صقر الجنوب
30/01/2009, 08:54 PM
هذا الموروث القبيح الفج
لطالما احتل الهجاء مساحة كبيرة من اهتمامات الشعراء عبر التاريخ , ولعل شعراء مثل جرير والفرزدق والأخطل وحتى المتنبي أيضا الذي ملأ الدنيا وأشغل الناس , والحطيئة الذي لم يسلم من لسانه أحد حتى ان عمر بن الخطاب سجنه , ولم تنقذه الا قصيدته المشهوره التي مطلعها:
ماذا أقول لأفراخ ٍ بذي مرخ ٍ... زغب الحواصل لاماء ٌولاشجرُ
القيت كاسبهم في قعر مظلمة ٍ...... فاغفر عليك سلام الله ياعمرُ .
ولعلنا نعرج على (ولادة بنت المستكفي) التي هجت صاحبها وعشيقها (ابن زيدون ) هجاء مقذعا منحطا لفظا ومعنى ,لا يحسن ذكره هنا , وإن كانت لم (تحترف) هذا اللون في الواقع بل مقلة جدا فيه . هؤلاء تقريبا يعدون من أبرز من نبغ وأشتهر بهذا اللون القبيح من الشعر, وإن كان ادبنا العربي حتى العصر الحاضر يزخر بالعديد من هذه (المطبات) الموجعه , بل لعلي أقول هذا العار الذي ورثوه لنا , فقد خلفوا لنا مادة في الواقع دسمة (أدبيا) مع تحفظي على هذا الوصف , ولكنها مخجلة جدا اجتماعيا وتاريخيا .. فالهجاء وكما رأينا يكون مقذعا جدا ومسفا جدا , وهابطا الى ما تحت الصفر في مقياس (ترمومتر) الحياء والعفة والخلق !! هذا فضلا عن كلام منثور كثير لايقل انحطاطا وبذاءة وسقوطا عن ذلك المنظوم الموزون المقفى !
اعجب كثيرا لأناس لايروقهم ولا يستمعون ويحفظون ويتندرون إلا بهذا اللون من الشعر !!! في حين ان ينابيعا لاتنضب تتدفق منذ ذلك التاريخ الى اليوم تحمل شعرا عذبا زلالا يهذب النفس ويسمو بالاخلاق ويرتقي بالمشاعر والشعور . جلست مع أحدهم فكان طوال الوقت يعلق على زميل له بابيات مما (تقيأته) قريحة أولئك الشعراء رغم المكانة الكبيرة والرفيعة التي وصلوا اليها !! فقد كان لهم باع طويل في الشعر العربي اثروا به الأدب العربي أيما إثراء .
لقد إمتد هذا الهجاء القبيح باشكال مختلفه عبر التاريخ كما ذكرت , وهو يختلف عن المعارضات بين الشعراء , ويختلف ايضا بدرجة كبيرة عن تلك (المداعبات ) البريئة التي قد تبهجنا جدا وتمتعنا ولكنها لا تخدش حياء أحد ولا تهبط بذائقته ولا تمس عرضا ولا شرفا كما هو الحال في هذا اللون الممقوت من الشعر والذي ساد منذ تلك الفترة بل وماقبلها ايضا .
هناك في تراثنا وموروثنا منذ العصور الجاهلية وحتى اليوم زخم من هذا اللون القاتم من الشعر والذي دخل أروقة الأدب وأثار اهتمام الباحثين والدارسين وأصبح مادة تدرس في الكليات والجامعات المختلفه ! وهانحن اليوم نراه يمتد حتى في حفلاتنا الشعبية ومناسباتنا بصرف النظر عن اختلاف اللون المؤدى , عرضه أو قلطة وغيرها , فالملاحظ منذ عشرات السنين أن (التقذيع ) يكاد يكون ديدنا لكل الشعراء في أي مكان وأي مناسبة , فبعد المدح لمن يستحق ومن لا يستحق , وبعد ارضاء (المعزب) واطمنئنان الشاعر انه مدح بما يكفي لنيل المكافاة المجزية , ياتي دور (الهجاء) الذي يتدرج حسب الحال والظروف المحيطه والجمهور .. فيعتدل مساره حينا ,ويهبط احيانا اخرى .. تارة ياخذ مسارا متحفظا , وتارة ينزلق الجميع الى أن تقترب أُنوفهم من شم الثرى !!
وكم كنت اتمنى ألا يقف شاعرنا الفذ عبدالواحد امام الزلامي في حفلة (قلطة) ’ هذا يقول: انا لا اعرف او ارى ( أولك) وذاك يقول: (عساك العمى) !! ولعلها من أخف العبارات التي قد تقال , ومن يفطن ويدقق في وجه الزلامي وتعابير وجهه يرى أن هذا القول صادر من أعماقه وكأنه ينفس بغضا وكرها وانتقاصا لخصمه !!( وكم من شاعر ينطبق عليه البيت الشهير للمتنبي ((إذا رأيت نيوب الليث بارزة فلا تظنن أن الليث يبتسم ) !! .وكم من ابتسامات صفراء مزيفه وعبارات تدغدغ المشاعر يكون ظلها قاتما اسودا يسيل حقدا وكرها !! ولكم في ساحات الشعر عبر العقود الماضية عظة وعبرة !!
رأينا وسمعنا ذلك الشاعر الضرير عبدالله الذيابي يصف زملاؤه في احدى الحفلات بالحثاله , مدفوعا بصحيات الجماهير التي تزيد من صف الى صف كلما تفنن شاعر في تقذيع صاحبه وإهدار كرامته !! فهل هذا شعر ؟ وهل هذا ادب ؟ وهل هذا ما يسمو بانفسنا وأخلاقنا ويفخر به أجيالنا ؟؟؟؟؟فلماذا نضع أنفسنا في هذه المواقف التي لا نحسد عليها ؟؟ وفي القمابل ففي كثير من الأحيان يكون الإسفاف وتناول الأعراض والخوض فيها مادة مناسبة( للشقر) !! يؤججه ذلك التشجيع اللاواعي المندفع من الجمهور الذي أدعي انا ولا أبالي بالقول إن السواد الأعظم منه بلا ذائقه وبلا ذوق على الاطلاق !
كنت أتمنى ولا زلت أن يمسك الشعراء الفطاحل الكبار المثقفون أمثال شاعر( السيف والقلم ) الدكتور عبدالواحد بن سعود , وكذلك الشاعر الفذ المثقف ( سيد القاف الجنوبي) كما أسميه انا , الأستاذ محمد بن حوقان , وكذلك (صناجة الجنوب ) الشاعر الواعي المؤدب المتمكن ابو ماجد عبدالله البيضاني , وكذلك ( النابغة البيضاني) الشاعر الاستاذ المربي علي البيضاني , وهؤلاء اذكرهم فقط على سبيل المثال لا الحصر , وأقول إنني كنت أتمنى أن يمسك مثل هؤلاء الأفذاذ بزمام (التنوير) في كل مكان وكل (واد) يهميون فيه !!
إنني أرى أنه على عاتقهم تقع مسؤولية الإرتقاء بذائقة الجمهور , ووعيه , وسمو خلقه ,.. فالشعر نبل وأخلاق وذوق وسمو متى ما أردنا أن يكون كذلك , وهو أيضا اسفاف وتدمير للاخلاق وإفساد للذوق , ويمكن أن يمارس دورا (تجهيليا) إن صح التعبير، ايضا اذا أُريد له ذلك .
هناك أمثلة كثيرة جدا لا تحصى لمثل هذا النوع الاخير الممقوت الذي يفترض أن تأنف الاذواق منه , وتتقزز الاذن لسماعه , وتستنكره الأنفس النبيلة الكريمة , ولعل أبرز مثال على هذا إحدى حفلات (قصر دوس ) فيما اذكر , ضمت عبدالواحد وابن حوقان والبيضاني والسوطاني ! حيث امتدت مساحة (الهبوط الذوقي) من (وادي جليل) الى ما (تحت الكباري وتحت الشاحنه) !!!!! وهذا الأخير كان مسفا جدا ومستهجنا جدا ومصطدما مع الفطرة السوية والخلق الكريم .
كيف نسمح لانفسنا الأبية أولا ثم لأبنائنا من مختلف الأعمار والذين يشكلون نسبة عالية من الجمهور ان يسمعوا مثل هذا (القرف) !! وأن يرددوه ببلاهة , وان يسترجعوا معانيه في اذهانهم , ويتشدقون بالتعليق على دلالاته الهابطه والنتنه!
كان الأجدر ب( شعيل) أن يقود الجِمال الى مراع ٍ خصبة , مفيده , لكنه _هداه الله _ابى إلا أن يلبي رغبة الجمهور المندفع بلا وعي ولا إدراك , الجمهور الذي تعود منه أن يكون سباقا الى ( الهدر) واستعراض المهارات الفائقه في استخدام كل مفردات (الوساخه) ! لينطلق (معمما ) إلى مراتع الشوك والحنظل و( المرار) , وكلما كان الجو قاتما ملوثا مزدحما بالالفاظ البذيئة كلما طرب الجمهور وهلل وصفق وبحت حناجر الكثير منهم بالصياح في اشارة واضحة الى بلوغهم الرضا وطلب المزيد !! اقول هذا وأنا اكن لذلك (الشعيل) كل الود والتقدير والاحترام كرجل وانسان , اما كشاعر فليس بيني وبينه ود كثير , مع إعترافي و(مصادقتي ) انه شاعر متمكن وقادر وبقوة على أن يقول شيئا (فرائحيا) ممتعا ,وان يغرد بصوته الجميل والحانه وينتقي من الكلام اعذبه ومن المفردات اقواها واصدقها واعفها ويحلق بذائقة الجمهور الى فضاءات ارحب من الذوق والعذوبة والسمو !
هناك الوان كثيرة وأغراض كثيرة من أغراض الشعر يمكن تناولها , حتى هذا الذي يكون في الحفلات أيا كان نوعه وجمهوره وشُعاره ومنطقته , فهناك مكارم الاخلاق التي لا ينضب معينها , هناك برالوالدين ومحبة الله والوطن , هناك الولاء , هناك الاخلاق , هناك الكرم والرجولة , هناك الطبيعة ومافيها .. هناك التلاحم بين افراد المجتمع , هناك نبذ العصبية القبلية التي يزيدها الشعراء عندنا تأجيجا , فتزيد هي بدروها أفراد المجتمع رهقا !!
لابأس من المدح حتى لوكان مبالغا فيه لأي كان , لابأس من بعض المداعبات البريئة بين الشعراء التي لا تهبط بالذوق ولا بالخلق ولا تنال عرضا أو شرفا , ولا تدخل في باب الغيبة او النميمة .. ولابأس ايضا بهجاء عدو خارجي واستشراف سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم مع شاعر الرسالة حسان بن ثابت !! وقد سمعنا بعضا منه اصلج صدورنا وبلغ منا مبلغا من الاعجاب ! كقصيدة (كلينتون) الشهيرة لعبدالواحد .. وغيرها من القصائد التي نافحت عن الحبيب صلى الله وسلم إبان ظهر تلك الرسوم المسيئة لشخصه الكريم بأبي هو وأمي .
هناك مجال رائع آخر , ولكثير من شعرائنا محاولات جيدة لكنها قليلة نسبيا , واقصد مجال الحكمة والموعظة , إضافة الى الشأن العام وقضايا المجتمع والتي ايضا ينالها نصيب من البعض لعل اشهرهم واكثرهم الشاعر عبدالواحد بن سعود ,, فلهوقفات مع كثير من المشاهد السياسية والاجتماعية الداخلية والدولية ايضا ..ولعل قصيدة (الرواتب ) مثال على هذا في الشأن الداخلي ! كذلك الشاعر عبدالله البيضاني الذي رأيت له وقفات جميلة موفقه في مثل هذه الأغراض , وكذلك الشاعر الكبير صالح اللخمي , كقصيدة ديانا , وقصيدة الصاحب وغيرها .
مثل هذه القصائد تعطي زخما معرفيا وتنويريا وتوعويا أيضا , وهذا ما أطالب به هنا وأتمناه من الجميع .. فما فائدة ضياع ساعة أو نحوها في جدل عقيم وردح رخيص حول (الصنم) وعبادة القبور , والتسميات والمسيات !! ورحم الله (زميع بن سعيد بن هضبان ) رحمة واسعه .. فقد ذهب بجسده وروحه وليته بقي فلن يشكل إسمه عبئا على أحد حتى ولو يكن مقبولا لدى البعض , لا ادري لماذا قفز عبدالواحد هداه الله الى ابن الشاعر , والسخرية من اسمه .. ؟؟ اتفق معه (ان بعض الأسامي ما يسمى بها) وقد غير السول بعض اسماء صحابته , وحث على ان يختار الاب اسما حسنا لابنه وابنته , ولكن الرجل بفعاله وخصاله وخلقه وليس باسمه !! ثم إنه ""لاتزر وازرة وزر اخرى """ ..!! , وعفا الله عن والده الذي طالما (تأبط شرا) يخرج به على الجمهور منغصا على الذواقة منهم , مكدرا صفو المحبة والوئام والتآخي التي يجب أن تسود بين الجميع ,(حتى لو هذا شبابي وهذا خندفي ) !! فما ضر الشاعر (هميل بن شرف ) على سبيل المثال ان يأكل بصلا حتى ينتفخ !! اليس البصل نعمة من نعم الله ذكره الله في قرآنه ؟ اليس البصل مادة اساسية في كل اكلاتنا تقريبا ؟ اليس (التعيير) بالبصل أصلا سخفا وحماقة وجهلا ونقص في العقل ؟ والله إني لأراه كذلك !
ايها الأحبة : لعلي قسوت كثيرا هنا .. ولكنها قسوة مني على من أرحم ِ .. إنها غيرتي على هؤلاء الأفذاذ وغيرهم , إنها غيرتي على الشعر والقاف الجنوبي من من بالحارث الى عسير ونجران وجازان , غيرتي على من يمتلك موهبة توظيف هذا (القاف) في مجالات الخير والحق والجمال !! إنها غيرتي على الحرف العربي فصيحا وعاميا عن أن يُستخدم ويُرهن لمعانٍ غير لائقه واهداف ٍغير نبيله وقضايا غيراخلاقية !!
دعونا ياسادة _شعراء وجمهور_ نحرر انفسنا من ربقة هذا الموروث السقيم الذي نتوارثه منذ أكثر من خمسة عشر قرنا , فلا إسلامنا يبيح لنا ولا أخلاقنا ولا أعرافنا ولا (سلومنا) الأصيلة .
في حفلة في قلوة كما اظن كان للشيخ االنبيل الواعي الحكيم (يحي بلقرون ) موقفا رائعا جدا نال حيزا وافرا من تقديري واعجابي بذلك الشيخ زيادة على ما كان عليه , فبعد أن بدا السوطاني كعادته هداه الله بالشتم والانتقاص من أبي ماجد , راى الشيخ أن الاستمرار سيؤدي الى إشعال الحوار بين الشاعرين وان المسار الرائق الذي كان سائدا بدأ ينحى منحا مخلا مخجلا , فما كان منه إلا أن انصرف طالبا من عبدالله البيضاني عدم الرد , مما أدى الى توقف الحفل وفضه !! وقد حاول الجمهور كالعادة أن يستمر الحفل لكن البيضاني أيضا وقف موقفا مشرفا وأجاب طلب الشيخ الوقور , وانصرف , لم يهتم بان يقال انهزم او نحو هذا ! بل إنه اشاد بخصمه ولكنه قال ( ماحنا ثيران تحارشون بيننا) !! هذه المقولة الرائعه الواعية من هذا الشاعر المؤدب الحصيف هي فعلا ما يفسر حال جمهورنا تماما , ينظرون للشعار كالثيران الهائجه يثيرونها على بعضها البعض ليتفرجوا هم ويستمتعوا في سادية فكرية مظلمة , و(إعاقة ) فكرية ذوقية لا توصف !
إذن فالشيخ يحي بوعيه وحكمته وتقديره للأمور , ثم لإدراكه بسخافة وعدم مشروعية مثل هذه المهاترات بين الشعراء , ادرك _لله دره_ خطورة الموقف وربأ بنفسه عن أن يجلس يستمع الى كلام مبتذل غير لائق باي شخص , فماذا وهو شيخ يمثل قبيلة عريقة ؟؟!!
لو أن كل صاحب حفل طلب من الشعراء عدم الخروج (عن السطر) في محاوراتهم وعدم السماح لاي كلام مبتذل من أن يصدع من مكبرات الصوت على ضيوفه , ولا أن تكون مناسبة اجتماعية كالزواج ونحوه يملؤها الخير وتنطلق من منطلقات إيمانية سامية, فرصة للتنفيس أو للتنغيص أو لارتكاب محرم وإيتاء منكر كالغيبة والنميمة والتعصب والتحزب والنيل من أعراض الرجال وشرف القبائل وسلومها , أقول: لو يحدث هذا لربما رأينا حفلاتنا اكثر جمالا وجلالا وهيبة ومتعة وفائدة ,ولاغضاضة أيضا ان تكون (نخبوية ) بامتياز, وسوف يبرز فعلا الشاعر الحق من المتشاعر , وسيكون التنافس بحق شريفا ونزيها !
ترى مَن مِن شعرائنا الأفاضل في عموم الجنوب خاصة وعموم الوطن عامة يكون أول من (يعلق الجرس) ؟ ويعلن ولو من جانب واحد أنه لن يدخل في مهاترات ولا سب وشتم, ولاغيبة ونميمة , ولا الخوض في أعراض ولا شرف ولا عادات وتقاليد وموروث وسلوم قبايل اخرى !منطلقا من المسلم من سلم الناس من لسانه ويده كما جاء في ألاثر الطاهر .!!؟؟
لماذا لا يكون هناك (ميثاق شرف) شعري مثل ميثاق الشرف الصحفي ! يلتزم كل الشعراء بموجبه بالكف عن أي مهاترات وهجاء وانتقاص وتحقير !! فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط !وساحات الشعر وميادين العرضه في غنى عنه وعن ما يتقيأؤه من اسفاف !!
لندع التحالفات المناطقية والقبلية , ولنعبر في شعرنا ومحاوراتنا عن اصالتنا ووعينا وتاريخنا واخلاقنا ,وبالتالي لنبرز كفاءاتنا وقوتنا الشعرية وقدراتنا الخلاقه , ومكانتنا الحقيقية في هذا العالم الجميل او ما يفترض له أن يكون جميلا أبدا , وهو عالم الشعر وألإبداع , والبوح الصافي الجميل , والتغريد المؤنس الذي يملأ النفس بهجة وحبورا , يطربنا ويقنعنا في ذات الوقت , وهذا لعمري قمة الإبداع عندما تطرب وتقتنع في نفس الوقت بما تسمع , هناك يا سادتي نشوة عارمه لطالما سرت بروحي وسمت بها مع شعراء كثر , انشدوا شعرا جميعا حافلا بمعاني رفيعة , حالمة , راقية , لا تملم الا ان تردد معها (( الله الله ) ..كلمات تنحفر لروعتها وجمالها وجلالها في اعماق النفس والوجدان فتبقى وتخلد وتظل تنبض بالمتعة والحياة دائما حتى يقف النبض فعلا ونغيب عن هذه الحياة !!
دعو الجميع حولنا يرى (إشراقات ) جديده لشعرائنا , تكون قدوة ونبراسا للجميع .
في تقديري أن هذا ممكنا جدا وسهل جدا إذا (تفلنا الشيطان ) وأحسنا النوايا , وازلنا مافي قلوبنا من غل !!! , وسوف يتعود الجمهور أن يسمو أكثر فأكثر ويرتقي بذائقته ويلتقطها من (تحت الكباري ) !!
وسامحونا
بقلم الاستاذ /عبدالله الدوسي
كاتب وناقد
لطالما احتل الهجاء مساحة كبيرة من اهتمامات الشعراء عبر التاريخ , ولعل شعراء مثل جرير والفرزدق والأخطل وحتى المتنبي أيضا الذي ملأ الدنيا وأشغل الناس , والحطيئة الذي لم يسلم من لسانه أحد حتى ان عمر بن الخطاب سجنه , ولم تنقذه الا قصيدته المشهوره التي مطلعها:
ماذا أقول لأفراخ ٍ بذي مرخ ٍ... زغب الحواصل لاماء ٌولاشجرُ
القيت كاسبهم في قعر مظلمة ٍ...... فاغفر عليك سلام الله ياعمرُ .
ولعلنا نعرج على (ولادة بنت المستكفي) التي هجت صاحبها وعشيقها (ابن زيدون ) هجاء مقذعا منحطا لفظا ومعنى ,لا يحسن ذكره هنا , وإن كانت لم (تحترف) هذا اللون في الواقع بل مقلة جدا فيه . هؤلاء تقريبا يعدون من أبرز من نبغ وأشتهر بهذا اللون القبيح من الشعر, وإن كان ادبنا العربي حتى العصر الحاضر يزخر بالعديد من هذه (المطبات) الموجعه , بل لعلي أقول هذا العار الذي ورثوه لنا , فقد خلفوا لنا مادة في الواقع دسمة (أدبيا) مع تحفظي على هذا الوصف , ولكنها مخجلة جدا اجتماعيا وتاريخيا .. فالهجاء وكما رأينا يكون مقذعا جدا ومسفا جدا , وهابطا الى ما تحت الصفر في مقياس (ترمومتر) الحياء والعفة والخلق !! هذا فضلا عن كلام منثور كثير لايقل انحطاطا وبذاءة وسقوطا عن ذلك المنظوم الموزون المقفى !
اعجب كثيرا لأناس لايروقهم ولا يستمعون ويحفظون ويتندرون إلا بهذا اللون من الشعر !!! في حين ان ينابيعا لاتنضب تتدفق منذ ذلك التاريخ الى اليوم تحمل شعرا عذبا زلالا يهذب النفس ويسمو بالاخلاق ويرتقي بالمشاعر والشعور . جلست مع أحدهم فكان طوال الوقت يعلق على زميل له بابيات مما (تقيأته) قريحة أولئك الشعراء رغم المكانة الكبيرة والرفيعة التي وصلوا اليها !! فقد كان لهم باع طويل في الشعر العربي اثروا به الأدب العربي أيما إثراء .
لقد إمتد هذا الهجاء القبيح باشكال مختلفه عبر التاريخ كما ذكرت , وهو يختلف عن المعارضات بين الشعراء , ويختلف ايضا بدرجة كبيرة عن تلك (المداعبات ) البريئة التي قد تبهجنا جدا وتمتعنا ولكنها لا تخدش حياء أحد ولا تهبط بذائقته ولا تمس عرضا ولا شرفا كما هو الحال في هذا اللون الممقوت من الشعر والذي ساد منذ تلك الفترة بل وماقبلها ايضا .
هناك في تراثنا وموروثنا منذ العصور الجاهلية وحتى اليوم زخم من هذا اللون القاتم من الشعر والذي دخل أروقة الأدب وأثار اهتمام الباحثين والدارسين وأصبح مادة تدرس في الكليات والجامعات المختلفه ! وهانحن اليوم نراه يمتد حتى في حفلاتنا الشعبية ومناسباتنا بصرف النظر عن اختلاف اللون المؤدى , عرضه أو قلطة وغيرها , فالملاحظ منذ عشرات السنين أن (التقذيع ) يكاد يكون ديدنا لكل الشعراء في أي مكان وأي مناسبة , فبعد المدح لمن يستحق ومن لا يستحق , وبعد ارضاء (المعزب) واطمنئنان الشاعر انه مدح بما يكفي لنيل المكافاة المجزية , ياتي دور (الهجاء) الذي يتدرج حسب الحال والظروف المحيطه والجمهور .. فيعتدل مساره حينا ,ويهبط احيانا اخرى .. تارة ياخذ مسارا متحفظا , وتارة ينزلق الجميع الى أن تقترب أُنوفهم من شم الثرى !!
وكم كنت اتمنى ألا يقف شاعرنا الفذ عبدالواحد امام الزلامي في حفلة (قلطة) ’ هذا يقول: انا لا اعرف او ارى ( أولك) وذاك يقول: (عساك العمى) !! ولعلها من أخف العبارات التي قد تقال , ومن يفطن ويدقق في وجه الزلامي وتعابير وجهه يرى أن هذا القول صادر من أعماقه وكأنه ينفس بغضا وكرها وانتقاصا لخصمه !!( وكم من شاعر ينطبق عليه البيت الشهير للمتنبي ((إذا رأيت نيوب الليث بارزة فلا تظنن أن الليث يبتسم ) !! .وكم من ابتسامات صفراء مزيفه وعبارات تدغدغ المشاعر يكون ظلها قاتما اسودا يسيل حقدا وكرها !! ولكم في ساحات الشعر عبر العقود الماضية عظة وعبرة !!
رأينا وسمعنا ذلك الشاعر الضرير عبدالله الذيابي يصف زملاؤه في احدى الحفلات بالحثاله , مدفوعا بصحيات الجماهير التي تزيد من صف الى صف كلما تفنن شاعر في تقذيع صاحبه وإهدار كرامته !! فهل هذا شعر ؟ وهل هذا ادب ؟ وهل هذا ما يسمو بانفسنا وأخلاقنا ويفخر به أجيالنا ؟؟؟؟؟فلماذا نضع أنفسنا في هذه المواقف التي لا نحسد عليها ؟؟ وفي القمابل ففي كثير من الأحيان يكون الإسفاف وتناول الأعراض والخوض فيها مادة مناسبة( للشقر) !! يؤججه ذلك التشجيع اللاواعي المندفع من الجمهور الذي أدعي انا ولا أبالي بالقول إن السواد الأعظم منه بلا ذائقه وبلا ذوق على الاطلاق !
كنت أتمنى ولا زلت أن يمسك الشعراء الفطاحل الكبار المثقفون أمثال شاعر( السيف والقلم ) الدكتور عبدالواحد بن سعود , وكذلك الشاعر الفذ المثقف ( سيد القاف الجنوبي) كما أسميه انا , الأستاذ محمد بن حوقان , وكذلك (صناجة الجنوب ) الشاعر الواعي المؤدب المتمكن ابو ماجد عبدالله البيضاني , وكذلك ( النابغة البيضاني) الشاعر الاستاذ المربي علي البيضاني , وهؤلاء اذكرهم فقط على سبيل المثال لا الحصر , وأقول إنني كنت أتمنى أن يمسك مثل هؤلاء الأفذاذ بزمام (التنوير) في كل مكان وكل (واد) يهميون فيه !!
إنني أرى أنه على عاتقهم تقع مسؤولية الإرتقاء بذائقة الجمهور , ووعيه , وسمو خلقه ,.. فالشعر نبل وأخلاق وذوق وسمو متى ما أردنا أن يكون كذلك , وهو أيضا اسفاف وتدمير للاخلاق وإفساد للذوق , ويمكن أن يمارس دورا (تجهيليا) إن صح التعبير، ايضا اذا أُريد له ذلك .
هناك أمثلة كثيرة جدا لا تحصى لمثل هذا النوع الاخير الممقوت الذي يفترض أن تأنف الاذواق منه , وتتقزز الاذن لسماعه , وتستنكره الأنفس النبيلة الكريمة , ولعل أبرز مثال على هذا إحدى حفلات (قصر دوس ) فيما اذكر , ضمت عبدالواحد وابن حوقان والبيضاني والسوطاني ! حيث امتدت مساحة (الهبوط الذوقي) من (وادي جليل) الى ما (تحت الكباري وتحت الشاحنه) !!!!! وهذا الأخير كان مسفا جدا ومستهجنا جدا ومصطدما مع الفطرة السوية والخلق الكريم .
كيف نسمح لانفسنا الأبية أولا ثم لأبنائنا من مختلف الأعمار والذين يشكلون نسبة عالية من الجمهور ان يسمعوا مثل هذا (القرف) !! وأن يرددوه ببلاهة , وان يسترجعوا معانيه في اذهانهم , ويتشدقون بالتعليق على دلالاته الهابطه والنتنه!
كان الأجدر ب( شعيل) أن يقود الجِمال الى مراع ٍ خصبة , مفيده , لكنه _هداه الله _ابى إلا أن يلبي رغبة الجمهور المندفع بلا وعي ولا إدراك , الجمهور الذي تعود منه أن يكون سباقا الى ( الهدر) واستعراض المهارات الفائقه في استخدام كل مفردات (الوساخه) ! لينطلق (معمما ) إلى مراتع الشوك والحنظل و( المرار) , وكلما كان الجو قاتما ملوثا مزدحما بالالفاظ البذيئة كلما طرب الجمهور وهلل وصفق وبحت حناجر الكثير منهم بالصياح في اشارة واضحة الى بلوغهم الرضا وطلب المزيد !! اقول هذا وأنا اكن لذلك (الشعيل) كل الود والتقدير والاحترام كرجل وانسان , اما كشاعر فليس بيني وبينه ود كثير , مع إعترافي و(مصادقتي ) انه شاعر متمكن وقادر وبقوة على أن يقول شيئا (فرائحيا) ممتعا ,وان يغرد بصوته الجميل والحانه وينتقي من الكلام اعذبه ومن المفردات اقواها واصدقها واعفها ويحلق بذائقة الجمهور الى فضاءات ارحب من الذوق والعذوبة والسمو !
هناك الوان كثيرة وأغراض كثيرة من أغراض الشعر يمكن تناولها , حتى هذا الذي يكون في الحفلات أيا كان نوعه وجمهوره وشُعاره ومنطقته , فهناك مكارم الاخلاق التي لا ينضب معينها , هناك برالوالدين ومحبة الله والوطن , هناك الولاء , هناك الاخلاق , هناك الكرم والرجولة , هناك الطبيعة ومافيها .. هناك التلاحم بين افراد المجتمع , هناك نبذ العصبية القبلية التي يزيدها الشعراء عندنا تأجيجا , فتزيد هي بدروها أفراد المجتمع رهقا !!
لابأس من المدح حتى لوكان مبالغا فيه لأي كان , لابأس من بعض المداعبات البريئة بين الشعراء التي لا تهبط بالذوق ولا بالخلق ولا تنال عرضا أو شرفا , ولا تدخل في باب الغيبة او النميمة .. ولابأس ايضا بهجاء عدو خارجي واستشراف سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم مع شاعر الرسالة حسان بن ثابت !! وقد سمعنا بعضا منه اصلج صدورنا وبلغ منا مبلغا من الاعجاب ! كقصيدة (كلينتون) الشهيرة لعبدالواحد .. وغيرها من القصائد التي نافحت عن الحبيب صلى الله وسلم إبان ظهر تلك الرسوم المسيئة لشخصه الكريم بأبي هو وأمي .
هناك مجال رائع آخر , ولكثير من شعرائنا محاولات جيدة لكنها قليلة نسبيا , واقصد مجال الحكمة والموعظة , إضافة الى الشأن العام وقضايا المجتمع والتي ايضا ينالها نصيب من البعض لعل اشهرهم واكثرهم الشاعر عبدالواحد بن سعود ,, فلهوقفات مع كثير من المشاهد السياسية والاجتماعية الداخلية والدولية ايضا ..ولعل قصيدة (الرواتب ) مثال على هذا في الشأن الداخلي ! كذلك الشاعر عبدالله البيضاني الذي رأيت له وقفات جميلة موفقه في مثل هذه الأغراض , وكذلك الشاعر الكبير صالح اللخمي , كقصيدة ديانا , وقصيدة الصاحب وغيرها .
مثل هذه القصائد تعطي زخما معرفيا وتنويريا وتوعويا أيضا , وهذا ما أطالب به هنا وأتمناه من الجميع .. فما فائدة ضياع ساعة أو نحوها في جدل عقيم وردح رخيص حول (الصنم) وعبادة القبور , والتسميات والمسيات !! ورحم الله (زميع بن سعيد بن هضبان ) رحمة واسعه .. فقد ذهب بجسده وروحه وليته بقي فلن يشكل إسمه عبئا على أحد حتى ولو يكن مقبولا لدى البعض , لا ادري لماذا قفز عبدالواحد هداه الله الى ابن الشاعر , والسخرية من اسمه .. ؟؟ اتفق معه (ان بعض الأسامي ما يسمى بها) وقد غير السول بعض اسماء صحابته , وحث على ان يختار الاب اسما حسنا لابنه وابنته , ولكن الرجل بفعاله وخصاله وخلقه وليس باسمه !! ثم إنه ""لاتزر وازرة وزر اخرى """ ..!! , وعفا الله عن والده الذي طالما (تأبط شرا) يخرج به على الجمهور منغصا على الذواقة منهم , مكدرا صفو المحبة والوئام والتآخي التي يجب أن تسود بين الجميع ,(حتى لو هذا شبابي وهذا خندفي ) !! فما ضر الشاعر (هميل بن شرف ) على سبيل المثال ان يأكل بصلا حتى ينتفخ !! اليس البصل نعمة من نعم الله ذكره الله في قرآنه ؟ اليس البصل مادة اساسية في كل اكلاتنا تقريبا ؟ اليس (التعيير) بالبصل أصلا سخفا وحماقة وجهلا ونقص في العقل ؟ والله إني لأراه كذلك !
ايها الأحبة : لعلي قسوت كثيرا هنا .. ولكنها قسوة مني على من أرحم ِ .. إنها غيرتي على هؤلاء الأفذاذ وغيرهم , إنها غيرتي على الشعر والقاف الجنوبي من من بالحارث الى عسير ونجران وجازان , غيرتي على من يمتلك موهبة توظيف هذا (القاف) في مجالات الخير والحق والجمال !! إنها غيرتي على الحرف العربي فصيحا وعاميا عن أن يُستخدم ويُرهن لمعانٍ غير لائقه واهداف ٍغير نبيله وقضايا غيراخلاقية !!
دعونا ياسادة _شعراء وجمهور_ نحرر انفسنا من ربقة هذا الموروث السقيم الذي نتوارثه منذ أكثر من خمسة عشر قرنا , فلا إسلامنا يبيح لنا ولا أخلاقنا ولا أعرافنا ولا (سلومنا) الأصيلة .
في حفلة في قلوة كما اظن كان للشيخ االنبيل الواعي الحكيم (يحي بلقرون ) موقفا رائعا جدا نال حيزا وافرا من تقديري واعجابي بذلك الشيخ زيادة على ما كان عليه , فبعد أن بدا السوطاني كعادته هداه الله بالشتم والانتقاص من أبي ماجد , راى الشيخ أن الاستمرار سيؤدي الى إشعال الحوار بين الشاعرين وان المسار الرائق الذي كان سائدا بدأ ينحى منحا مخلا مخجلا , فما كان منه إلا أن انصرف طالبا من عبدالله البيضاني عدم الرد , مما أدى الى توقف الحفل وفضه !! وقد حاول الجمهور كالعادة أن يستمر الحفل لكن البيضاني أيضا وقف موقفا مشرفا وأجاب طلب الشيخ الوقور , وانصرف , لم يهتم بان يقال انهزم او نحو هذا ! بل إنه اشاد بخصمه ولكنه قال ( ماحنا ثيران تحارشون بيننا) !! هذه المقولة الرائعه الواعية من هذا الشاعر المؤدب الحصيف هي فعلا ما يفسر حال جمهورنا تماما , ينظرون للشعار كالثيران الهائجه يثيرونها على بعضها البعض ليتفرجوا هم ويستمتعوا في سادية فكرية مظلمة , و(إعاقة ) فكرية ذوقية لا توصف !
إذن فالشيخ يحي بوعيه وحكمته وتقديره للأمور , ثم لإدراكه بسخافة وعدم مشروعية مثل هذه المهاترات بين الشعراء , ادرك _لله دره_ خطورة الموقف وربأ بنفسه عن أن يجلس يستمع الى كلام مبتذل غير لائق باي شخص , فماذا وهو شيخ يمثل قبيلة عريقة ؟؟!!
لو أن كل صاحب حفل طلب من الشعراء عدم الخروج (عن السطر) في محاوراتهم وعدم السماح لاي كلام مبتذل من أن يصدع من مكبرات الصوت على ضيوفه , ولا أن تكون مناسبة اجتماعية كالزواج ونحوه يملؤها الخير وتنطلق من منطلقات إيمانية سامية, فرصة للتنفيس أو للتنغيص أو لارتكاب محرم وإيتاء منكر كالغيبة والنميمة والتعصب والتحزب والنيل من أعراض الرجال وشرف القبائل وسلومها , أقول: لو يحدث هذا لربما رأينا حفلاتنا اكثر جمالا وجلالا وهيبة ومتعة وفائدة ,ولاغضاضة أيضا ان تكون (نخبوية ) بامتياز, وسوف يبرز فعلا الشاعر الحق من المتشاعر , وسيكون التنافس بحق شريفا ونزيها !
ترى مَن مِن شعرائنا الأفاضل في عموم الجنوب خاصة وعموم الوطن عامة يكون أول من (يعلق الجرس) ؟ ويعلن ولو من جانب واحد أنه لن يدخل في مهاترات ولا سب وشتم, ولاغيبة ونميمة , ولا الخوض في أعراض ولا شرف ولا عادات وتقاليد وموروث وسلوم قبايل اخرى !منطلقا من المسلم من سلم الناس من لسانه ويده كما جاء في ألاثر الطاهر .!!؟؟
لماذا لا يكون هناك (ميثاق شرف) شعري مثل ميثاق الشرف الصحفي ! يلتزم كل الشعراء بموجبه بالكف عن أي مهاترات وهجاء وانتقاص وتحقير !! فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط !وساحات الشعر وميادين العرضه في غنى عنه وعن ما يتقيأؤه من اسفاف !!
لندع التحالفات المناطقية والقبلية , ولنعبر في شعرنا ومحاوراتنا عن اصالتنا ووعينا وتاريخنا واخلاقنا ,وبالتالي لنبرز كفاءاتنا وقوتنا الشعرية وقدراتنا الخلاقه , ومكانتنا الحقيقية في هذا العالم الجميل او ما يفترض له أن يكون جميلا أبدا , وهو عالم الشعر وألإبداع , والبوح الصافي الجميل , والتغريد المؤنس الذي يملأ النفس بهجة وحبورا , يطربنا ويقنعنا في ذات الوقت , وهذا لعمري قمة الإبداع عندما تطرب وتقتنع في نفس الوقت بما تسمع , هناك يا سادتي نشوة عارمه لطالما سرت بروحي وسمت بها مع شعراء كثر , انشدوا شعرا جميعا حافلا بمعاني رفيعة , حالمة , راقية , لا تملم الا ان تردد معها (( الله الله ) ..كلمات تنحفر لروعتها وجمالها وجلالها في اعماق النفس والوجدان فتبقى وتخلد وتظل تنبض بالمتعة والحياة دائما حتى يقف النبض فعلا ونغيب عن هذه الحياة !!
دعو الجميع حولنا يرى (إشراقات ) جديده لشعرائنا , تكون قدوة ونبراسا للجميع .
في تقديري أن هذا ممكنا جدا وسهل جدا إذا (تفلنا الشيطان ) وأحسنا النوايا , وازلنا مافي قلوبنا من غل !!! , وسوف يتعود الجمهور أن يسمو أكثر فأكثر ويرتقي بذائقته ويلتقطها من (تحت الكباري ) !!
وسامحونا
بقلم الاستاذ /عبدالله الدوسي
كاتب وناقد