المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : انتفاضة تونس وقدرة الشعوب على تحقيق المعجزات - عوني القلمجي


صقر الجنوب
21/01/2011, 06:52 PM
انتفاضة تونس وقدرة الشعوب على تحقيق المعجزات - عوني القلمجي

الكاتب : العراق للجميع - 13:54:53 2011-01-21

http://www.iraq4allnews.dk/showimg.php?fg=21012011065453.jpg

. انتفاضة تونس وقدرة الشعوب على تحقيق المعجزات

من حق المواطن العربي ان يرفع راسه عاليا بفضل الانتفاضة العظيمة التي قام بها الشعب التونسي، والتي اجبرت الدكتاتور الفاسد زين العابدين بن علي على الهروب في جنح الظلام، واحدثت خللا كبيرا في اجهزة نظامه الامنية والقمعية، وحتى داخل حزبه الدستوري. حيث اعطت هذه الانتفاضة الدليل الساطع على براءة هذا المواطن العربي من التهم والشتائم التي وجهت له من قبل اعداء الامة العربية، على مدار سنين عديدة، بل وحتى من ابناء جلدته، وذلك بوصفه بالاستكانة اوالاستسلام للامر الواقع بكل مساوئه، الامر الذي سيؤدي حتما الى استعادة الثقة بالنفس والسير على هذه الطريق، اذا لم يكن اليوم فغدا، خصوصا وان بوادر مثل هذه الانتفاضات بدات تلوح في الافق في اغلب البلدان العربية.
هذا التطور الكبير والذي حرك الشارع العربي عموما ضد جميع الانظمة الدكتاتورية، قد ولد حالة ذعر شديدة في المعسكر المعادي للامة العربية، وعلى وجه التحديد التحالف الامريكي الصهيوني، اضافة الى عملائهم من حكام الردة العرب. فسارعوا الى توظيف كل امكاناتهم الاعلامية للتشكيك بالانتفاضة وقدرتها على تحقيق الانتصار النهائي واقامة نظام وطني ديمقراطي حقيقي. وقد استندوا في ذلك على اسباب ومبررات تنطوي على قدر من الحقيقة، من قبيل وصف الانتفاضة بانها عفوية كونها جاءت نتيجة قيام الشاب بوعزيزي باحراق نفسه امام الملأ احتجاجا على الظلم والمعاناة، او لتخلف القوى والاحزاب الوطنية عن قيادتها وتوجيه مسارها او لعدم وحدة شعاراتها الخ. وعلى الرغم من المبالغة في هذه الاسباب ، فان البعض منا قد وقع في هذا الفخ واخذ يردد هذه المقولات دون التدقيق فيها بالقدر الكافي، او على الاقل التريث لفترة قبل اصدار احكام من هذا القبيل، خصوصا وان الانتفاضة لم تزل مستمرة من جهة، ومن جهة اخرى جرى معالجة هذه الاسباب بدرجة تدعو للتفاؤل والاطمئنان.
نطرق هذا الباب لخطورة هذه المسالة، فالتشكيك بالانتفاضة من قبل البعض منا، بصرف النظر عن النوايا الحسنة، او المخاوف المشروعة، يصب في نهاية المطاف في خدمة اعداء الامة وخدمة الحكام العرب امثال بن علي، لانها تبعد الناس عن الدخول في معارك من هذا الوزن او على الاقل التريث لحين ظهور النتائج. وحسبنا في هذا المضمار الولوج في هذا الجانب، ولو من باب الاشارات او الملاحظات العامة، كمساهمة متواضعة لانصاف هذه الانتفاضة العملاقة ودفع التهم الباطلة عنها. وفي هذا الصدد، وكمفاهيم عامة، فالانتفاضات الشعبية هي في عمومها تعبير عن قوانين اجتماعية تسري على جميع المجتمعات البشرية، وهي غالبا ما تكون عفوية في بداياتها، ولكنها سرعان ما تنتظم مسيرتها، ولا يغير من هذه الحقيقة فشل العديد من الانتفاضات العفوية هنا او هناك. ناهيك عن ان الانتفاضة في تونس لم تات نتيجة ما قام به بو عزيزي فعلا، على الرغم من اهميته ودلالاته، فهذا يعد تبسيطا ساذجا، وانما كان ذلك الحدث بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير كما يقال. فالمحنة التي عاشها التونسيون في عهد هذا الطاغية كانت قاسية الى درجة كبيرة. فبالاضافة الى اتساع قاعدة الفقر بين الناس وازدياد البطالة واهدار الكرامة وفساد السلطة، كان هناك مسلسل الاعتقالات والسجون وممارسة التعذيب ضد جميع الوطنيين، من قوميين وناصريين ويساريين واسلاميين، في حين لم تظهر في الافق رياح اي تغيير يرتجى منه خيرا عبر الوسائل القانونية التي اقرها دستور البلاد، لا في المدى المنظور ولا في المدى البعيد. فالنظام بقى هو ذاته لان الانتخابات الرئاسية الشكلية لا مرشح فيها سوى بن علي، ولا حزب يفوز فيها بالأغلبية الساحقة سوى حزب بن علي، ولا رئيس يصلح لحكم البلاد ومدى الحياة سوى بن علي.
ثمة امر اخر ذو اهمية كبيرة يتعلق بهذا الموضوع، حيث لا يعيب هذه الانتفاضة عفويتها مادامت قد تمكنت من التحول الى العمل المنظم، وهناك من وقائع الانتفاضة ومسيرتها المتواصلة ما يدعو للتامل والامل. حيث راينا بام اعيننا، وسمعنا بملء اذاننا، عن تطورات كبيرة وهامة حدثت وفي مجالات مختلفة. فعلى مستوى الاحزاب والقوى الوطنية فقد دخل معظمها في الانتفاضة بهذه الدرجة او تلك، مثلما دخلت ايضا الهيئات والنقابات المهنية. وعلى مستوى التنظيم، فقد جرى تشكيل اللجان في جميع الولايات لقيادة الانتفاضة وتوجيه مسارها، بل اننا نلاحظ بوادر تشكيل قيادة مشتركة للانتفاضة ووضع خطوط عامة لبرنامج سياسي يحدد الاهداف والمهمات والية ادارتها. في حين تشير مجمل الفعاليات الى الاصرار على مواصلتها وديمومتها حتى تحقيق اهدافها، وخير دليل على ذلك رفضها لانصاف الحلول، ومنها على سبيل المثال، رفض حكومة الغنوشي وانسحاب اغلب وزراء المعارضة منها. والاهم من ذلك هو تطور شعارتها، ففي الوقت الذي اقتصرت فيه هذه الشعارات في بداية الانتفاضة على المطالب الاجتماعية، من قبيل توفير فرص للعمل وتحقيق العدالة في التنمية بين الولايات، انتقلت هذه الشعارات الى مرحلة متقدمة ذات طابع سياسي بحت، ونقصد تلك المتعلقة بالحريات الديمقراطية وحق التعبير والتظاهر والتنديد بالفساد والمطالبة باسقاط النظام القمعي والحزب الحاكم. اي تم الربط بين الشعارات ذات الطابع الاجتماعي، والشعارات السياسية، وهذا بحد ذاته عمل سياسي كبير، تجاوز في مضمونه برامج الاحزاب والقوى الوطنية المعارضة، التي كانت تضع في الاعتبار قوانين اللعبة الديمقراطية التي وضع حدودها بن علي وحزبه، وغيرت من معادلاتها او قلبتها راسا على عقب حيث اعتبر المنتفضون المطالب السياسية كرافعة للمطالب الاجتماعية وليس العكس. وهذا ما يفسر اسراع حكام الردة العرب الى تخفيض اسعار المواد الغذائية وبعض السلع الاساسية الاخرى في محاولة لامتصاص النقمة الشعبية، ومنع تفجر احتجاجات في شوارع مدنهم وعواصمهم.
لكن ذلك لا يعني دخول الانتفاضة مرحلتها النهائية، او ان انتصارها النهائي اصبح قاب قوسين او ادنى. فما بناه نظام بن علي على مدى 23 عاما، وهو في حقيقته تطوير لما بناه سلفه المعوج من ساقه حتى الرقبة، لا يمكن هدمه بالكامل واقامة بناء بديل خلال ايام او اسابيع او شهور، الامر الذي يدعو، ليس التونسيين وحدهم، وانما يدعونا جميعا الى تقديم كل الدعم والاسناد لهذه الانتفاضة ومطالبة قادتها بالاسراع في تلبية شروط الانتصار، وعلى وجه السرعة، ومنها توحيد كل الاحزاب والهيئات والنقابات في جبهة موحدة وتحت قيادة مشتركة وبرنامج سياسي يلبي طموحات كل فئات الشعب التنوسي. فظهور مثل هذه الجبهة سيمكن الانتفاضة من القضاء على النظام القديم وتحطيم كافة اجهزته القمعية، وبناء نظام وطني ديمقراطي حقيقي على انقاضه. وهذه حقيقة لا يجوز التغاضي عنها مهما كانت الانتصارات التي تحققت عظيمة ومشرفة.
ولكن هذا ليس كل شيء، فهذه الانتفاضة العملاقة لا تخص تونس لوحدها، وانما تخصنا جميعا كامة عربية، ولا نعني هنا الوفاء بواجباتنا كعرب تجاه هذه الانتفاضة فحسب، وانما نعني ايضا قيام الجماهير العربية بانتفاضات مماثلة، واشعال الارض تحت اقدام حكام الردة العرب، بل وعدم السماح لهم بالهروب، وانما القاء القبض عليهم امواتا او احياء لينالوا القصاص العادل. اذ لم يعد هناك اي مبرر للجماهير العربية التريث في القيام بمثل هذه الانتفاضات، خصوصا وان الجيوش العربية جيوش وطنية في نهاية المطاف، وستتخذ ذات الموقف الذي اتخذه الجيش التونسي، مرة حين رفض الاشتراك في قمع الانتفاضة، ومرة اخرى بمحاصرة قصر بن علي ووضعه امام خيارين احلاهما مر كما قال احد مقربيه يوم امس، فاما ترك البلاد، او القاء القبض عليه وتقديمه للمحاكمة.
نعم، فان القيام بمثل هذه الانتفاضات العملاقة وتلبية شروط انتصارها يتطلب بالضرورة عملا دؤوبا وتضحيات جسام، اضافة الى وجود احزاب ثورية وقيادات مجربة ولديها الخبرة والقدرة على الفعل وممارسة العمل النضالي والكفاحي وتجيد التحركات الجماهيرية، والاهم من ذلك لديها الاستعداد للتضحية والفداء، وظني بان القوى والاحزاب الوطنية العربية الحالية، وخصوصا التي دجن القسم الاعظم منها وفق قوانين وقيود اجهزة السلطة، وارتضت لنفسها العمل في ظلها، والقبول بما هو مسموح لها، غير قادرة على الوفاء بمثل هذه الفعل، فاذا حدث واصرت هذه الاحزاب والقوى على المراوحة في مكانها ولم تستفد من الانتفاضة التونسية، ونتمنى ان لا يحدث ذلك، فان على الجماهير العربية اخذ زمام المبادرة كما فعل الشعب التونسي واجبار هذه الاحزاب والقوى السياسية على الدخول في المعركة تجنبا للعزلة او اتهامها بالتخاذل والهزيمة.
هذا هو الطريق لمن يريد للانتفاضة التونسية الانتصار المبين وليس التشكيك بها، او ترويج مقولات او بديهات متداولة على انها حقائق ازلية تصلح لكل مكان وزمان. فالحركة الوطنية التونسية، سواء الممثلة في عموم الناس، او المنتظمة في احزاب وقوى، او المنتمية الى هيئات ونقابات والتي تشارك في الانتفاضة، هي جزء من حركة التحرر الوطني العربية. وبالتالي فان الانتصار هنا انتصار للجميع والعكس هو الصحيح. والانتفاضة في التحليل الاخير هي معركة لا تختلف عن المعارك العسكرية او المقاومة المسلحة ضد الغزاة والمعتدين، ومثل هذه المعارك بحاجة دائمة الى الدعم والاسناد، خصوصا وان الانتفاضة المباركة لم تنته معركتها ضد النظام بعد، فاذا حدثت انتفاضة اخرى في الجزائر او مصر او سوريا او الاردن، فانها ستسارع في انهيار القوى التي لازالت تقاتل بشتى الطرق من اجل الالتفاف على الانتفاضة واحتوائها. هذه حقيقة لا تقبل الشك او التاويل.
نحن على يقين بقدرة الشعوب على الانتصار في جميع المعارك التي تخوضها، فهي الاقوى حتى من دون نار او لهب. فهي لديها السلاح الاكثر فتكا وتدميرا للعدو وهو الارادة، حيث الحروب في حساب توازنها تاتي الارادة اولا. والمثل التونسي وانتفاضته الباسلة خير دليل على ذلك.
نم قرير العين يا ابا القاسم الشابي، فشعبك اراد الحياة واستجاب له القدر وانجلى الليل عنه وتكسرت قيوده، وكلنا امل بشروق شمس الانتفاضة في كل الوطن العربي.
عوني القلمجي
20/1/2011

شموخ الجنوب
21/01/2011, 08:48 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

أبـو مشاري
22/01/2011, 12:51 PM
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .