القناص
22/01/2005, 04:54 PM
بسبب الإتفاقية التجارية البحرينية الأمريكية
السوق الخليجية الموحدة في مأزق صعب
http://www.ecoworld-mag.com/Images/ecoworld/156/p12_01_01.jpg د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
في القمة الخليجية 23 التي عقدت في شهر ديسمبر 2002م اتخذ قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية عدداً من القرارات الرامية لتفعيل التكامل الاقتصادي بين دول المجلس. ومن ضمن تلك القرارات العمل على تحقيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس الست من حيث تملك وتداول الأسهم دون استثناء، والتنسيق لجذب رؤوس الأموال، وعقد الإتفاقيات الثنائية، والتخلص من الازدواجية في إنشاء المراكز، وتسهيل انسياب رؤوس الأموال الخليجية دون معوقات، والعمل على جذب رؤوس الأموال الأجنبية لدول المجلس، والسعي لدمج أسواق دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتصبح سوقاً موحدة بدلاً من كونها أسواقاً متعددة حالياً، وإنشاء مراكز موحدة لتنمية الصادرات.
ولكن الإتفاقية التجارية البحرينية الأمريكية التي أبرمت في واشنطن في 14 سبتمبر 2004م جاءت خروجاً على الإتفاقية الاقتصادية الخليجية التي أبرمت في ديسمبر 2001م والتي نصت على أن تقوم الدول الأعضاء برسم سياساتها وعلاقاتها الاقتصادية من خلال إتباع استراتيجية تفاوضية، وعقد الإتفاقيات الاقتصادية بصفة جماعية مع الشركاء التجاريين وأيضاً توحيد إجراءات ونظم الاستيراد والتصدير وتوحيد سياسات التبادل التجاري مع العالم الخارجي. لكن الإتفاقية التجارية البحرينية الأمريكية نصت على إعفاء جميع السلع الأمريكية الصناعية والزراعية باستثناء 80 سلعة على أن يتم إعفاءها بشكل تدريجي على مدى السنوات العشر الأولى من عمر الإتفاقية، وهذا الإعفاء يتعارض مع التعرفة الجمركية الخليجية الموحدة التي حددتها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بنسبة 5% على معظم السلع باستثناء 417 سلعة معفية من الرسوم. ومن ثم، فإن هذه الإتفاقية ستعيق انسياب السلع بين البحرين وبقية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وستحتم على دول الخليج ترسيم السلع واستكمال إجراءاتها الجمركية لدى عبورها إلى الدول الخليجية الخمس الأخرى وهو إتجاه يتعارض تماماً مع جهود مجلس التعاون لدول الخليج العربية الرامية إلى الإندماج والتكامل.
وفي هذا السياق علينا أن نذكر أن الظروف الدولية الراهنة ومقتضيات العولمة باتت تفرض نفسها على جميع دول العالم. وعلى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أن تأخذ كل هذه الاعتبارات في الحسبان عند التعاطي مع مسائل التعاون مع العالم الخارجي.
ولكن ما يجب قوله أنه من الضروري أن يعي الخليجيون أهمية أن يكون لهم صوت واحد عند إقامة العلاقات مع الأطراف الخارجية. ومن ثم فالإتفاقية التجارية بين البحرين والولايات المتحدة الأمريكية تعد عقبة خطيرة على مجلس التعاون لدول الخليج العربية دراسة كيفية التعامل معها وتجاوزها حتى لا تكون الإسفين في جسد المجلس، وبدلاً من السير في إتجاه التكامل؛ يدخل المجلس مرحلة جديدة نحو التفكك.
وعلى حكماء مجلس التعاون لدول الخليج العربية أن يتذكروا أنهم على وشك تحقيق السوق الخليجية المشتركة عام 2007م وإصدار العملة الخليجية الموحدة عام 2010م. ولا شك أن هذه الإنجازات الاقتصادية من شأنها أن تضع الأساس لتوحيد شعوب المجلس.
فهل سيتجاوز الخليجيون عقبة الإتفاقية التجارية بين البحرين والولايات المتحدة الأمريكية؟
إذا لم ينجح الخليجيون في ذلك ستكون الولايات المتحدة الأمريكية قد حققت اختراقاً لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بهدف تفكيك وحدة المجلس.
إن شعوب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تتطلع إلى حكمة الحكماء لتجوز هذه العقبة من منطلق الحرص على وحدة المجلس ووحدة شعبه حتى يتمكن من تحقيق أهدافه. والتجربة علَّمت أهل الخليج أنه من دون الوحدة ستعود المنطقة إلى مجموعة إمارات صغيرة متناحرة.
وللحقيقة فإن دول المجلس حققت تقدماً سياسياً قياساً إلى عمرها الزمني، لكنها إنجازات لا تقارن بما حققته تجمعات أخرى أجنبية كالاتحاد الأوروبي ورابطة آسيان وغيرهما من التكتلات الاقتصادية التي قطعت شوطاً كبيراً في الإنجازات خلال وقت قصير رغم خلافاتها التاريخية السابقة واختلاف لغاتها وتوجهاتها السياسية. ويجب أن نعي أننا أسواق صغيرة ولابد أن نتحد كي نخلق كياناً يغري ويجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية إلى دولنا كي تتمكن من حل مشكلاتها العالقة وتحمي نفسها ومصالحها من الداخل ومن الخارج. فالتكامل بين دول المجلس ضرورة تفرضها اقتصادات دول المجلس المتشابهة أكثر منها في الاقتصادات المختلفة والمتنوعة؛ لأن الاقتصادات المتنوعة لا تحتاج إلى تكامل فيما بينها لأن التكامل طبيعي وموجود بينها. كما أن مزايا التكامل تفوق بكثير مزايا التعاون، لأن التعاون عملية قائمة على اعتبارات معنوية وسياسية بينما التكامل عملية قائمة على أسس واعتبارات اقتصادية ومالية واستثمارية لزيادة دخل الفرد والمجتمع.
*رئيس قسم العلوم الاجتماعية بكلية المعلمين بمكة المكرمة. فاكس 1427-532-02 - جوال 48 56 51 0503
منقول ............................
السوق الخليجية الموحدة في مأزق صعب
http://www.ecoworld-mag.com/Images/ecoworld/156/p12_01_01.jpg د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
في القمة الخليجية 23 التي عقدت في شهر ديسمبر 2002م اتخذ قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية عدداً من القرارات الرامية لتفعيل التكامل الاقتصادي بين دول المجلس. ومن ضمن تلك القرارات العمل على تحقيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس الست من حيث تملك وتداول الأسهم دون استثناء، والتنسيق لجذب رؤوس الأموال، وعقد الإتفاقيات الثنائية، والتخلص من الازدواجية في إنشاء المراكز، وتسهيل انسياب رؤوس الأموال الخليجية دون معوقات، والعمل على جذب رؤوس الأموال الأجنبية لدول المجلس، والسعي لدمج أسواق دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتصبح سوقاً موحدة بدلاً من كونها أسواقاً متعددة حالياً، وإنشاء مراكز موحدة لتنمية الصادرات.
ولكن الإتفاقية التجارية البحرينية الأمريكية التي أبرمت في واشنطن في 14 سبتمبر 2004م جاءت خروجاً على الإتفاقية الاقتصادية الخليجية التي أبرمت في ديسمبر 2001م والتي نصت على أن تقوم الدول الأعضاء برسم سياساتها وعلاقاتها الاقتصادية من خلال إتباع استراتيجية تفاوضية، وعقد الإتفاقيات الاقتصادية بصفة جماعية مع الشركاء التجاريين وأيضاً توحيد إجراءات ونظم الاستيراد والتصدير وتوحيد سياسات التبادل التجاري مع العالم الخارجي. لكن الإتفاقية التجارية البحرينية الأمريكية نصت على إعفاء جميع السلع الأمريكية الصناعية والزراعية باستثناء 80 سلعة على أن يتم إعفاءها بشكل تدريجي على مدى السنوات العشر الأولى من عمر الإتفاقية، وهذا الإعفاء يتعارض مع التعرفة الجمركية الخليجية الموحدة التي حددتها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بنسبة 5% على معظم السلع باستثناء 417 سلعة معفية من الرسوم. ومن ثم، فإن هذه الإتفاقية ستعيق انسياب السلع بين البحرين وبقية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وستحتم على دول الخليج ترسيم السلع واستكمال إجراءاتها الجمركية لدى عبورها إلى الدول الخليجية الخمس الأخرى وهو إتجاه يتعارض تماماً مع جهود مجلس التعاون لدول الخليج العربية الرامية إلى الإندماج والتكامل.
وفي هذا السياق علينا أن نذكر أن الظروف الدولية الراهنة ومقتضيات العولمة باتت تفرض نفسها على جميع دول العالم. وعلى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أن تأخذ كل هذه الاعتبارات في الحسبان عند التعاطي مع مسائل التعاون مع العالم الخارجي.
ولكن ما يجب قوله أنه من الضروري أن يعي الخليجيون أهمية أن يكون لهم صوت واحد عند إقامة العلاقات مع الأطراف الخارجية. ومن ثم فالإتفاقية التجارية بين البحرين والولايات المتحدة الأمريكية تعد عقبة خطيرة على مجلس التعاون لدول الخليج العربية دراسة كيفية التعامل معها وتجاوزها حتى لا تكون الإسفين في جسد المجلس، وبدلاً من السير في إتجاه التكامل؛ يدخل المجلس مرحلة جديدة نحو التفكك.
وعلى حكماء مجلس التعاون لدول الخليج العربية أن يتذكروا أنهم على وشك تحقيق السوق الخليجية المشتركة عام 2007م وإصدار العملة الخليجية الموحدة عام 2010م. ولا شك أن هذه الإنجازات الاقتصادية من شأنها أن تضع الأساس لتوحيد شعوب المجلس.
فهل سيتجاوز الخليجيون عقبة الإتفاقية التجارية بين البحرين والولايات المتحدة الأمريكية؟
إذا لم ينجح الخليجيون في ذلك ستكون الولايات المتحدة الأمريكية قد حققت اختراقاً لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بهدف تفكيك وحدة المجلس.
إن شعوب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تتطلع إلى حكمة الحكماء لتجوز هذه العقبة من منطلق الحرص على وحدة المجلس ووحدة شعبه حتى يتمكن من تحقيق أهدافه. والتجربة علَّمت أهل الخليج أنه من دون الوحدة ستعود المنطقة إلى مجموعة إمارات صغيرة متناحرة.
وللحقيقة فإن دول المجلس حققت تقدماً سياسياً قياساً إلى عمرها الزمني، لكنها إنجازات لا تقارن بما حققته تجمعات أخرى أجنبية كالاتحاد الأوروبي ورابطة آسيان وغيرهما من التكتلات الاقتصادية التي قطعت شوطاً كبيراً في الإنجازات خلال وقت قصير رغم خلافاتها التاريخية السابقة واختلاف لغاتها وتوجهاتها السياسية. ويجب أن نعي أننا أسواق صغيرة ولابد أن نتحد كي نخلق كياناً يغري ويجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية إلى دولنا كي تتمكن من حل مشكلاتها العالقة وتحمي نفسها ومصالحها من الداخل ومن الخارج. فالتكامل بين دول المجلس ضرورة تفرضها اقتصادات دول المجلس المتشابهة أكثر منها في الاقتصادات المختلفة والمتنوعة؛ لأن الاقتصادات المتنوعة لا تحتاج إلى تكامل فيما بينها لأن التكامل طبيعي وموجود بينها. كما أن مزايا التكامل تفوق بكثير مزايا التعاون، لأن التعاون عملية قائمة على اعتبارات معنوية وسياسية بينما التكامل عملية قائمة على أسس واعتبارات اقتصادية ومالية واستثمارية لزيادة دخل الفرد والمجتمع.
*رئيس قسم العلوم الاجتماعية بكلية المعلمين بمكة المكرمة. فاكس 1427-532-02 - جوال 48 56 51 0503
منقول ............................