صقر الجنوب
10/05/2010, 03:42 PM
الأميرة بسمة أصغر بنات الملك سعـود: والدي لم يمح من ذاكرة الأمة.. والحالة الدولية وراء تأخير كتابة تاريخه
http://www.al-madina.com/files/imagecache/node_photo/rbimages/1273428720087460300.jpg (http://www.al-madina.com/node/246791)
الاثنين, 10 مايو 2010
فهد الشريف
المتشددون يرون أن المرأة سبب كل المشاكل بما فيـــــــــــــها سيول جدة
أرجعت الأميرة بسمة بنت سعود تأخّر إعادة صياغة تاريخ الملك سعود بن عبدالعزيز وإدراجه في المقررات الدراسية إلى الأحداث المتتالية التي مرت بالمملكة في تلك الحقبة، ضاربة لذلك مثلاً بأحداث الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي (سابقًا)، وحرب أفغانستان، وغيرها من الأحداث الأخرى، مشيرة إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أولى هذا الأمر اهتمامًا كبيرًا ظهرت بوادره في المعرض الذي أقيم لتاريخ الملك سعود. كذلك أشارت الأميرة بسمة إلى أن فئة الأميرات مظلومات وأن هناك صورة نمطية لدى الشعب يجب أن تعدل، مبينة أن الواقع لا يشير إلى هذه الصورة المخملية المحفوظة في ذواكر الناس. وحول واقع المرأة في المملكة أشارت الأميرة بسمة إلى أن هناك «رق» ممارس على المرأة، منتقدة بشدة «المتشددين» الذي ضيقوا عليها بالفتاوى التي تحجر على المرأة كثيرًا مما هو مباح لها، وإلصاق كل أسباب المشاكل والأزمات بها، مشيرة إلى أن هذه النظرة للمرأة والتعامل بها استعملها الغرب ضد مجتمعنا.. كذلك انتقدت الأميرة بسمة واقع العمل التنفيذي في الوزارات، مبينة أن «الخلل ليس في المؤسسة التشريعية وإنما في المؤسسة التنفيذية.. العديد من المحاور المختلفة طي هذا الحوار مع الأميرة بسمة بنت سعود..
* الفترة الأخيرة شهدت صحوة إعلامية لتاريخ الملك سعود.. فكيف ترين هذا التاريخ، وإعادة هذه الصحوة؟
الملك سعود لم يُمحَ من ذاكرة الأمة أبدًا. كان هناك سوء فهم للحالة السياسية في ذلك الوقت. في حالة الشعوب العربية، فإن مَن يُراد محوه ينسى من كان قبله. لم يكن الوالد حالة استثنائية، بل كان ذلك جزءًا من الجو العام. تعاقب ثلاثة ملوك، وأبناء الملك سعود كانوا يطالبون على الدوام بصورة مباشرة وغير مباشرة، بإعادة صياغة تاريخ الملك سعود، ووضعه في إطاره الصحيح للأجيال القادمة ضمن المقررات الدراسية. وتم وعدنا في مرات كثيرة بأن تتم دراسة الموضوع. ما حدث من تأجيل لم يكن مقصودًا من قبل أيٍّ من الملوك السابقين، إنما كانت هناك أولويات. الأولويات في ذلك الزمن مثل الأمن الداخلي والحالة الدولية التي كان يمر بها العالم مثل الحرب الأمريكية الروسية الباردة، وحرب أفغانستان وتأثيرها. كل هذه الأحداث كان لها تأثير مباشر في عدم إكمال ما كنا نريده، وعندما جاء الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه- كان داعمًا رئيسيًّا لهذه الفكرة.
نقطة البداية
* ما هي الخطوات الأولى لإعادة كتابة تاريخ الملك سعود؟
تقدمنا نحن أبناء وبنات الملك سعود بهذا الاقتراح، وكانت نقطة البداية هي افتتاح متحف، ومعرض الملك سعود بالرياض ضمن سلسلة إحياء ذكرى ملوك المملكة العربية السعودية. وكان من أكبر الداعمين لهذا المشروع الأمير سلمان بن عبدالعزيز وهو نابغة في التاريخ والثقافة التراثية وخاصة في سيرة آل سعود. كذلك دعمتنا دار الملك عبدالعزيز، وكان المحرك الرئيسي لكل هذه المحاولات شقيقتي الكبرى الأميرة فهدة بنت سعود رئيسة الجمعية الفيصلية، وكذلك الدكتور سلمان بن سعود بن عبدالعزيز، بجانب كل بنات وأبناء الملك سعود. كلٌّ دعم بحسب قدرته ومعرفته.
تكوين المظلة
* هل هناك مظلة أو مؤسسة تضم هذه الأنشطة؟
لم تكن هناك في البدايات مظلة. وعلى كثرة عدد أبناء وبنات الملك سعود فلا توجد مظلة تجمعهم. كل المظلات كانت ضيقة لتجمع هذا العدد الكبير، ولم يكن هناك مشروع معين لجمعهن أو أن يكون هناك توجه مدعوم من الدولة بعد اتفاق الجميع على المعرض. لكن بعد أن أعطانا الملك عبدالله الضوء الأخضر، ووجدنا الدعم من الأمير سلمان، كما كان الأمير عبدالعزيز بن فهد هو الداعم الرئيسي الذي ساعدنا كثيرًا في جمع المعلومات والدعم المالي، وإعطاء المعرض هذه الصفة الإقليمية حتى إصدار الكتب والكتيبات وجمع المعلومات لأنه من العاشقين لسيرة الملك سعود. في ما بعد، وبعد أن انتقل المعرض من الشرقية إلي البحرين قررنا منذ حوالى سبع شهور باقتراح من الأمير محمد بن سعود والأميرة فهدة بنت سعود أن تكون لنا مظلة نجتمع تحتها كمؤسسة الملك سعود لمتابعة إعطاء الجوائز والدراسات لتاريخ الملك سعود وسيرته وإنجازاته، وفي ما بعد نطمح في المستقبل، لأن يكون هناك كرسي في إحدى الجامعات البريطانية لدراسة تاريخ الملك سعود.
أميرات مظلومات
* ننتقل إلى مجتمع الأميرات الذي يجهله كثير من العامة ويعتبرون أن به جانبًا كبيرًا من الغموض أو الترف.. كيف يمكن أن يكون هناك تواصل بين مجتمع الأميرات وبقية شرائح المجتمع؟
مثل كل المجتمعات في العالم هناك جفوة بين الطبقة المخملية والطبقات الوسطى والعادية. في كل المجتمعات مثل فرنسا تجد أن الطبقة المخملية لا تمت بصلة للطبقات الوسطى والعامة. في بريطانيا كذلك فإن العائلة المالكة لا تجد من أفرادها من يمشون في الشوارع مع الناس العاديين. هناك غموض حول هذه الطبقة. نحن لا نختلف عن أي عائلة مالكة. الحاجز لا يمكن كسره إلاّ بواسطة الطرفين، بأن يتقبل الشعب هذه الطبقة كأميرات وأمراء. في نظري فإن السيدة والرجل هما المجتمع. شخصيًّا لا أميز بين أمير وأميرة أو رجل وامرأة في المجتمع. أتحدّث عن الإنسان كإنسان. الأميرات في بلادنا مظلومات جدًا؛ لأن الفئة كبيرة، وحقيقتها لا تمت للصورة النمطية المطبوعة في أذهان الشعب عنها. معظم الأميرات اللاتي أعرفهن بسيطات، ويأكلن مثل ما يأكل بقية الشعب، ويذهبن إلى السوق، ويتسوقن كالأخريات ويذهبن إلى أعمالهن، ويقمن بكل الأعمال الروتينية التي تقوم بها كل ربة منزل. بالمقابل لا بد أن تبدو أمام المجتمع بصورة معينة وضعها لها المجتمع. عندما تتصرف الأميرة في أي مجتمع فإن تصرفاتها تحسب عليها وليس لمصلحتها.
* ولكنا لا نرى من الأميرات عاملات في مؤسسات الدولة؟
العمل بالنسبة لي متعة في حد ذاته أكثر منه مدخلاً للرزق.
المرأة العربية عامة عندما تضمن مصدر رزقها فإنها لا تحبذ الخروج والعمل، بل تحب السهر والجلسات الاجتماعية والأنشطة التي تؤمها سيدات المجتمع والطبقة الوسطى كالمؤسسات الخيرية. لكني أرى أن هذه الأنشطة صورية وليست حقيقية. وهذا يرجع إلى التنشئة. نشأنا كبقية النساء العربيات اللاتي هن على قناعة أنه ما دام لديك ما يكفيك، فلماذا تذهبين إلى العمل. شخصيًّا أصحو من النوم مع أولادي، وأذهب إلى عملي وكثيرات يسألنني هذه الأسئلة، وينتقدنني. لا توجد حياة للعامة وحياة أخرى لمن نشأن في طبقات مخملية. الحياة متشابهة للجميع. الأميرات لا يختلفن عن البقية، وببساطة ليس كل ما يعرف يُقال.
حرية الرأي والانتخاب
* بصفتك أميرة وناشطة في الشأن الحقوقي.. لماذا نجد أن المرأة مغيّبة عن الانتخابات مثل المجلس البلدي؟ وما هي وجهة نظرك في هذا الأمر؟
عندما ينتخب الرجل ما هي فعاليته؟ لماذا على المرأة أن تدخل في هذا المجال؟ المرأة أذكى من الرجل، وتري أن تطور من مجتمعها، وتريد أن يكون المجتمع أكثر فعالية، وهذا لا يوجد في الانتخابات أو وظيفة الذي ينتخب.
حقيبة وزارية
* متى تتولّى المرأة حقيبة وزارية ونراها في مجلس الوزراء؟
أتمنى من الملك عبدالله أن يعطي المرأة هذه الفرصة في عهده، وأرجو أن يكون ذلك قريبًا. سبق لي أن كتبتُ مقالاً ردًّا على الشيح عائض القرني عندما استشهد بملكة سبأ. أرى أن ملكة سبأ لو كانت رجلاً لقامت الحرب بينها وبين سيدنا سليمان، كذلك لو كانت أمانة مدينة جدة في يد امرأة هل كانت ستتصرف هذا التصرف وتبيع مخططات الموت دون رحمة للعامة؟
محاسبة المسؤول
* كيف ترين ملف الفساد المالي والإداري في جدة بعد أن تم فتحه على مصراعيه؟
أنا سعيدة جدًّا لفتحه، وأدعم هذا التوجه في تسليط الضوء عليه. مدينة جدة منذ أن عرفتها وقرأت تاريخها منذ زمن بعيد لم أكن أنظر لها بمرآة الناقدة، أو المفتشة، أو الكاتبة بل كإنسان يعيش فيها. كنت دائمًا أتساءل عن المسؤول عن هذه التشوهات في مدينة جدة؟ مَن هو المسؤول عن تردّي البنية التحتية في جدة. كل ما أسمع عن الميزانيات الهائلة التي تقدم في الخطط الخمسية للبنية التحتية في جدة كمجارٍ ومياه وكهرباء كنت أتساءل: أين تذهب هذه الأموال؟ خلال العامين الماضيين بدأت أكتب عن الفساد في جدة، كتبت أكثر من عشر مقالات عن هذا الموضوع. قبل يومين من إصدار الملك قرارًا بمحاسبة المسؤول كائنًا مَن كان كتبتُ عن هذا الموضوع في صحيفة المدينة، وفوجئت بأن نفس الجملة مستخدمة من المكتب الإعلامي للملك، «محاسبة المسؤول كائنًا من كان». وهذا بحد ذاته شرف لي، ونقطة تحوّل نستطيع الانطلاق منها. لا أقول إننا انطلقنا أو سنتحصل على نتائج فورية. لا زال الوقت مبكرًا على ظهور هذه النتائج لأن المسؤولية لم تتضح بعد، وليست واضحة للعيان. هناك تساؤلات يومية عن مصير اللجنة التي تم تكليفها، وأين النتائج؟ ومن هو المسؤول؟
أنجح المنتديات
* من واقع حضورك لمنتدى جدة الاقتصادي هذا العام.. كيف ترين هذا المنتدى في جولته الأخيرة؟
قد تستغرب من وجهة نظري لأني أعتبره من أنجح الدورات مع قلة الحضور، وبالذات الحضور النسائي وقلة المشاركين ذوي الأسماء الرنانة الذين تعودنا عليهم وعلى دفع الملايين لهم. أرى أن هذه الدورة من أكثر الدورات نجاحًا. قد تسألني: لماذا؟ وأقول لك لأنه عالج القضايا ببساطة وتناول القضايا الحالية التي يعاني منها العالم بتركيز، وليس بتعميم. وكان المشاركون بسيطين. بالمقابل لم تكن للحضور الثقافة الكافية، واكتفى المشاركون بالمشاركة فقط. الحضور النسائي على وجه الخصوص كان ضعيفًا جدًّا وهذا ما استغربته لأن المحاضرين كانوا مثقفين جدًّا. لكن قناعاتي ازدادت بعد هذا المنتدى بأنه إن لم توجد الأسماء الرنانة لا يمكن أن ينجح مثل هذا المنتدى لأن رجال الأعمال وسيداتها يركزون على الهالة أكثر من المضمون. ذهبت في يوم البيئة لأن لديّ مؤسسة تعنى بالبيئة. هذه المؤسسة لها وكالة مؤسسة عالمية معنية بتصريف المياه والمجاري بتقنية صديقة للبيئة، وليست ضارة وتقوم بتنقية المياه بنسبة 80%. أخذت هذه الوكالة لأني مهتمة بالبيئة والتسمم الإشعاعي، والتربة الخالية من الكيماويات، ولي باع في هذا المجال فقد كان لي في إنجلترا مزرعة من هذا النوع. فقد فوجئت عندما عدت للمملكة في سنة 1998م بالأمراض التي نعاني منها في المملكة نتيجة التلوث البيئي الناتجة، وفي السابق لم نكن نعرف هذه الأمراض.
استرقاق المرأة
* لماذا نجد أن المرأة دائمًا ورقة ضغط يستخدمها العالم الخارجي ضد المملكة؟
لأن المرأة هي نقطة الضعف في مجتمعنا. هؤلاء الناس يركزون على نقطة ضعفنا. استغلوا نقطة ضعف المجتمع السعودي تجاه المرأة، واستخدموها ضده، وصارت منطلق قوة لهم. هناك المتشددون الذين ينادون بأن تبقى المرأة في بيتها، وأن تغطي وجهها، وأنها عورة كلها، وأن تكون المرأة في مكان خاص والرجل في مكان خاص، وأن المرأة هي سبب الغواية، وأنها سبب كل المشكلات وسبب الطلاق، وسبب سيول جدة (ضاحكة). لم يتركوا مشكلة إلاّ وجعلوا المرأة سببًا لها. مَن يناصر المرأة يصفونه بأنه علماني. نقطة ضعفنا صارت المرأة فانشغلنا بقفازاتها، وعباءتها الفرنسية والإيطالية، وهل العباءة ضيّقة أم واسعة، أم أن أكمامها طويلة! من البديهي أن يستخدم الغرب هذه النقطة ضدنا؛ لأنها حلقتنا الأضعف.
سيطرة ذكورية
* كيف ترين الإعلام السعودي في الوقت الحالي؟
الإعلام الذكوري أم الإعلام النسائي؟
* الإعلام بشكل عام؟
الإعلام بشكل عام ليس إعلامًا.
* ما مفهومك للإعلام الذكوري؟
هو المسيطر؛ وحتى المجلات النسائية التي تُعنى بالنساء لا تديرها نساء بل رجال. هذه في حد ذاتها رسالة. الرجل مسيطر تمامًا على الإعلام السعودي، من منطلق أنا أرى وأنت لا ترين، وأنا آمر وأنت تكتبين. أكتب اسمي، وأنت تختفين. لا توجد حقوق للإعلامية مثل الرجل، لا توجد مراعاة لأوقات العمل مثل الرجل. كامرأة مسلمة لا يوجد لها اعتبار، ويستمر عملها في بعض التكليفات الميدانية حتى الحادية عشرة ليلاً، مع أن لها أبناء وزوجًا. لا توجد مراعاة. الناس كلها تعمل نهارًا أمّا الإعلاميات السعوديات فيعملن ليلاً. لديهن دوامان. لا توجد مراعاة لا في الأجر، ولا في الحقوق. المرأة الإعلامية فقدت كل حقوقها في مجتمع الإسلام. الإعلامي الرجل يأخذ حقوقه بالكامل نتيجة لمحسوبية وأمور معينة. كل مَن يقول لك إن الإعلام حر، فهو يتحدث عن خطوط عريضة لا وجود لها على أرض الواقع. لديّ أمل في الدكتور عبدالعزيز خوجة، وأنا أعرفه شخصيًّا لأني كنت أعيش في المغرب، ولمدة سنتين عندما كان سفيرنا هناك. كان لديّ أمل كبير أن يلجأ لتغيير المنظومة المعروفة عن الإعلام بمجرد تسلّمه مقاليد الوزارة. وما زال لديّ آمال كثيرة في جهاز الإعلام وفي وزير الإعلام والثقافة الدكتور عبدالعزيز خوجة، كما أنني متأكدة بنسبة 100% من أن الملك عبدالله -حفظه الله- قد أعطى الضوء الأخضر لكل الجهات لفرض وتنفيذ القرارات التي صدرت من الديوان الملكي، ولم تجد طريقها للتنفيذ. ستظل هذه القرارات لسنوات إن لم يكن للوزراء نقطة تحول.
http://www.al-madina.com/files/imagecache/node_photo/rbimages/1273428720087460300.jpg (http://www.al-madina.com/node/246791)
الاثنين, 10 مايو 2010
فهد الشريف
المتشددون يرون أن المرأة سبب كل المشاكل بما فيـــــــــــــها سيول جدة
أرجعت الأميرة بسمة بنت سعود تأخّر إعادة صياغة تاريخ الملك سعود بن عبدالعزيز وإدراجه في المقررات الدراسية إلى الأحداث المتتالية التي مرت بالمملكة في تلك الحقبة، ضاربة لذلك مثلاً بأحداث الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي (سابقًا)، وحرب أفغانستان، وغيرها من الأحداث الأخرى، مشيرة إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أولى هذا الأمر اهتمامًا كبيرًا ظهرت بوادره في المعرض الذي أقيم لتاريخ الملك سعود. كذلك أشارت الأميرة بسمة إلى أن فئة الأميرات مظلومات وأن هناك صورة نمطية لدى الشعب يجب أن تعدل، مبينة أن الواقع لا يشير إلى هذه الصورة المخملية المحفوظة في ذواكر الناس. وحول واقع المرأة في المملكة أشارت الأميرة بسمة إلى أن هناك «رق» ممارس على المرأة، منتقدة بشدة «المتشددين» الذي ضيقوا عليها بالفتاوى التي تحجر على المرأة كثيرًا مما هو مباح لها، وإلصاق كل أسباب المشاكل والأزمات بها، مشيرة إلى أن هذه النظرة للمرأة والتعامل بها استعملها الغرب ضد مجتمعنا.. كذلك انتقدت الأميرة بسمة واقع العمل التنفيذي في الوزارات، مبينة أن «الخلل ليس في المؤسسة التشريعية وإنما في المؤسسة التنفيذية.. العديد من المحاور المختلفة طي هذا الحوار مع الأميرة بسمة بنت سعود..
* الفترة الأخيرة شهدت صحوة إعلامية لتاريخ الملك سعود.. فكيف ترين هذا التاريخ، وإعادة هذه الصحوة؟
الملك سعود لم يُمحَ من ذاكرة الأمة أبدًا. كان هناك سوء فهم للحالة السياسية في ذلك الوقت. في حالة الشعوب العربية، فإن مَن يُراد محوه ينسى من كان قبله. لم يكن الوالد حالة استثنائية، بل كان ذلك جزءًا من الجو العام. تعاقب ثلاثة ملوك، وأبناء الملك سعود كانوا يطالبون على الدوام بصورة مباشرة وغير مباشرة، بإعادة صياغة تاريخ الملك سعود، ووضعه في إطاره الصحيح للأجيال القادمة ضمن المقررات الدراسية. وتم وعدنا في مرات كثيرة بأن تتم دراسة الموضوع. ما حدث من تأجيل لم يكن مقصودًا من قبل أيٍّ من الملوك السابقين، إنما كانت هناك أولويات. الأولويات في ذلك الزمن مثل الأمن الداخلي والحالة الدولية التي كان يمر بها العالم مثل الحرب الأمريكية الروسية الباردة، وحرب أفغانستان وتأثيرها. كل هذه الأحداث كان لها تأثير مباشر في عدم إكمال ما كنا نريده، وعندما جاء الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه- كان داعمًا رئيسيًّا لهذه الفكرة.
نقطة البداية
* ما هي الخطوات الأولى لإعادة كتابة تاريخ الملك سعود؟
تقدمنا نحن أبناء وبنات الملك سعود بهذا الاقتراح، وكانت نقطة البداية هي افتتاح متحف، ومعرض الملك سعود بالرياض ضمن سلسلة إحياء ذكرى ملوك المملكة العربية السعودية. وكان من أكبر الداعمين لهذا المشروع الأمير سلمان بن عبدالعزيز وهو نابغة في التاريخ والثقافة التراثية وخاصة في سيرة آل سعود. كذلك دعمتنا دار الملك عبدالعزيز، وكان المحرك الرئيسي لكل هذه المحاولات شقيقتي الكبرى الأميرة فهدة بنت سعود رئيسة الجمعية الفيصلية، وكذلك الدكتور سلمان بن سعود بن عبدالعزيز، بجانب كل بنات وأبناء الملك سعود. كلٌّ دعم بحسب قدرته ومعرفته.
تكوين المظلة
* هل هناك مظلة أو مؤسسة تضم هذه الأنشطة؟
لم تكن هناك في البدايات مظلة. وعلى كثرة عدد أبناء وبنات الملك سعود فلا توجد مظلة تجمعهم. كل المظلات كانت ضيقة لتجمع هذا العدد الكبير، ولم يكن هناك مشروع معين لجمعهن أو أن يكون هناك توجه مدعوم من الدولة بعد اتفاق الجميع على المعرض. لكن بعد أن أعطانا الملك عبدالله الضوء الأخضر، ووجدنا الدعم من الأمير سلمان، كما كان الأمير عبدالعزيز بن فهد هو الداعم الرئيسي الذي ساعدنا كثيرًا في جمع المعلومات والدعم المالي، وإعطاء المعرض هذه الصفة الإقليمية حتى إصدار الكتب والكتيبات وجمع المعلومات لأنه من العاشقين لسيرة الملك سعود. في ما بعد، وبعد أن انتقل المعرض من الشرقية إلي البحرين قررنا منذ حوالى سبع شهور باقتراح من الأمير محمد بن سعود والأميرة فهدة بنت سعود أن تكون لنا مظلة نجتمع تحتها كمؤسسة الملك سعود لمتابعة إعطاء الجوائز والدراسات لتاريخ الملك سعود وسيرته وإنجازاته، وفي ما بعد نطمح في المستقبل، لأن يكون هناك كرسي في إحدى الجامعات البريطانية لدراسة تاريخ الملك سعود.
أميرات مظلومات
* ننتقل إلى مجتمع الأميرات الذي يجهله كثير من العامة ويعتبرون أن به جانبًا كبيرًا من الغموض أو الترف.. كيف يمكن أن يكون هناك تواصل بين مجتمع الأميرات وبقية شرائح المجتمع؟
مثل كل المجتمعات في العالم هناك جفوة بين الطبقة المخملية والطبقات الوسطى والعادية. في كل المجتمعات مثل فرنسا تجد أن الطبقة المخملية لا تمت بصلة للطبقات الوسطى والعامة. في بريطانيا كذلك فإن العائلة المالكة لا تجد من أفرادها من يمشون في الشوارع مع الناس العاديين. هناك غموض حول هذه الطبقة. نحن لا نختلف عن أي عائلة مالكة. الحاجز لا يمكن كسره إلاّ بواسطة الطرفين، بأن يتقبل الشعب هذه الطبقة كأميرات وأمراء. في نظري فإن السيدة والرجل هما المجتمع. شخصيًّا لا أميز بين أمير وأميرة أو رجل وامرأة في المجتمع. أتحدّث عن الإنسان كإنسان. الأميرات في بلادنا مظلومات جدًا؛ لأن الفئة كبيرة، وحقيقتها لا تمت للصورة النمطية المطبوعة في أذهان الشعب عنها. معظم الأميرات اللاتي أعرفهن بسيطات، ويأكلن مثل ما يأكل بقية الشعب، ويذهبن إلى السوق، ويتسوقن كالأخريات ويذهبن إلى أعمالهن، ويقمن بكل الأعمال الروتينية التي تقوم بها كل ربة منزل. بالمقابل لا بد أن تبدو أمام المجتمع بصورة معينة وضعها لها المجتمع. عندما تتصرف الأميرة في أي مجتمع فإن تصرفاتها تحسب عليها وليس لمصلحتها.
* ولكنا لا نرى من الأميرات عاملات في مؤسسات الدولة؟
العمل بالنسبة لي متعة في حد ذاته أكثر منه مدخلاً للرزق.
المرأة العربية عامة عندما تضمن مصدر رزقها فإنها لا تحبذ الخروج والعمل، بل تحب السهر والجلسات الاجتماعية والأنشطة التي تؤمها سيدات المجتمع والطبقة الوسطى كالمؤسسات الخيرية. لكني أرى أن هذه الأنشطة صورية وليست حقيقية. وهذا يرجع إلى التنشئة. نشأنا كبقية النساء العربيات اللاتي هن على قناعة أنه ما دام لديك ما يكفيك، فلماذا تذهبين إلى العمل. شخصيًّا أصحو من النوم مع أولادي، وأذهب إلى عملي وكثيرات يسألنني هذه الأسئلة، وينتقدنني. لا توجد حياة للعامة وحياة أخرى لمن نشأن في طبقات مخملية. الحياة متشابهة للجميع. الأميرات لا يختلفن عن البقية، وببساطة ليس كل ما يعرف يُقال.
حرية الرأي والانتخاب
* بصفتك أميرة وناشطة في الشأن الحقوقي.. لماذا نجد أن المرأة مغيّبة عن الانتخابات مثل المجلس البلدي؟ وما هي وجهة نظرك في هذا الأمر؟
عندما ينتخب الرجل ما هي فعاليته؟ لماذا على المرأة أن تدخل في هذا المجال؟ المرأة أذكى من الرجل، وتري أن تطور من مجتمعها، وتريد أن يكون المجتمع أكثر فعالية، وهذا لا يوجد في الانتخابات أو وظيفة الذي ينتخب.
حقيبة وزارية
* متى تتولّى المرأة حقيبة وزارية ونراها في مجلس الوزراء؟
أتمنى من الملك عبدالله أن يعطي المرأة هذه الفرصة في عهده، وأرجو أن يكون ذلك قريبًا. سبق لي أن كتبتُ مقالاً ردًّا على الشيح عائض القرني عندما استشهد بملكة سبأ. أرى أن ملكة سبأ لو كانت رجلاً لقامت الحرب بينها وبين سيدنا سليمان، كذلك لو كانت أمانة مدينة جدة في يد امرأة هل كانت ستتصرف هذا التصرف وتبيع مخططات الموت دون رحمة للعامة؟
محاسبة المسؤول
* كيف ترين ملف الفساد المالي والإداري في جدة بعد أن تم فتحه على مصراعيه؟
أنا سعيدة جدًّا لفتحه، وأدعم هذا التوجه في تسليط الضوء عليه. مدينة جدة منذ أن عرفتها وقرأت تاريخها منذ زمن بعيد لم أكن أنظر لها بمرآة الناقدة، أو المفتشة، أو الكاتبة بل كإنسان يعيش فيها. كنت دائمًا أتساءل عن المسؤول عن هذه التشوهات في مدينة جدة؟ مَن هو المسؤول عن تردّي البنية التحتية في جدة. كل ما أسمع عن الميزانيات الهائلة التي تقدم في الخطط الخمسية للبنية التحتية في جدة كمجارٍ ومياه وكهرباء كنت أتساءل: أين تذهب هذه الأموال؟ خلال العامين الماضيين بدأت أكتب عن الفساد في جدة، كتبت أكثر من عشر مقالات عن هذا الموضوع. قبل يومين من إصدار الملك قرارًا بمحاسبة المسؤول كائنًا مَن كان كتبتُ عن هذا الموضوع في صحيفة المدينة، وفوجئت بأن نفس الجملة مستخدمة من المكتب الإعلامي للملك، «محاسبة المسؤول كائنًا من كان». وهذا بحد ذاته شرف لي، ونقطة تحوّل نستطيع الانطلاق منها. لا أقول إننا انطلقنا أو سنتحصل على نتائج فورية. لا زال الوقت مبكرًا على ظهور هذه النتائج لأن المسؤولية لم تتضح بعد، وليست واضحة للعيان. هناك تساؤلات يومية عن مصير اللجنة التي تم تكليفها، وأين النتائج؟ ومن هو المسؤول؟
أنجح المنتديات
* من واقع حضورك لمنتدى جدة الاقتصادي هذا العام.. كيف ترين هذا المنتدى في جولته الأخيرة؟
قد تستغرب من وجهة نظري لأني أعتبره من أنجح الدورات مع قلة الحضور، وبالذات الحضور النسائي وقلة المشاركين ذوي الأسماء الرنانة الذين تعودنا عليهم وعلى دفع الملايين لهم. أرى أن هذه الدورة من أكثر الدورات نجاحًا. قد تسألني: لماذا؟ وأقول لك لأنه عالج القضايا ببساطة وتناول القضايا الحالية التي يعاني منها العالم بتركيز، وليس بتعميم. وكان المشاركون بسيطين. بالمقابل لم تكن للحضور الثقافة الكافية، واكتفى المشاركون بالمشاركة فقط. الحضور النسائي على وجه الخصوص كان ضعيفًا جدًّا وهذا ما استغربته لأن المحاضرين كانوا مثقفين جدًّا. لكن قناعاتي ازدادت بعد هذا المنتدى بأنه إن لم توجد الأسماء الرنانة لا يمكن أن ينجح مثل هذا المنتدى لأن رجال الأعمال وسيداتها يركزون على الهالة أكثر من المضمون. ذهبت في يوم البيئة لأن لديّ مؤسسة تعنى بالبيئة. هذه المؤسسة لها وكالة مؤسسة عالمية معنية بتصريف المياه والمجاري بتقنية صديقة للبيئة، وليست ضارة وتقوم بتنقية المياه بنسبة 80%. أخذت هذه الوكالة لأني مهتمة بالبيئة والتسمم الإشعاعي، والتربة الخالية من الكيماويات، ولي باع في هذا المجال فقد كان لي في إنجلترا مزرعة من هذا النوع. فقد فوجئت عندما عدت للمملكة في سنة 1998م بالأمراض التي نعاني منها في المملكة نتيجة التلوث البيئي الناتجة، وفي السابق لم نكن نعرف هذه الأمراض.
استرقاق المرأة
* لماذا نجد أن المرأة دائمًا ورقة ضغط يستخدمها العالم الخارجي ضد المملكة؟
لأن المرأة هي نقطة الضعف في مجتمعنا. هؤلاء الناس يركزون على نقطة ضعفنا. استغلوا نقطة ضعف المجتمع السعودي تجاه المرأة، واستخدموها ضده، وصارت منطلق قوة لهم. هناك المتشددون الذين ينادون بأن تبقى المرأة في بيتها، وأن تغطي وجهها، وأنها عورة كلها، وأن تكون المرأة في مكان خاص والرجل في مكان خاص، وأن المرأة هي سبب الغواية، وأنها سبب كل المشكلات وسبب الطلاق، وسبب سيول جدة (ضاحكة). لم يتركوا مشكلة إلاّ وجعلوا المرأة سببًا لها. مَن يناصر المرأة يصفونه بأنه علماني. نقطة ضعفنا صارت المرأة فانشغلنا بقفازاتها، وعباءتها الفرنسية والإيطالية، وهل العباءة ضيّقة أم واسعة، أم أن أكمامها طويلة! من البديهي أن يستخدم الغرب هذه النقطة ضدنا؛ لأنها حلقتنا الأضعف.
سيطرة ذكورية
* كيف ترين الإعلام السعودي في الوقت الحالي؟
الإعلام الذكوري أم الإعلام النسائي؟
* الإعلام بشكل عام؟
الإعلام بشكل عام ليس إعلامًا.
* ما مفهومك للإعلام الذكوري؟
هو المسيطر؛ وحتى المجلات النسائية التي تُعنى بالنساء لا تديرها نساء بل رجال. هذه في حد ذاتها رسالة. الرجل مسيطر تمامًا على الإعلام السعودي، من منطلق أنا أرى وأنت لا ترين، وأنا آمر وأنت تكتبين. أكتب اسمي، وأنت تختفين. لا توجد حقوق للإعلامية مثل الرجل، لا توجد مراعاة لأوقات العمل مثل الرجل. كامرأة مسلمة لا يوجد لها اعتبار، ويستمر عملها في بعض التكليفات الميدانية حتى الحادية عشرة ليلاً، مع أن لها أبناء وزوجًا. لا توجد مراعاة. الناس كلها تعمل نهارًا أمّا الإعلاميات السعوديات فيعملن ليلاً. لديهن دوامان. لا توجد مراعاة لا في الأجر، ولا في الحقوق. المرأة الإعلامية فقدت كل حقوقها في مجتمع الإسلام. الإعلامي الرجل يأخذ حقوقه بالكامل نتيجة لمحسوبية وأمور معينة. كل مَن يقول لك إن الإعلام حر، فهو يتحدث عن خطوط عريضة لا وجود لها على أرض الواقع. لديّ أمل في الدكتور عبدالعزيز خوجة، وأنا أعرفه شخصيًّا لأني كنت أعيش في المغرب، ولمدة سنتين عندما كان سفيرنا هناك. كان لديّ أمل كبير أن يلجأ لتغيير المنظومة المعروفة عن الإعلام بمجرد تسلّمه مقاليد الوزارة. وما زال لديّ آمال كثيرة في جهاز الإعلام وفي وزير الإعلام والثقافة الدكتور عبدالعزيز خوجة، كما أنني متأكدة بنسبة 100% من أن الملك عبدالله -حفظه الله- قد أعطى الضوء الأخضر لكل الجهات لفرض وتنفيذ القرارات التي صدرت من الديوان الملكي، ولم تجد طريقها للتنفيذ. ستظل هذه القرارات لسنوات إن لم يكن للوزراء نقطة تحول.