تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نرجوا النجاح في تعاملنا مع أطفالنا؟


rola
26/05/2008, 07:34 PM
نرجوا النجاح في تعاملنا مع أطفالنا؟
إذاً فلنتعرف على احتياجاتهم النفسية!
التربية النفسية... معناها و أهميتها:
اهتم الإسلام ببناء الإنسان بناء متكاملاً و متوازناً وحدد معالم هذا البناء بأسلوب لا يطغى فيه جانب على آخر، بل جعل كل مجالات البناء تتكامل فيما بينها لتحقق هدفها الرئيسي ألا وهو بناء "الإنسان الصالح"، ذلك الإنسان السوي، سليم العقل وسليم الجسم، سليم البنيان وسليم النفس...
واهتم القرآن بالنفس اهتمامه بصلاح المرء فقال تعالى: (ونفس و ما سواها فألهمها فجورها و تقواها () قد أفلح من زكاها و قد خاب من دسَّاها).
‏ولذلك فقد اهتم المنهج التربوي في الإسلام ببناء شخصية الإنسان النفسية بموازاة باقي الاهتمامات باعتباره وحدة متكاملة ومترابطة لا سبيل لإهمال جزء من أجرائها.
وكل دعوة إلى الخير أو نهي عن الشر تنطلق عادة من خلال توجيه السلوك الداخلي وبناء الحوا فز و الدوافع بموازاة بناء الاتجاهات النفسية (الحب.. البغض..) لدى الإنسان.
ولذلك فإننا لا نغالي و لا نبالغ إذا اعتبرنا البناء النفسي أحد أهم المقومات الذاتية للشخصية السوية المنشودة، ‏كما أن اهتمام المربي بالتربية النفسية للطفل المسلم خلال مرحلة طفولته -أي مرحلة التكوين والنمو وبناء المعالم والاتجاهات- أمر ذو أهمية لا ينبغي إغفاله، باعتباره أحد أهم العوامل في نمو شخصية الطفل وتقويتها.
‏مفاهيم حول التربية النفسية:
تتعدَّد المفاهيم المرتبطة بالتربية النفسية و تختلف أحياناً... لكن أهم وقفة ينبغي التركيز عليها هي شمولية تحديد مقاييس ومعايير ومجالات التربية النفسية. هذه الشمولية التي تجعلنا نتجاوز المعالجات الضيقة و القاصرة ‏حولها.
إذ يعتبر البعض التربية النفسية مقتصرة -فقط- على علاج الاضطرابات النفسية التي قد يعاني منها الطفل..
‏وأصحاب هذه النظرة يهتمون بالعلاج ولا يهتمون بالبناء ولا بالوقاية، و هم بذلك يهملون الجانب الأهم في معالم المنهج التربوي الإسلامي.
إن النظرة الشمولية تعني الاهتمام بالبناء واكتمال الصفات النفسية الذاتية لدى الإنسان، و رعايتها من خلال تنميتها وتوجيهها وإرشادها، وكذلك من خلال ضبطها وفق معايير محددة، و الحفاظ على التوازن و التقابل الذي يحدد المعيار الصحيح وما يقابله من سيِّء.
فالشجاعة يقابلها الجبن، والكرم يقابله البخل، والاجتهاد (المجاهدة) يقابله الكسل وهكذا...
‏ومن خلال هذه المقدمة يمكن تحديد مجموعة من المفاهيم حول التربية النفسية من بينها: ‏
1- التربية النفسية: إعداد الإنسان نفسياً وعاطفياً لمهمته في الحياة.
‏2- هي تنمية خصال الخير و الصفات الإيجابية لديه ورفعها نحو الكمال الممكن.
‏3- المحافظة على خصال الفطرة لدى الإنسان، و العمل على رعايتها و تنميتها.
4- توجيه سلوك الطفل نحو بناء شخصية سوية.
5- تعويد الطفل على الضوابط التي تسهم في تنشئته على القيام بالواجبات وفق أحسن الصور و أفضل الأداء.
‏6- بناء اتجاهات نفسية لدى الطفل حول الحياة والكون والإنسان و مهمته في هذا الوجود. هذه الاتجاهات التي تشكل لديه المعايير لمعرفة الحق من الباطل، والصواب من الخطأ، و المقبول من المرفوض.
وبعبارة أوضح: تأسيس حس لدى الطفل يشكل (فرقاناً) لديه: ( يا أيها الذين امنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا) (الأنفال: 28).
‏7- تنمية المبالاة لدى الطفل بالحوافز النفسية التي تشكل طاقةً و دافعاً نحو عمل الخير. ( الإخلاص - التشجيع - المكافأة...)
‏8- تهذيب الغرائز وضبطها من خلال قواعد الإسلام... بدون قمع و لا حرية مطلقين.
هذه الغرائز التي يعبر عنها بمفهوم (الحاجات النفسية لدى الإنسان).
الحاجات النفسية للإنسان عموماً و الطفل خصوصاً:
‏المربي ينطلق من قواعد ليبني... والتربية النفسية تقوم على مراعاة الحاجات الإنسانية واعتبارها في نفس الوقت نقطة انطلاق نحو البناء الأسلم. و هذه الحاجات يمكن إجمالها فيما يلي:
• الحاجة إلى الطمأنينة.
• الحاجة إلى الحب المتبادل.
‏• الحاجة إلى الحياة الاجتماعية والخلطة ( الانتماء) و العشرة و الرابطة الأسرية ( الزواج... )
‏• الحاجة إلى تقدير المحيط له.
• الحاجة إلى الحرية. . .
‏• الحاجة إلى اعتراف الآخرين به.
‏• الحاجة إلى سلطة ضابطة تحدد له مجال الانطلاق.
• الحاجة إلى النجاح.
‏هذه الحاجات ضرورة إنسانية من أجل تحقيق عملية التنشئة الاجتماعية و الاندماج الاجتماعي و التكيف من أجل تحقيق الشخصية السوية غير المضطربة.
وهذه الحاجات تتطلب من المربي خبرة من أجل توجيهها والتعامل معها بتوازن يحفظ تحقيقها بضوابط. فلا هيَ تُقمع قمعاً و لا هيَ تُتركُ بدون ضبط على الإطلاق وفي نفس الوقت يستعين بها المربي لبناء الشخصية و"صناعة الرجال" و من خلال تحقيق التوازن بين هذه الحاجات وتنميتها وفق ضوابط و معايير فإننا نحقِّق التوافق و التكامل بين سائر الوظائف النفسية/ الذاتية لدى الطفل، ونبني الأرضية التي يواجه من خلالها الطفل كل الأزمات النفسية والصدمات والاضطرابات والأحداث الطارئة بشكل إيجابي لا يترك أثراً سيئاً لديه.
تفهُّم الحاجات النفسية لطفلك هو الأساس لنجاح تعاملك معه:‏
من أهمِّ فنون التعامل مع الطفل فهم نفسيته ودوافع سلوكه و حاجاته النفسية، فالتعامل السطحي مع الطفل بعيداً عن فهم ما أشرنا إليه هو سبب المشاكل السلوكية في حياة الأبناء سواء أثناء طفولتهم أو في باقي فترات حياتهم ونموهم.
‏تؤكد الدراسات النفسية و التربوية، و قبلها يؤكد ديننا الحنيف متمثلاً في سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام أن لكل سلوك دافعاً (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى...) و كذلك ثمة حاجات نفسية أساسية يحتاج إليها كل إنسان صغيراً كان أو كبيراً.
وتؤكد الدراسات العلمية الدقيقة أن عدم تلبية هذه الحاجات في حياة الطفل تدفعه إلى سدِّها بطرقٍ مغلوطة و غير مقبولة في أحيان كثيرة.
‏إن عدم تلبية حاجات الطفل الأساسية ينتج عنه أحد الأمرين:
1- الانطواء على الذات و الهروب و الانكماش و الشعور بالإحباط. و هذه كلها طرق لضعف الشخصية في المستقبل.
‏2- العدوانية و ممارسة العنف لتلبية هذه الحاجيات النفسية. و هي ردة فعل هجومية على المحيط الأسري و على الآباء تتخذ أشكالاً انتقامية، و تتمثل في صور متعددة كالتبوُّل اللاإرادي، و العناد، و العدوانية.
التربية الإيمانية توجه الحاجات:
‏الإيمان ينبغي أن يهذب الحاجات و يوجهها التوجيه السليم حتى لا يطغى جانب على جوانب أخرى و لا يحيد عن الحق والصواب.
ويتم ذلك بالحوار و الإقناع المبني على مقاصد الشريعة الإسلامية، و الآداب و مكارم الأخلاق والقيم. و الآيات القرآنية تؤكد هذه المعاني الإنسانية النبيلة: ‏(فليعبدوا ربَّ هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) (قريش: 3 ‏ -4)، (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) (الأنعام: 82).
ست وقفات تصحيحية:
‏1- إن سلوك الطفل بالرغم من كونه يتأثر إلى حد كبير بالبيت و غيره من المحيطات التي تحتضن نموه فإن الكثير من التغيرات السلوكية في حياة الطفل تنبع وتُحدَّد من داخله.
‏2- كلما زادت معرفة الوالدين بخصائص نمو الطفل وحاجاته زاد نجاحهما في توجيه الطفل التوجيه السليم.
3- إن معرفة الحاجات النفسية للطفل، وخصائص مراحل نموه تجعل المربين يفهمون لغة الطفل غير اللفظية و بالتالي يحسنون التعامل معه، و كذلك تمكنهم من توقع ما يطرأ على سلوكه من متغيِّرات.
‏4- هذه المعرفة تقي الوالدين من شعور الخيبة و القلق وتهدئ من روعهما ليحسنا تربية الولد وتوجيهه بالتي هي أحسن و تبعدهما عن اتخاذ مواقف متشنجة مع الطفل.
5- المعرفة تجعل الآباء يعملون على تنمية القدرات و المهارات الذاتية بدل إطفائها وقمعها جهلاً منهم.
‏6- المعرفة تيسر الطريق لاكتشاف المواهب وتنميتها.
د. مصطفى أبو سعد