المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدرس الأول لسندات الشركات المساهمة


القناص
29/12/2004, 01:22 PM
الدرس الأول لسندات الشركات المساهمة

الدرس الأول لسندات الشركات المساهمة

إننا نترقب الدرس الأول لإصدار سندات الشركات، التي من المؤمل أن يتم تداولها في السوق المالية الحديثة في السنة المقبلة. ويظل مدى الإقبال عليها مرهون بجاذبية العائد على تلك السندات، ومدى تقبل الأفراد لها، وفهمهم لطبيعة الدور الكبير الذي تلعبه السندات.
بدأت الشركات السعودية المساهمة في التحدث عن نيتها في طرح سندات لتمويل مشاريعها التوسعية. فقد أوضحت "سابك" عن نيتها طرح ما قيمته مليار ريال على شكل سندات. وأعلن البنك السعودي الهولندي عن نيته طرح سندات بقيمة 700 مليون ريال. وتنوي شركة الكهرباء السعودية إصدار سندات لتمويل مشاريعها المستقبلية.
وتلك بداية طيبة لسوق المال السعودية التي ستتحول من مجرد سوق لبيع وشراء الأسهم، إلى سوق يتم فيها تبادل سندات الشركات المساهمة. وفي الوقت نفسه، تشكل السندات أداة تمويل قوية للشركات لمقابلة التوسعات الكبيرة التي يشهدها اقتصاد المملكة. فالسندات هي ورقة مالية بفئة محددة ولمدد محددة. فقد تتراوح أسعارها بين 100 و1000 أو أكثر من ذلك، ولمدد قد تصل إلى عشر سنوات أو أكثر. وتباع للمتعاملين مقابل عائد سنوي ثابت حتى تنتهي مدة السند، حيث تقوم الشركة المصدرة بدفع قيمة السند واسترداده. ويمكن لحامل السند بيع السند قبل نهاية مدته.
ولأن السندات خيار تمويلي للشركات، فإنها في الوقت نفسه تعتبر خيارا استثماريا للأفراد والشركات والمؤسسات الأخرى. وأداة استثمارية تساعد على تنويع المحافظ بين سندات وأسهم وسوق نقدية، وبالتالي تساعد على تنويع المخاطر والعوائد للمحافظ الاستثمارية. فالسندات تحمل أقل المخاطر بين الأوراق المالية، لأن لها عائدا ثابتا ويمكن استردادها بقيمتها الاسمية عند نهاية مدتها. والمخاطر التي تتعرض لها السندات تتمثل في انخفاض العائد الحقيقي لها. فعند ارتفاع سعر الفائدة تنخفض قيمة السندات، وعندما ينخفض سعر الفائدة، فإن قيمة السندات ترتفع. وذلك لأن ارتفاع سعر الفائدة يصحبه صدور سندات جديدة عند سعر فائدة أعلى، مقارنة بالسندات القديمة. لذا يلجأ بعض المتعاملين لبيع السندات القديمة مقابل مبلغ أقل من سعرها الاسمي. وفي الوقت نفسه، يقومون بشراء سندات جديدة بعائد أعلى، وهكذا.
وقبل الوصول إلى مرحلة إصدار السندات، فإن على الشركات السعودية أن تحصل على تصنيف ائتماني من شركات تصنيف عالمية، مثل ستاندرد آند بورز. ولتحصل على ذلك التصنيف، يتطلب من الشركات السعودية فتح حساباتها وقوائمها المالية، بكل شفافية ووضوح. لتتمكن شركات الائتمان من وضع التصنيف الملائم لها المتمثل في حروف إنجليزية، أقواها حرف A وفئاته والعلامات المصاحبة له مثل (+) و(-)، ثم تتدرج إلى حروف أدنى من ذلك.
وكانت المملكة قد حصلت على تصنيف ائتماني عال لمجموعة الدول المقاربة لها. فحصلت على تصنيف عال من قبل ستاندرد آند بورز وآخر من وكالة فيتش. وجاء التصنيف الائتماني الرسمي للمملكة كخطوة أولى لتصنيف الشركات المحلية، فتصنيف الشركات يتطلب الأخذ في الحسبان مخاطر الدولة التي تقيم فيها تلك الشركات. ناهيك عن أن السندات الحكومية هي الأخرى تحتاج إلى تصنيف معين لتحديد مخاطرها ومدى ملاءمة العائد منها مع مخاطرها.
وفي الوقت نفسه، ستكون السندات الحكومية المرجع لتقييم سندات الشركات المصدرة لها. فالشركات ستدفع عائدا أعلى على سنداتها من الحكومة، لأن مخاطر الشركات وإفلاسها أعلى بكثير من المخاطر التي تحيط بالدول. فالشركة جزء من الدولة وبيئة الدولة الاستثمارية. فإفلاس شركة ما قد لا يؤثر على كيان الدولة ووضعها المالي. ولكن تردي الوضع المالي للدولة وتردي اقتصادياتها يؤثر كثيراً على الشركات العاملة فيها.
دعونا نقول إننا نترقب الدرس الأول لإصدار سندات الشركات، التي من المؤمل أن يتم تداولها في السوق المالية الحديثة في السنة المقبلة. ويظل مدى الإقبال عليها مرهونا بجاذبية العائد على تلك السندات، ومدى تقبل الأفراد لها، وفهمهم لطبيعة الدور الكبير الذي تلعبه السندات في تمويل توسعات الشركات وتمويل البنية التحتية والاقتصادية للبلاد.