صقر الجنوب
19/03/2009, 02:06 PM
علماء: آثارنا هي ذاكرة أمتنا التاريخية .. فكيف نزيلها؟
http://www.okaz.com.sa/okaz/myfiles/2009/03/19/i20-big.jpg (javascript: newWindow=openWin('PopUpImgContent20090319265125.h tm','OkazImage','width=600,height=440,toolbar=0,lo cation=0,directories=0,status=0,menuBar=0,scrollBa rs=0,resizable=0' ); newWindow.focus())
نعيم تميم الحكيم ـ جدة
أثارت فتوى سابقة للعلامة الشيخ عبدالله بن جبرين حول جواز تسوير وإزالة الآثار الإسلامية درءا للفتنة، ومنعا للتبرك بها، والدعاء لها دون الله عز وجل والتي أدلى بها لملحق ( الدين والحياة ) والتي جاءت متضامنة مع دعوة مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكة المكرمة الشيخ أحمد قاسم الغامدي الذي طالب بتسوير بعض الآثار الهامة في مكة المكرمة خصوصا في المواسم ردود أفعال متفاوتة في حين عارض الكثيرون من علماء الأمة هذه الدعوات مطالبين بالحفاظ على هذه الآثار التي تشكل ذاكرة الأمة – حسب وصفهم – وداعين إلى ضرورة توعية الناس بدلا من المطالبة بإزالتها وتسويرها. ( الدين والحياة ) استطلع آراء عدد من المفكرين والعلماء والفقهاء المسلمين حيال هذه القضية والرؤية الفقهية لها وخرجت بالمحصلة التالية :
ذاكرة الأمة
مفتي الديار المصرية فضيلة الشيخ الدكتور علي جمعة ابتدر الحديث قائلا : لست مع هذا التوجه الذي يريد إزالة الآثار التي نتركها لأبنائنا ليتعرفوا من خلالها على المعالم التاريخية ، فكيف نزيل أماكن شهدت مواقع بدر أو الخندق أو مولده صلى الله عليه وسلم؟ فهذه الأماكن هي ذاكرة الأمة لأبنائنا وأحفادنا ، وأضاف جمعة قائلا : سد الذريعة يتم من المجتهد عندما يرى أن هذه الذريعة تؤدي إلى شرك بيِّن ومفسدة ضخمة أكبر من الذريعة التي سدها، حينئذ يجوز سد الذريعة ، لكن نحن لا نرى في الأمة شركا ضاربا إلا إذا توهم الناس هذا الشرك ثم هدموا كل الأماكن خشية أن يأتي أحدهم ويظن أنها أماكن مقدسة فيزيل ذاكرة التاريخ بهذه الكيفية العجيبة.
وتابع يقول : شاهدنا أناسا يظنون أن الله تعالى يسكن داخل الكعبة، فهل نزيل الكعبة؟ هذا شيء غريب وعجيب ، وهؤلاء الناس بهذه الدرجة من الثقافة والعلم المتدني يجب علينا أن نعلمهم. وختم الشيخ جمعة حديثه قائلا : أما من ينحرف عن الجادة لا ينبغي أن يكون الأسلوب هو الهدم أو القضاء على الآثار وذاكرة الأمة، بل يكون الأسلوب هو التعليم والإصرار عليه.
تاريخ متواتر
من جانبه أبدى الداعية الدكتور عبدالله فدعق استغرابه من مطالبات البعض بإزالة وإغلاق عدد من المواقع التاريخية في مكة المكرمة وجدة ، وقال في تصريح سابق :» لا أدري إن كان توقيت إثارة مثل هذه المواضيع بعد فراغنا من الحج مباشرة مناسبا أم لا، لاسيما أن رائحة تجهيل الحجاج والمعتمرين ظاهرة، وشخصيا لا أحبذ الخوض في هذه الأمور».
وأضاف أنه لا يمكن أن نتصور أن عالما أو باحثا أو مفكرا يقول هذا الكلام، لأن التاريخ يثبت بالتواتر، ولدينا في مكة المكرمة من الثوابت المحلية التي تلقيناها منذ القدم ما يؤكد أن هذه الأماكن شريفة لما شرفها الله سبحانه وتعالى من أحداث أو مناسبات،
ويرى فدعق أن التبرك أمر يتنازع في الناس، ومن أدلتهم ما رواه البخاري في صحيحه فيما يتعلق بالتبرك بالآثار «إن سيدنا عبدالله بن عمر رضي الله عنه وصف مسجدا صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم بكل دقة إذ قال: عن يمينك حين تقوم وعلى حافة الطريق وأنت ذاهب وبينه وبين المسجد الآخر رمية حجر» حيث أخذ يصف المكان بدقة متناهية، وفي البخاري أيضا أن عبدالله بن سلام قال لأبي بردة «انطلق إلى المنزل فأسقيك من قدح شرب منه الرسول، ونصلي في مسجد صلى فيه النبي». وتابع فدعق كلامه قائلا : وهذا يدلل على أن ما يجيز التبرك هو قرب المتبرك به وفضله عند الله سبحانه وتعالى مع الاعتقاد التام بأنه لا يجلب الخير ولا يدفع الشر إلا الله سبحانه وتعالى.
أمر مرفوض
ورأى القاضي حمود الهتار وزير الأوقاف والإرشاد اليمني أن مطالب من ينادي بإزالة الآثار الإسلامية في مكة المكرمة أمر مرفوض وقال : «مهبط الوحي ليس فيه شرك، ولذلك لا أرى ضرورة لإزالة هذه المعالم، بل أرى المحافظة عليها وبيان الحقيقة للناس، ولا يمكن بعد 1400 سنة أن يتحول الناس إلى الشرك ، فهذا أمر غير مقبول».
تقنين التعامل
أما الأستاذ سالم عبد السلام الشيخي، رئيس لجنة الفقه في بريطانيا ومدير مركز السلام لدراسات المسلم الأوروبي وعضو المجلس الأوروبي للدراسات والبحوث فقال : الذي يرد أن علاج الخطأ لا ينبغي أن يعالج بخطأ مشابه ، فالتاريخ ليس زمانا فقط بل هو زمان ومكان ، وأضاف قائلا : وبقاء بعض المعالم الثابتة بعيدا عن متطلبات الشرك مطلوب ، فلست مع الدعوة إلى إزالة أي أثر إسلامي ثابت ، كذلك أنا مع الدعوة إلى تقنين حسن التعامل مع هذه الآثار التي هي جزء من الزمان والمكان حتى تكتمل منظومة التاريخ ، فهذه الأماكن ستحمل في طياتها كثيرا من المعاني والذكريات الراسخة في وجدان الأمة.
ضوابط وتنظيم
وشاركنا الدكتور أحمد جاب الله مدير المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية بباريس برأيه في الموضوع قائلا : من حيث المبدأ فإن الآثار التاريخية التي وجدت منذ عصور سابقة إذا أمكن المحافظة عليها فهذا أمر مطلوب وهو شأن كل الشعوب والحضارات، لكن إذا كان لبعض الناس معتقدات حول هذه الآثار فينبغي أن توجد ضوابط ونظم معينة في الحد من هذه المعاملات شريطة أن نستطيع المحافظة على هذه الآثار ولا نجعلها في نفس الوقت سببا للممارسات الخاطئة.
http://www.okaz.com.sa/okaz/myfiles/2009/03/19/i20-big.jpg (javascript: newWindow=openWin('PopUpImgContent20090319265125.h tm','OkazImage','width=600,height=440,toolbar=0,lo cation=0,directories=0,status=0,menuBar=0,scrollBa rs=0,resizable=0' ); newWindow.focus())
نعيم تميم الحكيم ـ جدة
أثارت فتوى سابقة للعلامة الشيخ عبدالله بن جبرين حول جواز تسوير وإزالة الآثار الإسلامية درءا للفتنة، ومنعا للتبرك بها، والدعاء لها دون الله عز وجل والتي أدلى بها لملحق ( الدين والحياة ) والتي جاءت متضامنة مع دعوة مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكة المكرمة الشيخ أحمد قاسم الغامدي الذي طالب بتسوير بعض الآثار الهامة في مكة المكرمة خصوصا في المواسم ردود أفعال متفاوتة في حين عارض الكثيرون من علماء الأمة هذه الدعوات مطالبين بالحفاظ على هذه الآثار التي تشكل ذاكرة الأمة – حسب وصفهم – وداعين إلى ضرورة توعية الناس بدلا من المطالبة بإزالتها وتسويرها. ( الدين والحياة ) استطلع آراء عدد من المفكرين والعلماء والفقهاء المسلمين حيال هذه القضية والرؤية الفقهية لها وخرجت بالمحصلة التالية :
ذاكرة الأمة
مفتي الديار المصرية فضيلة الشيخ الدكتور علي جمعة ابتدر الحديث قائلا : لست مع هذا التوجه الذي يريد إزالة الآثار التي نتركها لأبنائنا ليتعرفوا من خلالها على المعالم التاريخية ، فكيف نزيل أماكن شهدت مواقع بدر أو الخندق أو مولده صلى الله عليه وسلم؟ فهذه الأماكن هي ذاكرة الأمة لأبنائنا وأحفادنا ، وأضاف جمعة قائلا : سد الذريعة يتم من المجتهد عندما يرى أن هذه الذريعة تؤدي إلى شرك بيِّن ومفسدة ضخمة أكبر من الذريعة التي سدها، حينئذ يجوز سد الذريعة ، لكن نحن لا نرى في الأمة شركا ضاربا إلا إذا توهم الناس هذا الشرك ثم هدموا كل الأماكن خشية أن يأتي أحدهم ويظن أنها أماكن مقدسة فيزيل ذاكرة التاريخ بهذه الكيفية العجيبة.
وتابع يقول : شاهدنا أناسا يظنون أن الله تعالى يسكن داخل الكعبة، فهل نزيل الكعبة؟ هذا شيء غريب وعجيب ، وهؤلاء الناس بهذه الدرجة من الثقافة والعلم المتدني يجب علينا أن نعلمهم. وختم الشيخ جمعة حديثه قائلا : أما من ينحرف عن الجادة لا ينبغي أن يكون الأسلوب هو الهدم أو القضاء على الآثار وذاكرة الأمة، بل يكون الأسلوب هو التعليم والإصرار عليه.
تاريخ متواتر
من جانبه أبدى الداعية الدكتور عبدالله فدعق استغرابه من مطالبات البعض بإزالة وإغلاق عدد من المواقع التاريخية في مكة المكرمة وجدة ، وقال في تصريح سابق :» لا أدري إن كان توقيت إثارة مثل هذه المواضيع بعد فراغنا من الحج مباشرة مناسبا أم لا، لاسيما أن رائحة تجهيل الحجاج والمعتمرين ظاهرة، وشخصيا لا أحبذ الخوض في هذه الأمور».
وأضاف أنه لا يمكن أن نتصور أن عالما أو باحثا أو مفكرا يقول هذا الكلام، لأن التاريخ يثبت بالتواتر، ولدينا في مكة المكرمة من الثوابت المحلية التي تلقيناها منذ القدم ما يؤكد أن هذه الأماكن شريفة لما شرفها الله سبحانه وتعالى من أحداث أو مناسبات،
ويرى فدعق أن التبرك أمر يتنازع في الناس، ومن أدلتهم ما رواه البخاري في صحيحه فيما يتعلق بالتبرك بالآثار «إن سيدنا عبدالله بن عمر رضي الله عنه وصف مسجدا صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم بكل دقة إذ قال: عن يمينك حين تقوم وعلى حافة الطريق وأنت ذاهب وبينه وبين المسجد الآخر رمية حجر» حيث أخذ يصف المكان بدقة متناهية، وفي البخاري أيضا أن عبدالله بن سلام قال لأبي بردة «انطلق إلى المنزل فأسقيك من قدح شرب منه الرسول، ونصلي في مسجد صلى فيه النبي». وتابع فدعق كلامه قائلا : وهذا يدلل على أن ما يجيز التبرك هو قرب المتبرك به وفضله عند الله سبحانه وتعالى مع الاعتقاد التام بأنه لا يجلب الخير ولا يدفع الشر إلا الله سبحانه وتعالى.
أمر مرفوض
ورأى القاضي حمود الهتار وزير الأوقاف والإرشاد اليمني أن مطالب من ينادي بإزالة الآثار الإسلامية في مكة المكرمة أمر مرفوض وقال : «مهبط الوحي ليس فيه شرك، ولذلك لا أرى ضرورة لإزالة هذه المعالم، بل أرى المحافظة عليها وبيان الحقيقة للناس، ولا يمكن بعد 1400 سنة أن يتحول الناس إلى الشرك ، فهذا أمر غير مقبول».
تقنين التعامل
أما الأستاذ سالم عبد السلام الشيخي، رئيس لجنة الفقه في بريطانيا ومدير مركز السلام لدراسات المسلم الأوروبي وعضو المجلس الأوروبي للدراسات والبحوث فقال : الذي يرد أن علاج الخطأ لا ينبغي أن يعالج بخطأ مشابه ، فالتاريخ ليس زمانا فقط بل هو زمان ومكان ، وأضاف قائلا : وبقاء بعض المعالم الثابتة بعيدا عن متطلبات الشرك مطلوب ، فلست مع الدعوة إلى إزالة أي أثر إسلامي ثابت ، كذلك أنا مع الدعوة إلى تقنين حسن التعامل مع هذه الآثار التي هي جزء من الزمان والمكان حتى تكتمل منظومة التاريخ ، فهذه الأماكن ستحمل في طياتها كثيرا من المعاني والذكريات الراسخة في وجدان الأمة.
ضوابط وتنظيم
وشاركنا الدكتور أحمد جاب الله مدير المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية بباريس برأيه في الموضوع قائلا : من حيث المبدأ فإن الآثار التاريخية التي وجدت منذ عصور سابقة إذا أمكن المحافظة عليها فهذا أمر مطلوب وهو شأن كل الشعوب والحضارات، لكن إذا كان لبعض الناس معتقدات حول هذه الآثار فينبغي أن توجد ضوابط ونظم معينة في الحد من هذه المعاملات شريطة أن نستطيع المحافظة على هذه الآثار ولا نجعلها في نفس الوقت سببا للممارسات الخاطئة.