سامي المالكي
20/06/2009, 09:16 AM
البيضاني.. بصمة راسخة في عالم الشعر
مرضه كشف مستوى النظرة الأفقية لدى أقطاب الموروث الجنوبي
عندما تسلل المرض فجأة إلى جسد الشاعر الجنوبي المخضرم عبد الله البيضاني، صمت الموروث الجنوبي وسادته موجة تشاؤم أدت إلى توقف إيقاعاته الجميلة في لحظات ترقب أشبه ما تكون بلحظات المراجعة الذاتية لكل أبعاد هذا الموروث الجميل، فالمرض الذي ألزم البيضاني على السرير الأبيض أسابيع كان بمثابة محطة لترتيب الأوراق وإعادة العلاقات المتجمدة أحيانا بين الموروث كطرف وبين جماهيره وشعرائه كطرف آخر. وسر كل هذا يكمن في التأثير الكبير الذي يلعبه هذا الشاعر في الساحة الشعرية. وليس من باب المبالغة أو المغالاة أيضا إن قلنا إن الشاعر البيضاني يمثل حجر زاوية متين في الموروث الجنوبي بما قدمه خلال ثلاثة عقود ماضية من إبداع قصائدي جعل من وجوده في المحافل العرضوية علامة فارقة لا يمكن لأحد تجاهلها أو نكرانها لما يمتلكه من المقومات الخارقة التي تتوافق مع متطلبات الموروث الجنوبي، فالقريحة الجامحة التي يمتلكها البيضاني كفيلة بانتزاع اعترافات البصمة من كافة شعراء الموروث ومتابعيه أيضا بأنه شاعر البدع والرد الأول بل دكتور الرد الذي يأتي بما لا يأتي به غيره من عمق وبعد في المعنى وقوة في المبنى إلى جانب نبرة صوته الفخمة التي تزيد من إيقاعات هذا الموروث وتشعل المنصات الجماهيرية التي طالما رددت معه القصائد وتغنت بأبياته الشعرية ليتفق الجميع على أن هذا الشاعر يمثل ((كارثة شعرية)) لا يمكن تكرارها، وسر هذا المسمى كما يروق للبعض إطلاقه على البيضاني كون أن الكوارث دائما ما تقلب الموازين، وهذا ما يفعله البيضاني بالفعل فهو قادر على قلب الموازين في ردوده الشعرية على قصائد البدع من زملائه الشعراء لكونه يمتلك خيالا واسعا يستطيع من خلاله التحليق في فضاء رحب من الصور الشعرية البليغة والعميقة.
وفي الوقت الذي لم تجد فيه قرائح الشعراء بقصيدة وفاء في هذا الرمز الشعري، إبان أزمته المرضية وخصوصا ممن أمضوا سنوات طويلة معه في ميادين الشعر وساحات العرضة الجنوبية برز الجيل الجديد من الشعراء ليسجل قمة وفائه إلى رمز الشعر، فكانت قصيدة الشاعر عبد الله بن عقاب الذبياني في حفلة مكة الشهيرة، التي استعرض فيها سيرة هذا الشاعر الشعرية خلال كل تلك السنوات وإنجازه الأدبي والشعبي في قصيدة عصماء حملت دعوات الشفاء العاجل للبيضاني ولامست قلوب الجماهير التي تعطشت للوفاء بين المتنافسين ووضعت أيديها على قلوبها خوفا على صوت البيضاني من صمت وانقطاع فتفاعلت بكل جنون مع أبيات الذبياني، التي كانت واقعية وصادقة تجاه شاعر كبير له جماهيريته الجارفة. ذلك الوفاء من الشاعر الذبياني قوبل بجفاء من بعض الشعراء الذين حولوا مسيرة تلك الحفلة إلى فوضى عارمة من خلال الهجوم غير المبرر على قصيدة الوفاء، لكنهم بحيلهم الشعرية ألبسوا نكرانهم الوفاء جلباب (الشخصنة) فهاجموا شخص الشاعر الذبياني وهم يتدثرون جلباب إياك أعني وأفهمي يا جارة، وهذا ما كشف لنا فعلا أن الموروث لا زال يئن تحت وطأة الإسفاف لدى البعض، وهو الأمر الذي نرفضه وترفضه كل الجماهير المتذوقة للموروث.
إننا جميعا عندما نلتف حول الموروث في كل المناسبات، يجب أن نلتف أيضا حول رموزه أيضا في كل المناسبات، ولعل هذا أقل ما يمكن تقديمه لهم، لاسيما في الأتراح التي تكون الوقفة فيها عن مئات من وقفات الأفراح، فالمشاركة الوجدانية والأخوية للمصاب تجعل من مصابه رحمة وتزيد من رباطة الجأش وتبعث فيه روح الانتماء الحقيقي للموروث.
نحن بحاجة إلى نظرة أفقية تتساوى عندها خطوط العلاقات وتذوب معها كل حواجز الاختلاف والخلاف، لاسيما في الأزمات التي تلوح سحبها فجأة في سمائنا دونما بوادر إنذار مسبق، فالمؤمل أن يكون الجميع في خندق خدمة هذا الموروث الجنوبي الجميل، ولعل من حسن الطالع تماثل الشاعر البيضاني للشفاء ونحن على أبواب انطلاقة موسم شعري صيفي سيكون فرصة سانحة للجميع لإعادة الروح إلى الموروث من خلال إعادة ترتيب أوراق الشعراء الذين يمثلون العمود الفقري لهذا الموروث.
منقول - جريدة عكــاظ
مرضه كشف مستوى النظرة الأفقية لدى أقطاب الموروث الجنوبي
عندما تسلل المرض فجأة إلى جسد الشاعر الجنوبي المخضرم عبد الله البيضاني، صمت الموروث الجنوبي وسادته موجة تشاؤم أدت إلى توقف إيقاعاته الجميلة في لحظات ترقب أشبه ما تكون بلحظات المراجعة الذاتية لكل أبعاد هذا الموروث الجميل، فالمرض الذي ألزم البيضاني على السرير الأبيض أسابيع كان بمثابة محطة لترتيب الأوراق وإعادة العلاقات المتجمدة أحيانا بين الموروث كطرف وبين جماهيره وشعرائه كطرف آخر. وسر كل هذا يكمن في التأثير الكبير الذي يلعبه هذا الشاعر في الساحة الشعرية. وليس من باب المبالغة أو المغالاة أيضا إن قلنا إن الشاعر البيضاني يمثل حجر زاوية متين في الموروث الجنوبي بما قدمه خلال ثلاثة عقود ماضية من إبداع قصائدي جعل من وجوده في المحافل العرضوية علامة فارقة لا يمكن لأحد تجاهلها أو نكرانها لما يمتلكه من المقومات الخارقة التي تتوافق مع متطلبات الموروث الجنوبي، فالقريحة الجامحة التي يمتلكها البيضاني كفيلة بانتزاع اعترافات البصمة من كافة شعراء الموروث ومتابعيه أيضا بأنه شاعر البدع والرد الأول بل دكتور الرد الذي يأتي بما لا يأتي به غيره من عمق وبعد في المعنى وقوة في المبنى إلى جانب نبرة صوته الفخمة التي تزيد من إيقاعات هذا الموروث وتشعل المنصات الجماهيرية التي طالما رددت معه القصائد وتغنت بأبياته الشعرية ليتفق الجميع على أن هذا الشاعر يمثل ((كارثة شعرية)) لا يمكن تكرارها، وسر هذا المسمى كما يروق للبعض إطلاقه على البيضاني كون أن الكوارث دائما ما تقلب الموازين، وهذا ما يفعله البيضاني بالفعل فهو قادر على قلب الموازين في ردوده الشعرية على قصائد البدع من زملائه الشعراء لكونه يمتلك خيالا واسعا يستطيع من خلاله التحليق في فضاء رحب من الصور الشعرية البليغة والعميقة.
وفي الوقت الذي لم تجد فيه قرائح الشعراء بقصيدة وفاء في هذا الرمز الشعري، إبان أزمته المرضية وخصوصا ممن أمضوا سنوات طويلة معه في ميادين الشعر وساحات العرضة الجنوبية برز الجيل الجديد من الشعراء ليسجل قمة وفائه إلى رمز الشعر، فكانت قصيدة الشاعر عبد الله بن عقاب الذبياني في حفلة مكة الشهيرة، التي استعرض فيها سيرة هذا الشاعر الشعرية خلال كل تلك السنوات وإنجازه الأدبي والشعبي في قصيدة عصماء حملت دعوات الشفاء العاجل للبيضاني ولامست قلوب الجماهير التي تعطشت للوفاء بين المتنافسين ووضعت أيديها على قلوبها خوفا على صوت البيضاني من صمت وانقطاع فتفاعلت بكل جنون مع أبيات الذبياني، التي كانت واقعية وصادقة تجاه شاعر كبير له جماهيريته الجارفة. ذلك الوفاء من الشاعر الذبياني قوبل بجفاء من بعض الشعراء الذين حولوا مسيرة تلك الحفلة إلى فوضى عارمة من خلال الهجوم غير المبرر على قصيدة الوفاء، لكنهم بحيلهم الشعرية ألبسوا نكرانهم الوفاء جلباب (الشخصنة) فهاجموا شخص الشاعر الذبياني وهم يتدثرون جلباب إياك أعني وأفهمي يا جارة، وهذا ما كشف لنا فعلا أن الموروث لا زال يئن تحت وطأة الإسفاف لدى البعض، وهو الأمر الذي نرفضه وترفضه كل الجماهير المتذوقة للموروث.
إننا جميعا عندما نلتف حول الموروث في كل المناسبات، يجب أن نلتف أيضا حول رموزه أيضا في كل المناسبات، ولعل هذا أقل ما يمكن تقديمه لهم، لاسيما في الأتراح التي تكون الوقفة فيها عن مئات من وقفات الأفراح، فالمشاركة الوجدانية والأخوية للمصاب تجعل من مصابه رحمة وتزيد من رباطة الجأش وتبعث فيه روح الانتماء الحقيقي للموروث.
نحن بحاجة إلى نظرة أفقية تتساوى عندها خطوط العلاقات وتذوب معها كل حواجز الاختلاف والخلاف، لاسيما في الأزمات التي تلوح سحبها فجأة في سمائنا دونما بوادر إنذار مسبق، فالمؤمل أن يكون الجميع في خندق خدمة هذا الموروث الجنوبي الجميل، ولعل من حسن الطالع تماثل الشاعر البيضاني للشفاء ونحن على أبواب انطلاقة موسم شعري صيفي سيكون فرصة سانحة للجميع لإعادة الروح إلى الموروث من خلال إعادة ترتيب أوراق الشعراء الذين يمثلون العمود الفقري لهذا الموروث.
منقول - جريدة عكــاظ