صقر الجنوب
10/03/2009, 11:47 AM
السدحان: كنت راعيًا للغنم وساقيًا للزرع.. و“يهودي طيب” انقذني من الموت
http://www.al-madina.com/files/imagecache/node_photo/files/rbimages/1236532200091667000.jpg (http://www.al-madina.com/node/113508)
الاثنين, 9 مارس 2009
ذاق مرارة التشرّد مبكرًا فكان يتنقل بين منازل الأقرباء أملًا في أن ينعم بشىء من استقرار النفس ولكنه لم يجد ،علمته الحياة القاسية كيف يواجه الصعاب باكرًا عندما غنم نفسه من جوع كلب برغيف خبز وقد خبِر من الحياة أن من البشر من يمكن شراء ولائه برغيف من خبز الحياة وزينتها إما كسبًا لوده او اتقاء لشرّه او ابتغاء نيل نفع منه . إنه « راعى الغنم » وساقي الزرع وكاتب المحو في صيدلية جده «المداوى» عبد الرحمن السدحان الامين العام لمجلس الوزراء . الذى استنزف للوصول الى هذا الموقع القريب من علية القوم (شلالات) من الدمع والبسمة ووقفات من الحيرة والقلق ، وكان زاده فيها توفيق الله ثم دعاء الوالدين الذين كان يأمل ان يكونا على قيد الحياة ليهديهما ثمرة عرق الايام الصعبة.
ورغم مرور السنين الطويلة الا أنه لايزال يشعر بالامتنان لهذا « اليهودي الطيب» الذي انقذ حياته من همجي كاد أن يفتك به وبالالم لما جرى في سوق الاسهم الذى افرز لنا آلافًا مؤلفة من امثال «دنحى» الذي عافه زمانه ولفظه مكانه ولم يجد سوى الشارع كمأوى من سياط الشقاء اللاهب . ولا تزال ذاكرة السدحان تحفظ تلك الايام التى كان يذهب فيها الى المدرسة حافي القدمين احيانا في قريته( مشيع) التى لم يبق منها سوى اطلال خالية تعبّر عنها بيوت طينية اجهدها القِدم، اما المرتفعات الصغيرة والهضاب المتاخمة للقرية التي كان يأوى اليها خلال رحلة رعي غنم جدّه يوميا، فقد سويت بالارض تماما بعد (غزوة) هوامير العقاريين لها، والسدحان الذى عرف بدقته يرفض المبالغات او ما يصفه بحديث « المقاهى» لاسيما عن المميزات التى يحصل عليها الوزراء بعد التقاعد وكتائب المستشارين التى يأتى بها غالبية الوزراء لتطفيش الطواقم القديمة .
ذكريات مع مشيع
قرية مشيع ماذا تعني لك اليوم.. ألم يأخذك الحنين إليها وهل شاهد أبناؤك الطرق التي كنت تسلكها من أجل العلم تارة والرعي تارة أخرى؟
- لم يبق من قرية (مشيع) التي شهدت جزءا من طفولتي سوى الاسم فقط منقوشا في الذاكرة، بعد أن غمرها غيث المد الحضاري ليجعلها جزءا من أبها المدينة وباتت اليوم (تتمنطق) بحزامها الشهير !.
كنت ذات يوم من ذات زمان أسير حافي القدمين (أحيانا) ذهابا إلى المدرسة من مشيع في الصباح الباكر جداً، وإيابا منها قبل غروب الشمس، وكان الطريق الذي اسلكه جبليا في معظم اجزائه ومتعرجا بين صعود وهبوط، تكتنفه تضاريس موحشة خالية من الشجر والكلأ، وكانت وحشته تزداد في ساعات الصباح الاولى.. وقبيل غروب الشمس، وكانت المسافة بين مقر الإقامة في مشيع والمدرسة الابتدائية (في البحار) في قلب أبها نحو السبعة كيلومترات تقريبا.
اليوم لم يبق من (مشيع) سوى اطلال خالية تعبّر عنها بيوت طينية اجهدها القِدم، وعرّاها الزمان، وأضناها الهجر، والى جوارها تقوم مساكن حديثة رغم عشوائية التخطيط والخدمات بها، اما المرتفعات الصغيرة والهضاب المتاخمة لقرية مشيع التي كنت آوي اليها خلال رحلة رعي غنم جدّي يوميا، فقد سوّيت بالارض تماما بعد (غزوة) هوامير العقاريين لها، لتحل محلها منازل وطرق ومساجد وحوانيت ونحو ذلك ولم يبق من تلك الهضاب شاهد يدل عليها، ولذا اعتمد على الذاكرة وشيء من الخيال في وصف تلك الأماكن القديمة من مراتع الطفولة لهوًا وجدّاً.
والغريب أنني كلما زرت تلك الأماكن شعرت برعشة من حنين تسري في اطرافي وأنا أصفها لمن يرافقني وأروي ذكرياتها رغم غياب كل الشواهد الدالة عليها، اما الطريق الجبلي العتيق الذي كنت اسلكه إلى أبها ومنها، فقد تحول اليوم الى طريق رصف بالاسفلت يعج بالعربات والناس آناء الليل وأطراف النهار، وسبحان مغيّر الأحوال.
المهاجر داخل نفسه
لماذا وصفت نفسك بـ(المهاجر) داخل نفسه والذي يعيش حالا من التشرد داخل مجتمعه؟
- استخدمت لفظ (المهاجر) في بعض كتاباتي وخاصة كتاب سيرتي الذاتية (قطرات من سحائب الذكرى) لأصف مرحلة من مراحل تشكلي النفسي والعاطفي والاجتماعي في ربى عسير، وما أدراك ما العسير في تلك الحقبة العذبة من حياتي فقد عشت فترات بعد انفصال والديّ رحمهما الله بالطلاق.. حيث ذقت مرارة التشرد حسيّا ونفسيا، فكنت اتنقل بين منازل الاقرباء أملًا في أن أنعم بشيء من استقرار النفس وراحة البدن فلم انجح وكنت أحمل همومي وآهاتي صامتًا في كل منزل فلا اتحدث إلى أحد عمّا بي، إمّا خوفًا الّا أجد أذنًا تصغي لي فتتعاطف معي وإما اجتنابا لشماتة الشامتين لأمر يعلمه الله، وإما لأنني كنت أخشى ان يبلغ أمي حديث معاناتي، فيضيق صدرها ويلازمها الحزن من أجلي لذا آثرت أن أعيش حالة من (التشرد) أو (الهجرة) داخل أروقة النفس.
سراب الأسهم
عذراً الا ترى اليوم أن (دنحي) الذي وصفه أهل قريتك (إنه خبل ولا تهب عقلك بعقله) افضل الف مرة ممن وقعوا خلف سراب المال في الأسهم ثم أخذوا يولولون عند الأبواب العالية بحجة ضياع أموالهم؟
- لم يكن (دنحي) رحمه الله سوى صورة مصغرة لمعاناة انسان عافه زمانه، ولفظه مكانه وهجره الحبيب والقريب فلجأ الى (الشارع) عسى ان يجد فيه مأوى يحميه من سياط الشقاء اللاهب وكان يستجدي الناس عاطفة وخبزا فيفوز بشيء من العطف المغلف بالشفقة ويجد بين هذا وذاك ما يقيم أوده زادًا.
هذا هو (دنحي زمان) ، أما سوق الأسهم في هذا الزمان فقد افرز لنا آلافًا مؤلفة من امثال (دنحي) الذين اسكرتهم صبوة البحث عن الربح السريع، والثراء الأسرع، فبذلوا الثمين والرخيص مما يجدون وما لا يجدون الّا حيلة او احتيالا، فلما انكشف عنهم الغطاء وأيقنوا ما آلوا إليه من ضياع وخسران، نالهم ما نال (دنحي زمان) من حالات الجنون الصامت، او الصمت المتلبس بالجنون، يأبون أن يفصحوا عنه كيلا يزداد شقاؤهم بشماتة سواهم من العقلاء وبعضهم طرقوا أبوابا من حديد وسلكوا دروبًا شاقة أو لجأوا الى أسوار عالية بحثًا عن ملاذ يعصمهم من طوفان الخسائر وأملًا في عون يعوّضهم بعض ما فقدوه في بحر ظلمات سوق الاسهم!.
نعم .. ظاهرة (دنحي) تكرر نفسها في اكثر من زمان ومكان.. ولكن بأسلوب عصري مختلف تتعدد فيه سبل الخبال والنتيجة واحدة.
اليهودي “ الطيب”
أنت تقول إن يهوديا أنقذك من براثن همجيّ كاد أن يفتك بك أثناء دراستك الجامعية بأمريكا.. هل تعتقد لو علم أنك عرابيا لكان انقذك؟
- كان لذلك اليهودي الأشعث الأغبر الفضل بعد الله في تنبيه جهاز الامن الأمريكي الموجود في مقهى قريب من (مسرح الجريمة) فأقبل ثلاثة من ضباط الأمن باتجاهي مهرولين وظننت بادئ الأمر أنهم قادمون للقبض علي رغم أنني كنت الضحية لا الجلاد! وكانت المفاجأة السارة ان اثنين منهم اتجها صوب الرجل (المتهم) بمتابعتي ليلقيا القبض عليه في الحال، وينطلقا به الى مركز الشرطة وسط المدينة في حين اقترب مني الثالث وانا في حال من الذهول محاولا تهدئة روعي، ثم اصطحبني معه في سيارة الشرطة. وهنا بادرته بالحديث (شكرا لانقاذي من هذا الموقف المؤسف، وحمايتي من الأذى النفسي الذي سببه لي ذلك الرجل الغريب، لكنني اعجب كيف علمتم عن الموقف كاملا، لتتخذوا التدابير الامنية في الحال نحو الرجل، واخراجي من زنزانة الرعب الذي حاول ان يحيطني به، خاصة بعد ان ادعى كذبا انه هو نفسه رجل أمن وأنه يعمل لمصلحة بلاده ؟ . ورد الضابط في ثقة : ( أولم تر رجلا بدينا ذا لحية كثة وشعر كثيف ورداء متواضع يراقبك وهو يسير جيئة وذهابا على الرصيف الآخر المقابل لك) قلت : بلى ، لقد لفت نظري ذلك الرجل ذو الأوصاف الغريبة لكنني كنت في شغل شاغل عنه وخوف مريع من امر الرجل الواقف الى جواري باصرار، فلم أعر أي شيء آخر اهتماما. وعلق الضابط على تعليقي وهو يغالب ابتسامة رقيقة ( ان ذلك الرجل الأشعث الأغبر ليس سوى واحد من (ابناء عمك) أيها العربي، إنه يهودي أمريكي لفتت نظره ملاحقة الرجل لك وانت تراقب وصول حافلة النقل العام، فهرع إلي انا وزملائي ضباط الشرطة ونحن نحتسي القهوة في مقهى مجاور واخطرنا بالموقف وكان ما كان!.
أما الأغرب من ذلك كله فهو ان اليهودي (الطيب) كان يعلم انني عربي ورغم ما بين الطائفتين من محن فإنه أصرّ على انقاذي من ذلك الموقف الصعب.
شراء الولاء برغيف خبز
غنمت نفسك وأنت طفل من جوع كلب برغيف خبز.. هل تستخدم مثل هذه السياسة مع الناعقين عليك؟
- افلحت ذات يوم في شراء ولاء كلب برغيف من الخبز دفعا لأذاه وفي ذلك شيء من السياسة ان شئت!
وهناك من البشر في اكثر من زمان ومكان من يمكن شراء ولائه برغيف من خبز الحياة وزينتها إما كسبًا لودّه او اتقاء لشرّه او ابتغاء نيل نفع منه وهناك من يقدم الخبز دون غاية ولا قصد ولا حتى سياسة سوى البحث عن الثواب من عند الله والنهج الاخير فضل من رب العالمين يسعى اليه كل من دلّه الله الى دروب الخير.
اختلاف البيئة
أنت تهامي الصّبا، نجديّ الفتى ، فماذا أفادتك تجربة الحياة تلك ، وهل ترى ان اختلاف البيئة لعب دورا في صقل حياتك؟
- لست تهاميّّ الصّبا كما يزعم السؤال وان كان ذلك سيشرفني لو كان ذلك حقا لكنني (سرويّ) المنبت انتسابا الى سراة عسير لا تهامتها ، هذا أمر أما الأمر الاخر فهو انني عشت تجربة العيش بدءا بعسير في فجر طفولتي المتعثرة ثم ما تلا ذلك من محطات الحل والترحال في اكثر من منطقة من مناطق المملكة بدءا بالحجاز فجازان ثم نجد وقد اسهم حصاد ومخرجات تلك المرحلة في تشكيل شخصيتي واسكابي مخزونا من الوعي بذاتي والحساسية في التعامل مع توقعات الحاضر واحلام المستقبل، ورسم (خطة) لاختراق سحب كثيفة من عدم اليقين حتى ابصرت بفضل الله ودعمه نور الخلاص، ليرسو قارب حياتي في ميناء الامن والنجاح والسلام، نعم.. استنزف ذلك المشوار الطويل (شلالات) من الدمع والبسمة ومن وقفات الحيرة والقلق بين هذه وتلك، حتى كان ما أراده الله لي، وكان توفيق الله ثم دعاء الوالدين رحمهما الله ووالدتي خاصة ، بوصلة العبور نحو برّ الامان.
هل هناك مجال للمواطنين في ابداء الرأي لدى مقام مجلس الوزراء في بعض النقاط؟
- ليس بين وليّ الامر أيده الله وشعبه الأمين حاجز ولا رادع ويستطيع اي مواطن ان يلتقي به وجهًا لوجه لعرض مسألته او الكتابة اليه عن هذا الامر او ذاك.
من يبلغ الوزراء المعينين أو الذين تنتهي فترة تسلمهم للوزارة بالقرار .. الامانة ام الديوان؟
- هناك آلية معينة لابلاغ المرشحين للوزارة عن تعيينهم اما الذين تنتهي خدماتهم بنهاية المدة المحددة لها دون تجديد فإن الامساك عن ابلاغهم ذلك يحقق الغرض!
سردت في قصة معاناتك لبداية حياتك (أنك خُتنت كبيرا) وطبيعي ان في مثل سنك الذي لم تذكره وقتئذ قد اصابك التفريغ والترويع ولكن الا ترى ان مثل هذا الامر طبيعي جداً لدى اهلنا في الجنوب وهل استقيته لتدهش القارئ به؟
- تجربة الختان في أي زمان او مكان أمر يحسب له كل حساب وكلما ارتقت المرحلة العمرية سنينا بصاحبها دون ختان، كانت مواجهة ذلك اشد ايلاما له نفسياً وبدنيا ولولا الـ (تابو) الاجتماعي الذي يكيّف هذا التقليد في مجتمع كالذي نشأت فيه صغيراً لما كان للختان هيبة او رهبة ولا عواقب وخيمة فيما لو غلبت على المرشح للختان فطرة البكاء او تنفس بآهة ألم لحظة التنفيذ بما يمثله ذلك من ضيم جسدي وتعزيز نفسي!
ردع الألم
ولذا كان يتوقع من الشاب (الضحية) ان يردع أي تعبير عن الألم مهما قسا صوتًا او دمعًا خشية ان يلاحقه (عار) الفشل العمر كله ويواجه لاحقا موقفا من الرفض له داخل اسوار مجتمعه خاصة اذا رغب في اكمال نصف دينه!
-لذا لن اكتم سراً اذا قلت انني في سن العاشرة تقريبا كنت اخشى (المواجهة) مع هذا الموقف خشية جعلتني افضّل الخيار الذي عرضه علي الوالد رحمه الله.. بأن(نجري العملية) داخل غرفة مغلقة في منزلنا بمكة المكرمة بعيداً عن حشود الاخوال وقرع الطبول وصليل السيوف! وهذا ما كان والحمد لله!
* اما زعم السائل ان حديثي عن الختان في الجنوب أمر (استقيته) لادهاش القارئ فقولٌ لا يمثّل الا وجهة نظر قائله، ولا يعنيني في شيء لأنني لم اتجاوز الحقيقة فيما وصفت شيئا! وبوجه عام فإن أهلنا في الجنوب قد تجاوزوا ذلك (التابو) بمراحل الّا ما ندر!
المستشارية في الوزارات
دعنا معالي الأمين نتطرق لجانب في غاية الاهمية ... ما هي حكاية المستشارية في الوزارات؟ ولماذا كل وزير يقرر تعيين من يريد بدرجة مستشار حتى تكدست أروقة الوزارات بالمستشارين وأصبحوا عبئًا جديدًا يضاف على ميزانية كل وزارة ، الا تتدخّل أمانة مجلس الوزراء بمثل ذلك؟ ولماذا؟
- بدءاً هناك غلو صارخ يطرحه السائل الكريم في وصف وضع المستشارين في الوزارات وكأن في الامر ما يفتن العقول عجبا!
ووظيفة (مستشار) تدخل ضمن منظومة الوظائف التي تحدثها وزارة المالية في ميزانية الجهة بضوابط معينة وليست امراً مرسلًا يملك الوزير المختص إحداثه ، نعم.. لا بد لكل جهة من مستشار او اكثر وفق ما تسوغه الحاجة وتمليه الضرورة ونعم.. قد يكون هناك مستشارون (لا يستشارون) احيانا هنا او هناك لكن ذلك لا يرقى الى مستوى (الظاهرة) التي تتطلب تدخلا عاجلا كما يقترح السؤال.
اما الامانة العامة لمجلس الوزراء فلا علاقة لها بما يطرحه السؤال ، لا سلطة ولا اختصاصًا! لديها من الهموم والمهام ما يغنيها عن الخوض في أي شيء لا يدخل في اختصاصها!.
مزايا الوزير المتقاعد
يقال إن الوزير بعد تنحّيه لا يطبق عليه نظام موظفي الدولة فهو يبقى يتقاضى كافة مميزاته اثناء عمله بالوزارة فهل نظام الوزراء يختلف بالفعل؟
- لا املك جوابًا لهذا السؤال يرضي فضول صاحبه ، وأرى طرحه على جهة الاختصاص ان كان في الامر ضرورة ، كل ما استطيع قوله في هذا الصدد هو أن للوزير المتقاعد بعضًا من مزايا قليلة جداً يتمتع بها بعد تركه الخدمة تقاعداً!
طاقم الوزير الجديد
لماذا بنظرك في كل مرة يخرج فيها وزير ويأتي جديد يرفض التعامل مع طاقم من سبقه؟ ولماذا يهمّشون ويتم توزيعهم على بقية الادارات؟
- المعنى المستتر وراء هذا السؤال ليس صحيحًا على اطلاقه ولم نسمع بهذا ابدا الا في حالات نادرة جداً كيفتها مواقف لها مسوغاتها لكن من حق أي وزير ان (ينتقي) بعض افراد الطاقم الخاص الذي يعمل معه مباشرة بدءاً من مدير مكتبه او سكرتيره الخاص او حتى سائق سيارته ممن تتوفر فيه شروط يرى ضرورتها ، أما ان الوزير الجديد يعمد الى (تهجير) الموظفين الذين عملوا مع سلفه دون سبب فقول لا يؤيده الواقع المعهود وقد شاهدنا في اكثر من موقف وموقع اكثر من (مدير مكتب) يعمل مع عدد من الوزراء المتعاقبين على سدة تلك الوزارة دون ان (يهجر) او يرسل الى (منفى التقاعد)! وصدق من قال:(الحكم على الشيء جزء من تصوّره) وهو يصدق على هذا السؤال!
عمل الوزراء رؤية شخصية
هل تتفق معي صاحب المعالي بأن وزراءنا يعملون برؤية شخصية؟
- من الطبيعي جداً ان يكون للوزير او أي مسؤول آخر (رؤية شخصية) يرسم في ضوئها كيفية التعاطي مع ما يواجهه من مسؤوليات ومهام ، أما إذا كان المقصود بـ (الرؤية الشخصية) ان الوزير او أي مسؤول (يشخصن) تعامله مع الافراد والقضايا والبرامج ضمن حيثيات وآليات عمله.. فذاك أمر يجعلني ارتاب في حكمة السؤال!
اذاً لا يمكن لنا ان ننفي بأن حركة العمل في الوزارات تدور بدون عمل مؤسساتي بدليل ان كل وزير يتخذ قرارات جديدة تشطب كل ما اتفق عليه من دراسات او خطط تم الصرف عليها؟
- مرة اخرى تخطف رياح الحيرة شراع فهمي المتواضع بعيدا عن شواطئ .. هذا السؤال فراراً من (حومة) التعميم فيه تعميم يصعب تأويله او الدفاع عنه! وما يطرحه السؤال هنا هو نوع من (الاجترار) لما يتردد في بعض ( المقاهي) والمجالس وما في حكم ذلك حيث يختلط فيه الغثاء احياناً بما ينفع الناس!
من في هذه الفانية كنت تتمنى ان يرى ثمرة جهده فيك وانت راعي الغنم وحاصد الحَبّ من البلاد.. تجلس على مسافة قصيرة من الملك والأمراء وعلية القوم؟
-امي.. ثم أمي.. ثم امي ثم أبي رحمهما الله واسكنهما فردوسه الاعلى .. هما من كنت اتمنّى لو عاشا طويلا كي يشهدا ما آل اليه ابنهما (راعي الغنم) و(ساقي الزرع) و (كاتب المحو) في (صيدلية) جده (المداوي) رحمه الله.
والحمد لله.. من قبل ومن بعد!
http://www.al-madina.com/files/imagecache/node_photo/files/rbimages/1236532200091667000.jpg (http://www.al-madina.com/node/113508)
الاثنين, 9 مارس 2009
ذاق مرارة التشرّد مبكرًا فكان يتنقل بين منازل الأقرباء أملًا في أن ينعم بشىء من استقرار النفس ولكنه لم يجد ،علمته الحياة القاسية كيف يواجه الصعاب باكرًا عندما غنم نفسه من جوع كلب برغيف خبز وقد خبِر من الحياة أن من البشر من يمكن شراء ولائه برغيف من خبز الحياة وزينتها إما كسبًا لوده او اتقاء لشرّه او ابتغاء نيل نفع منه . إنه « راعى الغنم » وساقي الزرع وكاتب المحو في صيدلية جده «المداوى» عبد الرحمن السدحان الامين العام لمجلس الوزراء . الذى استنزف للوصول الى هذا الموقع القريب من علية القوم (شلالات) من الدمع والبسمة ووقفات من الحيرة والقلق ، وكان زاده فيها توفيق الله ثم دعاء الوالدين الذين كان يأمل ان يكونا على قيد الحياة ليهديهما ثمرة عرق الايام الصعبة.
ورغم مرور السنين الطويلة الا أنه لايزال يشعر بالامتنان لهذا « اليهودي الطيب» الذي انقذ حياته من همجي كاد أن يفتك به وبالالم لما جرى في سوق الاسهم الذى افرز لنا آلافًا مؤلفة من امثال «دنحى» الذي عافه زمانه ولفظه مكانه ولم يجد سوى الشارع كمأوى من سياط الشقاء اللاهب . ولا تزال ذاكرة السدحان تحفظ تلك الايام التى كان يذهب فيها الى المدرسة حافي القدمين احيانا في قريته( مشيع) التى لم يبق منها سوى اطلال خالية تعبّر عنها بيوت طينية اجهدها القِدم، اما المرتفعات الصغيرة والهضاب المتاخمة للقرية التي كان يأوى اليها خلال رحلة رعي غنم جدّه يوميا، فقد سويت بالارض تماما بعد (غزوة) هوامير العقاريين لها، والسدحان الذى عرف بدقته يرفض المبالغات او ما يصفه بحديث « المقاهى» لاسيما عن المميزات التى يحصل عليها الوزراء بعد التقاعد وكتائب المستشارين التى يأتى بها غالبية الوزراء لتطفيش الطواقم القديمة .
ذكريات مع مشيع
قرية مشيع ماذا تعني لك اليوم.. ألم يأخذك الحنين إليها وهل شاهد أبناؤك الطرق التي كنت تسلكها من أجل العلم تارة والرعي تارة أخرى؟
- لم يبق من قرية (مشيع) التي شهدت جزءا من طفولتي سوى الاسم فقط منقوشا في الذاكرة، بعد أن غمرها غيث المد الحضاري ليجعلها جزءا من أبها المدينة وباتت اليوم (تتمنطق) بحزامها الشهير !.
كنت ذات يوم من ذات زمان أسير حافي القدمين (أحيانا) ذهابا إلى المدرسة من مشيع في الصباح الباكر جداً، وإيابا منها قبل غروب الشمس، وكان الطريق الذي اسلكه جبليا في معظم اجزائه ومتعرجا بين صعود وهبوط، تكتنفه تضاريس موحشة خالية من الشجر والكلأ، وكانت وحشته تزداد في ساعات الصباح الاولى.. وقبيل غروب الشمس، وكانت المسافة بين مقر الإقامة في مشيع والمدرسة الابتدائية (في البحار) في قلب أبها نحو السبعة كيلومترات تقريبا.
اليوم لم يبق من (مشيع) سوى اطلال خالية تعبّر عنها بيوت طينية اجهدها القِدم، وعرّاها الزمان، وأضناها الهجر، والى جوارها تقوم مساكن حديثة رغم عشوائية التخطيط والخدمات بها، اما المرتفعات الصغيرة والهضاب المتاخمة لقرية مشيع التي كنت آوي اليها خلال رحلة رعي غنم جدّي يوميا، فقد سوّيت بالارض تماما بعد (غزوة) هوامير العقاريين لها، لتحل محلها منازل وطرق ومساجد وحوانيت ونحو ذلك ولم يبق من تلك الهضاب شاهد يدل عليها، ولذا اعتمد على الذاكرة وشيء من الخيال في وصف تلك الأماكن القديمة من مراتع الطفولة لهوًا وجدّاً.
والغريب أنني كلما زرت تلك الأماكن شعرت برعشة من حنين تسري في اطرافي وأنا أصفها لمن يرافقني وأروي ذكرياتها رغم غياب كل الشواهد الدالة عليها، اما الطريق الجبلي العتيق الذي كنت اسلكه إلى أبها ومنها، فقد تحول اليوم الى طريق رصف بالاسفلت يعج بالعربات والناس آناء الليل وأطراف النهار، وسبحان مغيّر الأحوال.
المهاجر داخل نفسه
لماذا وصفت نفسك بـ(المهاجر) داخل نفسه والذي يعيش حالا من التشرد داخل مجتمعه؟
- استخدمت لفظ (المهاجر) في بعض كتاباتي وخاصة كتاب سيرتي الذاتية (قطرات من سحائب الذكرى) لأصف مرحلة من مراحل تشكلي النفسي والعاطفي والاجتماعي في ربى عسير، وما أدراك ما العسير في تلك الحقبة العذبة من حياتي فقد عشت فترات بعد انفصال والديّ رحمهما الله بالطلاق.. حيث ذقت مرارة التشرد حسيّا ونفسيا، فكنت اتنقل بين منازل الاقرباء أملًا في أن أنعم بشيء من استقرار النفس وراحة البدن فلم انجح وكنت أحمل همومي وآهاتي صامتًا في كل منزل فلا اتحدث إلى أحد عمّا بي، إمّا خوفًا الّا أجد أذنًا تصغي لي فتتعاطف معي وإما اجتنابا لشماتة الشامتين لأمر يعلمه الله، وإما لأنني كنت أخشى ان يبلغ أمي حديث معاناتي، فيضيق صدرها ويلازمها الحزن من أجلي لذا آثرت أن أعيش حالة من (التشرد) أو (الهجرة) داخل أروقة النفس.
سراب الأسهم
عذراً الا ترى اليوم أن (دنحي) الذي وصفه أهل قريتك (إنه خبل ولا تهب عقلك بعقله) افضل الف مرة ممن وقعوا خلف سراب المال في الأسهم ثم أخذوا يولولون عند الأبواب العالية بحجة ضياع أموالهم؟
- لم يكن (دنحي) رحمه الله سوى صورة مصغرة لمعاناة انسان عافه زمانه، ولفظه مكانه وهجره الحبيب والقريب فلجأ الى (الشارع) عسى ان يجد فيه مأوى يحميه من سياط الشقاء اللاهب وكان يستجدي الناس عاطفة وخبزا فيفوز بشيء من العطف المغلف بالشفقة ويجد بين هذا وذاك ما يقيم أوده زادًا.
هذا هو (دنحي زمان) ، أما سوق الأسهم في هذا الزمان فقد افرز لنا آلافًا مؤلفة من امثال (دنحي) الذين اسكرتهم صبوة البحث عن الربح السريع، والثراء الأسرع، فبذلوا الثمين والرخيص مما يجدون وما لا يجدون الّا حيلة او احتيالا، فلما انكشف عنهم الغطاء وأيقنوا ما آلوا إليه من ضياع وخسران، نالهم ما نال (دنحي زمان) من حالات الجنون الصامت، او الصمت المتلبس بالجنون، يأبون أن يفصحوا عنه كيلا يزداد شقاؤهم بشماتة سواهم من العقلاء وبعضهم طرقوا أبوابا من حديد وسلكوا دروبًا شاقة أو لجأوا الى أسوار عالية بحثًا عن ملاذ يعصمهم من طوفان الخسائر وأملًا في عون يعوّضهم بعض ما فقدوه في بحر ظلمات سوق الاسهم!.
نعم .. ظاهرة (دنحي) تكرر نفسها في اكثر من زمان ومكان.. ولكن بأسلوب عصري مختلف تتعدد فيه سبل الخبال والنتيجة واحدة.
اليهودي “ الطيب”
أنت تقول إن يهوديا أنقذك من براثن همجيّ كاد أن يفتك بك أثناء دراستك الجامعية بأمريكا.. هل تعتقد لو علم أنك عرابيا لكان انقذك؟
- كان لذلك اليهودي الأشعث الأغبر الفضل بعد الله في تنبيه جهاز الامن الأمريكي الموجود في مقهى قريب من (مسرح الجريمة) فأقبل ثلاثة من ضباط الأمن باتجاهي مهرولين وظننت بادئ الأمر أنهم قادمون للقبض علي رغم أنني كنت الضحية لا الجلاد! وكانت المفاجأة السارة ان اثنين منهم اتجها صوب الرجل (المتهم) بمتابعتي ليلقيا القبض عليه في الحال، وينطلقا به الى مركز الشرطة وسط المدينة في حين اقترب مني الثالث وانا في حال من الذهول محاولا تهدئة روعي، ثم اصطحبني معه في سيارة الشرطة. وهنا بادرته بالحديث (شكرا لانقاذي من هذا الموقف المؤسف، وحمايتي من الأذى النفسي الذي سببه لي ذلك الرجل الغريب، لكنني اعجب كيف علمتم عن الموقف كاملا، لتتخذوا التدابير الامنية في الحال نحو الرجل، واخراجي من زنزانة الرعب الذي حاول ان يحيطني به، خاصة بعد ان ادعى كذبا انه هو نفسه رجل أمن وأنه يعمل لمصلحة بلاده ؟ . ورد الضابط في ثقة : ( أولم تر رجلا بدينا ذا لحية كثة وشعر كثيف ورداء متواضع يراقبك وهو يسير جيئة وذهابا على الرصيف الآخر المقابل لك) قلت : بلى ، لقد لفت نظري ذلك الرجل ذو الأوصاف الغريبة لكنني كنت في شغل شاغل عنه وخوف مريع من امر الرجل الواقف الى جواري باصرار، فلم أعر أي شيء آخر اهتماما. وعلق الضابط على تعليقي وهو يغالب ابتسامة رقيقة ( ان ذلك الرجل الأشعث الأغبر ليس سوى واحد من (ابناء عمك) أيها العربي، إنه يهودي أمريكي لفتت نظره ملاحقة الرجل لك وانت تراقب وصول حافلة النقل العام، فهرع إلي انا وزملائي ضباط الشرطة ونحن نحتسي القهوة في مقهى مجاور واخطرنا بالموقف وكان ما كان!.
أما الأغرب من ذلك كله فهو ان اليهودي (الطيب) كان يعلم انني عربي ورغم ما بين الطائفتين من محن فإنه أصرّ على انقاذي من ذلك الموقف الصعب.
شراء الولاء برغيف خبز
غنمت نفسك وأنت طفل من جوع كلب برغيف خبز.. هل تستخدم مثل هذه السياسة مع الناعقين عليك؟
- افلحت ذات يوم في شراء ولاء كلب برغيف من الخبز دفعا لأذاه وفي ذلك شيء من السياسة ان شئت!
وهناك من البشر في اكثر من زمان ومكان من يمكن شراء ولائه برغيف من خبز الحياة وزينتها إما كسبًا لودّه او اتقاء لشرّه او ابتغاء نيل نفع منه وهناك من يقدم الخبز دون غاية ولا قصد ولا حتى سياسة سوى البحث عن الثواب من عند الله والنهج الاخير فضل من رب العالمين يسعى اليه كل من دلّه الله الى دروب الخير.
اختلاف البيئة
أنت تهامي الصّبا، نجديّ الفتى ، فماذا أفادتك تجربة الحياة تلك ، وهل ترى ان اختلاف البيئة لعب دورا في صقل حياتك؟
- لست تهاميّّ الصّبا كما يزعم السؤال وان كان ذلك سيشرفني لو كان ذلك حقا لكنني (سرويّ) المنبت انتسابا الى سراة عسير لا تهامتها ، هذا أمر أما الأمر الاخر فهو انني عشت تجربة العيش بدءا بعسير في فجر طفولتي المتعثرة ثم ما تلا ذلك من محطات الحل والترحال في اكثر من منطقة من مناطق المملكة بدءا بالحجاز فجازان ثم نجد وقد اسهم حصاد ومخرجات تلك المرحلة في تشكيل شخصيتي واسكابي مخزونا من الوعي بذاتي والحساسية في التعامل مع توقعات الحاضر واحلام المستقبل، ورسم (خطة) لاختراق سحب كثيفة من عدم اليقين حتى ابصرت بفضل الله ودعمه نور الخلاص، ليرسو قارب حياتي في ميناء الامن والنجاح والسلام، نعم.. استنزف ذلك المشوار الطويل (شلالات) من الدمع والبسمة ومن وقفات الحيرة والقلق بين هذه وتلك، حتى كان ما أراده الله لي، وكان توفيق الله ثم دعاء الوالدين رحمهما الله ووالدتي خاصة ، بوصلة العبور نحو برّ الامان.
هل هناك مجال للمواطنين في ابداء الرأي لدى مقام مجلس الوزراء في بعض النقاط؟
- ليس بين وليّ الامر أيده الله وشعبه الأمين حاجز ولا رادع ويستطيع اي مواطن ان يلتقي به وجهًا لوجه لعرض مسألته او الكتابة اليه عن هذا الامر او ذاك.
من يبلغ الوزراء المعينين أو الذين تنتهي فترة تسلمهم للوزارة بالقرار .. الامانة ام الديوان؟
- هناك آلية معينة لابلاغ المرشحين للوزارة عن تعيينهم اما الذين تنتهي خدماتهم بنهاية المدة المحددة لها دون تجديد فإن الامساك عن ابلاغهم ذلك يحقق الغرض!
سردت في قصة معاناتك لبداية حياتك (أنك خُتنت كبيرا) وطبيعي ان في مثل سنك الذي لم تذكره وقتئذ قد اصابك التفريغ والترويع ولكن الا ترى ان مثل هذا الامر طبيعي جداً لدى اهلنا في الجنوب وهل استقيته لتدهش القارئ به؟
- تجربة الختان في أي زمان او مكان أمر يحسب له كل حساب وكلما ارتقت المرحلة العمرية سنينا بصاحبها دون ختان، كانت مواجهة ذلك اشد ايلاما له نفسياً وبدنيا ولولا الـ (تابو) الاجتماعي الذي يكيّف هذا التقليد في مجتمع كالذي نشأت فيه صغيراً لما كان للختان هيبة او رهبة ولا عواقب وخيمة فيما لو غلبت على المرشح للختان فطرة البكاء او تنفس بآهة ألم لحظة التنفيذ بما يمثله ذلك من ضيم جسدي وتعزيز نفسي!
ردع الألم
ولذا كان يتوقع من الشاب (الضحية) ان يردع أي تعبير عن الألم مهما قسا صوتًا او دمعًا خشية ان يلاحقه (عار) الفشل العمر كله ويواجه لاحقا موقفا من الرفض له داخل اسوار مجتمعه خاصة اذا رغب في اكمال نصف دينه!
-لذا لن اكتم سراً اذا قلت انني في سن العاشرة تقريبا كنت اخشى (المواجهة) مع هذا الموقف خشية جعلتني افضّل الخيار الذي عرضه علي الوالد رحمه الله.. بأن(نجري العملية) داخل غرفة مغلقة في منزلنا بمكة المكرمة بعيداً عن حشود الاخوال وقرع الطبول وصليل السيوف! وهذا ما كان والحمد لله!
* اما زعم السائل ان حديثي عن الختان في الجنوب أمر (استقيته) لادهاش القارئ فقولٌ لا يمثّل الا وجهة نظر قائله، ولا يعنيني في شيء لأنني لم اتجاوز الحقيقة فيما وصفت شيئا! وبوجه عام فإن أهلنا في الجنوب قد تجاوزوا ذلك (التابو) بمراحل الّا ما ندر!
المستشارية في الوزارات
دعنا معالي الأمين نتطرق لجانب في غاية الاهمية ... ما هي حكاية المستشارية في الوزارات؟ ولماذا كل وزير يقرر تعيين من يريد بدرجة مستشار حتى تكدست أروقة الوزارات بالمستشارين وأصبحوا عبئًا جديدًا يضاف على ميزانية كل وزارة ، الا تتدخّل أمانة مجلس الوزراء بمثل ذلك؟ ولماذا؟
- بدءاً هناك غلو صارخ يطرحه السائل الكريم في وصف وضع المستشارين في الوزارات وكأن في الامر ما يفتن العقول عجبا!
ووظيفة (مستشار) تدخل ضمن منظومة الوظائف التي تحدثها وزارة المالية في ميزانية الجهة بضوابط معينة وليست امراً مرسلًا يملك الوزير المختص إحداثه ، نعم.. لا بد لكل جهة من مستشار او اكثر وفق ما تسوغه الحاجة وتمليه الضرورة ونعم.. قد يكون هناك مستشارون (لا يستشارون) احيانا هنا او هناك لكن ذلك لا يرقى الى مستوى (الظاهرة) التي تتطلب تدخلا عاجلا كما يقترح السؤال.
اما الامانة العامة لمجلس الوزراء فلا علاقة لها بما يطرحه السؤال ، لا سلطة ولا اختصاصًا! لديها من الهموم والمهام ما يغنيها عن الخوض في أي شيء لا يدخل في اختصاصها!.
مزايا الوزير المتقاعد
يقال إن الوزير بعد تنحّيه لا يطبق عليه نظام موظفي الدولة فهو يبقى يتقاضى كافة مميزاته اثناء عمله بالوزارة فهل نظام الوزراء يختلف بالفعل؟
- لا املك جوابًا لهذا السؤال يرضي فضول صاحبه ، وأرى طرحه على جهة الاختصاص ان كان في الامر ضرورة ، كل ما استطيع قوله في هذا الصدد هو أن للوزير المتقاعد بعضًا من مزايا قليلة جداً يتمتع بها بعد تركه الخدمة تقاعداً!
طاقم الوزير الجديد
لماذا بنظرك في كل مرة يخرج فيها وزير ويأتي جديد يرفض التعامل مع طاقم من سبقه؟ ولماذا يهمّشون ويتم توزيعهم على بقية الادارات؟
- المعنى المستتر وراء هذا السؤال ليس صحيحًا على اطلاقه ولم نسمع بهذا ابدا الا في حالات نادرة جداً كيفتها مواقف لها مسوغاتها لكن من حق أي وزير ان (ينتقي) بعض افراد الطاقم الخاص الذي يعمل معه مباشرة بدءاً من مدير مكتبه او سكرتيره الخاص او حتى سائق سيارته ممن تتوفر فيه شروط يرى ضرورتها ، أما ان الوزير الجديد يعمد الى (تهجير) الموظفين الذين عملوا مع سلفه دون سبب فقول لا يؤيده الواقع المعهود وقد شاهدنا في اكثر من موقف وموقع اكثر من (مدير مكتب) يعمل مع عدد من الوزراء المتعاقبين على سدة تلك الوزارة دون ان (يهجر) او يرسل الى (منفى التقاعد)! وصدق من قال:(الحكم على الشيء جزء من تصوّره) وهو يصدق على هذا السؤال!
عمل الوزراء رؤية شخصية
هل تتفق معي صاحب المعالي بأن وزراءنا يعملون برؤية شخصية؟
- من الطبيعي جداً ان يكون للوزير او أي مسؤول آخر (رؤية شخصية) يرسم في ضوئها كيفية التعاطي مع ما يواجهه من مسؤوليات ومهام ، أما إذا كان المقصود بـ (الرؤية الشخصية) ان الوزير او أي مسؤول (يشخصن) تعامله مع الافراد والقضايا والبرامج ضمن حيثيات وآليات عمله.. فذاك أمر يجعلني ارتاب في حكمة السؤال!
اذاً لا يمكن لنا ان ننفي بأن حركة العمل في الوزارات تدور بدون عمل مؤسساتي بدليل ان كل وزير يتخذ قرارات جديدة تشطب كل ما اتفق عليه من دراسات او خطط تم الصرف عليها؟
- مرة اخرى تخطف رياح الحيرة شراع فهمي المتواضع بعيدا عن شواطئ .. هذا السؤال فراراً من (حومة) التعميم فيه تعميم يصعب تأويله او الدفاع عنه! وما يطرحه السؤال هنا هو نوع من (الاجترار) لما يتردد في بعض ( المقاهي) والمجالس وما في حكم ذلك حيث يختلط فيه الغثاء احياناً بما ينفع الناس!
من في هذه الفانية كنت تتمنى ان يرى ثمرة جهده فيك وانت راعي الغنم وحاصد الحَبّ من البلاد.. تجلس على مسافة قصيرة من الملك والأمراء وعلية القوم؟
-امي.. ثم أمي.. ثم امي ثم أبي رحمهما الله واسكنهما فردوسه الاعلى .. هما من كنت اتمنّى لو عاشا طويلا كي يشهدا ما آل اليه ابنهما (راعي الغنم) و(ساقي الزرع) و (كاتب المحو) في (صيدلية) جده (المداوي) رحمه الله.
والحمد لله.. من قبل ومن بعد!