د/ أبو عبدالمحسن
13/02/2010, 09:57 PM
العفو:
العفو لغة: من عفا وعفا عن ذنبه تركه ولم يعاقبه،وعفا الله عنك أي محا ذنوبك وعفوت عن الحق أسقطته كأنك محوته عن الذي هو عليه[1] (http://ruba3.com/vb/#_ftn1)).
والعفو: هو إسقاط عن الغير عند التمكن من أخذه[2] (http://ruba3.com/vb/#_ftn2)) وكان يعفو عن قصاص أو إساءة أو يتمكن من عدو لدود فيصفح عنه،وبهذا لا يسمى عفواً من عفا قبل التمكن.وقد ندب الله المسلمين إلى العفو والصفح،ومقابلة الإساءة بالإحسان،فقال تعالى واصفاً المتقين من أهل الجنة بقوله::{ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ[3] (http://ruba3.com/vb/#_ftn3)}.وقال تعالى:{ وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ[4] (http://ruba3.com/vb/#_ftn4)}. وقال تعالى:{ وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[5] (http://ruba3.com/vb/#_ftn5)}. وقال تعالى:{ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ[6] (http://ruba3.com/vb/#_ftn6)}.والعفو يدل على نبل الأخلاق ودماثتها ،وطيب سجايا العافين ،وانتصارهم على هوى النفس وحمية الانتقام،والعفو له وقع كبير في نفس المعفو عنه ،بل قد تنقلب عداوته إلى مودة حميمة كما قال تعالى:{ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ[7] (http://ruba3.com/vb/#_ftn7)}. والعفو والسماحة ،لا يسكنان إلا قلباً خالياً من الأحقاد والإضغان ،ومن يعمل ليقود الخلق إلى الحق لا بد أن يكون نظره إلى ما هو أمامه،ولا ينظر إلى الوراء والأحقاد والإضغان،ومحاسبة كل امرئ على ما كان منه،إنما هي تشد بهم إلى الوراء ،فلا يكون تفكيره إلى ما يجب عليه القيام به في المستقبل ،بل يكون تفكيره في شفاء غيظه من أسقامه،التي كانت في الماضي،ومن يأتي برسالة داعياً إلى الحق لا يكون دمري النفس،يشغله الماضي عن الحاضر ،بل يكون عاملاً للمستقبل[8] (http://ruba3.com/vb/#_ftn8))،فلا غرابة إذن أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة والأسوة المثلى في عفوه عن الناس،لكمال خلقه،وما للعفو من أثر كبير في قلوب الناس،واستمالتهم نحو العافي الذي ما أرسل إلا ليكون القدوة في ذلك ،والرحمة للعالمين .
وندرج هنا نماذج من عفوه صلى الله عليه وسلم وسماحته التي كسب بها ود من هدام الله تعالى به:
1ـ عفوه عن قريش رغم كل ما كادوه به من أذى وقتل وقتال،ورغم كل الوسائل التي استخدموها ضده وضد دعوته في مكة والمدينة،فماذا وإن قال لهم "اذهبوا فأنتم الطلقاء " بعد أن نصره الله تعالى عليهم ودخل مكة عنوة وملك رقابهم،فكان هذا العفو سبباً في دخول الإسلام وذهاب غيظهم،وقناعتهم بنصحه لهم وشفقته عليهم[9] (http://ruba3.com/vb/#_ftn9)).
2ـ عفوه عن الرجل الذي قال له عنده قسمة غنائم حنين:اعدل فإن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله ،فلم يزده عن أن قال له " ويحك فمن يعدل إن لم أعدل،خبت وخسرت إن لم أعدل " ونهى أصحابه عن قتله مع استحقاقه لذلك[10] (http://ruba3.com/vb/#_ftn10)).
3ـ عفوه عن غورث بن الحارث،عندما تسلسل إليه وهو نائم تحت شجرة وحده،فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من نومه فإذا هو بغورث قد اخترط السيف صلتا وهو يقول : من يمنعك مني ؟ فقال له : "الله" فسقط السيف من يده وأخذ يرتجف فعفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وجاء إلى قومه،فقال : جئتكم من عند خير الناس .
4ـ عفوه عن المرأة اليهودية التي أهدت له شاه مسمومة فأكل منها ثم أمسك بعد أن أعلمه الله تعالى بذلك،فلم يقتلها غضباً لنفسه،فلما مات بشر بن البراء الذي أكل منها معه،قتلها به[11] (http://ruba3.com/vb/#_ftn11)).
5-عفوه عن تمامه بن أثال،وكان من رؤساء بني حنيفة وأشرافهم،فكان ذلك سبباً في إسلامه،وفرضه حصاراً على قريش ،والقصة ما يرويها البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال(بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلاً قبل نجد،فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن اثال فربطوه بسارية المسجد،فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال (ماذا عندك يا ثمامة؟) فقال :(عندي خير ،يا محمد إن تقتلني تقتل ذا دم،وإن تنعم تنعم عن شاكر وإن كنت تريد المال،فسل منه ما شئت)فتركه حتى كان بعد الغد،ثم قال له:(ما عندك يا ثمامة؟) فقال(ما قلت لك،إن تنعم تنم على شاكر) فتركه حتى كان بعد الغد،فقال(ما عند يا ثمامة؟).فقال(عندي ما قلت لك) فقال:(أطلقوا ثمامة) فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل،ثم دخل المسجد فقال:أشهد إن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ،يا محمد والله ما كان على وجه الأرض أبغض إلي من وجهك فقط أصبح وجهك أحب الوجوه إلي،والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك،فأصبح دينك أحب الدين إلي،والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك،فأصبح بلدك أحب ألي،وإن خليلك أخذتني وأنا لا أريد العمرة ،فما ترى ؟ فبشرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر،فلما قدم مكة قال له قائل: صبوت؟قال:لا والله ولكن أسلمت مع محمد صلى الله عليه وسلم لا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم [12] (http://ruba3.com/vb/#_ftn12)).فهل يا ترى هناك ثمرة تعدل العفو عنه ؟ فلو كان قتله أو فاداه ما كان يتحقق من الإيجابيات ما حققه النبي صلى الله عليه وسلم بالعفو عنه.
6-عفوه عن الإعرابي الذي قدم المدينة قاصداً قتله بدفع من أبي سفيان بن حرب،فكشف أمره،وعفا عنه[13] (http://ruba3.com/vb/#_ftn13)).
7ـ وذكر ابن سعد عن شيبة بن عثمان الجمحي قال " لما كان عام الفتح،دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنة ،قلت أسير مع قريش إلى هوازن بحنين ،فعسى إن اختلطوا أن أطيب من محمد غرة،فأثار منه،فأكون أنا الذي قمت بثأر قريش كلها،وأقول:لو لم يسبق في العرب والعجم أحد إلا تبع محمداً،ما تبعته أبدا وكنت مرصداً لما خرجت له لا يزداد الأمر في نفسي إلا قوة،فلما اختلط الناس،اقتحم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بغلته فأصلت السيف ،فدنوت أريد ما أريد منه ورفعت بسيفي حتى كدت أشعره إياه فرفع بي شواظ من نار كالبرق كاد يمحشني ،فوضعت يدي على بصري خوفاً عليه ،فالتفت إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فناداني( يا شبيب ادن مني؟) فدنوت منه،فسمح صدري ثم قال : اللهم أعذه من الشيطان ) قال : فوالله لو كان ساعتئذ أحب إلي من سمعي ،وبصري ونفسي وأذهب الله ما كن في نفسي ،ثم قال(ادن فقاتل ) فتقدمت أمامه اضرب بسيف والله يعلم أني أ حب أن أقيه بنفسي كل شيء،ولو لقيت تلك الساعة أبي لو كان حياً لأوقعت به السيف،فجعلت ألزمه فيمن لزمه حتى تراجع المسلمون فكروا كره رجل واحد ،وقربت بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستوى عليها،وخرج في إثرهم حتى تفرقوا في كل وجه وراجع إلى معسكرة.فدخل خباءه فدخلت عليهما دخل عليه أحد غيري حباً لرؤية وجهه،وسروراً به،فقال(يا شيب،الذي أراد بك الله خير مما أردت لنفسك ) ثم حدثني بكل ما أضمرت في نفسي ما لم أكن أذكره لا حد قط ،قال:فقلت فإني أشهد أن لا إله إلا الله وإنك رسول الله ،ثم قلت استغفر لي فقال(غفر الله لك[14] (http://ruba3.com/vb/#_ftn14)).
8- عفوه عن لبيد بن الأعصم الذي سحره فلم يؤاخذه ولا عتب عليه فضلاً عن أن يعاقبه[15] (http://ruba3.com/vb/#_ftn15)).
9- صفحة عن عبد الله بن أبي بن سلول على رغم كل ما بدر منه من دس وكيد ومكر ،وثبوتها ضده بشهادة الوحي والناس[16] (http://ruba3.com/vb/#_ftn16)).
المراجع:
[1] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref1) [ مختار الصحاح،مادة عفا،كذلك المصباح المنير ].
[2] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref2) [مختصر منهاج القاصدين] 173]
[3] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref3) [ سورة آل عمران:الآية134]
[4] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref4) [سورة الشورى:الآية40]
[5] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref5) [سورة البقرة:الآية237]
[6] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref6) [ سورة الحجر:الآية85].
[7] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref7) [سورة فصلت:الآية34]
[8] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref8) [ خاتم البنيين 1/250]
[9] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref9) [ سيرة ابن هشام،ودلائل النبوة ،5/86-87 ،وشرح الشفا 1/238]
[10] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref10) [ البخاري بشرح فتح الباري ،6/309،ومسلم ن 2/739].
[11] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref11) [ البخاري بشرح الباري،7/631-364]
[12] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref12) [ البخاري بشرح فتح الباري " 8/109]
[13] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref13) [ طبقات ابن سعد ،2/93-94]
[14] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref14) [ الإصابة،2/161،و زاد المعاد 3/740]
[15] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref15) [ البخاري ،148 ،"والنسائي ،7/112-113" وشرح الشفا ،1/241]
[16] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref16) [ مسلم 4/2140-2141 ،وشرح الشفا 1/241]
العفو لغة: من عفا وعفا عن ذنبه تركه ولم يعاقبه،وعفا الله عنك أي محا ذنوبك وعفوت عن الحق أسقطته كأنك محوته عن الذي هو عليه[1] (http://ruba3.com/vb/#_ftn1)).
والعفو: هو إسقاط عن الغير عند التمكن من أخذه[2] (http://ruba3.com/vb/#_ftn2)) وكان يعفو عن قصاص أو إساءة أو يتمكن من عدو لدود فيصفح عنه،وبهذا لا يسمى عفواً من عفا قبل التمكن.وقد ندب الله المسلمين إلى العفو والصفح،ومقابلة الإساءة بالإحسان،فقال تعالى واصفاً المتقين من أهل الجنة بقوله::{ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ[3] (http://ruba3.com/vb/#_ftn3)}.وقال تعالى:{ وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ[4] (http://ruba3.com/vb/#_ftn4)}. وقال تعالى:{ وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[5] (http://ruba3.com/vb/#_ftn5)}. وقال تعالى:{ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ[6] (http://ruba3.com/vb/#_ftn6)}.والعفو يدل على نبل الأخلاق ودماثتها ،وطيب سجايا العافين ،وانتصارهم على هوى النفس وحمية الانتقام،والعفو له وقع كبير في نفس المعفو عنه ،بل قد تنقلب عداوته إلى مودة حميمة كما قال تعالى:{ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ[7] (http://ruba3.com/vb/#_ftn7)}. والعفو والسماحة ،لا يسكنان إلا قلباً خالياً من الأحقاد والإضغان ،ومن يعمل ليقود الخلق إلى الحق لا بد أن يكون نظره إلى ما هو أمامه،ولا ينظر إلى الوراء والأحقاد والإضغان،ومحاسبة كل امرئ على ما كان منه،إنما هي تشد بهم إلى الوراء ،فلا يكون تفكيره إلى ما يجب عليه القيام به في المستقبل ،بل يكون تفكيره في شفاء غيظه من أسقامه،التي كانت في الماضي،ومن يأتي برسالة داعياً إلى الحق لا يكون دمري النفس،يشغله الماضي عن الحاضر ،بل يكون عاملاً للمستقبل[8] (http://ruba3.com/vb/#_ftn8))،فلا غرابة إذن أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة والأسوة المثلى في عفوه عن الناس،لكمال خلقه،وما للعفو من أثر كبير في قلوب الناس،واستمالتهم نحو العافي الذي ما أرسل إلا ليكون القدوة في ذلك ،والرحمة للعالمين .
وندرج هنا نماذج من عفوه صلى الله عليه وسلم وسماحته التي كسب بها ود من هدام الله تعالى به:
1ـ عفوه عن قريش رغم كل ما كادوه به من أذى وقتل وقتال،ورغم كل الوسائل التي استخدموها ضده وضد دعوته في مكة والمدينة،فماذا وإن قال لهم "اذهبوا فأنتم الطلقاء " بعد أن نصره الله تعالى عليهم ودخل مكة عنوة وملك رقابهم،فكان هذا العفو سبباً في دخول الإسلام وذهاب غيظهم،وقناعتهم بنصحه لهم وشفقته عليهم[9] (http://ruba3.com/vb/#_ftn9)).
2ـ عفوه عن الرجل الذي قال له عنده قسمة غنائم حنين:اعدل فإن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله ،فلم يزده عن أن قال له " ويحك فمن يعدل إن لم أعدل،خبت وخسرت إن لم أعدل " ونهى أصحابه عن قتله مع استحقاقه لذلك[10] (http://ruba3.com/vb/#_ftn10)).
3ـ عفوه عن غورث بن الحارث،عندما تسلسل إليه وهو نائم تحت شجرة وحده،فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من نومه فإذا هو بغورث قد اخترط السيف صلتا وهو يقول : من يمنعك مني ؟ فقال له : "الله" فسقط السيف من يده وأخذ يرتجف فعفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وجاء إلى قومه،فقال : جئتكم من عند خير الناس .
4ـ عفوه عن المرأة اليهودية التي أهدت له شاه مسمومة فأكل منها ثم أمسك بعد أن أعلمه الله تعالى بذلك،فلم يقتلها غضباً لنفسه،فلما مات بشر بن البراء الذي أكل منها معه،قتلها به[11] (http://ruba3.com/vb/#_ftn11)).
5-عفوه عن تمامه بن أثال،وكان من رؤساء بني حنيفة وأشرافهم،فكان ذلك سبباً في إسلامه،وفرضه حصاراً على قريش ،والقصة ما يرويها البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال(بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلاً قبل نجد،فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن اثال فربطوه بسارية المسجد،فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال (ماذا عندك يا ثمامة؟) فقال :(عندي خير ،يا محمد إن تقتلني تقتل ذا دم،وإن تنعم تنعم عن شاكر وإن كنت تريد المال،فسل منه ما شئت)فتركه حتى كان بعد الغد،ثم قال له:(ما عندك يا ثمامة؟) فقال(ما قلت لك،إن تنعم تنم على شاكر) فتركه حتى كان بعد الغد،فقال(ما عند يا ثمامة؟).فقال(عندي ما قلت لك) فقال:(أطلقوا ثمامة) فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل،ثم دخل المسجد فقال:أشهد إن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ،يا محمد والله ما كان على وجه الأرض أبغض إلي من وجهك فقط أصبح وجهك أحب الوجوه إلي،والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك،فأصبح دينك أحب الدين إلي،والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك،فأصبح بلدك أحب ألي،وإن خليلك أخذتني وأنا لا أريد العمرة ،فما ترى ؟ فبشرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر،فلما قدم مكة قال له قائل: صبوت؟قال:لا والله ولكن أسلمت مع محمد صلى الله عليه وسلم لا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم [12] (http://ruba3.com/vb/#_ftn12)).فهل يا ترى هناك ثمرة تعدل العفو عنه ؟ فلو كان قتله أو فاداه ما كان يتحقق من الإيجابيات ما حققه النبي صلى الله عليه وسلم بالعفو عنه.
6-عفوه عن الإعرابي الذي قدم المدينة قاصداً قتله بدفع من أبي سفيان بن حرب،فكشف أمره،وعفا عنه[13] (http://ruba3.com/vb/#_ftn13)).
7ـ وذكر ابن سعد عن شيبة بن عثمان الجمحي قال " لما كان عام الفتح،دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنة ،قلت أسير مع قريش إلى هوازن بحنين ،فعسى إن اختلطوا أن أطيب من محمد غرة،فأثار منه،فأكون أنا الذي قمت بثأر قريش كلها،وأقول:لو لم يسبق في العرب والعجم أحد إلا تبع محمداً،ما تبعته أبدا وكنت مرصداً لما خرجت له لا يزداد الأمر في نفسي إلا قوة،فلما اختلط الناس،اقتحم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بغلته فأصلت السيف ،فدنوت أريد ما أريد منه ورفعت بسيفي حتى كدت أشعره إياه فرفع بي شواظ من نار كالبرق كاد يمحشني ،فوضعت يدي على بصري خوفاً عليه ،فالتفت إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فناداني( يا شبيب ادن مني؟) فدنوت منه،فسمح صدري ثم قال : اللهم أعذه من الشيطان ) قال : فوالله لو كان ساعتئذ أحب إلي من سمعي ،وبصري ونفسي وأذهب الله ما كن في نفسي ،ثم قال(ادن فقاتل ) فتقدمت أمامه اضرب بسيف والله يعلم أني أ حب أن أقيه بنفسي كل شيء،ولو لقيت تلك الساعة أبي لو كان حياً لأوقعت به السيف،فجعلت ألزمه فيمن لزمه حتى تراجع المسلمون فكروا كره رجل واحد ،وقربت بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستوى عليها،وخرج في إثرهم حتى تفرقوا في كل وجه وراجع إلى معسكرة.فدخل خباءه فدخلت عليهما دخل عليه أحد غيري حباً لرؤية وجهه،وسروراً به،فقال(يا شيب،الذي أراد بك الله خير مما أردت لنفسك ) ثم حدثني بكل ما أضمرت في نفسي ما لم أكن أذكره لا حد قط ،قال:فقلت فإني أشهد أن لا إله إلا الله وإنك رسول الله ،ثم قلت استغفر لي فقال(غفر الله لك[14] (http://ruba3.com/vb/#_ftn14)).
8- عفوه عن لبيد بن الأعصم الذي سحره فلم يؤاخذه ولا عتب عليه فضلاً عن أن يعاقبه[15] (http://ruba3.com/vb/#_ftn15)).
9- صفحة عن عبد الله بن أبي بن سلول على رغم كل ما بدر منه من دس وكيد ومكر ،وثبوتها ضده بشهادة الوحي والناس[16] (http://ruba3.com/vb/#_ftn16)).
المراجع:
[1] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref1) [ مختار الصحاح،مادة عفا،كذلك المصباح المنير ].
[2] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref2) [مختصر منهاج القاصدين] 173]
[3] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref3) [ سورة آل عمران:الآية134]
[4] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref4) [سورة الشورى:الآية40]
[5] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref5) [سورة البقرة:الآية237]
[6] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref6) [ سورة الحجر:الآية85].
[7] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref7) [سورة فصلت:الآية34]
[8] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref8) [ خاتم البنيين 1/250]
[9] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref9) [ سيرة ابن هشام،ودلائل النبوة ،5/86-87 ،وشرح الشفا 1/238]
[10] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref10) [ البخاري بشرح فتح الباري ،6/309،ومسلم ن 2/739].
[11] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref11) [ البخاري بشرح الباري،7/631-364]
[12] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref12) [ البخاري بشرح فتح الباري " 8/109]
[13] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref13) [ طبقات ابن سعد ،2/93-94]
[14] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref14) [ الإصابة،2/161،و زاد المعاد 3/740]
[15] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref15) [ البخاري ،148 ،"والنسائي ،7/112-113" وشرح الشفا ،1/241]
[16] (http://ruba3.com/vb/#_ftnref16) [ مسلم 4/2140-2141 ،وشرح الشفا 1/241]