تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عبدالعزيز التويجري


صقر الجنوب
20/05/2009, 01:39 PM
عبدالعزيز التويجري
حارس الحكمة .. رجل الدولة


http://www.okaz.com.sa/okaz/myfiles/2009/05/20/a00010-big.jpg (javascript: newWindow=openWin('PopUpImgContent20090520278924.h tm','OkazImage','width=600,height=440,toolbar=0,lo cation=0,directories=0,status=0,menuBar=0,scrollBa rs=0,resizable=0' ); newWindow.focus())
هاشم الجحدلي
في لحظة تتطاول ببهاء بين استدعاء الذاكرة والوقوف مليا أمام شواهد الحنين، تتحول الذكرى الثانية لرحيل الراحل الكبير الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري إلى لحظة استثنائية في استكناه الحكمة عندما تستحيل إلى قامة وطنية شاهقة، والمعرفة حينما تستحيل إلى قمة إنسانية شامخة. وتتوالى أناشيد الاحتفاء لتستقر عميقا في شغاف القلب عرسا باذخا لعناق الريح بأعناق الخيل والنخيل وكثبان اليمامة والدهناء. هكذا تتجلى سيرة الرحيل في حالتها الأخيرة، ولكنها قبل أن تأخذ هذه الهوية التي تصطفي كل ما هو بهي وعذب ونبيل في هذه الحياة مرت بمراحل واصطدمت بعقبات و ووجهت باحباطات وحفت بأشواك ولكنها تلمست بشارة اليقين وسارت وراء مسارب الحق واصطفت الجميل الأجمل لتجد الملاذ في حفاوة الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود الذي فتح له مشارف المجد من بوابة مدينة المليون نخلة مدينة المجمعة التي شكلت نواة تجربته الوطنية والإدارية في مفارقات كادت أن تأخذه بعيدا والعمل هناك بين ضفاف دجلة والفرات، ولكنها قادته في نهاية المطاف ليساهم في صناعة الوعي في حضرة الجنادرية.
بين الخطوة الأولى والمحطة الأخيرة، كانت مسيرة وسيرة الراحل الكبير الشيخ عبدالعزيز التويجري ترنو للضياء مستلهمة ثقافة الأرض وحكمة المتنبي ووعي أبي العلاء الحاد، وكانت صورته في ذاكرتي ترتسم بصورة رجل الدولة الحكيم في كل شيء والمخلص لقيادته ووطنه حتى آخر قطرة في دمه، والإداري الكبير في مؤسسة عسكرية اختارت الثقافة خيارا أصيلا لكي تلتقي بالناس وتحتفي بالمثقفين في عرس هو الأبهى والأكثر احتفالية وبوحا في بلادنا. هذه الصورة التي ارتسمت في ذاكرتي وذاكرة الكثيرين من أبناء الوطن ورجال الثقافة العرب حينما كانت زيارتهم لدارته محطة أساسية في برنامج الجنادرية الحثيث الخطى لمعانقة المستقبل والرهان على الفكر والثقافة في صياغة مستقبل الأمة.
هذه هي الصورة التي كان من المقدر لها أن تبقى للأبد بدون تفاصيل ولا ملامح دقيقة.
فقد قابلته في الجنادرية مثلما قابله سواي واندهشت بشخصيته مثلما اندهش غيري.
حتى قادتني رحلة البحث عن الحياة السرية للمفكر عبد الله القصيمي إلى حضرة الراحل الكبير وعبر اتصال، غسل التباسات الماضي القريب، أبلغني الأستاذ سلطان البازعي بتلك الرسالة المبهجة، الشيخ عبدالعزيز التويجري يريد أن يراك.

ــ متى تستطيع أن تكون في الرياض.

ــ لم انتظر لحظة واحدة للتفكير ــ وقلت على الفور غدا.

وعلى الفور حجزت على أول رحلة نحو عاصمة الوطن الرياض ولم أتسلح بأي اسئلة أو ابحث عن أي نافذة تكشف لي فضاء الراحل الكبير كما أفعل دائما ويفعل سواي مع أي شخصية نلتقي بها

فقط آلة التسجيل وكاميرا تصوير صغيرة.


في حضرة التويجري

وبالفعل التقيت بالأستاذ سلطان البازعي الذي أخذني إلى حضرة الشيخ التويجري.

أسرتني شخصيته العذبة وأخذني إلى فضائه الشاسع

ثم سألني سؤاله الكبير،

لماذا اخترت القصيمي؟

بحثت عن كل الأجوبة التي رددتها كلما سئلت هذا السؤال ولكن أي منها لم تقنع الراحل الكبير.

وبعد أن يئست وبدأت أطرح أسئلتي وبدأت ذاكرته في الانثيال جهزت آلة التسجيل لترصد هذا النهر الجاري من الذكريات والمواقف والصور.

ولكنه منعني من ذلك وقال لي اكتب كل شيء ولكن اعتمد على ذاكرته لأن ما يترسخ في الذاكرة هو الأصوب دائما

أبحر بي بعيدا إلى المجمعة،

واستعاد لي لوعة اليتم ومرارة الفقدان،

حكى لي عن رحلة البحث عن الوجود،

وسرد لي أسباب البحث عن عمل في العراق،

روى قصة الالتقاء بالملك المؤسس والثقة العميقة،

وكشف لي قصة لقائه بمعلمه الأول الشيخ سليمان الكهلان

وباح لي بالكثر من الأشياء، مشاركته في حرب اليمن وعشقه للمتنبي وأبي العلاء وعلاقته بالقصيمي.

أما أهم المحطات فهي لحظة انتمائه إلى فضاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ومؤسسة الحرس الوطني.

كان وقت اللقاء المفترض نصف ساعة ولكنه امتد ليستمر إلى أكثر من ثلاث ساعات كانت كأنها العمر كله بالنسبة لي في مصادفة تاريخية لم تكن على البال ولا الخاطر أبدا،

مصادفة كلما استعيدها استعيد كلماته لي وهي تنهمر كالغيث وهو يبوح بلغة تمتزج فيها عذوبة القصيدة بحكمة الوعي وفيض المعرفة.


الطفولة هناك

أتذكره وهو يتذكر طفولته والفتاة الجميلة التي حاولت أن تقتله وهو يقول:

وذكريات القرية والطفولة كثيرة. فلقمة العيش لا تصل إلى الصغير والكبير إلا بجهد شاق يقوم به الرجل والمرأة معا. كانت حياتنا بسيطة ومفروضا عليها التقشف في كل شيء وطبعا من الذكريات مالا ينمحي: بعد أن بلغت من العمر عشر سنوات كما أذكر صرت أشاغب أقراني، وكثيرا ما انتصر عليهم في مرة من المرات تطاولت على شابة عمرها أربع عشرة سنة جميلة جدا فحقدت عليّ، والمرأة إذا حقدت لم يبق في قلبها رضى كما يقول المتنبي. ظلت ترقب الفرصة وفي يوم من الأيام جئت إلى بستان أهلها فإذا هي مغلقة الباب بيني وبينها فحاولت فتحه فقالت: لا أفتحه لك أبدا ادخل من تحت الباب فهو واسع، فحاولت أن أدخل على بطني وحين خرج رأسي وضعت قدمها على رقبتي بكل ثقلها فصرخت حتى أوشكت أن أموت وهي لاتبالي بصراخي فسمعت أمها وأخواتها صراخي فجاءوا وإذ أنا في حالة من الإغماء فضربوها وأنقذوني. وبقيت عندهم ساعات حتى استعدت صحتي واكرمتني أمها وقالت لي: سنبقيها لك حتى تكبر ونزوجك إياها، أتحبها؟ فسكت. كانت حجتها لأهلها أنني ضربتها، وفي الحقيقة لا أذكر ما الذي أغضبها ولكنني لا أنسى هذه الحادثة فقد علمتني كيف تكون ردود الفعل مع الخطأ والتجاوز على الآخرين، ولعل الشاعر حميدان الشويعر أصاب كبد الحقيقة حين قال: المرأة مثل الشاة خلف البيوت

يطمع بها الكلب ولو هو (جري)


يتم السنوات الأولى

أتذكره وهو يتذكر مرارة يتمه ومسارات أيامه الأولى وهو يقول:

أما ما يعنيني وأود أن تعرفه عني فحياتي أيها التاريخ كحياة غيري من أبناء قريتي، لا أحد أحس بميلادي ولا أين كنت ولا من أنا ولا ما ينتظرني.

لا أظن أن أحداً فرح بي أو حلم بأنني قد أكون حلماً من أحلامه الجميلة غير والدتي أو والدي. ربما قدر والدي أن أكون من رعاة إبله أو الكادحين في مزرعته ونخلاته.

وهكذا مشت بي الحياة على وعورة الطريق التي كتبت علي كل شيء محسوب، لا شيء نفكر فيه غير لقمة العيش وقطعة من قماش. تفكيرنا بدائي وإذا فكرنا فلا نذهب بعيداً ولا نتجاوز به حدود البيت والجيران والأهل وإذا اتسع مع معركة الحياة فلا يتجاوز مراعي أغنامنا وإبلنا.

مات أبي وعمري يقارب ست سنوات وذقت مرارة اليتم، إلا أن يتيم القرية يكون له منها ومن أهلها تعويض لليتيم عن والده أو أمه. ذلك المجتمع البعيد عني، مجتمع القرية لم يعزلني عنه النفط أو يحرقه من ذاكرتي فهو أكرم ما أحتفظ به وأعتز، وهو الذي أعود إليه مع نفسي كلما ضايقتني هموم هذا العصر.


الكحلان معلمي

وأتذكره وهو يتذكر معلمه الأول الشيخ سليمان الكهلان وهو يقول:

كان يعتزل الناس، لأنه كان متجاوزا لأقرانه في تفكيره، لم يكن ينتمي لأفق المجمعة، هذه القرية الضاربة في الامية حينذاك.

هاجر منها وعمره عشرون عاما، وساح في بلاد الهند وبعض بلدان آسيا لأكثر من 40 عاما ثم عاد إلى بلدته المجمعة وله من العمر ما يزيد عن الـ 60 عاما.

فكان يختلف عن الجميع، كلنا كنا أميين وشبه أميين، أما هو فليس مجرد شخص متعلم، بل قارئ مطلع صاحب رؤية ثقافية واسعة تتجاوز هذا العالم الصغير في قلب الصحراء.

تعرفت عليه وأنا في الثالثة عشرة من عمري كنت في ذلك الوقت طفلا يتيما تردد بعض مرات على الكتاتيب ولم يحصل منها بحصيلة تنسبه إلى المتعلمين حيث التقيت بهذا الرجل وقد كان اللقاء معه بالنسبة لي بداية احساسي بالوعي للحدود الضيقة لقريتنا.


القصيمي لم يكن ملحدا

وأتذكر وهو يستعيد ملامح المفكر عبدالله القصيمي وعلاقته به ورؤيته له وهو يقول:

لا أخفي سرا إذا قلت إنه ليست كتبه، بل حتى رسائله تحمل بعض التجاوزات والشطوحات خاصة عندما يدخل دائرة المجاز، إنه في هذا الأمر يتورط كثيرا في نسف كثير من المسلمات وكنت لا أوافقه على ذلك بل كنت أعارضه على هذه الجزئيات في رسائله، ولكن للحقيقة والتاريخ فلا أعتقد أن القصيمي كان ملحداً، فقد كان ملما بالإسلام إلماما قل نظيره، ولكن البعض ممن يأخذون الآراء الجاهزة ويعتبرون بعض فصول كتبه إدانة له يقولون بذلك، وليتهم كانوا يعلمون بعض ما كان يعرفه ويعلمه ويعيه الشيخ القصيمي. نعم لقد شطح وتجاوز في بعض كتبه ولكن للمرة الثانية أقول لك لا أعتقد أنه كان ملحدا، وأمره إلى الله فهو مثلي إنسان لا يملك أن يتقول على الله، وكثيرا ما كنت أقول له هذا الكلام إذا أحس أنني لا أحمل الإعجاب المطلق في كل ما يقول، ثم إنني لم ألاحظ عليه في كل كتبه أنه قال عن المملكة أية جملة مسيئة، وهو محافظ على حبه للمملكة وأذكر أنه أطلعني على كتاب للملك فهد رحمه الله، ولخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز فوجدت الرسالة تصعد وتهبط على قوله (اغفر لي يا مولاي.. اغفر لي يا مولاي) يرددها.. وكل ما قلته ليس دفاعا عن القصيمي وأحترم كل المخالفين له ولا أخطئ أحدا، لكنني إنسان أعرف نفسي أنني لست في مستوى الرجل الذي يصدر أحكامه على الآخرين، أتذكره وأتذكر كل ما قاله لي ولكن تبقى سيرة ومسيرة الراحل الكبير الشيخ عبد العزيز التويجري حاضرة دائما لأنها امتزجت عميقا بتراب هذا الوطن، ومشرقة أبدا لأنها احتمت بالنبل وتحصنت بالحكمة وتأصلت على الإخلاص والوفاء.


الراحل الحي في وجدان الوطن

هادي الفقيه
¶ «الشيخ عبد العزيز التويجري رجل محبوب، وله مكانته وتأثيره حتى أثناء فترة مرضه، لقد مات موتة حسنة، ورحل بعد هذا العمر الطويل والعمل الصالح الذي خدم فيه وطنه بمحبة وإخلاص». الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام ¶ «عمل مع ستة ملوك، فبات يحيط بخصوصية القرار السعودي وكيف يُصاغ، لكن تألقه كمفكر ومستشار وحامل رسائل فيها التمنيات أحيانا والتنبيه في معظم الأحيان، والنصيحة عند الحاجة القصوى لمن يحتاجها، كان في ظل عبد الله بن عبد العزيز».

فؤاد مطر

كاتب ومثقف لبناني

تسترجع ذاكرة الوطن اليوم ذكرى رحيل الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري، نائب رئيس الحرس الوطني المساعد، بعد 720 يوما من رحيله، تاركا إرثا وطنيا خالدا يتذكره الوطن بفخر بعد أن قضى حياته مخلصا لوطنه، ومساهما مع رجال كثر في نقله إلى مراحل مهمة منذ بدايات توحيد البلاد، وحتى تمدده وتوسع مكانته الدولية؛ ليكون بلدا مؤثرا على الخريطة العالمية اقتصاديا وسياسيا وحتى إنسانيا.

يستيقظ الوطن اليوم ليتذكر مفكرا وإداريا كان نموذجا وعرابا لتجارب إدارية، خرجت من تحت يديه وعقله، وتحولت إلى مشاريع أصبحت واجهة حضارية تزهو بها المملكة بين الأمم.

ويحتار المتابعون لسيرة التويجري في الحديث عنه من أي الزوايا، فالرجل كان قبلة ثقافية يقصدها المثقفون والباحثون من أقصى الأرض، وكان باكورة أفكاره المهرجان الوطني للتراث والثقافة، والذي ولد بتحالف الفكر والقيادة بينه وبين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مطلع الثمانينيات الميلادية.

ويسجل للشيخ عبد العزيز أسبقيات مهمة، على رأسها دعمه لثقافة الحوار وإشاعتها منذ بواكير العهد السعودي، حتى وإن كانت في مساحات لم تعرف، وتوسعت لتكون ضمن لبنات تأسيس مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني.

سياسيا كان الشيخ عبد العزيز لاعبا في الأوقات الحرجة بعيدا عن الإعلام، وحمل رسائل نصح ومشورة مازالت حية على الأرض، وفي صدر قادة وسياسيين ورجال دولة على امتداد العالم.

يتحدث الكاتب والباحث في سيرة الشيخ التويجري الزميل محمد السيف مسجلا: «عُرف عنه تواضعه الجمّ وإنسانيته المفرطة، وحب للأصدقاء غامر، مع حسن أدب وثقافة شمولية، جعلتْ منه كل هذه الأشياء صديقا مقربا لأغلب المثقفين العرب باختلاف آرائهم وتوجهاتهم، أولئك الذين أنِسوا به وأنِسَ بهم، ناقشوه وناقشهم، راسلوه وراسلهم».

راصدا حركة المثقفين إليه: «تزاحمت مناكبهم في دارته وفي مكتبته في حي العليا في الرياض وأيضا في المنتجع الفرنسي ديفون».

وبالعودة إلى الشق الإداري في شخصية التويجري ـ التي تعتبر مدرسة مستقلة مازالت حية بين من تتلمذوا على يديه ـ فهو من أبرز الشخصيات الإدارية في المملكة.

انطلق التويجري في حياته العملية متطوعا ضمن قوات الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية، قبل أن يعينه الملك عبد العزيز عام 1931م (1350هـ) مشرفا على بيت المال في المجمعة وسدير والزلفي.

وفي السابع من نوفمبر عام 1961م (1381هـ)، أصدر الملك سعود بن عبد العزيز مرسوما ملكيا بتعيين التويجري وكيلا للحرس الوطني، وفي الثالث عشر من يوليو عام 1975م (1395هـ)، أصدر الملك خالد بن عبد العزيز مرسوما ملكيا بتعيين التويجري نائبا لرئيس الحرس الوطني المساعد بالمرتبة الممتازة، وفي يونيو عام 1977م (1397هـ) تمت ترقيته إلى مرتبة وزير.

و عين الشيخ عبد العزيز التويجري عضوا في اللجنة التحضيرية لمجلس الأمن الوطني في سبتمبر عام 1979م (1399هـ)، وعضوا في مجلس القوى العاملة في يونيو عام 1980م (1400هـ)، وعضوا في المجلس الأعلى للدفاع المدني في يناير عام 1986م (1406هـ)، ونائبا لرئيس مجلس إدارة مكتبة الملك عبد العزيز العامة في يناير عام 1987م (1407هـ)، ونائبا لرئيس اللجنة العليا في الحرس الوطني في فبراير عام 1991م (1411هـ).

كما عين التويجري عضوا في اللجان العليا الثلاث التي أعدت النظام الأساسي للحكم، ونظام المناطق، ونظام مجلس الشورى، والتي صدرت في مارس عام 1992م (1412هـ).

وتخصص جامعة هارفارد في الولايات المتحدة الأمريكية كرسي زمالة باسم الشيخ عبد العزيز التويجري، على شكل منحة دراسية لمختلف الطلاب في العالم، وبشكل خاص الطلاب في العالم العربي والإسلامي، وحاز التويجري شهادة تقدير من جامعة جورجيا في الولايات المتحدة بوصفه شخصية مشاركة في صناعة القرار الاستراتيجي، كما أنشئت قاعة باسمه في مركز الأبحاث والكبد في جامعة لندن.

وكان عبد العزيز ـ المولود عام 1918م (1336هـ) في حوطة سدير ـ تعلم القرآن الكريم في الكتاتيب على يد «المطوع» صالح بن نصر الله، وبرزت معاناته من اليتم في طفولته، وأسهمت في تكوين شخصيته الأبوية الحانية، حتى كتب: «اليتم الموجع أثر في حياتي، وعجزت عن احتماله أو تفهمه آنذاك».

في السادسة من عمره انتقل إلى بلدة والده المجمعة، حيث عاش في كنف أخيه حمد بن عبد المحسن، الذي كان قد عينه الملك عبد العزيز مديرا لمالية المجمعة وسدير والزلفي عام 1928م (1347هـ)، خلفا لوالده الشيخ عبد المحسن.

شكل الشيخ التويجري ظاهرة جديدة في مجتمعه، وكان شخصية لافتة بسعة أفقه الثقافي، وقدرته على التفاعل مع مختلف الثقافات مقارنة بأبناء جيله، ويرجع من يعرفه سبب تميزه إلى كونه من أوائل مثقفي البلاد المطلعين على ثقافات العالم.

يواصل الزميل محمد السيف رصده لسيرة الراحل مميزا: «فتح بيته في المجمعة للمعلمين المقبلين من مختلف بلدان العالم العربي، ضمن موجة إحضار المعلمين العرب إلى السعودية في منتصف الخمسينيات الميلادية من القرن الماضي، حتى تحول بيته إلى منتدى ثقافي، فتفاعل التويجري مع تلك المرحلة بكل ما حملته من تيارات فكرية وخيارات سياسية على مستوى العالم العربي».

وواجه الشاب المثقف الأسئلة الفكرية التي كان بينها الشائك والحرج، بما أرهقه نفسيا، لكنه تجاوز الأزمة بإيمان صلب واتجاه فكري منفتح، تجلى في دوره الفاعل ضمن المهرجان الوطني للتراث والثقافة.

نقطة الجدال في تاريخ الشيخ عبد العزيز التويجري هو توثيق نتاجه الأدبي والفكري والإداري، إذ لم تشهد المكتبات دخول مؤلفاته إلا بعد أن تجاوز الـ 60 من العمر، وهو ما وصفه المتابعون بأن الرجل جمع رحيق سنوات الخبرة؛ لينجز نتاجا رصينا وغنيا يقدم قيمة مضافة حقيقية لمن يقرأ له.

وخرج إلى النور 14 مؤلفا من بين يدي وفكر التويجري الأديب والإداري والسياسي والمؤرخ، لقيت اهتماما محليا وعربيا، أشهرها كتاب «لسراة الليل هتف الصباح» و «الملك عبد العزيز ـ دراسة وثائقية»، الذي صدر في بيروت عام 1997م، وجاوز حتى الآن الطبعة السادسة.

أبـو مشاري
20/05/2009, 02:20 PM
موفق ان شاء الله