صقر الجنوب
08/05/2009, 03:07 PM
مبادرة “ الرّكب “ تعيد الموروث الشعبي لطيبة بعد 40 عامًا من الغياب
http://al-madina.com/files/imagecache/node_photo/files/rbimages/1241712065046565400.jpg
الجمعة, 8 مايو 2009
حسين بختاور - المدينة المنورة
عمد عدد من شباب وأبناء طيبة الطيبة على إعادة الروح فى الموروث الشعبي القديم و إحياء التراث المتألق خلال القرن الهجري الماضي من خلال استنساخ الركب القديم والذى كان يمثل جسر التعارف والتواصل والمصاهرة بين ابناء المدينة و مكة والطائف وذلك بعد أن وقفوا على المشاهد التى رواها الآباء والاجداد .. المبادرة التى أقدم عليها شباب طيبة أثارت غيرة ابناء مكة والطائف ممن كانوا يتمنّون أن تنطلق المبادرة من مدنهم محطة الإقلاع الأولى .. (المدينة) وقفت على المبادرة المدينية واستمعت لأصحاب الفكرة وداعميها .
تعارف ومصاهرة
رضا الزويتيني الشريف من المهتمين بالتراث والألعاب الشعبية يقول : بدأت الفكرة لدي أنا ومجموعة من الشباب للتعرف عن قرب ولو بشكل عملي مبسط على الركب وماهيته حيث كنا نسمع من آبائنا وأجدادنا عن انتظار الركب القادم من مكة المكرمة بفارغ الصبر حيث أن مثل هذه المناسبة لا تتكرر فهي تقام مرة واحدة من كل عام وكان آباؤنا وأجدادنا يقصون علينا كيف كان يتم استقبال الركب وما ينتج عنه من تعارف وتقارب بين أهل مكة وأهل جدة وأهل الطائف ورابغ والحجاز عموماً حتى وصل الأمر إلى درجة المصاهرة والتراحم بينهم علاوة على الفنون الشعبية التي كانت تقام كالصهبة ولعبة المزمار وبعض الألعاب الشعبية الأخرى فقررنا انا ومجموعة من الشباب عرض الفكرة على بعض من وجهاء المدينة تم التواصل مع بعض من العمد القدماء الموجودين في مكة المكرمة وجدة والطائف وطرحت الفكرة عليهم وبدء الترتيب منذ عدة أشهر .
قيم وآداب
مدير عام الجمعية الخيرية للخدمات الاجتماعية بالمدينة المنورة المهندس يحيي بن سيف يقول : نشأ الركب في ظروف اجتماعية خاصة وفرضته مرحلة تاريخية معينة وعلى الرغم من سلبياته القليلة وإيجابياته الكثيرة فقد احتفظ لنا بقيم يجب الا نغفلها وأورثنا أداباً علينا أن نتعرف عليها وأفاض علينا بقيم لا بد من المحافظة علي جوهرها، وما لاحظته خلال استقبال أبناء طيبة الطيبة لركب أهل الحجاز حين وصولهم والفعاليات التي أقيمت لامس بقايا من أواخر ذكريات الركب عندما كان أهل المدينة المنورة يتسابقون على استقبال الركب في شهر رجب وكل مجموعة تقوم باستضافة ركب وتهيئة المكان المناسب له وإكرامه لحين مغادرته إضافة إلى بعض من فنون التراث التي كانت تقام ليلاً ويشارك فيها معظم أهل المدينة وما شاهدته اليوم كان عبارة عن صورة ذهنية لما كان يحصل قبل "40" عاماً وترتب عليه تعزيز أواصر المحبة والمودة والتواصل بين أبناء الوطن الواحد .
الإبل والحمير
عمدة حي الجمعة بالمدينة المنورة الشيخ إبراهيم برناوي فيقول في شهر رجب من كل عام كانت تصل إلى المدينة المنورة بعض الركوب من أشهرها الركب المكي. ويضم الركب 15-30شخصاً يمتطون ظهور الإبل والحمير ذات الألوان التي يقوم أصحابها بتلوينها وفي زي يكاد أن يكون موحداً ، ويدخل الركب من باب العنبرية على شكل صفوف في كل صفّ أربعة أو خمسة من الراكبين يهللون ويكبرون ويصلون على النبي حتى وصولهم إلى باب السلام فيقوم احدهم بإنشاد المدائح في النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته الكرام.
وبعد الزيارة والصلاة في المسجد النبوي الشريف ويمكثون في المدينة قرابة الشهر ويقومون بعد صلاة العشاء بالتعارف و التسامر فيما بينهم.
ساحة المناخة
يوسف الحيدري يقول يتم التجمع الأولى في ساحة المناخة وينطلق كل ركب في زمن معيَّن ولكن ركبي الحوالة والداغستاني عادة ما كانا ينطلقان سوياً وبعد التحرك من المناخة يبدأ المنشد “ وهو شخص حافظ للقصائد” في إنشاد كلمات الوداع وطلب التوفيق من الله ثم الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم وتقف الركوب عند منزل أمير المدينة في باب العنبرية فيخرج الأمير لوداعهم ويمنح شيخ الركب بعض المال ويقوم المزهد وهو الشخص المختص بالإعلان عن قرب موعد الركب قبل عدة أيام وهو أيضاً يودع الركب بشدوه حتى باب العنبرية أو يكون مرافقا للركب ويعرف الكثير من أهل المدينة ما يتميز به المزهد من صوت جميل مثل الشيخ عبد الستار بخاري وحسين بخاري رحمهما الله .
لعبة المزمار
عضو لجنة التراث والفنون الشعبية بجمعية الثقافة والفنون بالمدينة المنورة إبراهيم بخيت الزبيدي فيقول يجتمع أهل مكة وجدة بأهل المدينة عندما يصل الركب في ربيع أو في شهر جماد ويقومون بأداء لون الصهبة وهذا اللون من الفنون أشتهر به أهل الحجاز فقط ومن يقوم بأدائه في الوقت الحاضر عدد قليل جداً وتجاوزت أعمارهم العقد السادس وهو من ألوان الكف اليماني الثقيل ويقومون بتأديته بطريقة جماعية مع عدم وجود سوى آلة موسيقية واحدة وهي " النقرزان" والزمن يعتمد على صفقة الكف وجميع الأبيات من الأشعار والموشحات الأندلسية المعروفة والتي أشتهر بها العهد الأموي في الأندلس ، وبعد ذلك يقومون بأداء لعبة المزمار المشهورة.
تلبية الدعوة
العم صالح عسيري ثمانينى من أهل مكة يقول: لقد فوجئنا بأن المبادرة كانت من شباب المدينة المنورة وكانوا حريصاً على مشاهدة الركب وإعادة بعض من تراث آبائنا وأجدادنا وبالفعل لبّينا الدعوة ووجدنا كل حفاوة وتكريم حيث توجهنا في البداية إلى المسجد النبوي وصلّينا وتشرفنا بالسلام على خير خلق الله محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والتسليم ثم توجهنا إلى مكان الاستقبال حيث وجدنا جمعًا من أهل المدينة في استقبالنا والترحيب بنا كباراً وصغاراً ويضيف العم صالح عن ذكرياته كان الركب يسير لمدة "8" أيام على " الشقادف" التي تحملها الجمال والحمير أكرمكم الله بهدف زيارة المسجد النبوي والتشرف بالسلام على رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم وعندما كان الركب يصل في فترة الليل فإنه ينتظر حتى الصباح نظراً لغلق أبواب المدينة المنورة في المساء وكان الباب الرئيس لدخول ركب مكة وجدة هو" باب العنبرية " ويتكون الركب من اهالى المدن الحجازية من الطائف ومن مكة وجدة وقد كان اهل مكة والطائف يجتمعون من عدة حارات حسب التعارف والتآلف بين هذه المجموعات ...وهناك عند حي الزاهر بمكة يجتمع القوم لوداعهم والدعاء لهم بالقبول والعودة سالمين ...
ولا تخلو أماكن التجمع من بسطات بائعي البليلة والمكسرات والخيار بالشرش وكباب الميرو والكبدة والسوبيا والزبيب ودوارق الزمزم ...
ثم يقف المنشدون في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس كلهم إصغاء وترديد بالصلاة والسلام عليه ثم يتحرك الركب وتبدأ وجهتهم من وادي فاطمة فعسفان ثم القضيمة ويأخذون في إعداد الطعام وحينما يحين الفجر يؤدون صلاته ثم ينامون ويقضون الضحى للراحة ثم إعداد طعام الغداء وفي المدينة يقيمون "15" يوما وقد لا نتصوّر بان مصاريف هذه الرحلة لا تزيد عن 15 ريالا بكل احتياجات هذه الرحلة من تنقل وإقامة وأطعمة طيلة أيام الرحلة .
http://al-madina.com/files/imagecache/node_photo/files/rbimages/1241712065046565400.jpg
الجمعة, 8 مايو 2009
حسين بختاور - المدينة المنورة
عمد عدد من شباب وأبناء طيبة الطيبة على إعادة الروح فى الموروث الشعبي القديم و إحياء التراث المتألق خلال القرن الهجري الماضي من خلال استنساخ الركب القديم والذى كان يمثل جسر التعارف والتواصل والمصاهرة بين ابناء المدينة و مكة والطائف وذلك بعد أن وقفوا على المشاهد التى رواها الآباء والاجداد .. المبادرة التى أقدم عليها شباب طيبة أثارت غيرة ابناء مكة والطائف ممن كانوا يتمنّون أن تنطلق المبادرة من مدنهم محطة الإقلاع الأولى .. (المدينة) وقفت على المبادرة المدينية واستمعت لأصحاب الفكرة وداعميها .
تعارف ومصاهرة
رضا الزويتيني الشريف من المهتمين بالتراث والألعاب الشعبية يقول : بدأت الفكرة لدي أنا ومجموعة من الشباب للتعرف عن قرب ولو بشكل عملي مبسط على الركب وماهيته حيث كنا نسمع من آبائنا وأجدادنا عن انتظار الركب القادم من مكة المكرمة بفارغ الصبر حيث أن مثل هذه المناسبة لا تتكرر فهي تقام مرة واحدة من كل عام وكان آباؤنا وأجدادنا يقصون علينا كيف كان يتم استقبال الركب وما ينتج عنه من تعارف وتقارب بين أهل مكة وأهل جدة وأهل الطائف ورابغ والحجاز عموماً حتى وصل الأمر إلى درجة المصاهرة والتراحم بينهم علاوة على الفنون الشعبية التي كانت تقام كالصهبة ولعبة المزمار وبعض الألعاب الشعبية الأخرى فقررنا انا ومجموعة من الشباب عرض الفكرة على بعض من وجهاء المدينة تم التواصل مع بعض من العمد القدماء الموجودين في مكة المكرمة وجدة والطائف وطرحت الفكرة عليهم وبدء الترتيب منذ عدة أشهر .
قيم وآداب
مدير عام الجمعية الخيرية للخدمات الاجتماعية بالمدينة المنورة المهندس يحيي بن سيف يقول : نشأ الركب في ظروف اجتماعية خاصة وفرضته مرحلة تاريخية معينة وعلى الرغم من سلبياته القليلة وإيجابياته الكثيرة فقد احتفظ لنا بقيم يجب الا نغفلها وأورثنا أداباً علينا أن نتعرف عليها وأفاض علينا بقيم لا بد من المحافظة علي جوهرها، وما لاحظته خلال استقبال أبناء طيبة الطيبة لركب أهل الحجاز حين وصولهم والفعاليات التي أقيمت لامس بقايا من أواخر ذكريات الركب عندما كان أهل المدينة المنورة يتسابقون على استقبال الركب في شهر رجب وكل مجموعة تقوم باستضافة ركب وتهيئة المكان المناسب له وإكرامه لحين مغادرته إضافة إلى بعض من فنون التراث التي كانت تقام ليلاً ويشارك فيها معظم أهل المدينة وما شاهدته اليوم كان عبارة عن صورة ذهنية لما كان يحصل قبل "40" عاماً وترتب عليه تعزيز أواصر المحبة والمودة والتواصل بين أبناء الوطن الواحد .
الإبل والحمير
عمدة حي الجمعة بالمدينة المنورة الشيخ إبراهيم برناوي فيقول في شهر رجب من كل عام كانت تصل إلى المدينة المنورة بعض الركوب من أشهرها الركب المكي. ويضم الركب 15-30شخصاً يمتطون ظهور الإبل والحمير ذات الألوان التي يقوم أصحابها بتلوينها وفي زي يكاد أن يكون موحداً ، ويدخل الركب من باب العنبرية على شكل صفوف في كل صفّ أربعة أو خمسة من الراكبين يهللون ويكبرون ويصلون على النبي حتى وصولهم إلى باب السلام فيقوم احدهم بإنشاد المدائح في النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته الكرام.
وبعد الزيارة والصلاة في المسجد النبوي الشريف ويمكثون في المدينة قرابة الشهر ويقومون بعد صلاة العشاء بالتعارف و التسامر فيما بينهم.
ساحة المناخة
يوسف الحيدري يقول يتم التجمع الأولى في ساحة المناخة وينطلق كل ركب في زمن معيَّن ولكن ركبي الحوالة والداغستاني عادة ما كانا ينطلقان سوياً وبعد التحرك من المناخة يبدأ المنشد “ وهو شخص حافظ للقصائد” في إنشاد كلمات الوداع وطلب التوفيق من الله ثم الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم وتقف الركوب عند منزل أمير المدينة في باب العنبرية فيخرج الأمير لوداعهم ويمنح شيخ الركب بعض المال ويقوم المزهد وهو الشخص المختص بالإعلان عن قرب موعد الركب قبل عدة أيام وهو أيضاً يودع الركب بشدوه حتى باب العنبرية أو يكون مرافقا للركب ويعرف الكثير من أهل المدينة ما يتميز به المزهد من صوت جميل مثل الشيخ عبد الستار بخاري وحسين بخاري رحمهما الله .
لعبة المزمار
عضو لجنة التراث والفنون الشعبية بجمعية الثقافة والفنون بالمدينة المنورة إبراهيم بخيت الزبيدي فيقول يجتمع أهل مكة وجدة بأهل المدينة عندما يصل الركب في ربيع أو في شهر جماد ويقومون بأداء لون الصهبة وهذا اللون من الفنون أشتهر به أهل الحجاز فقط ومن يقوم بأدائه في الوقت الحاضر عدد قليل جداً وتجاوزت أعمارهم العقد السادس وهو من ألوان الكف اليماني الثقيل ويقومون بتأديته بطريقة جماعية مع عدم وجود سوى آلة موسيقية واحدة وهي " النقرزان" والزمن يعتمد على صفقة الكف وجميع الأبيات من الأشعار والموشحات الأندلسية المعروفة والتي أشتهر بها العهد الأموي في الأندلس ، وبعد ذلك يقومون بأداء لعبة المزمار المشهورة.
تلبية الدعوة
العم صالح عسيري ثمانينى من أهل مكة يقول: لقد فوجئنا بأن المبادرة كانت من شباب المدينة المنورة وكانوا حريصاً على مشاهدة الركب وإعادة بعض من تراث آبائنا وأجدادنا وبالفعل لبّينا الدعوة ووجدنا كل حفاوة وتكريم حيث توجهنا في البداية إلى المسجد النبوي وصلّينا وتشرفنا بالسلام على خير خلق الله محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والتسليم ثم توجهنا إلى مكان الاستقبال حيث وجدنا جمعًا من أهل المدينة في استقبالنا والترحيب بنا كباراً وصغاراً ويضيف العم صالح عن ذكرياته كان الركب يسير لمدة "8" أيام على " الشقادف" التي تحملها الجمال والحمير أكرمكم الله بهدف زيارة المسجد النبوي والتشرف بالسلام على رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم وعندما كان الركب يصل في فترة الليل فإنه ينتظر حتى الصباح نظراً لغلق أبواب المدينة المنورة في المساء وكان الباب الرئيس لدخول ركب مكة وجدة هو" باب العنبرية " ويتكون الركب من اهالى المدن الحجازية من الطائف ومن مكة وجدة وقد كان اهل مكة والطائف يجتمعون من عدة حارات حسب التعارف والتآلف بين هذه المجموعات ...وهناك عند حي الزاهر بمكة يجتمع القوم لوداعهم والدعاء لهم بالقبول والعودة سالمين ...
ولا تخلو أماكن التجمع من بسطات بائعي البليلة والمكسرات والخيار بالشرش وكباب الميرو والكبدة والسوبيا والزبيب ودوارق الزمزم ...
ثم يقف المنشدون في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس كلهم إصغاء وترديد بالصلاة والسلام عليه ثم يتحرك الركب وتبدأ وجهتهم من وادي فاطمة فعسفان ثم القضيمة ويأخذون في إعداد الطعام وحينما يحين الفجر يؤدون صلاته ثم ينامون ويقضون الضحى للراحة ثم إعداد طعام الغداء وفي المدينة يقيمون "15" يوما وقد لا نتصوّر بان مصاريف هذه الرحلة لا تزيد عن 15 ريالا بكل احتياجات هذه الرحلة من تنقل وإقامة وأطعمة طيلة أيام الرحلة .