نواف بيك البريدية
24/05/2009, 07:20 PM
فاخلع نعليك
!
http://www.yabdoo.com/users/476/gallery/3645_p173491.gif (http://www.ruba3.com/vb/../)
قليلةهي الكلمات التي يمكنها التعبير عن مشاعر الغضب والإهانة التي اجتاحت قلبكل مسلم ومسلمة شاهد بنديكت 16 وهو يطأ أرض مسجد العاصمة عمّان بحذائهالأحمر الشهير، الذي جلب له أقبح التعليقات الجارحة لشخصه، في الصحافةالفرنسية، عند بداية تعيينه في منصب البابوية.. وقليلة هي الكلمات التييمكنها وصف الامتعاض الذي يشعر به كل من ينظر إلى ذلك "المسلم" الذييرافقه مرتدياً نعله داخل المسجد دون أن يتحرّج من العباءة والغطرة التييرتديها، وذلك في الوقت الذي يبدو فيه أحد المرافقين بينهما وقد ارتدىخفاً أزرق اللون على حذائه .. أي أن أبسط مبادئ الأدب والاحترام كانتمتوفرة ومتاحة لمن شاء عدم إهانة مقدسات الغير بهذا الاستهتار والاستفزاز!..
ولايمكن الاعتداد بتبرير المتحدث الرسمي باسم الفاتيكان، الأب فدريكولومباردي، بأن القائمين على ترتيب الزيارة في الأردن لم يطلبوا منه ذلك!وهو عذر أقبح من ذنب، فمن ناحية، لقد حدث لنفس ذلك البابا أن خلع حذاءهعندما دخل المسجد الأزرق في إسطنبول، عند زيارته لتركيا عام 2006، أي أنهيعلم تماماً ضرورة خلع الحذاء أدباً واحتراما لقدسية المساجد..ومن ناحيةأخرى، ما من كبيرة أو صغيرة في الزيارات الرسمية إلا ويتم الاتفاق عليهاعند الإعداد للزيارة، وعندما يحدث ما لم يتم الاتفاق عليه لأي ظرفٍ كان،يتم الإعلان فوراً عن أن هذا التصرف لم يكن وارداً في البروتوكول المتفقعليه، وذلك مثلما حدث حين بالغ ملك الأردن وحرمه في الحفاوة ورافقا البابافي جزء من الرحلة لم يكن عليهما أن يرافقاه فيه.. ولمن لا يعلم، فالأدبالخاص بقدسية المسجد تعلمناه من الآية الكريمة حين كان الله سبحانه وتعالىيخاطب موسى، أحد أنبيائه المرسلين وليس أحد الموظفين مهما علا شأنه: (إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادِ المقدس طوى) (12: طه)..والمسجد هو المكان المقدس الذي يسجد فيه المسلم لربه أدباً وخشوعاًوتعبداً، وما من إنسان أياً كانت عقيدته يجهل هذه المعلومة التي تعد منالأبجديات..
وليستهذه الإهانة المتعمدة من جانب المؤسسة الفاتيكانية هي الوحيدة التي صدرتعن ذلك الحبر الأعظم أو بمناسبة زيارته المغرضة لهذه المنطقة، فمما يؤسفله، بكل مرارة وألم، أن يقوم التلفزيون الأردني بمنع بث أذان وشعائر صلاةالجمعة يوم وصوله، ومنع تلاوة القرآن الكريم .. ولا يسعني إلا أن أسأل:ألهذا الحد يصل الهوان والتملّق لدى بعض المسؤولين؟.. وقليلة هي الكلمات..
أماعن نتائج زيارة البابا للأردن فيلخصها الأب فدريكو لومباردي قائلاً: "أنهاكانت مثمرة جداً فقد تم اجتياز الأزمة الناجمة عن محاضرة راتيسبون (يقصدتلك المحاضرة التي أهان فيها البابا كافة المسلمين بتعمّده سب الإسلاموالرسول صلوات الله عليه)، أما الهدف الثاني فكان التعبير عن مساندتهلمسيحييّ الشرق الأوسط وتشجيعهم على البقاء لمواصلة رسالتهم، على الرغم منأنهم يمثلون أقل من 2% من السكان في هذه المنطقة وقرابة 3% في مصر، وإنكانت الكنيسة هناك ترفع العدد إلى 10% .. إلا أن الكنيسة بعامة في هذهالمنطقة نشطة وشديدة الحيوية".. كما أشار إلى "افتتاح جناح جديد تمتإضافته لمركز مريم "ملكة السلام" لعلاج المعوقين، وإرساء حجر الأساسلجامعة اللاهوت في مادبة التي ستجمع بين المسلمين والمسيحيين الذينسيدرسون معاً كيفية التعاون لفائدة بلدهم، وهو رمز له مغزاه ليس للأردنفحسب وإنما لمنطقة الشرق الأوسط بأسرها! وكذلك إنشاء خمس كنائس جديدة وهوما يكشف عن أهمية الدور الذي ستقوم به الكنيسة في ثقافة هذا البلد" .. ثماختتم الأب لومباردي تقييمه قائلاً: "إن هذه المحصّلة توضح أن الكنيسةتتمتع بحيوية واضحة وأنها تتطلع إلى الأمام" .. أما البابا فقد أوجزهاقائلاً: "لقد تم غرس البذرة، لنأمل أن تثمر في هذه الأرض القاحلة من الشرق" ..
أماالمفاجأة التي لا تقل فداحة واقعة الحذاء الأحمر، فهي الخطاب الذي ألقاهالأمير غازي بن محمد بن طلال عند ترحيبه بالبابا داخل المسجد. والغريب أنهلم تتم الإشارة إلى مضمونه في الصحافة العربية وإنما قام موقع الفاتيكانبنشره كاملاً يوم الاثنين 11 مايو، تحت عنوان "الخطاب الذي لم يُنشرللأمير غازي" .. ومن الصعب التحدث عن كل ما جاء في هذا الخطاب، المكوّن منأربع صفحات من المغالطات وعدم الدقة في مثل هذا الحيز، لكنني أبدأبالتأكيد على أن من كتبه هو أحد قساوسة الفاتيكان وليس بمسلمٍ، وما كانعلى سمو الأمير إلا قراءته كالتلميذ "النجيب" دون حتى أن يدرك معنى ما بهمن طعنات!.. فكل فقرة من فقراته السبع وعشرين بحاجة إلى تعليق وتأنيب،لكنني سأعقّب على بعضٍ مما جاء به..
وبغضالطرف عن اعتباره زيارة البابا شرفاً للمسجد وللمسلمين، فلا يليق بمن يحتلمثل منصبه الاجتماعي والسياسي في الأردن أن يتفوه بما يمكن أن يوصفبالأكاذيب، فالبابا لم يعتذر أبداً عما بدر عنه من إهانة للمسلمين وللرسولعليه الصلاة والسلام، وإنما تأسف لغضب المسلمين من قوله، وتأسف لردودأفعالهم، والفرق جد شاسع بين الموقفين يا سمو الأمير .. فالبابا لم يعتذرمطلقاً عن خطأه في حق الإسلام والمسلمين وخاصة في حق نبيّنا الكريم وإنمايعتمد على التمويه وعلى تنازلات بعض المسلمين ..
أماأن تخطئ يا سمو الأمير في القرآن الكريم بهذا الوضوح، يا من تنتمي لرسولالله وآله الكرام، كما أوضحت للبابا، فذلك ما يضع انتماؤك للإسلاموالمسلمين محل نظر: ففي الفقرة السابعة من الخطاب ترد عبارة: "لكنالمسلمين قد شعروا بالإهانة في حبهم للنبي، الذي هو، كما يقول الله فيالقرآن المقدس، أقرب من المؤمنين من حبل الوريد " !! فأي قارئ للقرآنالكريم يدرك تماماً أن المتحدث هنا هو الله عز وجل، ويقول عن نفسه هو: أنهأقرب من عباده من حبل الوريد، وليس الرسول، فالآية تقول:
(ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسْوس بت نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) (16: ق).
وتواصلنفس الفقرة قائلة: " لذلك قدّر المسلمون بصفة خاصة الإيضاح الذي أعلنهالفاتيكان بأن ما قيل في راتسبون لم يكن يعكس رأى قداستك، وإنما كان مجرداستشهاد في خطاب أكاديمي"!! وهنا لا يسعني إلا أن أهمس في أذن سمو الأمير:أن الاستشهاد في أي بحث أكاديمي لا يقفز وحده من المرجع ليقبع تحت قلمالكاتب، وإنما الكاتب هو الذي يختار الاستشهاد بعناية لسببين لا ثالثلهما: إما أن يكون الاستشهاد يؤيد موقف الكاتب الذي يذكره كتدعيم لقولهوللأطروحة التي يعرضها، أو أن الكاتب يختاره لكي يفنده وينتقده توضيحاًوتأكيداً للرأي الذي يعرضه.. أما أن يتنصّل الكاتب تهرباً من المساءلةويلقي بوقاحة الاستشهاد على كاتبه في العصور القديمة، فذلك ما يُطلق عليهفي المجال الجامعي "الجبن العلمي" و"عدم الأمانة العلمية" و"عدم القدرةعلى المواجهة".. الخ ، ولا يستحق صاحب مثل هذا الموقف إلا أن يُلغى بحثهبجرة قلم ويُفصل من الحلقة البحثية.. فأول ما يتعلمه الطالب في الجامعة هوكيفية التعبير عن رأيه بأدب علمي له أصوله، وأن يتحمل عاقبة هذا الرأي،أما التهرب والتنصل من المسؤولية فلا مكان له بين الأمناء من طلاب العلم.
وبغضالطرف أيضاً عن كل ما استعرضه سمو الأمير على أنه إنجازات يُشكر عليهاالبابا، في حين أنها في واقع الأمر ليست إلا تنازلات فُرضت على بعضالمسلمين وقدّموها جهلاً أو عن عمد إلى المؤسسة الفاتيكانية، من قبيلاعتبار خطاب ال138 حدثاً تاريخياً، بينما هو في الواقع فضيحة علمية دينيةأن يبصُم كل هؤلاء العلماء على أننا نعبد نفس الإله، فأبسط إنسان يعلم أنالنصارى يعبدون "ربنا يسوع الميسح" الإنسان الذي تم تأليهه في مجمع نيقيةعام 325، أو الإنسان الذي عُذب وصُلب ودُفن ثلاثة أيام ثم صعد ليجلس بجوارربه، الذي هو نفسه وهو ابنه، بينما نحن فنعبد الله الواحد الأحد الذي لميلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد .. وهذه العبارة المريرة المؤسفة والتيتنص على أننا نعبد نفس الإله يتلفظ بها البابا حالياً لمواصلة الهدف الذيلا يكف عن إعلانه وهو: تنصير العالم تحت لواء كاثوليكيته!
ونفسالملاحظة المريرة حول مساواة سُموك الكتاب المقدس بالقرآن الكريم، فالقرآنالكريم لم يتبدّل منه حرف منذ أُنزل على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام،بينما الكتاب المقدس فيغص بآلاف المتناقضات والتحريف والتبديل، ويكفيسُموك الإطلاع على إعترافات القديس جيروم بما قام به في الأناجيل الأربعة،أو الإطلاع على نتائج أبحاث "ندوة عيسى" التي أثبتت أن 82% من الأقوالالمنسوبة إلى يسوع لم يتفوه بها، وأن 86% من الأعمال المنسوبة إليه لم يقمبها..
أمامن حيث المعلومات العامة وحديث سُموك عن "كنيسة القديس يعقوب"، شقيق يسوععليه السلام، فلم تكن هناك كنائس في ذلك الوقت وإنما كان الحواريونيجتمعون معه في داره للتشاور، كما كانوا يجتمعون في الأقبية ودهاليزالمقابر الجماعية حتى نهاية عصر الاضطهاد في القرن الرابع، وكل الآثارالتي راح البابا يدشنها في رحلته الحالية بنتها والدة الإمبراطور قسطنطين،في القرن الرابع الميلادي، بعدما تم إعتبار المسيحية ديانة رسميةللإمبراطورية الرومانية وتبينوا ضرورة بناء الآثار التي تدل على ماابتدعوه .. ووجود كلمة "كنيسة" في أناجيل اليوم يعتبرها العلماء من ضمنالإضافات اللاحقة.
وأخيراًوليس آخراً، فإن اسم سيدنا محمد صلوات الله عليه يُنطق ويُكتب محمّدMuhammad وليس "ما أو ميه" Mahomet كما دأب المستشرقون والكنسيون علىتحريفه منذ القرون الوسطى .. وكان الأكرم لمن هو من العائلة الهاشمية وآلالبيت أن يطالب ذلك البابا، الذي يوجه له مثل هذا الخطاب، بتصويب كتابةاسم سيدنا محمد في كافة نصوصهم، خاصة وأنهم يجيدون كتابته إذا ما تعلق بأيشخص آخر .. أما توجيه الشكر الممجوج للبابا على شجاعته الأدبية والعلميةواللاهوتية "على إعادة إدخال طقس قراءة القداس باللغة اللاتينية فيالكنائس" فلا يسعني إلا إضافة : لا حول ولا قوة إلا بالله .. اللهم لاتعليق!!.(13 مايو 2009) .
بقلم الدكتورة زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية
dr.z.abdelaziz@... (http://groups.yahoo.com/group/Nawaf_Beek/post?postID=0fqYtX5rBHiq7fAjxlrJ58yjo_L1aE1Vrni_1g LeuGjR4RmMtIk-tiA-aSrmhz2oV9EvuxfgfP32kb56C_8)
المزيد... (http://www.nawafnet.ws/msg-3305.htm)
!
http://www.yabdoo.com/users/476/gallery/3645_p173491.gif (http://www.ruba3.com/vb/../)
قليلةهي الكلمات التي يمكنها التعبير عن مشاعر الغضب والإهانة التي اجتاحت قلبكل مسلم ومسلمة شاهد بنديكت 16 وهو يطأ أرض مسجد العاصمة عمّان بحذائهالأحمر الشهير، الذي جلب له أقبح التعليقات الجارحة لشخصه، في الصحافةالفرنسية، عند بداية تعيينه في منصب البابوية.. وقليلة هي الكلمات التييمكنها وصف الامتعاض الذي يشعر به كل من ينظر إلى ذلك "المسلم" الذييرافقه مرتدياً نعله داخل المسجد دون أن يتحرّج من العباءة والغطرة التييرتديها، وذلك في الوقت الذي يبدو فيه أحد المرافقين بينهما وقد ارتدىخفاً أزرق اللون على حذائه .. أي أن أبسط مبادئ الأدب والاحترام كانتمتوفرة ومتاحة لمن شاء عدم إهانة مقدسات الغير بهذا الاستهتار والاستفزاز!..
ولايمكن الاعتداد بتبرير المتحدث الرسمي باسم الفاتيكان، الأب فدريكولومباردي، بأن القائمين على ترتيب الزيارة في الأردن لم يطلبوا منه ذلك!وهو عذر أقبح من ذنب، فمن ناحية، لقد حدث لنفس ذلك البابا أن خلع حذاءهعندما دخل المسجد الأزرق في إسطنبول، عند زيارته لتركيا عام 2006، أي أنهيعلم تماماً ضرورة خلع الحذاء أدباً واحتراما لقدسية المساجد..ومن ناحيةأخرى، ما من كبيرة أو صغيرة في الزيارات الرسمية إلا ويتم الاتفاق عليهاعند الإعداد للزيارة، وعندما يحدث ما لم يتم الاتفاق عليه لأي ظرفٍ كان،يتم الإعلان فوراً عن أن هذا التصرف لم يكن وارداً في البروتوكول المتفقعليه، وذلك مثلما حدث حين بالغ ملك الأردن وحرمه في الحفاوة ورافقا البابافي جزء من الرحلة لم يكن عليهما أن يرافقاه فيه.. ولمن لا يعلم، فالأدبالخاص بقدسية المسجد تعلمناه من الآية الكريمة حين كان الله سبحانه وتعالىيخاطب موسى، أحد أنبيائه المرسلين وليس أحد الموظفين مهما علا شأنه: (إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادِ المقدس طوى) (12: طه)..والمسجد هو المكان المقدس الذي يسجد فيه المسلم لربه أدباً وخشوعاًوتعبداً، وما من إنسان أياً كانت عقيدته يجهل هذه المعلومة التي تعد منالأبجديات..
وليستهذه الإهانة المتعمدة من جانب المؤسسة الفاتيكانية هي الوحيدة التي صدرتعن ذلك الحبر الأعظم أو بمناسبة زيارته المغرضة لهذه المنطقة، فمما يؤسفله، بكل مرارة وألم، أن يقوم التلفزيون الأردني بمنع بث أذان وشعائر صلاةالجمعة يوم وصوله، ومنع تلاوة القرآن الكريم .. ولا يسعني إلا أن أسأل:ألهذا الحد يصل الهوان والتملّق لدى بعض المسؤولين؟.. وقليلة هي الكلمات..
أماعن نتائج زيارة البابا للأردن فيلخصها الأب فدريكو لومباردي قائلاً: "أنهاكانت مثمرة جداً فقد تم اجتياز الأزمة الناجمة عن محاضرة راتيسبون (يقصدتلك المحاضرة التي أهان فيها البابا كافة المسلمين بتعمّده سب الإسلاموالرسول صلوات الله عليه)، أما الهدف الثاني فكان التعبير عن مساندتهلمسيحييّ الشرق الأوسط وتشجيعهم على البقاء لمواصلة رسالتهم، على الرغم منأنهم يمثلون أقل من 2% من السكان في هذه المنطقة وقرابة 3% في مصر، وإنكانت الكنيسة هناك ترفع العدد إلى 10% .. إلا أن الكنيسة بعامة في هذهالمنطقة نشطة وشديدة الحيوية".. كما أشار إلى "افتتاح جناح جديد تمتإضافته لمركز مريم "ملكة السلام" لعلاج المعوقين، وإرساء حجر الأساسلجامعة اللاهوت في مادبة التي ستجمع بين المسلمين والمسيحيين الذينسيدرسون معاً كيفية التعاون لفائدة بلدهم، وهو رمز له مغزاه ليس للأردنفحسب وإنما لمنطقة الشرق الأوسط بأسرها! وكذلك إنشاء خمس كنائس جديدة وهوما يكشف عن أهمية الدور الذي ستقوم به الكنيسة في ثقافة هذا البلد" .. ثماختتم الأب لومباردي تقييمه قائلاً: "إن هذه المحصّلة توضح أن الكنيسةتتمتع بحيوية واضحة وأنها تتطلع إلى الأمام" .. أما البابا فقد أوجزهاقائلاً: "لقد تم غرس البذرة، لنأمل أن تثمر في هذه الأرض القاحلة من الشرق" ..
أماالمفاجأة التي لا تقل فداحة واقعة الحذاء الأحمر، فهي الخطاب الذي ألقاهالأمير غازي بن محمد بن طلال عند ترحيبه بالبابا داخل المسجد. والغريب أنهلم تتم الإشارة إلى مضمونه في الصحافة العربية وإنما قام موقع الفاتيكانبنشره كاملاً يوم الاثنين 11 مايو، تحت عنوان "الخطاب الذي لم يُنشرللأمير غازي" .. ومن الصعب التحدث عن كل ما جاء في هذا الخطاب، المكوّن منأربع صفحات من المغالطات وعدم الدقة في مثل هذا الحيز، لكنني أبدأبالتأكيد على أن من كتبه هو أحد قساوسة الفاتيكان وليس بمسلمٍ، وما كانعلى سمو الأمير إلا قراءته كالتلميذ "النجيب" دون حتى أن يدرك معنى ما بهمن طعنات!.. فكل فقرة من فقراته السبع وعشرين بحاجة إلى تعليق وتأنيب،لكنني سأعقّب على بعضٍ مما جاء به..
وبغضالطرف عن اعتباره زيارة البابا شرفاً للمسجد وللمسلمين، فلا يليق بمن يحتلمثل منصبه الاجتماعي والسياسي في الأردن أن يتفوه بما يمكن أن يوصفبالأكاذيب، فالبابا لم يعتذر أبداً عما بدر عنه من إهانة للمسلمين وللرسولعليه الصلاة والسلام، وإنما تأسف لغضب المسلمين من قوله، وتأسف لردودأفعالهم، والفرق جد شاسع بين الموقفين يا سمو الأمير .. فالبابا لم يعتذرمطلقاً عن خطأه في حق الإسلام والمسلمين وخاصة في حق نبيّنا الكريم وإنمايعتمد على التمويه وعلى تنازلات بعض المسلمين ..
أماأن تخطئ يا سمو الأمير في القرآن الكريم بهذا الوضوح، يا من تنتمي لرسولالله وآله الكرام، كما أوضحت للبابا، فذلك ما يضع انتماؤك للإسلاموالمسلمين محل نظر: ففي الفقرة السابعة من الخطاب ترد عبارة: "لكنالمسلمين قد شعروا بالإهانة في حبهم للنبي، الذي هو، كما يقول الله فيالقرآن المقدس، أقرب من المؤمنين من حبل الوريد " !! فأي قارئ للقرآنالكريم يدرك تماماً أن المتحدث هنا هو الله عز وجل، ويقول عن نفسه هو: أنهأقرب من عباده من حبل الوريد، وليس الرسول، فالآية تقول:
(ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسْوس بت نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) (16: ق).
وتواصلنفس الفقرة قائلة: " لذلك قدّر المسلمون بصفة خاصة الإيضاح الذي أعلنهالفاتيكان بأن ما قيل في راتسبون لم يكن يعكس رأى قداستك، وإنما كان مجرداستشهاد في خطاب أكاديمي"!! وهنا لا يسعني إلا أن أهمس في أذن سمو الأمير:أن الاستشهاد في أي بحث أكاديمي لا يقفز وحده من المرجع ليقبع تحت قلمالكاتب، وإنما الكاتب هو الذي يختار الاستشهاد بعناية لسببين لا ثالثلهما: إما أن يكون الاستشهاد يؤيد موقف الكاتب الذي يذكره كتدعيم لقولهوللأطروحة التي يعرضها، أو أن الكاتب يختاره لكي يفنده وينتقده توضيحاًوتأكيداً للرأي الذي يعرضه.. أما أن يتنصّل الكاتب تهرباً من المساءلةويلقي بوقاحة الاستشهاد على كاتبه في العصور القديمة، فذلك ما يُطلق عليهفي المجال الجامعي "الجبن العلمي" و"عدم الأمانة العلمية" و"عدم القدرةعلى المواجهة".. الخ ، ولا يستحق صاحب مثل هذا الموقف إلا أن يُلغى بحثهبجرة قلم ويُفصل من الحلقة البحثية.. فأول ما يتعلمه الطالب في الجامعة هوكيفية التعبير عن رأيه بأدب علمي له أصوله، وأن يتحمل عاقبة هذا الرأي،أما التهرب والتنصل من المسؤولية فلا مكان له بين الأمناء من طلاب العلم.
وبغضالطرف أيضاً عن كل ما استعرضه سمو الأمير على أنه إنجازات يُشكر عليهاالبابا، في حين أنها في واقع الأمر ليست إلا تنازلات فُرضت على بعضالمسلمين وقدّموها جهلاً أو عن عمد إلى المؤسسة الفاتيكانية، من قبيلاعتبار خطاب ال138 حدثاً تاريخياً، بينما هو في الواقع فضيحة علمية دينيةأن يبصُم كل هؤلاء العلماء على أننا نعبد نفس الإله، فأبسط إنسان يعلم أنالنصارى يعبدون "ربنا يسوع الميسح" الإنسان الذي تم تأليهه في مجمع نيقيةعام 325، أو الإنسان الذي عُذب وصُلب ودُفن ثلاثة أيام ثم صعد ليجلس بجوارربه، الذي هو نفسه وهو ابنه، بينما نحن فنعبد الله الواحد الأحد الذي لميلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد .. وهذه العبارة المريرة المؤسفة والتيتنص على أننا نعبد نفس الإله يتلفظ بها البابا حالياً لمواصلة الهدف الذيلا يكف عن إعلانه وهو: تنصير العالم تحت لواء كاثوليكيته!
ونفسالملاحظة المريرة حول مساواة سُموك الكتاب المقدس بالقرآن الكريم، فالقرآنالكريم لم يتبدّل منه حرف منذ أُنزل على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام،بينما الكتاب المقدس فيغص بآلاف المتناقضات والتحريف والتبديل، ويكفيسُموك الإطلاع على إعترافات القديس جيروم بما قام به في الأناجيل الأربعة،أو الإطلاع على نتائج أبحاث "ندوة عيسى" التي أثبتت أن 82% من الأقوالالمنسوبة إلى يسوع لم يتفوه بها، وأن 86% من الأعمال المنسوبة إليه لم يقمبها..
أمامن حيث المعلومات العامة وحديث سُموك عن "كنيسة القديس يعقوب"، شقيق يسوععليه السلام، فلم تكن هناك كنائس في ذلك الوقت وإنما كان الحواريونيجتمعون معه في داره للتشاور، كما كانوا يجتمعون في الأقبية ودهاليزالمقابر الجماعية حتى نهاية عصر الاضطهاد في القرن الرابع، وكل الآثارالتي راح البابا يدشنها في رحلته الحالية بنتها والدة الإمبراطور قسطنطين،في القرن الرابع الميلادي، بعدما تم إعتبار المسيحية ديانة رسميةللإمبراطورية الرومانية وتبينوا ضرورة بناء الآثار التي تدل على ماابتدعوه .. ووجود كلمة "كنيسة" في أناجيل اليوم يعتبرها العلماء من ضمنالإضافات اللاحقة.
وأخيراًوليس آخراً، فإن اسم سيدنا محمد صلوات الله عليه يُنطق ويُكتب محمّدMuhammad وليس "ما أو ميه" Mahomet كما دأب المستشرقون والكنسيون علىتحريفه منذ القرون الوسطى .. وكان الأكرم لمن هو من العائلة الهاشمية وآلالبيت أن يطالب ذلك البابا، الذي يوجه له مثل هذا الخطاب، بتصويب كتابةاسم سيدنا محمد في كافة نصوصهم، خاصة وأنهم يجيدون كتابته إذا ما تعلق بأيشخص آخر .. أما توجيه الشكر الممجوج للبابا على شجاعته الأدبية والعلميةواللاهوتية "على إعادة إدخال طقس قراءة القداس باللغة اللاتينية فيالكنائس" فلا يسعني إلا إضافة : لا حول ولا قوة إلا بالله .. اللهم لاتعليق!!.(13 مايو 2009) .
بقلم الدكتورة زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية
dr.z.abdelaziz@... (http://groups.yahoo.com/group/Nawaf_Beek/post?postID=0fqYtX5rBHiq7fAjxlrJ58yjo_L1aE1Vrni_1g LeuGjR4RmMtIk-tiA-aSrmhz2oV9EvuxfgfP32kb56C_8)
المزيد... (http://www.nawafnet.ws/msg-3305.htm)