أبـو مشاري
06/12/2009, 05:19 PM
>>قـــــــــــــــــصة مؤثـــــــــرة !!!<<
بات أخي شاحب الوجه نحيل الجسم ..
ولكنه كعادته يقرأ القرآن الكريم ..
نبحث عنه نجده في مصلاه ..
راكع ساجد رافع يديه إلى السماء ..
هكذا في الصباح وفي المساء وفي جوف الليل لا يفتر ولا يمل ..
كنت أحرص على الإطلاع على كل ما هو جدي بعالم النت وقراءة المجلات الفنية والكتب ذات الطابع القصصي ..
أشاهد الفيديو بكثرة ..
لا أؤدي واجباتي كاملة ولست منضبطا في صلواتي ..
بعد أن أغلقت جهاز الكمبيوتر وقد شاهدته لمدة ثلاث ساعات متواصلة ..
هاهو الأذان يرتفع في المسجد المجاور ..
عدت إلى فراشي ..
يناديني اخي من مصلاه .. اجبت نعم ماذا تريد يا اخي ؟ .
قال لي بنبرة حادة لا تنام قبل أن تصلي الفجر ..
قلت له أوه .. بقى ساعة على صلاة الفجر وما سمعت كان الأذان الأول ..
بنبرته الحنونة –
هكذا هو حتى قبل أن يصيبه المرض الخبيث ويسقط طريح الفراش ..
ناداني .. تعال يا اخي بجانبي ..
لا استطيع ان ارد له طلب..
تشعر بصفائه وصداقته لا شك طائعاً ستلبي ..
قلت له ماذا تريد ؟..
قال اجلس
ها قد جلست ماذا لديك ..
بصوت عذب رخيم :
" كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة "
سكتت برهة .. ثم سألني ..
قال ألم تؤمن بالموت ؟
قلت: بلى مؤمن ..
قال: ألم تؤمن بأنك ستحاسب على كل صغيرة وكبيرة ؟.
قلت: بلى ولكن الله غفور رحيم .. والعمر طويل
قال:يا أخي .. ألا تخاف من الموت وبغتته ؟.
انظر فلان أصغر منك وتوفى في حادث سيارة ..
وفلان .. وفلان .. الموت لا يعرف العمر ..ولا الجنس وليس مقاساً له ..
أجبته بصوت الخائف حيث مصلاه المظلم ..
إنني أخاف من الظلام وأخفتني من الموت .. كيف أنام الآن ؟.
كنت أظن أنك وافقت للسفر معنا هذه الإجازة ..
فجأة .. تحشرج صوته واهتز قلبي
قال: لعلي هذه السنة أسافر سفراً بعيداً .. إلى مكان آخر .. ربما يا اخي .. الأعمار بيد الله ..
ثم انفجر بالبكاء ..
يفكر في مرضه الخبيث وأن الأطباء أخبروا أبي سراً أن المرض لن يمهله طويلاً ..
ولكن من أخبره بذلك ؟ .. أم أنه يتوقع ..
قلت له في ماذا تفكر ؟
جاءني صوته القوي هذه المرة ..
قال هل تعتقد أني أقول هذا لأنني مريض ؟..
كلا .. ربما أكون أطول عمراً من الأصحاء ..
وأنت إلى متى ستعيش .. ربما عشرين سنة .. ربما أربعون سنة ثم ماذا ؟ ..
لا فرق بيننا كلنا سنرحل وسنغادر هذه الدنيا إما إلى جنة وإما إلى نار ..
ألم تسمع قول الله : " فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز " .
تصبح على خير ..
هرولت مسرعا وصوته يطرق أذني ..
هداك الله ..
لا تنسى الصلاة ..
الثامنة صباحاً ..
أسمع طرقاً على الباب .. هذا ليس موعد استيقاظي ..
بكاء .. وأصوات .. ماذا جرى ..
لقد تردت حالة اخي .. وذهب به أخي إلى المستشفى ..
إنا لله وإنا إليه راجعون ..
لا سفر هذه السنة .. مكتوب علي هذه السنة في بيتنا .. بعد انتظار طويل ..
عند الساعة الواحدة ظهراً .. هاتفنا أخي في المستشفى ..
تستطيعون زيارته هيا بسرعة
أخبرتني أمي أن حديث أخي غير مطمئن وأن صوته متغير ..
أين السائق .. ركبنا على عجل .. أين الطريق الذي كنت أذهب لأتمشى مع السائق فيه ؟
يبدوا قصيراً .. ماله اليوم طويل .. وطويل جداُ ..
أين ذلك الزحام المحبب إلى نفسي كي ألتفت يمنة ويسرة ..
زحام أصبح قاتلاً مملاً ..
أمي بجواري تدعوا له ..
إنه ابن صالح ومطيع..
لم أرها يضيع وقتاٌ أبداً ..
دخلنا من الباب الخارجي للمستشفى ..
هذا مريض يتأوه ..
وهذا مصاب بحادث سيارة ,
وثالث عيناه غائرتان ..
لاتدري هل هم من أهل الدنيا أم من أهل الآخرة !!
منظر عجيب لم أره من قبل ..
صعدنا درجات السلم بسرعة ..
إنه في غرفة العناية المركزة .. وسآخذكم إليه ..
ثم واصلت الممرض إنه ابن طيب
وطمأنت أمي أنه في تحسن بعد الغيبوبة التي حصلة له ..
ممنوع الدخول لأكثر من شخص واحد ..
هذه هي غرفة العناية المركزة ..
وسط زحام الأطباء وعبر النافذة الصغيرة التي في باب الغرفة
أرى عيني أخي تنظر إلى وأمي واقفة بجواره ..
بعد دقيقتين خرجت أمي التي لم تستطيع إخفاء دموعها ..
سمحوا لي بالدخول والسلام عليه بشرط أن لا أتحدث معها كثيراً ..
دقيقتين كافية لك ..
قلت له كيف حالك يااخي ..
لقد كنت بخير مساء البارحة .. ما ذا جرى لك ؟
أجابني بعد أن ضغط على يدي ..
قال وأنا الآن والله الحمد بخير ..
*الحمد لله ولكن يدك باردة ..
كنت جالس على حافة السرير ولا مست ساقه ..
أبعده عني .. آسف إذا ضايقتك ..
كلا ولكني تفكرت في قوله تعالى :
"والتفت الساق بالساق * إلى ربك يومئذٍ المساق " ،
عليك بالدعاء لي فربما أستقبل عن قريب أول أيام الآخرة ..
سفري بعيد وزادي قليل ..
سقطت دمعة من عيني بعد أن سمعت ما قال وبكيت ..
لم أع أين أنا ..
استمرت عيناي في البكاء ..
أصبحت أمي خائفه علي أكثر من اخي ..
لم يتعودوا هذا البكاء والانطواء في غرفتي ..
مع غروب شمس ذلك اليوم الحزين ..
ساد صمت طويل في بيتنا ..
دخل علي ابن خالتي .. وابن خالي
أحداث سريعة
كثر القادمون ..
اختلطت الأصوات ..
شيء واحد عرفته ..
اخي مات ..
لم أعد أميز من جاء ..
ولا أعرف ماذا قالوا ..
يا الله .. أين أنا وماذا يجري ؟
عجزت عن البكاء ..
فيما بعد أخبروني أن أخي أخذ بيدي لوداع أخي الوداع الأخير ..
وأني قبلته ..
لم أعد أتذكر إلا شيئاً واحداً ..
حين نظرت إليه مسجا على فراش الموت ..
اذكر قوله " والتفت الساق بالساق "
عرفت الحقيقة " إلى ربك يومئذٍ المساق " .
لم أعرف أنني عدت إلى مصلاه إلا تلك الليلة ..
وحينها تذكرت من قاسمني رحم أمي فنحن توأمين ..
تذكرت من شاركني همومي ..
تذكرت من نفست عن كربتي ..
من دعا لي بالهداية ..
من ذرفت دموعه ليالي طويلة وهو يحدثني عن الموت والحساب ..
والله المستعان ..
هذه أول ليلة له في قبره ..
اللهم ارحمه ونور له قبره ..
هذا هو مصحفه .. وهذه سجادته .. وهذا ..وهذا ..
تذكرته وبكيت على أيامي الضائعة ..
بكيت بكاء متواصلاً ..
ودعوت الله أن يرحمني ويتوب عليّ ويعفوا عني ..
دعوت الله أن يثبته في قبره كما كان يحب أن يدعو ..
فجأة سألت نفسي ماذا لو كان الميت أنا ؟ ما مصيري ؟ ..
لم أبحث عن الإجابة من الخوف الذي أصابني .. بكيت بحرقة ..
الله أكبر ... الله أكبر ..
ها هو أذان الفجر قد ارتفع ..
لكن ما أعذبه هذه المرة ..
أحسست بطمأنينة وراحة وأنا أردد ما يقوله المؤذن ..
وقمت واغتسلت وذهبت إلى المسجد وصليت صلاة الفجر ..
صليت صلاة مودع ..
كما صلاها أخي من قبل
وكانت آخر صلاة له ..
إذا أصبحت لا أنتظر المساء ..
وإذا أمسيت لا أنتظر الصباح ..
م/ن
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
بات أخي شاحب الوجه نحيل الجسم ..
ولكنه كعادته يقرأ القرآن الكريم ..
نبحث عنه نجده في مصلاه ..
راكع ساجد رافع يديه إلى السماء ..
هكذا في الصباح وفي المساء وفي جوف الليل لا يفتر ولا يمل ..
كنت أحرص على الإطلاع على كل ما هو جدي بعالم النت وقراءة المجلات الفنية والكتب ذات الطابع القصصي ..
أشاهد الفيديو بكثرة ..
لا أؤدي واجباتي كاملة ولست منضبطا في صلواتي ..
بعد أن أغلقت جهاز الكمبيوتر وقد شاهدته لمدة ثلاث ساعات متواصلة ..
هاهو الأذان يرتفع في المسجد المجاور ..
عدت إلى فراشي ..
يناديني اخي من مصلاه .. اجبت نعم ماذا تريد يا اخي ؟ .
قال لي بنبرة حادة لا تنام قبل أن تصلي الفجر ..
قلت له أوه .. بقى ساعة على صلاة الفجر وما سمعت كان الأذان الأول ..
بنبرته الحنونة –
هكذا هو حتى قبل أن يصيبه المرض الخبيث ويسقط طريح الفراش ..
ناداني .. تعال يا اخي بجانبي ..
لا استطيع ان ارد له طلب..
تشعر بصفائه وصداقته لا شك طائعاً ستلبي ..
قلت له ماذا تريد ؟..
قال اجلس
ها قد جلست ماذا لديك ..
بصوت عذب رخيم :
" كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة "
سكتت برهة .. ثم سألني ..
قال ألم تؤمن بالموت ؟
قلت: بلى مؤمن ..
قال: ألم تؤمن بأنك ستحاسب على كل صغيرة وكبيرة ؟.
قلت: بلى ولكن الله غفور رحيم .. والعمر طويل
قال:يا أخي .. ألا تخاف من الموت وبغتته ؟.
انظر فلان أصغر منك وتوفى في حادث سيارة ..
وفلان .. وفلان .. الموت لا يعرف العمر ..ولا الجنس وليس مقاساً له ..
أجبته بصوت الخائف حيث مصلاه المظلم ..
إنني أخاف من الظلام وأخفتني من الموت .. كيف أنام الآن ؟.
كنت أظن أنك وافقت للسفر معنا هذه الإجازة ..
فجأة .. تحشرج صوته واهتز قلبي
قال: لعلي هذه السنة أسافر سفراً بعيداً .. إلى مكان آخر .. ربما يا اخي .. الأعمار بيد الله ..
ثم انفجر بالبكاء ..
يفكر في مرضه الخبيث وأن الأطباء أخبروا أبي سراً أن المرض لن يمهله طويلاً ..
ولكن من أخبره بذلك ؟ .. أم أنه يتوقع ..
قلت له في ماذا تفكر ؟
جاءني صوته القوي هذه المرة ..
قال هل تعتقد أني أقول هذا لأنني مريض ؟..
كلا .. ربما أكون أطول عمراً من الأصحاء ..
وأنت إلى متى ستعيش .. ربما عشرين سنة .. ربما أربعون سنة ثم ماذا ؟ ..
لا فرق بيننا كلنا سنرحل وسنغادر هذه الدنيا إما إلى جنة وإما إلى نار ..
ألم تسمع قول الله : " فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز " .
تصبح على خير ..
هرولت مسرعا وصوته يطرق أذني ..
هداك الله ..
لا تنسى الصلاة ..
الثامنة صباحاً ..
أسمع طرقاً على الباب .. هذا ليس موعد استيقاظي ..
بكاء .. وأصوات .. ماذا جرى ..
لقد تردت حالة اخي .. وذهب به أخي إلى المستشفى ..
إنا لله وإنا إليه راجعون ..
لا سفر هذه السنة .. مكتوب علي هذه السنة في بيتنا .. بعد انتظار طويل ..
عند الساعة الواحدة ظهراً .. هاتفنا أخي في المستشفى ..
تستطيعون زيارته هيا بسرعة
أخبرتني أمي أن حديث أخي غير مطمئن وأن صوته متغير ..
أين السائق .. ركبنا على عجل .. أين الطريق الذي كنت أذهب لأتمشى مع السائق فيه ؟
يبدوا قصيراً .. ماله اليوم طويل .. وطويل جداُ ..
أين ذلك الزحام المحبب إلى نفسي كي ألتفت يمنة ويسرة ..
زحام أصبح قاتلاً مملاً ..
أمي بجواري تدعوا له ..
إنه ابن صالح ومطيع..
لم أرها يضيع وقتاٌ أبداً ..
دخلنا من الباب الخارجي للمستشفى ..
هذا مريض يتأوه ..
وهذا مصاب بحادث سيارة ,
وثالث عيناه غائرتان ..
لاتدري هل هم من أهل الدنيا أم من أهل الآخرة !!
منظر عجيب لم أره من قبل ..
صعدنا درجات السلم بسرعة ..
إنه في غرفة العناية المركزة .. وسآخذكم إليه ..
ثم واصلت الممرض إنه ابن طيب
وطمأنت أمي أنه في تحسن بعد الغيبوبة التي حصلة له ..
ممنوع الدخول لأكثر من شخص واحد ..
هذه هي غرفة العناية المركزة ..
وسط زحام الأطباء وعبر النافذة الصغيرة التي في باب الغرفة
أرى عيني أخي تنظر إلى وأمي واقفة بجواره ..
بعد دقيقتين خرجت أمي التي لم تستطيع إخفاء دموعها ..
سمحوا لي بالدخول والسلام عليه بشرط أن لا أتحدث معها كثيراً ..
دقيقتين كافية لك ..
قلت له كيف حالك يااخي ..
لقد كنت بخير مساء البارحة .. ما ذا جرى لك ؟
أجابني بعد أن ضغط على يدي ..
قال وأنا الآن والله الحمد بخير ..
*الحمد لله ولكن يدك باردة ..
كنت جالس على حافة السرير ولا مست ساقه ..
أبعده عني .. آسف إذا ضايقتك ..
كلا ولكني تفكرت في قوله تعالى :
"والتفت الساق بالساق * إلى ربك يومئذٍ المساق " ،
عليك بالدعاء لي فربما أستقبل عن قريب أول أيام الآخرة ..
سفري بعيد وزادي قليل ..
سقطت دمعة من عيني بعد أن سمعت ما قال وبكيت ..
لم أع أين أنا ..
استمرت عيناي في البكاء ..
أصبحت أمي خائفه علي أكثر من اخي ..
لم يتعودوا هذا البكاء والانطواء في غرفتي ..
مع غروب شمس ذلك اليوم الحزين ..
ساد صمت طويل في بيتنا ..
دخل علي ابن خالتي .. وابن خالي
أحداث سريعة
كثر القادمون ..
اختلطت الأصوات ..
شيء واحد عرفته ..
اخي مات ..
لم أعد أميز من جاء ..
ولا أعرف ماذا قالوا ..
يا الله .. أين أنا وماذا يجري ؟
عجزت عن البكاء ..
فيما بعد أخبروني أن أخي أخذ بيدي لوداع أخي الوداع الأخير ..
وأني قبلته ..
لم أعد أتذكر إلا شيئاً واحداً ..
حين نظرت إليه مسجا على فراش الموت ..
اذكر قوله " والتفت الساق بالساق "
عرفت الحقيقة " إلى ربك يومئذٍ المساق " .
لم أعرف أنني عدت إلى مصلاه إلا تلك الليلة ..
وحينها تذكرت من قاسمني رحم أمي فنحن توأمين ..
تذكرت من شاركني همومي ..
تذكرت من نفست عن كربتي ..
من دعا لي بالهداية ..
من ذرفت دموعه ليالي طويلة وهو يحدثني عن الموت والحساب ..
والله المستعان ..
هذه أول ليلة له في قبره ..
اللهم ارحمه ونور له قبره ..
هذا هو مصحفه .. وهذه سجادته .. وهذا ..وهذا ..
تذكرته وبكيت على أيامي الضائعة ..
بكيت بكاء متواصلاً ..
ودعوت الله أن يرحمني ويتوب عليّ ويعفوا عني ..
دعوت الله أن يثبته في قبره كما كان يحب أن يدعو ..
فجأة سألت نفسي ماذا لو كان الميت أنا ؟ ما مصيري ؟ ..
لم أبحث عن الإجابة من الخوف الذي أصابني .. بكيت بحرقة ..
الله أكبر ... الله أكبر ..
ها هو أذان الفجر قد ارتفع ..
لكن ما أعذبه هذه المرة ..
أحسست بطمأنينة وراحة وأنا أردد ما يقوله المؤذن ..
وقمت واغتسلت وذهبت إلى المسجد وصليت صلاة الفجر ..
صليت صلاة مودع ..
كما صلاها أخي من قبل
وكانت آخر صلاة له ..
إذا أصبحت لا أنتظر المساء ..
وإذا أمسيت لا أنتظر الصباح ..
م/ن
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.