د/ أبو عبدالمحسن
09/07/2009, 01:48 PM
السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه –:
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ، وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ، إِذْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْض: (أَيُّكُمْ يَجِيءُ بِسَلَى جَزُورِ بَنِي فُلَانٍ فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ)، فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ فَجَاءَ بِهِ فَنَظَرَ حَتَّى سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ لَا أُغْنِي شَيْئًا لَوْ كَانَ لِي مَنَعَةٌ، قَالَ: فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ وَيُحِيلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، حَتَّى جَاءَتْهُ فَاطِمَةُ فَطَرَحَتْ عَنْ ظَهْرِهِ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ"، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ إِذْ دَعَا عَلَيْهِمْ، قَالَ: وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الدَّعْوَةَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ مُسْتَجَابَةٌ، ثُمَّ سَمَّى "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ وَعَلَيْكَ بِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ"، وَعَدَّ السَّابِعَ فَلَمْ يَحْفَظْ، قَالَ: (فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ عَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرْعَى فِي الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ).
* رواهـ الـبـخـاري.
(فتح الباري بشرح صحيح البخاري)
قَوْله: (عَلَيْك بِقُرَيْش):
أَيْ: بِإِهْلَاك قُرَيْش، وَالْمُرَاد: الْكُفَّار مِنْهُمْ، أَوْ مَنْ سَمَّى مِنْهُمْ فَهُوَ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوص.
قَوْله: (ثَلَاث مَرَّات):
كَرَّرَهُ إِسْرَائِيل فِي رِوَايَتِهِ لَفْظًا لَا عَدَدًا، وَزَادَ مُسْلِم فِي رِوَايَةِ زَكَرِيَّا "وَكَانَ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا".
فائدة:
1/ مَعْرِفَة الْكُفَّار بِصِدْقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِخَوْفِهِمْ مِنْ دُعَائِهِ.
2/ حِلْمُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّنْ آذَاهُ.
3/ اِسْتِحْبَابُ الدُّعَاءِ ثَلَاثًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْعِلْمِ اِسْتِحْبَاب السَّلَامِ ثَلَاثًا وَغَيْر ذَلِكَ.
4/ جَوَازُ الدُّعَاءِ عَلَى الظَّالِمِ، لَكِنْ قَالَ بَعْضهمْ: مَحَلُّهُ مَا إِذَا كَانَ كَافِرًا فَأَمَّا الْمُسْلِمُ فَيُسْتَحَبُّ الِاسْتِغْفَارُ لَهُ وَالدُّعَاءُ بِالتَّوْبَةِ.
5/ قُوَّةُ نَفْسِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ مِنْ صِغَرِهَا لِشَرَفِهَا فِي قَوْمِهَا وَنَفْسِهَا، لِكَوْنِهَا صَرَخَتْ بِشَتْمِهِمْ وَهُمْ رُءُوس قُرَيْش فَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهَا.
وَقَالَ النَّوَوِيّ:
الْجَوَابُ الْمَرْضِيُّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْلَمْ مَا وُضِعَ عَلَى ظَهْرِهِ فَاسْتَمَرَّ فِي سُجُودِهِ اِسْتِصْحَابًا لِأَصْلِ الطَّهَارَةِ.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِنَا بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ.
وَأَجَابَ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ إِنَّمَا تَجِبُ فِي الْفَرِيضَةِ، فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهَا فَرِيضَةٌ فَالْوَقْت مُوَسَّع فَلَعَلَّهُ أَعَادَ.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ أَعَادَ لَنُقِلَ وَلَمْ يُنْقَلْ وَبِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُقِرُّهُ عَلَى التَّمَادِي فِي صَلَاةٍ فَاسِدَةٍ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ خَلَعَ نَعْلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، لِأَنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَهُ أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا.
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ بِمَا أُلْقِيَ عَلَى ظَهْرِهِ أَنَّ فَاطِمَة ذَهَبَتْ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ وَعَقَّبَ هُوَ صَلَاته بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وأسأل الله لي ولكم التوفيق
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه –:
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ، وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ، إِذْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْض: (أَيُّكُمْ يَجِيءُ بِسَلَى جَزُورِ بَنِي فُلَانٍ فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ)، فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ فَجَاءَ بِهِ فَنَظَرَ حَتَّى سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ لَا أُغْنِي شَيْئًا لَوْ كَانَ لِي مَنَعَةٌ، قَالَ: فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ وَيُحِيلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، حَتَّى جَاءَتْهُ فَاطِمَةُ فَطَرَحَتْ عَنْ ظَهْرِهِ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ"، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ إِذْ دَعَا عَلَيْهِمْ، قَالَ: وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الدَّعْوَةَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ مُسْتَجَابَةٌ، ثُمَّ سَمَّى "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ وَعَلَيْكَ بِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ"، وَعَدَّ السَّابِعَ فَلَمْ يَحْفَظْ، قَالَ: (فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ عَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرْعَى فِي الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ).
* رواهـ الـبـخـاري.
(فتح الباري بشرح صحيح البخاري)
قَوْله: (عَلَيْك بِقُرَيْش):
أَيْ: بِإِهْلَاك قُرَيْش، وَالْمُرَاد: الْكُفَّار مِنْهُمْ، أَوْ مَنْ سَمَّى مِنْهُمْ فَهُوَ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوص.
قَوْله: (ثَلَاث مَرَّات):
كَرَّرَهُ إِسْرَائِيل فِي رِوَايَتِهِ لَفْظًا لَا عَدَدًا، وَزَادَ مُسْلِم فِي رِوَايَةِ زَكَرِيَّا "وَكَانَ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا".
فائدة:
1/ مَعْرِفَة الْكُفَّار بِصِدْقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِخَوْفِهِمْ مِنْ دُعَائِهِ.
2/ حِلْمُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّنْ آذَاهُ.
3/ اِسْتِحْبَابُ الدُّعَاءِ ثَلَاثًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْعِلْمِ اِسْتِحْبَاب السَّلَامِ ثَلَاثًا وَغَيْر ذَلِكَ.
4/ جَوَازُ الدُّعَاءِ عَلَى الظَّالِمِ، لَكِنْ قَالَ بَعْضهمْ: مَحَلُّهُ مَا إِذَا كَانَ كَافِرًا فَأَمَّا الْمُسْلِمُ فَيُسْتَحَبُّ الِاسْتِغْفَارُ لَهُ وَالدُّعَاءُ بِالتَّوْبَةِ.
5/ قُوَّةُ نَفْسِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ مِنْ صِغَرِهَا لِشَرَفِهَا فِي قَوْمِهَا وَنَفْسِهَا، لِكَوْنِهَا صَرَخَتْ بِشَتْمِهِمْ وَهُمْ رُءُوس قُرَيْش فَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهَا.
وَقَالَ النَّوَوِيّ:
الْجَوَابُ الْمَرْضِيُّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْلَمْ مَا وُضِعَ عَلَى ظَهْرِهِ فَاسْتَمَرَّ فِي سُجُودِهِ اِسْتِصْحَابًا لِأَصْلِ الطَّهَارَةِ.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِنَا بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ.
وَأَجَابَ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ إِنَّمَا تَجِبُ فِي الْفَرِيضَةِ، فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهَا فَرِيضَةٌ فَالْوَقْت مُوَسَّع فَلَعَلَّهُ أَعَادَ.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ أَعَادَ لَنُقِلَ وَلَمْ يُنْقَلْ وَبِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُقِرُّهُ عَلَى التَّمَادِي فِي صَلَاةٍ فَاسِدَةٍ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ خَلَعَ نَعْلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، لِأَنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَهُ أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا.
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ بِمَا أُلْقِيَ عَلَى ظَهْرِهِ أَنَّ فَاطِمَة ذَهَبَتْ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ وَعَقَّبَ هُوَ صَلَاته بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وأسأل الله لي ولكم التوفيق