وأجتهدت بقدر الإمكان فياستثمار وسائل الإعلام لخدمة أغراض التربية، وتم ترسيخ تجربة الإعلامالتربوي في إدارات التعليم وفي الإشراف وفي المدارس وأصبحت التربية هاجسالجميع. وأمضيت ثلاث سنوات تشرفت بعدها بطلب وزارة الداخلية للعمل مديرًاعامًا للعلاقات والتوجيه، وكان هذا ولا يزال أكبر وسام في شرف خدمتيالوطنية أن أكون بقرب الإنسان العظيم والرجل النبيل الأمير الجليل نايف بنعبدالعزيز،
وهأنذا أقترب منإكمال عشر سنوات في الداخلية مكتسبًا خبرة في المجال الأمني مضيفها إلىتجاربي السابقة في العمل الإعلامي والأكاديمي والتربوي، وعاصرت فيالداخلية فترة التكفير والتفجير وأحداث 11 سبتمبر وتفجيرات الحمراءوالمحيا ومحاولة تفجير الداخلية ومبنى المرور وموقوفي جوانتامو والموقوفينوتجربة لجنة المناصحة التي شرفت بالعمل معها منذ بدايتها ولمدة ثلاث سنواتتوجت بتقدير دولي من مجلس الأمن، وهذا تحقق بتوفيق الله عز وجل أولاًوأخيراً، ثم بدعم وتوجيه ومساندة سمو وزير الداخلية وسمو نائبه وسمومساعده للشؤون الأمنية.. وكان حماسي الوطني وولائي وحبي لهذا الكيان الذيافتخر به واعتز،
مثلي مثل الكثيرين من أبناء هذا الوطن المعطاء هو الدافع في الاجتهاد فيالحرب الإعلامية ضد التكفير والتفجير عبر المشاركات الإعلاميةوالتلفزيونية والمقالات المتتابعة خلال أيام الأزمة، وكان الهدف هوالإسهام بإيضاح خطورة دوافع هؤلاء ومن يقف وراءهم. وكان خط ملك الإصلاحوولي عهده الأمين واضحًا في الحرص لاستئصال هذه الفئة التي لايزال خطرهاموجودًا، وكان السبيل لمقاومتها يكمن في نظري في تقوية الولاء للعقيدةالصحيحة التي قامت عليها هذه البلاد عبر جهود الموحد البطل الملكعبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه،
والارتكاز على علماء المملكة المعتبرين الذين يحاول البعض أن يصرف الشبابعنهم إلى علماء أو متعالمين لهم أهداف خبيثة للإساءة لهذا الوطن والتأثيرعلى ولاء أبنائه. وشهدت الإنترنت صراعًا كنت حذرت منه منذ سنوات، حيث بدأتمبكرًا متابعة الإنترنت وخطرها، وأعتقد أنني فشلت حتى الآن في أن تقومالعلاقات العامة برسالتها في الأجهزة الحكومية كما ينبغي، وأن تنتقل منإدارة ثانوية إلى إدارة رئيسية تتبع في كل جهة حكومية رئيس الجهة، وأعتقدأننا نعيش حرب الإعلام والعلاقات العامة، والتأثير على العقول يبدأ من ذلك- وللأسف - الاهتمام بالأسمنت والرخام والمظاهر المكتبية أصبح أهم منالصرف والانفاق على توجهات الفكر والإعلام وايصال رسالة الوطن للمواطنوالمقيم
ورغم اجتهادي في كتابي «هذا البلد الأمين» الذي تشرف بافتتاحية من أميرالأمن والأمان، ورغم ثقتي بأسلوب كتابته المبسط القريب من الشباب للتحذيرمن أعداء الوطن الذين حاولوا تدمير حقول النفط، ــ وهو النعمة التي أنعمهاالله على عباده، فرأينا العناية بالحرمين الشريفين ورأينا نشر العقيدةالإسلامية والمساجد والأمن والأمان والتعليم والجامعات والعمرانوالمستشفيات ليأتي بعده هؤلاء ليحاولوا تفجير حقول النفط هذه ــ إلا أنهذا الكتاب لم يأخذ حقه من التوزيع والانتشار، وأعتقد أنه كان مطلوب منيأكثر في سبيل دعم رجال الأمن وجهودهم العظيمة، ورغم أن كتابي كان إهداءلهم وحرصي على الإسهام في مساندة أسر شهداء الواجب إلا أن المطلوب منالمجتمع أكبر وأكثر، وما زلنا مقصرين حيالهم.
وأعتقد أن أكبر فشل حصل لي وما زلت أحاول أن أقنع الناس به، هو أنه لايوجد مصطلح (احتراق إعلامي).. فالإعلام لا يحرق الشخصيات كما يتوهمالمتوهمون.. لأن الإعلام لم يوجد إلا ليستغل ويستفاد منه، ومطلوب من كلالعاملين في الدولة على اختلاف مستوياتهم وبالذات المسؤولين التنفيذيين فيوظائف قيادية أو قيادية مساندة أن يعوَّدوا على التحدث للرأي العام عبرالصحافة والإذاعة والتلفزيون ليوضحوا عملهم ويناقشوا وسائل الإعلاموالمجتمع بعيدًا عن تخوف وجود أولئك الذين لا هم لهم إلا متابعة مقال فلانأو تصريح فلان لالتقاط ما يسيء إليه، والتصيد في الماء العكر بعيدًا عنالأبعاد الوطنية وإيجاد مساحة للمجتهد والمخلص في عمله
وأحمد الله أنني في تجربتي الوظيفية تعرضت لإغراء المنصب والمطامع الماديةوالفساد الإداري الذي قد يتعرض له أي مسؤول إلا تربية والدي رحمه اللهالذي عاش أمينًا ومات أمينًا وتربية والدي في ألا يدخل جيب الإنسان مالليس ماله يجعلني أفتخر وأعتز بأنه رغم المغريات إلا أن هؤلاء المفسدينوغوايتهم واجهتها مثلي مثل الكثيرين في وطني الذين نفتخر ونعتز بأمانتهمونزاهتهم، وأقول هذا ليس رياء وتصنعًا،
ولكن أقول ذلك رسالة للأجيال أنه لا يمكن أن نبني وطننا ونحن لا نهتم إلابمصالحنا الذاتية، أو ننهبه عبر الرشاوي والفساد الإداري الذي أنشئت لههيئة ننتظر بإذن الله دورها الفعال في هذا الأمر.. ورغم أن الحال مستورةولله الحمد إلا أن كرم ولاة الأمر وعائد راتبي الحكومي وأنشطة أخرىأمارسها أسهمت في توفير حياة جيدة ولله الحمد لي ولأسرتي
لولا أزمة الأسهم وغلاء الأسعار الملاحظ حاليًا وله تأثير على دخولالمواطنين. وأستطيع أن أقول بأنني أحاول الإسهام في نشر ثقافة الخدمةالعامة والمساعدة بين أفراد المجتمع (افعل المعروف وارمه في البحر) وحثالموظفين على مساعدة وخدمة المراجعين بابتسامة وإخلاص ولطف، مكررًا دعوتيعبر موقعي ومقالاتي وساحة الحوار في الموقع إلى ما يدعو له ملك الإصلاح فينبذ التقسيمات داخل المجتمع وفي البعد عن التطرف والغلو والحث على التسامحوإشاعة السلام والابتسامة والابتعاد عن العنف ودعم التوجهات في الانضباطواحترام الوقت والجدية والابتكار وتعلم اللغات الأجنبية وإتقان الحاسبالآلي والإنترنت والعمل في كافة المهن لنشر الدين الإسلامي المعتدل الصحيح،
وإعمار هذاالوطن بالمصانع والمتاجر والمستشفيات والجامعات القائمة على الجديةوالأمانة، والالتزام والإخلاص لمحاربة الاستغلال والثراء الفاحش غيرالموزون، وخلق مجتمع تنموي يسوده العلم والعمل، ويختفي فيه الفقر والعوزوالبطالة، وتشاع فيه ثقافة حقوق الإنسان والاحترام بين أفراد المجتمع كماأراده الإسلام وكما أجتهد البطل عبدالعزيز بن عبدالرحمن لإيجاده، وكمايعمل ملك الإصلاح وسمو ولي عهده لتحقيقه
أخوكم سعود المصيبيح
---------
تعليق من إدارة المجموعة
نرحب بالدكتور سعود المصيبيح وننتظر المزيد من المقالات والمشاركات
المزيد... (http://www.nawafnet.ws/msg-2987.htm)