صقر الجنوب
26/05/2009, 12:13 PM
http://www.okaz.com.sa/okaz/myfiles/authors/najeb.jpg
نجيب عصام يماني
حواجز النساء .. لا أصـل لها في الشــرع
أكد الدكتور عائض القرني لصحيفة (الاقتصادية) أنه ينبغي اختيار مكان مناسب عند بناء المساجد ليكون مصلى للنساء خاص بهن، وهذا من الأمور المستحدثة في الدين لأنه لا يجوز لهن الاقتداء بالإمام وهن في معزل عنه. ورد في كشاف القناع للبهوتي /1/494) حديث عائشة لنساء كن يصلين في حجرتها بأن لا يصلين لصلاة الإمام لأنهن دونه في حجاب، فالصلاة بحاجز صلاة غير صحيحة. فعزل النساء يمنع رؤيتهن للإمام، فالإمام إذا لم ينو إمامة النساء فلا تصح صلاتهن كما ذكره ابن الهمام في فتح القدير (1/314) والسرخسي في المبسوط (1/184). فهل تصح إمامة النساء وليس ثمة دليل على وجودهن خلف هذه الجدران الصماء ..؟ أم هل ينو الإمام إمامتهن على مجرد الشك في وجودهن خلف هذه الجدران ..؟ ومعلوم أن النية لا تنعقد ولا يصح ما انعقدت عليه من العبادة على الشك بأي حال من الأحوال. فكافة بيوت الله ـ الأصل في حقها ألا يجري فيهما من الأحكام إلا ما أنزلـه الله وبينه رسول الله. فلا تفرض أحكام في حق بيوت الله بناء على اجتهادات فردية. إن المقصد الظاهر والمتبادر إلى الذهن من وضع هذه الحواجز هو شدة الغيرة على النساء ومنع اختلاطهن بالرجال. فهل خفي مثل هذا الحال على الرسول (عليه الصلاة والسلام) ..؟! والصحيح أنه لم يخف عليه ذلك. بل كانت الغيرة تطفح بأقوال وأفعال بعض الصحابة الذين اعتزموا منع نسائهم من ارتياد المساجد حتى قال (عليه الصلاة والسلام): « لا تمنعوا إماء الله مساجد الله». ولا شك أنه من سقط الكلام وظاهر اللغو والبطلان القول بأن هذه الغيرة التي جاءت بهذه الحواجز في آخر الزمن هي أكبر وأحرص من تلك التي جاء في حقها قوله عليه الصلاة والسلام: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله». ثم إنه (عليه الصلاة والسلام) لم يأمر بما لا يعجزه من وضع هذه الحواجز لعزل النساء عن صفوف الرجال كما هو عليه الحال في هذه الأيام.
إن الغيرة على النساء وحرص البعض على منع اختلاطهن بالرجال كانت وراء وضع هذه الحواجز التي عزلت صفوف النساء عزلا تاما عن صفوف الرجال. مع أن هذا الحال من الغيرة على النساء لم يكن خافيا على الرسول (عليه الصلاة السلام).
فلم يعزلهن عن صفوف الرجال كما طالب بذلك الدكتور القرني. وما كان ليعجز الرسول (عليه الصلاة والسلام) شيء في عزلهن. ولم يكن الرسول (عليه الصلاة والسلام) في حاجة إلى توجيه الصحابة لـه ولا الانصياع لرغباتهم. فهو المبلغ عن ربه. والله ــ سبحانه وتعالى ــ هو المشرع الذي لا معقّب لحكمه. ولقد كان عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) كثيرا ما يمنع امرأته عاتكة عن المسجد فلا تمتنع حتى قالت له بإصرار ــ بعد أن أكثر عليها ــ: «والله لا أنتهي حتى تنهاني ..!!». الباجي في المنتقى (1/342). وفرض المسألة هنا أن عاتكة (رضي الله عنها) أرجعت الأمر إلى التشريع. فإن كان هناك ثمة نهي من عند المشرع ــ كأنها تقول ــ فأنا أنتهي. وإلا فلا..! ثم إن عمر (رضي الله عنه) لم ينهها ــ
رغم شدة غيرته عليها ــ لما ورد من أمره (عليه الصلاة والسلام) بالكف عن منعهن المساجد. ولو لم يكن اجتماع النساء والرجال في حيز واحد داخل المسجد دون حواجز ولا عوازل تمنع الرؤية بينهما لما كان لعزم الصحابة منع نسائهم المسجد معنى.
ولما كان لنهيه (عليه الصلاة والسلام) معنى. وكلامه (عليه الصلاة والسلام) منزه عن اللغو. ولذلك قال الصنعاني في سبل السلام (2/62) في هذا المعنى أن ـ الغيرة على النساء ـ «علة لا تتم إلا إذا كانت صلاتهن مع الرجال». وإلا لكان الحال مثل الذي يمنع امرأته من الذهاب إلى بيت أهلها ــ من الغيرة ــ وليس في البيت إلا محارمها..! ولا يقول بهذا عاقل. ولقد شط بلال بن عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما) بإصراره على منعهن المساجد رغم علمه بالحديث، حتى غضب عليه أبوه ولم يكلمه حتى مات، ذكره ابن حزم في المحلى (3/112) وأحمد في مسنده. فالشاهد أن الغيرة في مثل هذا المقام لا تحمد بل هي أمر قبيح لما تحمله من معاني الاستدراك والتعقيب على المشرع الحكيم سبحانه، ولما يكتنف ذلك من معاني التقديم بين يدي الله ورسوله بالرأي والهوى والتشهي، كما قال ابن تيمية في الفتاوى (19/72). ولقد دافع البعض عن إيجاد هذه الحواجز بما نسب إلى عائشة (رضي الله عنها) أنها قالت لو رأى الرسول (عليه الصلاة والسلام) ما فعله النساء بعده لمنعهن المساجد. وهذا المعنى مردود ــ كما قال ابن حزم في المحلى (2/173) ــ بأن الله ــ سبحانه وتعالى ــ هو المشرع لعباده، ولا يخفى على الله شيء من أحوالهم في أي زمان ولا مكان. ثم ليس في قولها (رضي الله عنها) حجة لوضع هذه الحواجز، لأنه لم يجرؤ أحد في عهدها الذي قالت فيه هذا القول ولا في عهد من جاء من بعدها، لم يجرؤ أحد على مخالفة أمر الرسول (عليه الصلاة والسلام) بالكف عن منع النساء ارتياد النساء أو وضع هذه العوازل والحواجز التي تجعلهن في حكم الممنوعات عنها كما هو الحال اليوم في المساجد التي جعلت أدوارا عليا تصلي فيها المرأة وحيدة. نسي هؤلاء أو تناسوا عامدين أن هذه الأدوار علاوة على أنها محظور شرعي فهي خطر كبير على النساء، والصفوف الأرضية للرجال إذا تقدمت عليها الصفوف العليا للنساء بطلت صلاة الرجال القائمين في الصفوف المتأخرة. ولا أدري من أين يأتي هؤلاء بهذا التشريع والذي لا أصل له في الشرع بل إن المشرع حدد لنا كيفية الصفوف في المساجد فأول الصفوف الرجال وآخرها النساء ولم يقل لنا بوضع حواجز وصبات أسمنتية كما هو حاصل اليوم وحجز النساء خلفها في تصرف لا مبرر له بحجج واهية وإسطوانة مشروخة سئمنا سماعها وكأن المرأة ما خلقت إلا للفتنة وإغواء الرجل.
فاكس/ 6975040
نجيب عصام يماني
حواجز النساء .. لا أصـل لها في الشــرع
أكد الدكتور عائض القرني لصحيفة (الاقتصادية) أنه ينبغي اختيار مكان مناسب عند بناء المساجد ليكون مصلى للنساء خاص بهن، وهذا من الأمور المستحدثة في الدين لأنه لا يجوز لهن الاقتداء بالإمام وهن في معزل عنه. ورد في كشاف القناع للبهوتي /1/494) حديث عائشة لنساء كن يصلين في حجرتها بأن لا يصلين لصلاة الإمام لأنهن دونه في حجاب، فالصلاة بحاجز صلاة غير صحيحة. فعزل النساء يمنع رؤيتهن للإمام، فالإمام إذا لم ينو إمامة النساء فلا تصح صلاتهن كما ذكره ابن الهمام في فتح القدير (1/314) والسرخسي في المبسوط (1/184). فهل تصح إمامة النساء وليس ثمة دليل على وجودهن خلف هذه الجدران الصماء ..؟ أم هل ينو الإمام إمامتهن على مجرد الشك في وجودهن خلف هذه الجدران ..؟ ومعلوم أن النية لا تنعقد ولا يصح ما انعقدت عليه من العبادة على الشك بأي حال من الأحوال. فكافة بيوت الله ـ الأصل في حقها ألا يجري فيهما من الأحكام إلا ما أنزلـه الله وبينه رسول الله. فلا تفرض أحكام في حق بيوت الله بناء على اجتهادات فردية. إن المقصد الظاهر والمتبادر إلى الذهن من وضع هذه الحواجز هو شدة الغيرة على النساء ومنع اختلاطهن بالرجال. فهل خفي مثل هذا الحال على الرسول (عليه الصلاة والسلام) ..؟! والصحيح أنه لم يخف عليه ذلك. بل كانت الغيرة تطفح بأقوال وأفعال بعض الصحابة الذين اعتزموا منع نسائهم من ارتياد المساجد حتى قال (عليه الصلاة والسلام): « لا تمنعوا إماء الله مساجد الله». ولا شك أنه من سقط الكلام وظاهر اللغو والبطلان القول بأن هذه الغيرة التي جاءت بهذه الحواجز في آخر الزمن هي أكبر وأحرص من تلك التي جاء في حقها قوله عليه الصلاة والسلام: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله». ثم إنه (عليه الصلاة والسلام) لم يأمر بما لا يعجزه من وضع هذه الحواجز لعزل النساء عن صفوف الرجال كما هو عليه الحال في هذه الأيام.
إن الغيرة على النساء وحرص البعض على منع اختلاطهن بالرجال كانت وراء وضع هذه الحواجز التي عزلت صفوف النساء عزلا تاما عن صفوف الرجال. مع أن هذا الحال من الغيرة على النساء لم يكن خافيا على الرسول (عليه الصلاة السلام).
فلم يعزلهن عن صفوف الرجال كما طالب بذلك الدكتور القرني. وما كان ليعجز الرسول (عليه الصلاة والسلام) شيء في عزلهن. ولم يكن الرسول (عليه الصلاة والسلام) في حاجة إلى توجيه الصحابة لـه ولا الانصياع لرغباتهم. فهو المبلغ عن ربه. والله ــ سبحانه وتعالى ــ هو المشرع الذي لا معقّب لحكمه. ولقد كان عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) كثيرا ما يمنع امرأته عاتكة عن المسجد فلا تمتنع حتى قالت له بإصرار ــ بعد أن أكثر عليها ــ: «والله لا أنتهي حتى تنهاني ..!!». الباجي في المنتقى (1/342). وفرض المسألة هنا أن عاتكة (رضي الله عنها) أرجعت الأمر إلى التشريع. فإن كان هناك ثمة نهي من عند المشرع ــ كأنها تقول ــ فأنا أنتهي. وإلا فلا..! ثم إن عمر (رضي الله عنه) لم ينهها ــ
رغم شدة غيرته عليها ــ لما ورد من أمره (عليه الصلاة والسلام) بالكف عن منعهن المساجد. ولو لم يكن اجتماع النساء والرجال في حيز واحد داخل المسجد دون حواجز ولا عوازل تمنع الرؤية بينهما لما كان لعزم الصحابة منع نسائهم المسجد معنى.
ولما كان لنهيه (عليه الصلاة والسلام) معنى. وكلامه (عليه الصلاة والسلام) منزه عن اللغو. ولذلك قال الصنعاني في سبل السلام (2/62) في هذا المعنى أن ـ الغيرة على النساء ـ «علة لا تتم إلا إذا كانت صلاتهن مع الرجال». وإلا لكان الحال مثل الذي يمنع امرأته من الذهاب إلى بيت أهلها ــ من الغيرة ــ وليس في البيت إلا محارمها..! ولا يقول بهذا عاقل. ولقد شط بلال بن عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما) بإصراره على منعهن المساجد رغم علمه بالحديث، حتى غضب عليه أبوه ولم يكلمه حتى مات، ذكره ابن حزم في المحلى (3/112) وأحمد في مسنده. فالشاهد أن الغيرة في مثل هذا المقام لا تحمد بل هي أمر قبيح لما تحمله من معاني الاستدراك والتعقيب على المشرع الحكيم سبحانه، ولما يكتنف ذلك من معاني التقديم بين يدي الله ورسوله بالرأي والهوى والتشهي، كما قال ابن تيمية في الفتاوى (19/72). ولقد دافع البعض عن إيجاد هذه الحواجز بما نسب إلى عائشة (رضي الله عنها) أنها قالت لو رأى الرسول (عليه الصلاة والسلام) ما فعله النساء بعده لمنعهن المساجد. وهذا المعنى مردود ــ كما قال ابن حزم في المحلى (2/173) ــ بأن الله ــ سبحانه وتعالى ــ هو المشرع لعباده، ولا يخفى على الله شيء من أحوالهم في أي زمان ولا مكان. ثم ليس في قولها (رضي الله عنها) حجة لوضع هذه الحواجز، لأنه لم يجرؤ أحد في عهدها الذي قالت فيه هذا القول ولا في عهد من جاء من بعدها، لم يجرؤ أحد على مخالفة أمر الرسول (عليه الصلاة والسلام) بالكف عن منع النساء ارتياد النساء أو وضع هذه العوازل والحواجز التي تجعلهن في حكم الممنوعات عنها كما هو الحال اليوم في المساجد التي جعلت أدوارا عليا تصلي فيها المرأة وحيدة. نسي هؤلاء أو تناسوا عامدين أن هذه الأدوار علاوة على أنها محظور شرعي فهي خطر كبير على النساء، والصفوف الأرضية للرجال إذا تقدمت عليها الصفوف العليا للنساء بطلت صلاة الرجال القائمين في الصفوف المتأخرة. ولا أدري من أين يأتي هؤلاء بهذا التشريع والذي لا أصل له في الشرع بل إن المشرع حدد لنا كيفية الصفوف في المساجد فأول الصفوف الرجال وآخرها النساء ولم يقل لنا بوضع حواجز وصبات أسمنتية كما هو حاصل اليوم وحجز النساء خلفها في تصرف لا مبرر له بحجج واهية وإسطوانة مشروخة سئمنا سماعها وكأن المرأة ما خلقت إلا للفتنة وإغواء الرجل.
فاكس/ 6975040