تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من أخطائنا في تربية أولادنا وطرق علاجها


المؤمنه بالله
25/10/2009, 01:05 AM
من أخطائنا في تربية أولادنا وطرق علاجها
=======

بسم الله الرحمن الرحيم

قال د. محمد بن عبدالله السحيمي :

... جناية المربي على من تحت يديه – له شأن عظيم في الدنيا والآخرة –

ما ذاك إلا لأن الآثار السيئة لجناية المربي لا تقتصر على لحظة الخطأ بل تتعداه إلى أبعد من ذلك

فتورث الولد سلوكا مذموما قد لا يستطيع التخلص منه

وقد يعاني من آثاره وهو لا يعلم أن الجاني عليه في هذه الآثار هو أقرب الناس إليه ...

وفي هذا العصر الذي فتحت في الآفاق بالاتصال المرئي وغيره

يتوجب على المربي أن يكون أكثر حيطة وأبلغ عناية وأقرب رعاية لمن تحت يده

لئلا يقع الولد في شباك قنوات ومواقع الشبهة والشهوة ...

فليعتصم المسلم بربه وليتعاهد ذريته

ويتبين سبيل عدوه وليعلم أن كيده ضعيف إذا اتقينا الله وتوكلنا عليه

ومن يتوكل على الله فهو حسبه











من أخطائنا في تربية أولادنا وطرق علاجها في الإسلام

... إليك بعض ما رصدته وحررته من هذه الأخطاء :

الأول :

خشية الناس

يلحظ المتأمل لحال كثير من الناس

كيف تؤدي تربيتهم لأبنائهم إلى أن تنصرف نفس النشءِ عن مراقبة الله وتغفل عن خشيته

وتعظم في نفسه خشية الناس ومراقبتهم

وذلك بسبب ما يُلقى في روعه منذ الصغر بأن عليه الفعل والترك رغبة في الفوز برضى الخلق ...

وذلك كقول بعضهم لمن يربيه :

تجنب هذا لكيلا يضحك عليك الناس

واعمل هذا يحبك الخلق

وماذا يقال عنا وعنك الناس حينما تعمل كذا وكذا وأنت فلان بن فلان ...

وهذا المسلك

يورث في النشءِ – من حيث لا يشعر المربي – الرياء

ويجعله يأتي من الأعمال ما يوافق أهواء الخلق ومن الأقوال ما يكون له صدى عند المجتمع المحيط به

من غير نظر إلى رضا الله سبحانه وتعالى وسخطه

ومن آثاره السيئة :

صعوبة التخلي عن العمل المخالف للحق إذا تبين له ضلاله فيه

خوف انتقاد الناس ولمزهم وهمزهم

وأسوأ ما ينتج عن هذا الأسلوب :

أن يعتاد الإنسان الالتفات إلى البشر في عبادته ومعاملاته

فيتعبد لربه من صلاة وصيام وغيره ... إذا كان المجتمع يؤيد هذا الاتجاه

ولكن إذا خلا إلى شيطانه لجَّ في طغيانه

وترك عباداته لغياب الرقيب البشري وعدم تعوده استشعار الرقابة الإلهية

كما أن تعامله مع الخلق في سائر معاملاته يُصبغ بهذه الصبغة

إذ يحاول أن يأتي عمله في صورة مثالية أمام البشر – من سرعة الإنتاج وبشاشة في الوجه –

حتى ينال رضاهم واستحسانهم

ولا مانع أن يصاحب هذا العمل – في الخفاء - البخس والظلم والتطفيف من حيث لا يشعر صاحب الحق

ليقينه بجهل من يتعامل معه بحقائق هذه الأشياء التي أدخل إليها البخس والتطفيف

ولقد ورد في القرآن الكريم تصوير لواقع هذه الفتنة المنحرفة حيث قال تعالى :

( ومن الناس من يقول ءا منا لله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين

يخادعون الله والذين ءامنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون )

قال ابن كثير عند تفسير هذه الآية :

( قال ابن جريج: المنافق يخالف قوله فعله وسره علانيته ومدخله مخرجه ومشهده مغيبه ) ...

وحري بالمربي الأريب

أن يستشعر عظم المسؤوليه التي ألقيت على عاتقه

فيغرس في نفوس أبنائه مراقبة الله في السر والعلن

والعمل على تحقيق العبودية له في المنشط والمكره

كأن يقول له :

يا بنيَّ اترك هذا العمل يحبك الله ولا تعمل هذا يمقتك الله

وعليك بكذا وكذا تفز بجنة عرضها السموات والأرض

واحرص على هذا تنل محبة الله ورضاه ... سواء كان في ذلك رضا الناس أم سخطهم

إذ مقاليد الأمور كلها بيد الله تعالى :

( قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك )...

وكتب معاوية إلى عائشة رضي الله عنها أن اكتبي إليّ كتابا توصيني فيه ولا تكثري علي

فكتبت عائشة إلى معاوية :

( سلام عليك ، أما بعد : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

" من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس

ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس . والسلام عليك ) *

*رواه الترمذي في سننه

وقد قال الإمام ابن حزم رحمه الله ... :

( من قدر أنه يسلم من طعن الناس وعيبهم فهو مجنون ) *

*"مداواة النفوس" لابن حزم



الخطأ الثاني :


التربية على توافه الأمور


قال د . محمد بن عبد الله السحيمي :


الكثير من أبنائنا يتقدم به عمره وتسير به أيامه وهو لا يعرف هدفه ...


بسبب تربية جعلت وسائله غايات وشغلته بالمتيقّن عن المظنون


وعلقته - بل ربطته – بقضايا تافه


وتطلعات أرضية يتساوى فيها المسلم والكافر بل قد يتفوق فيها الحيوان على الإنسان


فأصبح همه الملازم وشغله الشاغل التفكير بلقمة العيش والاستعداد والتهيؤ لتبعات ذلك


ولتتحقّق من ذلك :


أطرح على كثير من طلابنا السؤال التالي : لِمَ تدرس ؟؟


ستفاجؤك إجابة السواد الأعظم وسيكون الهدف من الدراسة :


الحصول على لقمة العيش والمكانة المرموقة والبيت الواسع والمركب الفاره ..


ويعزز ذلك هذا الفرح الغامر بالعُطل والإجازات


وهذا النهم – من قبل كثير منهم – بالغش في الامتحانات لو أتيحت لهم الفرصة ..


مما يؤكد أن الطالب لم يقتنع بجدوى هذا التعليم


بل يراه وسيلة لتحقيق آمال واقتطاع طريق لا بدّ من اقتطاعه حتى ينال ما تصبوا إليه نفسه ..


ولو اعتقد أن عليه واجبا تجاه دينه وأمته


وأن السبيل لأداء هذا الواجب هو العلم الذي سيرفعه في الدنيا والآخرة


ويعيد أمته إلى مكانتها المرموقة في ذروة المجد


لاسترخص كل جهد ووقت يبذله ويمضيه في هذا السبيل


لا ستخسر كل جهد ووقت يبذله في غير هذا الأمر











ومن مساوئ هذا التوجيه التربوي الخاطئ :


قصر النفس على الشهوات


وإخلادها إلى الصغار


وشغلها عن الغايات


ورضاها بالدون وتطامنها عن المعالي


وتعطيل الطاقات التي أودعها الله في هذا الإنسان ... عن غاياتهم السامية النبيلة


وإتاحة الفرصة أمام أعدائهم في اغتباطهم بدوام غفلة هذه الأمة عما يراد بها ...











وبمقارنة


آمال أبناء الأمة في هذا العصر بمن أخبر الله عنهم في القرآن من الأنبياء والمؤمنين وما حفلت به كتب السنة والسيرة


تفجعك الكارثة وتذهلك المصيبة


فآمال أولئك الصالحين تتجاوز الجوزاء، وتمتد لتحتوي الزمن القادم...


فتأمل هذا الدعاء النبوي الذي دعا به إبراهيم الخليل وإسماعيل عليهما السلام


وأخبرنا به ربنا جل وعلا في محكم تنزيله فقال:


(رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ


رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ)


فتأمل هذا الدعاء النبوي عبر هذا السياق القرآني، تجده تضمن:


أولاً: الدعاء بأن يكون هو وذريته مسلمين لله


ثم كأنه تطلع إلى آفاق المستقبل، فتصور أحفاده وهم يحيطون بهذا البيت


وقد تقادم بهم عهد النبوة، وانقطع عنهم هدي الرسالة


فتاهوا في دياجير الظلام، وأيقن أنه لا مخرج لهم من هذه الظلمات إلا من خلال رسالة إلهية


فعندئذ دعا ربه قائلاً: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً ) ...


إذاً


كان أمله أن يبعث الله في ذريته نبياً


لم يكتف أن يكون مسلماً، ولا أن تكون ذريته مسلمة


بل أن يكون في أحفاده نبي يدعوهم إلى الحق، ويهديهم إلى الصراط المستقيم


هذا مثال : ومثال آخر


أخبرنا الله عنه حينما ذكر صفات عباد الرحمن، فقال عز من قائل:


(وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)


فسألوا الله أن يجعل أزواجهم وذرياتهم قرة أعين لهم


وأن يكونوا هم وذرياتهم أئمة للمتقين حقبة بعد حقبة


في عصرهم وفي العصور التالية


إنّه التطلع إلى الأمام، والرغبة في ريادة الأمة وقيادتها في مواكب المتقين...


وحينما نستعرض بعض الأمثلة من صحابة رسول الله


نتبين كيف تؤتي التزكية المباركة أعظم ثمارها ...


ومن هذه النماذج:


• خبر ابني عفراء في غزوة بدر:


يقول عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه مخبراً عما رأى في بدر:


" إنني لفي الصف يوم بدر إذ التفت فإذا عن يميني وعن يساري فتيان حديثا السن


فكأني لم آمن بمكانهما


إذ قال لي أحدهما سرا من صاحبه : يا عم، أرني أبا جهل؟!


فقلت: يا ابن أخي ، وما تصنع به ؟


قال : عاهدت الله إن رأيته أن أقتله أو أموت دونه


وقال لي الآخر سرا من صاحبه مثله


قال : فما سرني أني بين رجلين مكانهما


فأشرت إليهما فشدا عليه مثل الصقرين فضرباه حتى برد ) *


*السيرة النبوية لابن هشام


والمتأمل في هذه الحديث يقف على أمور منها :


* أن المجتمع المسلم آنذاك كالصف الواحد، وكالبنيان المرصوص


كل يرى أن عليه واجباً تجاه دينه ونبيه وأمته


كبيرهم وصغيرهم، ذكرهم وأنثاهم دون استثناء لأحد منهم


* المسارعة والمسابقة إلى الإعمال الصالحة ...


يوضح ذلك أن ابني عفراء - وهما أخوان - وكلّ منها لم يخبر أخاه بما هو صانع في هذه المعركة لئلا يسبقه


* الهمة العالية إذ لم يكتف كل منهما بالمشاركة في المعركة - رغم صغر سنهما-


بل يعاهد الله تعالى على أنه إن رأى أبا جهل أن يقتله أو يموت دونه ...


* إذا رنت أنظار الشباب إلى الهمم العالية


دفع ذلك بقية أفراد الأمة إلى مضاعفة الجهود ...


وارجع البصر إلى قول عبد الرحمن بن عوف قبل أن يعرف آمال هذين الشابين


وقوله بعد أن عرف غايتهما


• تسابق الغلمان للمشاركة في معركة أحد:


حينما احتشد المسلمون - أيما احتشاد - استعداداً لغزوة أحد


وتقدم حتى الغلمان طلباً للمشاركة في هذه المعركة


وأشفق عليهم الرسول الرحيم الرءوف، فرد منهم من رد لصغر سنه ...


فشفع أبو رافع لابنه، وقال: "يا رسول الله، إن ابني رافعاً رامٍ * "


*أي يجيد الرمي


فأجازه النبي عليه الصلاة والسلام *


*تأمل موقف هذا الأب! انه يشفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يجيز ابنه في هذه المعركة
إنه لا يشفع ليشارك ابنه في رحلة سياحية أو دورة دراسية أو مغنمٍ دنيويّ أو وجاهة اجتماعية
بل يشفع ليدخل ابنه في معترك الرجال وجلاد السيوف ونضح النبال وضرب الرقاب
وهنا يظهر أثر التربية الصادقة التي تورث الهمم العالية


فيتقدم سمرة - الذي رده النبي صلى الله عليه وسلّم - قائلاً :


لقد أجزت رافعاً ورددتني، ولو صارعته لصرعته


ووقعت المصارعة بين رافع وسمرة، فصرع سمرة رافعاً، فأجازه الرسول عليه الصلاة والسلام


إن تسارع هؤلاء الغلمان إلى المعركة، وتنافسهم في المشاركة فيها


يعجز أي قلم عن التعبير عنه، مهما كان سيّالاً


ويلجم أي خطيب عن التعليق، وإن كان مفوّهاً ...












وبعد هذا التطواف مع هذه النماذج الإيمانية


ينتقل السياق والحديث إلى ما ينبغي على المربي عمله تجاه من يربيه


وحتى نجنب ولدك ومن تربيه مهاوي الردى ...


ينبغي عليك أن تغرس فيه منذ الصغر


استشعار إسلامه


وأنه يجب أن يخالف- بل يتميز - عن الكفار في كل أمر؛ في مظهره، ومخبره، وفي غاياته وآماله


وأن يستشعر أنه ينتسب إلى أمة موصولة بالله


وهي تسير على هدى الله وتملك مالا تملكه سائر البشرية


وهو كتاب الله ومنهج الله ونور الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم


وأن يعلم منذ صغره


أن أمته تواجه من أعدائها أعتى الحملات، وأعنف الهجمات


فتُنهب خيراتُها ويُشرّد أبناؤها وتُستحل وتُنتهك حرماتُها وتُستباح أراضيها


ولذلك فهي تنتظر من كل أبنائها البررة - وأنت منهم –


أن يكون كلّ فرد منهم على ثغرة من ثغورها


فيسد الخلل، ويجبر الضعف، ويكمل النقص، ويعينها على نوائب الدهر وصروف الزمان


كما ينبغي أن توجه إليه - بين آونة وأخرى -


عبارات تشعره بذلك وتحفزه بل تدفعه إلى المشاركة في تحقيق آمال الأمة، من مثل قولك:


يا بُنيّ ! أعدّ نفسك لأن يُكتَبَ نصرُ الإسلام على يدك


يا بُنيّ ! ألم يُنصر الإسلام على أيدي رجال أفذاذ


كأبي بكر رضي الله عنه يوم الردة والإمام أحمد يوم المحنة؟


ألست رجلا مثلهم؟


يا بُنيّ! حاول يا بني وتذكّر قوله تعالى:


(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)


ألم تعلم أنك حينما تجاهد نفسك لتحقيق هذا الأمر فأنت مأجور - إن شاء الله –


سواء تحقق على يديك أم لم يتحقق؟!


يا بُنيّ ! إن الأمة تنتظر منك أن تكون


العالم المفتي والقاضي العدل والإمام الحافظ والمسئول الأمين والقائد المحنّك والتاجر الصادق الناصح


يا بُنيّ ! إن كنت طبيباً أو مهندساً أو ما شئت أن تكون


فاحرص أن يكون هدفك من هذا التخصص أن تغني الأمة عن الكافرين


وأن تكون في أي موقع شغلته الطبيب المسلم، والمهندس المسلم


الذي ينصح لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم


فالله الله أن يؤتى الإسلام من قِبلك


يا بُنيّ ! أنت رجل مسلم والرجل المسلم من أبناء الآخرة وليس من أبناء الدنيا


فاحرص على أن تكون من ورثة جنة النعيم لتفز برضا رب العالمين


يا بُنيّتي ! كوني داعية تحمل هم هذا الدين وتحمل مشعل الهداية إلى الآخرين


احفظي القرآن العظيم


وتزودي من العلم النافع الذي يؤهلك لدلالة ذويك ومجتمعك إلى الصراط المستقيم


يا بُنيّتي ! لقد أنبأنا الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله


أنه سبحانه عرض الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها


وحملها الإنسان . والإنسان لفظ يشمل الذكر والأنثى


فأنت مسئولة عن هذه الأمانة هل حملتيها حق حملها أم أضعتيها ، وتُضَيعين ؛ فتَضِيعين يوم القيامة


يا بُنيّتي! أعدي نفسك لمواجهة هذا السيل الجرار من الهادمات


قومي بدورك واعلمي أن الله ناصرك ومعينك


أفتكون قرينتك وصاحبتها تعمل كل هذا العمل


وأنت وآلاف الخيرات من أمثالك الطيبات لا تقدمن حراكا











إنّ مهمة المربي


أن يفتح آفاق الحياة أمام ناظري من يربيه


وأن يحمله بعض آلام هذه الأمة


وأن يهيئه نفسياً للقيام بدوره


وأن يهيب به لإعداد نفسه لملء الفراغ وسد الثغرة وإغناء الأمة بأبنائها عن أعدائها .


من أخطائنا في تربية أولادنا وطرق علاجها في الإسلام
تأليف / د. محمد بن عبد الله السحيم
(ص : 30 – 41 )

المؤمنه بالله
25/10/2009, 01:07 AM
الخطأ الثالث :

السخرية

بسبب ترادف النعم ونتيجة للتربية الخاطئة والغفلة عن وعد الله ووعيده ...

نشأ فينا فئة لا تعرف إلا اللمز والهمز ...

إن ذُكِرَ عنهم ذو منصب أثاروا الشبه حول بلوغه إياه

وإن ذُكِرَ غني أفاضوا وأسهبوا في ذكر طرائق ثروته وأسباب ثرائه

أما إن ذكر عندهم فقير فكل منهم يستقل نصيبه من لحمه

ولغلبة هذا المرض على كثير منا تأثر به الصغار قبل الكبار ...

بل لم يقف الأمر عند هذا الحد فتجد من يسخر بالله والعلماء والدعاة ومعلمي الناس الخير

يقول تعالى :

( يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم

قل استهزءوا إن الله مخرج ما تحذرون

وليئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وءايته ورسوله كنتم تستهزءون ) ...

ولعل مرد ذلك إلى أسباب منها :

* كثرة النعم وترادف المنن

ووفود آلاف من إخواننا الفقراء والمساكين للعمل معنا وتحت إيدينا ..

كل ذلك يغري الإنسان المستكبر ويدعوه إلى الصَّلفِ والكبر والسخرية

( كلا إن الإنسان ليطغى . أن رءاه استغنى )

* الغفلة عن الموازين الإلهية التي نصبها الله لعباده

ليكون على أساسها الاعتبار والمفاضلة والتكريم والتقديم

كما قال تعالى :

( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )

وقال صلى الله عليه وسلم :

( رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره )

وقال أيضا :

( ألا أخبركم بأهل النار وأهل الجنة :

فكل ضعيف متضعف أشعث ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره

وأما أهل النار فكل جِعظِريٍّ (1) جوَّاظ (2) جماع مناع ذي تبع )


(1) الجعظري : الفظ الغليظ ، أو الأكول الغليظ ، والقصير المنتفخ بما ليس عنده
(2)الجواظ : الضجر وقلة الصبر ، أو الضخم المختال . والكثير الكلام ، والجلبة في الشر . والجموع المنوع ، والصياح
* الغفلة عن العذاب الذي توعد الله به هؤلاء في الدنيا وفي الآخرة
* تجاهل تحذير الله ونهيه وتحذير الرسول صلى الله عليه وسلم
ونهيه عن السخرية بالمسلمين حيث قال تعالى :
( يأيها الذين ءامنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ..) ...
* استبدال الموازين والمعايير التي نصبها لعباده – كما تقدمت –
بموازين أرضية جاهلية كالجنس والقوم والوطن والقبيلة


ولئلا يقع من تحت يدك
في هذا المستنقع الآسن بأوحال العجب والغطرسة والكبر واحتقار المسلمين
ينبغي عليك إحاطته بما يلي :
* أن يعلم علم اليقين أن من السخرية ما يُخرجه من دائرة الإسلام
كالاستهزاء بالله والملائكة والأنبياء والمرسلين والصالحين
* أن يعلم علم اليقين سوء مغبة السخرية والاستهزاء واحتقار المسلمين
وأن الله توعد على هذا العذاب الأليم
* أن يستشعر أن ما به من نعمة فمِن الله
وأن ما ابتلي به غيره من عجز وفاقة وحرمان فهو من الله
أيضا فليحمد الله على النعمة ويشكره على المنة ويسأله العافية
* أن ما يزين لك شيطانك أن تدعوك نفسك للفخر به وازدراء واحتقار من فقده
كالمال والجاه والمنصب والشرف والحسب ..
فليس لك يد فيه بل هو منة من الله أمدك به ابتلاء وحرم منه غيرك
وهو قادر على أن يحرمك منه ويمنحه لغيرك
فإذا
أعجب ولدك بممتلكاتك من سيارة ومنزل و ... ثم احتقر من حرم هذه النعم
فقل له : يا بني ، من أعطانا هذه النعم ... ؟ سيقول : الله !
ثم قل له : من حرم هذا المسكين ؟ سيقول : الله !
هنا قل له : إن الذي أعطانا وحرم غيرنا قادر على أن يحرمنا
فاحمد الله واشكره وأسأل الله العافية
وستظهر عليه آثار هذا التوجيه فحينما يهم بالسخرية يتذكر المنعم سبحانه فيحمد الله
من أخطائنا في تربية أولادنا وطرق علاجها في الإسلام
تأليف / د. محمد بن عبد الله السحيم
(ص : 42-47 )









الخطأ الرابع :

إيثار الدنيا وإهمال الآخرة

قال د. محمد بن عبد الله السحيم :

بسبب التعلق بهذه الدنيا ونسيان الآخرة

وضعف اليقين

والرغبة في مسايرة المجتمع ومشاكلة الأصحاب

تجد كثير من الآباء يهتم بدنيا ابنه ويهمل آخرته

فتراه منذ الصغر وهو يلقنه كيف يهيئ نفسه لاستغلال فرص هذه الحياة

وما السبل التي تحقق له أعلى المكاسب وأفضل المناصب وتمنحه الوجاهة الاجتماعية ...

إنه باختصار شحن نفسي يجعله لا يرى إلا هذه الغايات

(كالشهادة والوظيفة والسيارة والمنزل ) التي هي – في حقيقتها – وسائل

إننا منذ صغره نخلط بين وسائله وغاياته

فنعلقه بالوسائل ونُغْفله – بل نُغَفّله - عن الغايات

وحتى تتضح لك الصورة ...

انظر كيف يعتني الكثير من الآباء بدراسة أبنائهم * ...

ويقابل هذا الاعتناء والاهتمام بدنياه إهمال وغفلة عن دينه

فلا يسأله عن عبادته : هل يؤديها وفق ما شرع الله ؟

وهل يبذل له من الأسباب والوسائل التي تعينه على أدائها ؟

وهل يحاسبه على التقصير فيها والإهمال لها كما يفعل عندما يقصر في دراسته ؟ ...

*لست ضد العناية بالأبناء وإعانتهم على شؤون دنياهم ودفعهم إلى التفوق فيها
لأن ذلك منهج نبوي أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله :
( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير
احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ) ...
إذا فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشد العبد إلى أن يحرص على ما ينفعه في دينه ودنياه
ولكن الذي يلفت النظر أن يطغى الاهتمام بالدنيا على الاهتمام بالآخرة


هذا مثال ، ومثال آخر

انظر كيف يهتم بعض الآباء بدراسة ابنه في المدارس النظامية

ولا يهتم – بل قد لا يقبل – أن يسجل ابنه في مدرسة تحفيظ القرآن الكريم القائمة في مسجده *

*أما إذا طلب منه دعم هذه الأنشطة الخيرية فإنه يتوانى عن الإنفاق
وقد ينفق على لعب ولده وآلاته أضعاف أضعاف ما يُطلب منه

وما ذاك

إلا بسبب ضعف اليقين

لأنه يؤمن ويوقن بجدوى هذه الشهادة النظامية

أعظم مما يؤمن بالأجر المدخر لمن عُني بالقرآن الكريم حفظا وتعلما






وهذه التربية

تورث النشء خللا في موازينه وفسادا في تصوراته

فينشأ وكل آماله أن يتفوق في الآستحواذ على متاع الدنيا ومكاسبها وزخرفها

ومن آثار هذا الأسلوب الخاطئ :

خذلان الأمة بإهدار أعز طاقاتها – وهم أبناؤها –

لأنك بهذه التربية تخرج للأمة أفرادا ماديين يعبدون الدرهم والدينار

ولا يرفعون بالدين رأسا ولا يجعلونه لمنهج حياتهم نبراسا

وإذا وجد في الأمة مثل هؤلاء الأفراد

فعلى أيديهم تُدمر معاقل الإسلام والمسلمين ومن خلالهم تحطَّم حصوننا من داخلها

وعلى أيديهم تفتح المجالات والأبواب لكل عدو فيحقق ما يريد ...

إذ نظر هؤلاء الأفراد إلى المنصب

وقد يتحقق بمواطأة الأعداء وإلى المال وقد يرشَوْنَ به من قبل الأعداء لفتح الأبواب

وكم تعاني الأمة من أمثال هؤلاء

ومن آثاره السيئة :

أن الفرد إذا تربى هذه التربية فقد لا يكون حربا على الإسلام ولكنه سيكون خاملا ...

شغل نفسه بوسائلها عن غاياتها

تجد الإنسان من هؤلاء ينهي دراسته الجامعية وقد يحمل شهادة شرعية تؤهله لقيادة أمةٍ ...

فإذا تولى المنصب وابتنى البيت وضع رجلا على رجل

وظن أنه قد بلغ الغاية ووفّى كل ما يراد منه ...

أين واجب الدعوة وأمانة البلاغ ومسؤلية العلم ؟!

لا شيء من ذلك فكل ما هُيئ له منذ صغره حققه ( سيارة وزوجة وبيت )

فبماذا سيفكر ؛ ولماذا سيعمل ؟




وليعمل من يبحث لنفسه عن فكاكها قبل أن يأتي عليه هلاكها

إذا أراد أن يحقق التوازن في تربيته لأبنائه ومن مكنه الله من تربيتهم :

أن يتبع ما يأتي :

* أن يضع – دائما – نصب عينيه قوله تعالى :

( وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم )

وقوله عز وجل :

( قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون )

وقوله عز من قائل :

( وفي السماء رزقكم وما توعدون )

وأن يوقن بما دلت عليه هذه الآيات أعظم من إيمانه بعرض من الدنيا زائل

بل أن يكون يقينه بما أخبر الله به في هذه الآيات

أعظم وأتم من يقينه بما ينتظره من رزق يأتيه عبر شهادة أو منصب ...

* لا تجعل النبوغ الدراسي مقياسا لصلاح ابنك ونجاحه وفلاحه

بل اجعل المقياس هو الصلاح والتقوى والورع

ولا بد أن تعلم مدى ولائه لله ولرسوله ولدينه وأمته

فكم رأينا من نابغ في دراسته يحمل فكرا علمانيا ؟؟

وكم رأينا متفوق في دراسته لا يعرف ربه ؟

* أن تعلم أن ولدك سيكون مدفوعا بطبعه وجِبِلَّتِه إلى طلب الدنيا ومنافسة أقرانه فيها

إنه في غنى عن شَحْنِك له ودفعك إياه

أنه بحاجة إلى من يُوقِظُ قبله وُذكِّرُ فؤاده بالاستعداد ليوم الميعاد

وأخذ الأسباب للنجاة من دار العذاب

* قد يكون سبب هذا التوجيه الخاطئ في التربية

زعم الأب أو المربي أن الابن إذا اهتم بآخرته أضاع دنياه

وهذا وهم وهمُ لا يسنده نقل ولا عقل

بل الواقع المشاهد يكذب ذلك ويؤكد خلافه

إذ ترى الشباب الصالح هم خير الناس لأهليهم وأمتهم وما وَلوا ...

إذ هم يراقبون الله قبل أن يراقبوا عباد الله

* أن تبذل له من الأسباب التي تحقق له التوازن في هذه الحياة

فلا يطغى جانب على جانب

فلا تهتم بدنياه وتهمل آخرته فيخرج ماديا لا يقبل من هذه الحياة إلا ما جر عليه نفعا دنيويا

أن تُربيه منذ الصغر على أن يقدم دينه على دنياه وأن يجعل من نفسه ودنياه فداء لدينه وأمته ...

* كما أنك - أيها المربي – تكافئه على تفوقه في دراسته وشؤون دنياه

وتستبشر بذلك وتُشيد به أمام الأعمام والإخوان والأصحاب ...

وحتى يعلم ابنك ويلمس أنك تهتم بشؤون دينه

فلا أقل من أن تكافئه إذا حافظ على صلاته وتُشيد به أمام أقاربه إذا استمر في حفظ القرآن و ...

وتفرح أعظم الفرح إذا رأيته ينفر من المعاصي ويزدري أصحابها ...

* أعلم أنك ترحمه وتشفق عليه من القيام ببعض ما افترض الله عليه

كالصلاة وخاصة الفجر والصيام وغير ذلك ...

ولكن لن تكون أرحم به من ربه الرحمن الرحيم الذي افترض هذه الفرائض

وهو العليم سبحانه أن البشر فيهم الصغير والكبير والمريض ...

واعلم أنه لن يرحمك غدا بل سيوقفك بين يدي الله يخاصمك ويجادلك

ويقول : يا رب ! إن أبي أضاعني منذ صغري ...

وتذكر قوله تعالى :

( فإذا جاءت الصاخة . يوم يفر المرء من أخيه . وأمه وأبيه . وصاحبته وبنيه

لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه )

واستحضر قوله تعالى :

( ياأيها الناس اتقوا ربكم

واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده شيئا ولا مولود هو جاز عن والده شيئا

إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور )...

من أخطائنا في تربية أولادنا وطرق علاجها في الإسلام
تأليف / د. محمد بن عبد الله السحيم
(ص: 48 – 55 )

أبـو مشاري
25/10/2009, 11:04 AM
عـوافي اختي الكريمه على الطرح المميز

الدانه
25/10/2009, 04:18 PM
ماشاء الله عليج ... كفيتي ووفيتي

تسلم يمناج

ونترقب كل جديد منك

دمتي بود ^_^

almooj
25/10/2009, 04:38 PM
الأخت في الله المؤمنة بالله : جزاك الله خير على الموضوع المتكامل وكتب الله لك الأجر والثواب
اللهم آمين يا حي يا قيوم ولك كل الاحترام والتقدير .