المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أزمة الأمة ويوم عاشوراء


موسى محمد هجاد الزهراني
04/02/2005, 03:55 PM
أزمة الأمة _ عاشوراء

‏ الجمعة‏، 08‏ محرم‏، 1423

أيها المسلمون:

هذا عام جديد يدخل على أمة الإسلام وهي في قمة أزماتها الكثيرة التي كل واحدة منها أعجب من الأخرى .. ولقد مر بها في تاريخها الطويل أزمات كثر .. لكنها اليوم

أشد من كل سابقاتها! لأن الدين نفسه قد تزعزع في نفوس الناس ..هذا هو السبب ..

تخلخلت العقيدة في القلوب فأصبح الشك في صلاحية الإسلام! وحصل الانبهار بحضارة الغرب وصار الإعجاب بإنجازات الكافر, وفتح باب الاستيراد من الغرب على مصراعيه: نستورد السيارات والأجهزة والأدوات والأثاث ونستورد معه الأخلاق والسلوك والأفكار بل وحتى العقائد ونُظُم الحكم والتشريع! فأصبح هناك مسافات بعيدة جداً بين الإسلام الصحيح وبين واقع المسلمين! عبادات الناس قد تغيرت, أخلاقهم تغيرت, سلوكهم تغير, بل دينهم تغير –والعياذ بالله-, خلت حياة الناس من الروح, وأصبحت الحياة كلها تقاليد موروثة يحافظ عليها من أجل أنها تقاليد، لا من أجل أنه دين, فالعبادة تقاليد, والسلوك تقاليد, وحجاب المرأة -الذي صار كل يوم يتقلص- تقاليد, وقضية العرض – في بعض المجتمعات - أيضاً أصبحت تقاليد!.

لقد عرف العدو في هذه المرة: كيف يغزو العالم الإسلامي؟! لم يستخدم في هذه المرة الدبابات ولا قاذفات النار عبر القارات! إلا على بعض بلاد الإسلام تحت دعاوى فارغة ولكنه استخدم ما يسمى بـ"الغزو الفكري"! على جميع بلاد الإسلام ترك الغزو الفضائي والغزو البري, وأحكم قبضته على العالم الإسلامي بالغزو الفكري, وهو: أن يسلط على المسلمين فكره وخلقه وسلوكه, الغزو الفكري: أن يقتنع المسلمون وأن يُقنَع مجتمعات المسلمين بكل ما لديه, الغزو الفكري: أن يجعلك تنظر للغرب بأنه هو الأعلى وأنه هو الأكمل وأن ما عنده هو الأحسن، وتشعر في قرارة نفسك بالذلة والمهانة! فإذا ما حصل هذا, وقد حصل كل هذا, وأكثر من ذلك مع كل أسف؛ سلم المسلمون ديارهم وأموالهم للغرب يلعبون فيه كيفما شاءوا, ويأخذون ما شاءوا, دون حسيب ولا رقيب, وصارت خيرات هذه الأمة تستـنـزف لتصب في جيوب وبطون أعدائها!.

وهل توصل الغرب -يا عباد الله- إلى ما توصل إليه في يوم وليلة؟ بالتأكيد: أنه لا, لكن الأهم من هذا: معرفة بعض طرقه الذي استخدمها للتوصل لمراده!

من هذه الطرق والوسائل: أنه سُلِّط على العالم الإسلامي إعلامٌ متكامل, مقروءاً ومسموعاً ومشاهداً, وكله يصب في قناة واحدة؛ تقبُّل فكر وخلق وسلوك الغرب وإظهاره بمظهر الأفضل, وانتقاد كل ما له تعلق بالدين من جهة أخرى!.

مرة؛ عبر مقالة لمن يهوى القراءة, ومرة عبر أغنية لمن يهوى الاستماع, ومرة بل ومرات عبر تمثيليات ومسرحيات ساقطة تقوم على العشق والحب والغرام, وتهدم أخلاق وقيم الإسلام في نفوس الناشئة الذين يتلَقَّوْن هذا السيل الجارف!.

ورغم كل ما خرب الغربُ وهدم ودمر في ديار المسلمين لم يقتنع بعد وصار بعد كل فترة يخرج لنا بجديد لإيصال نتنه وزبالة فكره وخلقه لمجتمعات المسلمين! وخرج لنا في السنوات الأخيرة بهذه الأطباق التي وضعها عدد غير قليل من المسلمين فوق بيوتهم إعجاباً بها وانبهاراً بما تنقله وتدخله في كل بيت! فأصبح الغرب وهو في مكانه وعبر هذه القنوات يدخل في بيوت المسلمين ما يشاء من فكر وخلق وسلوك ودين, لا يمر على رقابة إعلامية ولا غير إعلامية, ويربي كل من في هذه البيوت التربية التي يريدها!.

واليوم جاءت شبكات الإنترنت بالإباحية والعري الفاضح! وقد بلغ عدد المواقع الإباحية على هذه الشبكة أكثر من مليون موقع! أكثر من نصفها تهتم بالشذوذ والرذيلة والعياذ بالله!

إن هذه الشبكات بوضعها الحالي تمثل خطراً داهماً على دين الأمة وعقيدتها وأخلاقها وعاداتها!.

وها مقاهي الإنترنت المنتشرة في كل شارع وزاوية إلا أوكار للفساد وبيوت للدعارة!.

فتأملوا إلى أي حد وصل بعض التجار النفعيين عندنا حتى بدؤوا يتاجرون بدين الأمة وأخلاق شبابها بل وشاباتها! وأظن أن بعض أولياء الأمور لا يعلمون أن هناك عدداً من المشاغل النسائية بدأت بتجهيز غرفة خاصة لمن تريد أن تستخدم شبكة الإنترنت! وأصبحت المشاغل أشبه ما تكون بالمنتديات لتجميع الفتيات‍ ،والأب يظن أنها ذهبت للمشغل من أجل إصلاح ملابسها ولم يعلم أنها ذهبت لتذبح أخلاقها وتقتل حياءها!.

أيها المسلمون: وإذا كانت شبكات الإنترنت تشكل خطراً أخلاقياً على المجتمعات الكافرة الإباحية فما بالك بمجتمعاتنا؟! ففي أمريكا تقول إحصائيتهم: أن نسبة 70% من مستخدمي هذه الشبكات يستخدمونها لأغراض جنسية ! هذا وهم في مجتمع متفسخ يجدون الجنس في شوارعهم, وفي واقع حياتهم أكثر من وجوده على الشبكة! فما هي النسبة المتوقعة في مثل مجتمعاتنا؟.

أيها المسلمون: يتوقع –إن لم يتغمدنا الله جل وتعالى بلطفه وبرحمته- أنه في خلال سنوات قليلة يتم غسل أدمغة شباب وشابات الأمة من أبناء المسلمين غسيلاً فكرياً كاملاً؛ يعجبون بكل ما عند الغرب, وتربيهم هذه الدشوش وهذه الشبكات على قلة الحياء وضعف الخلق واللامبالاة ويحرك فيهم الغرائز الجنسية فيخرج علينا جيل ينادي بالإباحية ويحارب الفضيلة كما حصل تماماً في بعض البلدان الإسلامية من قبل ومن بعد! وصار أبناء البلد هم الذين يحاربون الدين والخلق والفضيلة وهم الذين يطالبون أن تخرج المرأة، وهم الذين ينادون ويقولون: أحكام الإسلام فيها شدة. وهم الذين يبحثون عمن يبيح لهم ما حرم الله!

أسألكم –أيها الأحبة- مَن الذي يكتب في هذه المرحلة ويطالِب –مثلاً- بعمل المرأة؟

أليسوا ممن هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا؟

من الذي ينادي بأن تقود المرأة السيارة في بلادنا؟

من الذي يطالب بفتح أندية رياضية للنساء؟

أهم اليهود؟ أهم النصارى؟

إنهم ممن يدعي الإسلام بل وتحت مظلة الإسلام يحارب الدين وأهله!

لقد نجح العدو في هذه المرة بأن جعل أبناء البلد هم الذين يتكلمون بلسانه، ويعبرون عما يريد وتحت لافتة: "في ظل الضوابط الشرعية" –زعموا-‍.

إنها -أيها الأحبة- أزمة حادة وأية أزمة!

أضف إلى ذلك بأنه لم يغب عن بال أعداء الشريعة وخصوم الملة غطاء رسمي آخر! وتسألني ما هو هذا الغطاء الرسمي الآخر؟

إن صح التعبير: أوجدوا ما يسمى بمشايخ الشاشة ومفتي الفضائيات! أباحوا للناس – والعياذ بالله- أموراً محرمة معلومة من الدين بالضرورة! فهذا يفتي بإباحة الغناء, وآخر يفتي بإباحة أكل الربا من خلال أخذ الفوائد البنكية, وثالث ورابع وعاشر... فتميع أحكام الدين بسبب "مشايخ الفضائيات"!

أيها المسلمون: ثم هذه الجرائم الأخلاقية التي تزعجنا بأخبارها يومياً، وهذه المشاكل التي أيضاً نسمعها يومياً في مجمَّعات تجارية وفي أسواق عامة، وما يحصل بين البنين والبنات ما هي إلا بعض آثار هذه القنوات وهذه الفضائيات, وما هي إلا إرهاصات وإنذار بشيء أخطر من ذلك لا يحمد عقباه –إن لم يتغمدنا الله جل وجلاله برحمته- نسأل الله جل وتعالى الستر والعافية!

أيها المسلمون: إنها حقاً أزمة حادة بل أزمات, يحمل همها العلماء الربانيون, ويحمل همها الدعاة المخلصون, ويحمل همها طلاب العلم العاملون والصالحون الطيبون من أمثالكم, فالوضع بحاجة إلى تكاتف الجميع وشعور الجميع بالمسؤولية وأن نبدأ بإصلاح أنفسنا وبيوتنا وأن نهتم وأن نتابع أولادنا وبناتنا بكل دقة, والثقة الزائدة تكون في كثير من الأحيان سلبية بل مهلكة ومظنة الانحراف والله المستعان.

فنسأل الله العظيم أن يرد عنا كيد أعدائنا وأن يبصرنا بأمور ديننا وأن يثبتنا على الدين حتى نلقاه إنه على كل شيء قدير ..

















الثانية

فقد أظلّنا أيها الإخوة والأخوات شهر عظيم مبارك هو شهر الله المحرّم أول شهور السنّة الهجرية وأحد الأشهر الحُرُم التي قال الله فيها: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ.. الآية [سورة التوبة].

وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ)) رواه البخاري.

والمحرم سمي بذلك لكونه شهرا محرما وتأكيدا لتحريمه.

وعن ابن عباس في قوله تعالى: فلا تظلموا فيهن أنفسكم في كلهن، ثم اختص من ذلك أربعة أشهر، فجعلهن حراما وعظم حرماتهن، وجعل الذنب فيهن أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم، وقال قتادة في قوله: فلا تظلمـوا فيهن أنفسكم "إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرا من الظلم فيما سواها. وإن كان الظلم على كل حال عظيما، ولكن الله يعظّم من أمره ما يشاء وقال: إن الله اصطفى صفايا من خلقه: اصطفى من الملائكة رسلا، ومن الناس رسلا، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالي ليلة القدر، فعظموا ما عظم الله. فإنما تعظيم الأمور بما عظمها الله به عند أهل الفهم وأهل العقل".

ومن أفضل العبادات في هذا الشهر الاكثار من الصيام فيه كما ورد الترغيب فيه

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ)) رواه مسلم ..

والمقصود صيام أكثره لأنه لا يصام شهر كامل إلا رمضان ..

وفي هذا الشهر يوم عظيم قد صامه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورغب في صيامه وفيه مشاركة وجدانية لأنبياء الله قبلنا كموسى عليه السلام ونوح .. وهذا اليوم هو يوم عاشوراء .. عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: ((مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلاّ هَذَا الْيَوْمَ: يَوْمَ عَاشُورَاءَ)) وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((صيام يوم عاشوراء، إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله)) صحيح الجامع 3853.

وهذا من فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة، والله ذو الفضل ..

وفيه مخالفة لليهود المغضوب عليهم .. فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: ((قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ. هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ. فَصَامَهُ مُوسَى. قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ. فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ) ورواه الإمام أحمد بزيادة : " وهو اليوم الذي استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح شكرا " .

وعاشوراء هو اليوم العاشر من هذا الشهر .. وصيامه علة مراتب فإما أن يصام يوم قبله وهو تاسوعاء لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِع.َ قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ و يصام يوم بعده .. أو يصام يوم قبله أو يصام مفرداً ولا بأس بذلك ..

و صيام المسلمين ليوم عاشوراء لا علاقة له بمقتل الحسين أبداً كما يدعي بذلك بعض الفرق الضالة المنحرفة عن منهج أهل السنة، .

لقد بالغ الرافضة في يوم عاشوراء، فوضعوا أحاديث كثيرة كذباً فاحشاً من كون الشمس كسفت يوم قتله حتى بدت النجوم، وما رفع حجر إلا وجد تحته دماً، وأن أرجاء السماء احمرت، وأن الكواكب ضرب بعضها بعضاً، وأن الشمس كانت تطلع وشعاعها كأنه الدم، وأن الأرض أظلمت ثلاثة أيام، وأن الإبل التي غنموها من إبل الحسين حين طبخوها صار لحمها مثل العلقم، إلى غير ذلك من الأكاذيب والأحاديث الموضوعة التي لا يصح منها شيء.

قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: فصارت طائفة جاهلة ظالمة إما ملحدة منافقة وإما ضالة غاوية تظهر موالاته وموالاة أهل بيته تتخذ يوم عاشوراء يوم مأتم وحزن ونياحة وتظهر فيه شعار الجاهلية من لطم الخدود وشق الجيوب والتعزي بعزاء الجاهلية، والذي أمر الله به ورسوله في المصيبة إنما هو الصبر والاحتساب والاسترجاع

فنسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ...

اللهم آمنا في أوطاننا ..

اللهم لاتدع لنا في هذه الساعة ذنبا ...

اللهم بعلمك الغيب ..

القناص
05/02/2005, 03:46 AM
نسأل الله العظيم أن يرد عنا كيد أعدائنا وأن يبصرنا بأمور ديننا وأن يثبتنا على الدين حتى نلقاه إنه على كل شيء قدير ..

جزاك الله خير

a zanbil
05/02/2005, 09:39 AM
الله يعطيك العافية