د/ أبو عبدالمحسن
21/04/2009, 10:45 PM
إن المشاهدة العينية للسلوك المراد تربية الإنسان عليه أقوى وأبلغ في التأثير من أسلوب المقال،لأن مشاهدة السلوك تبين وتترجم إمكانية التطبيق،ويعطي قناعة بذلك،وتؤكد أهمية الأخذ به.ومثال ذلك ما وقع في صلح الحديبية،لما صدت قريش المسلمين من دخول مكة المكرمة،فأمر الرسول e الصحابة أن ينحروا ويحلقوا،فلم يقم منهم رجل*،حتى قال ذلك ثلاث مرات،فلما لم يقم منهم أحد،دخل على أم سلمه فذكر لها ما لقي من الناس،فقالت أم سلمه يا نبي الله أتحب ذلك،أخرج ثم لا تكلم أحداً منهم،كلمة حتى تنحر بدنك،وتدعو حالقك محلقك،فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك،فنحر بدنه،ودعا حالقه فحلقه،فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا،وجعل بعضهم يحلق بعضاً،حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً[1] (http://ruba3.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn1).وفيه فضل المشورة،وأن الفعل إذا انضم إلى القول كان أبلغ من القول المجرد،وليس فيه أن الفعل مطلقاً أبلغ من القول،ويظهر هذا الموقف ما وقع لهم في غزوة الفتح،من أخره e بالفطر في رمضان،فلما استمروا على الامتناع تناول القدح فشرب،فلما رأوه شرب شربوا[2] (http://ruba3.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn2).كما أن الأسلوب العملي أرسخ للفهم والتعليم والإيضاح،خاصة إذا وافق ذلك بيان قولي،ومن الأمثلة التي تؤكد اهتمام المنهج الإسلامي بهذا الأسلوب،ما جاء في سير الصحابة والتابعين من الأخذ به،ومثال ذلك أن عمرو بن أبي الحسن سأل عبدالله بن زيد عن وضوء رسول الله e فدعا بتور من ماء فتوضأ لهم وضوء رسول الله e [3] (http://ruba3.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn3)،فانتقل رضي الله عنه من الإيضاح بالبيان ألقولي إلى البيان العملي،لأنه أبلغ من التأثير،ومن جانب آخر قد يتردد الإنسان ويحتار بين التقدم في أداء شيء وتركه،مما يحسن فعله،فإذا رأى غيره أقدم عليه تبعه في ذلك،فكم من المتعلمين وقف حائراً أمام مادة دراسية عجز عن فهمها أو عجز عن أداء عمل معين،شعر فيه بعض قدرته عن القيام به،فإذا رأى قدوة من أقرانه وزملائه يدربون أنفسهم ويجاهدونها على ذلك،سعى هو إلى تقليدهم واقتضى أثرهم،وزال المانع الوهمي الذي كان في مخيلته[4] (http://ruba3.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn4).فكان لشاهد الحال التأثير الفاعل في اندفاعه نحو ذلك العمل.
*[قوله:( فوالله ما قام منهم رجل*، *قوله:(فوالله ما قام منهم رجل) قيل كأنهم توقفوا الاحتمال أن يكون الأمر بذلك للندب،أو الرجاء نزول الوحي بإبطال الصلح المذكور،أو تخصيصه بالإذن بدخولهم مكة ذلك العام،لإتمام نسكهم ،ويسوغ لهم ذلك لأنه كان زمان وقوع النسخ ،ويحتمل أن يكونوا ألهتهم صورة
الحال فاستفرقوا في الفكر وليس القصد معصية الرسول e،فتح الباري (5/347)]
[1][ البخاري (2/282-283) برقم (2731-3732]
[2] (http://ruba3.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref2)ابن حجر ،فتح الباري (5/347)]
[3] (http://ruba3.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref3) (البخاري:(1/81) برقم(186)
[4] (http://ruba3.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref4)[ أحمد سعيد ألغامدي،دراسات في التربية الإسلامية ،ص(73)].
*[قوله:( فوالله ما قام منهم رجل*، *قوله:(فوالله ما قام منهم رجل) قيل كأنهم توقفوا الاحتمال أن يكون الأمر بذلك للندب،أو الرجاء نزول الوحي بإبطال الصلح المذكور،أو تخصيصه بالإذن بدخولهم مكة ذلك العام،لإتمام نسكهم ،ويسوغ لهم ذلك لأنه كان زمان وقوع النسخ ،ويحتمل أن يكونوا ألهتهم صورة
الحال فاستفرقوا في الفكر وليس القصد معصية الرسول e،فتح الباري (5/347)]
[1][ البخاري (2/282-283) برقم (2731-3732]
[2] (http://ruba3.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref2)ابن حجر ،فتح الباري (5/347)]
[3] (http://ruba3.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref3) (البخاري:(1/81) برقم(186)
[4] (http://ruba3.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref4)[ أحمد سعيد ألغامدي،دراسات في التربية الإسلامية ،ص(73)].