نواف بيك البريدية
01/02/2011, 11:50 PM
عندما يُنصت المُبدع لرُسُل الشّيطان
بقلم: زينب ع.م البحراني
لم أكد أضع توقيعي على لوحة الاقتراحات في أحد المُلتقيات الثّقافيّة، حتّى باغتني صوته هاتفًا:
- السّلاموووووووو عليكُوووووووووووم.
أجبتُ بدهشةِ شخصٍ باغته صوتٌ لم يُخزّن يومُا في أرشيف ذاكرته:
- وعليكُم السّلام والإكرام.
- أستاذة.. أنا من أشدّ المُعجبين بنصوصك ومقالاتك.
- شُكرًا.
- قلمك لا يتكرّر في الوطن العربي بأكمله.. تُحفة.. مُعجزة.. إنجاز خارق للعادة.
- أخجلتُم تواضُعنا المُتواضع.
ثمّ اقترب قليلاً وقال بصوتٍ هامس:
- إلى درجة أنّني كدت أموت غمًا وكمدًا حين سمعت النّاقد (فُلان) يقول أنّه يتعمّد تجنّب قراءة ما تكتبين.
عندها تيقّظت مجسّات خبرتي الإنسانيّة على الفور، فقُلتُ بحذر:
- النّاس أذواق.
قال بنبرة حُزنٍ مسرحيّة والدّمعة تكاد تطفر من عينه:
- لكن ليس من الذّوق أن يتحدّث عنكِ بتلك الطّريقة، لقد أساء إليّ وجرحني.
- عادي.. كُلّ إنسان حُرّ في التّعبير عن رأيه ووجهة نظره.
ردّ بعصبيّة:
- لالا. لكن ليس بهذه الطّريقة..
قُلتُ ببرود:
- لا يهم.. في النّهاية هو الأستاذ الكبير وأنا الكاتبة الشّابّة، ولا بدّ أنّ رأيه هو الصّواب.
عندها هتف بنفاد صبر:
- لالالا.. إنّ ما ارتكبه هو سوء التّهذيب وانعدام الإحساس بعينه، كيف يجرؤ على قول شيء كهذا عن إنسانةٍ مثلك؟
- ولكنّه تحدّث عن كتاباتي، وليس عنّي!.. ويبقى مُجرّد ذكره اسمي مدعاةً للفخر. والآن عن إذنك؛ فأنا مُضطرّةٌ للمُغادرة.
التقافُز بجعبة النّميمة
سارعت بالفرار من مصيدة ذاك الكائن اللزج وأنا أقول لنفسي: "يجب أن أكون غبيّةً أو مُغفّلة كي أقول لك ما تنقله للطّرف الآخر على لساني، ثمّ ترقص طربًا على نيران اشتعال الخلاف بيننا". فيما بعد عرفت أنّ (السيّد سوسة) مُتخصّص في الفتنة والنّميمة بين أفراد الوسط الأدبي خُصوصًا، والثّقافي عمومًا. يوم الأحد يقول للكاتب (ألف) أنّ الرّوائي (باء) يستهين بقيمة المُنتديات الإلكترونيّة التي يُديرها، ويوم الإثنين يقول للشّاعر (جيم) أنّ النّاقد (دال) يعيب على وزارة التّربية تدريس قصيدته لتلاميذ المدرسة الثّانويّة، ويوم الثّلاثاء يؤكّد للرّوائيّة (هاء) أنّ الصّحفي (واو) ينصح أمثالها بتقشير البطاطا بدلاً من توسيخ العالم بشخبطتها، وأيّام الأربعاء والخميس والجمعة يعود إلى الرّوائي (باء) والنّاقد (دال) والصّحفي (واو) على التّوالي لينقُل لهم الرّدود الانفعاليّة على آرائهم، أو الآراء التي اخترعها ونسبها إليهم دون أن ينطقوا بها يومًا، ويوم السّبت إمّا إجازة، أو للصُدَف!!.. عرفتُ أيضًا أنّ (السيّد سوسة) مُجرّد شخص فاشل بامتياز، زجّت به الصّدفة في الوسط الثّقافي دون أن يمتلك أدنى قدرٍ من موهبة، أو حتّى عشقًا للقراءة، أو رغبةً في التعلّم والاكتشاف، فلم يجد طريقًا لإشباع رغبته في التغلغل بين هذا الوسط غير التّقافز بجعبة النّميمة والفتنة بين مُبدعٍ وآخر على أمل أن ينال الحظوة لديهم جميعًا مُتوسّلاً بركات مقولة: "فرّق تسُد". كما اكتشفت أنّ هُناك نُسخةً من (السيّد سوسة) في كُلّ مُجتمعٍ ثقافيّ أو بيئةٍ إبداعيّة، لكنّ وجودهم ليس هو المُشكلة؛ بقدر تنشأ المشاكل من تصديق الآخرين لهُم، ومُجاراتهم، والرّد عليهم، وحمل ما يقولونه على محمل الجد. ولو أنّ كُلّ مثقّف أو مُبدع يتعثّر بواحدةٍ من تلك الحالات المرضيّة التي تسير على قدمين، يواجه مُحاولاتها الصّبيانيّة الشّيطانيّة ببرودٍ ولا مُبالاة؛ لنضب عنها وقودها وانقرضت إلى الأبد. لكنّنا نُفاجأ كُلّ يومين أو ثلاثة بأديبٍ يتحدّث عن حُزنه الكبير لأجل ما قاله (فُلان)، أو فنّانٍ يتحدّث بعصبيّة شاكيًا ما تفوّه به (فُلان) على غير مسمعٍ منه، وتستمرّ رقصة الشّيطان على مسرح إيذاء الآخرين. دون أن يسأل أحدُهم نفسه عن السرّ الذي يجعل من (السيّد سوسة) ينقل إليه كلامًا مؤذيًا سمعه عن فُلان وفلتان مادام يدّعي مودّته والإعجاب به وبأعماله؟، فكيف ينقل شخصًا كلامًا مؤذيًا إلى شخصٍ يعزّه أو يحترمه بدلاً من مُراعاة مشاعره والحفاظ على استقرارها مُدّعيًا أنّه يرجو مصلحته؟!.. أيّ تناقُض؟!.. بل ايّ ازدواجيّةٍ سافرة؟!..
الثّقة.. لا ينمّ ولا يغتاب
يُحكى أنّ رجُلاً جاء إلى حكيمٍ من قُدماء حُكماء اليونان سائلاً إيّاه بغضبٍ عمّا جعله يتحدّث عنه بسوءٍ في غيابه، مؤكّدًا أنّ من نقل له ذاك الحديث رجُلاً من أهل الثّقة، عندها أجاب الحكيم بهدوءٍ وقور: "الثّقة لا ينمّ ولا يغتاب".. ويُروى عن أحد حُكماء العرب قوله: " من نمّ لكَ نمّ عليك. ومن نقل إليكَ نقل عنك. ومن إذا أرضيته قال فيك ما ليس فيكَ، كذلك إذا أغضبته قال فيك ما ليس فيك".. وعلى هذا يجدر بنا ألآ نُصدّق كلّ كا يُنقل إلينا من آحاديث الآخرين المُسيئة عنّا، مثلما لا يجوز لنا المُسارعة بتصديق ما يُسيء إلى الآخرين من أحاديث يتمّ اغتيابهم بها على مسامعنا، فلو أنّ الشّخص المُغتاب يتمتّع بالصّدق والشّجاعة الكافية؛ ما كان اقتنص لحظات غياب الطّرف الثّاني للحديث بالسّوء عنه، وبدلاً من أنّ نُسارع باتّخاذ مواقف عدائيّة تجاه أشخاص لم نسمع إساءتهم اللفظيّة لنا بآذاننا، حريّ بنا أن نستفسر أصحاب الشأن أنفسهم كي نسمع وجهات أنظارهم الصّحيحة، ونُدرك الحقيقة الصّريحة دون تلفيقاتٍ ضبابيّةٍ لا يعلم ما وراءها إلا ربّ العباد، وأن نعصم ألسنتنا عن اغتياب أيّ مخلوقٍ مهما ظننا أنّ كلمتنا تخرج إلى جُدرانٍ أمينةٍ على مسامع جماعةٍ من أُلي الثّقة.. وبهذا نحمي مشاعرنا ومُستقبل أسمائنا من عبث العابثين، وتربّص الشّامتين والمُتسلّقين، ونوصد أبواب الفتنة أمام رُسل الشّيطان من المُخادعين.
----------------
الكاتبة على موقع فيس بوك: (http://www.facebook.com/group.php?gid=8886926613)
المزيد... (http://www.nawafnet.ws/msg-4373.htm)
بقلم: زينب ع.م البحراني
لم أكد أضع توقيعي على لوحة الاقتراحات في أحد المُلتقيات الثّقافيّة، حتّى باغتني صوته هاتفًا:
- السّلاموووووووو عليكُوووووووووووم.
أجبتُ بدهشةِ شخصٍ باغته صوتٌ لم يُخزّن يومُا في أرشيف ذاكرته:
- وعليكُم السّلام والإكرام.
- أستاذة.. أنا من أشدّ المُعجبين بنصوصك ومقالاتك.
- شُكرًا.
- قلمك لا يتكرّر في الوطن العربي بأكمله.. تُحفة.. مُعجزة.. إنجاز خارق للعادة.
- أخجلتُم تواضُعنا المُتواضع.
ثمّ اقترب قليلاً وقال بصوتٍ هامس:
- إلى درجة أنّني كدت أموت غمًا وكمدًا حين سمعت النّاقد (فُلان) يقول أنّه يتعمّد تجنّب قراءة ما تكتبين.
عندها تيقّظت مجسّات خبرتي الإنسانيّة على الفور، فقُلتُ بحذر:
- النّاس أذواق.
قال بنبرة حُزنٍ مسرحيّة والدّمعة تكاد تطفر من عينه:
- لكن ليس من الذّوق أن يتحدّث عنكِ بتلك الطّريقة، لقد أساء إليّ وجرحني.
- عادي.. كُلّ إنسان حُرّ في التّعبير عن رأيه ووجهة نظره.
ردّ بعصبيّة:
- لالا. لكن ليس بهذه الطّريقة..
قُلتُ ببرود:
- لا يهم.. في النّهاية هو الأستاذ الكبير وأنا الكاتبة الشّابّة، ولا بدّ أنّ رأيه هو الصّواب.
عندها هتف بنفاد صبر:
- لالالا.. إنّ ما ارتكبه هو سوء التّهذيب وانعدام الإحساس بعينه، كيف يجرؤ على قول شيء كهذا عن إنسانةٍ مثلك؟
- ولكنّه تحدّث عن كتاباتي، وليس عنّي!.. ويبقى مُجرّد ذكره اسمي مدعاةً للفخر. والآن عن إذنك؛ فأنا مُضطرّةٌ للمُغادرة.
التقافُز بجعبة النّميمة
سارعت بالفرار من مصيدة ذاك الكائن اللزج وأنا أقول لنفسي: "يجب أن أكون غبيّةً أو مُغفّلة كي أقول لك ما تنقله للطّرف الآخر على لساني، ثمّ ترقص طربًا على نيران اشتعال الخلاف بيننا". فيما بعد عرفت أنّ (السيّد سوسة) مُتخصّص في الفتنة والنّميمة بين أفراد الوسط الأدبي خُصوصًا، والثّقافي عمومًا. يوم الأحد يقول للكاتب (ألف) أنّ الرّوائي (باء) يستهين بقيمة المُنتديات الإلكترونيّة التي يُديرها، ويوم الإثنين يقول للشّاعر (جيم) أنّ النّاقد (دال) يعيب على وزارة التّربية تدريس قصيدته لتلاميذ المدرسة الثّانويّة، ويوم الثّلاثاء يؤكّد للرّوائيّة (هاء) أنّ الصّحفي (واو) ينصح أمثالها بتقشير البطاطا بدلاً من توسيخ العالم بشخبطتها، وأيّام الأربعاء والخميس والجمعة يعود إلى الرّوائي (باء) والنّاقد (دال) والصّحفي (واو) على التّوالي لينقُل لهم الرّدود الانفعاليّة على آرائهم، أو الآراء التي اخترعها ونسبها إليهم دون أن ينطقوا بها يومًا، ويوم السّبت إمّا إجازة، أو للصُدَف!!.. عرفتُ أيضًا أنّ (السيّد سوسة) مُجرّد شخص فاشل بامتياز، زجّت به الصّدفة في الوسط الثّقافي دون أن يمتلك أدنى قدرٍ من موهبة، أو حتّى عشقًا للقراءة، أو رغبةً في التعلّم والاكتشاف، فلم يجد طريقًا لإشباع رغبته في التغلغل بين هذا الوسط غير التّقافز بجعبة النّميمة والفتنة بين مُبدعٍ وآخر على أمل أن ينال الحظوة لديهم جميعًا مُتوسّلاً بركات مقولة: "فرّق تسُد". كما اكتشفت أنّ هُناك نُسخةً من (السيّد سوسة) في كُلّ مُجتمعٍ ثقافيّ أو بيئةٍ إبداعيّة، لكنّ وجودهم ليس هو المُشكلة؛ بقدر تنشأ المشاكل من تصديق الآخرين لهُم، ومُجاراتهم، والرّد عليهم، وحمل ما يقولونه على محمل الجد. ولو أنّ كُلّ مثقّف أو مُبدع يتعثّر بواحدةٍ من تلك الحالات المرضيّة التي تسير على قدمين، يواجه مُحاولاتها الصّبيانيّة الشّيطانيّة ببرودٍ ولا مُبالاة؛ لنضب عنها وقودها وانقرضت إلى الأبد. لكنّنا نُفاجأ كُلّ يومين أو ثلاثة بأديبٍ يتحدّث عن حُزنه الكبير لأجل ما قاله (فُلان)، أو فنّانٍ يتحدّث بعصبيّة شاكيًا ما تفوّه به (فُلان) على غير مسمعٍ منه، وتستمرّ رقصة الشّيطان على مسرح إيذاء الآخرين. دون أن يسأل أحدُهم نفسه عن السرّ الذي يجعل من (السيّد سوسة) ينقل إليه كلامًا مؤذيًا سمعه عن فُلان وفلتان مادام يدّعي مودّته والإعجاب به وبأعماله؟، فكيف ينقل شخصًا كلامًا مؤذيًا إلى شخصٍ يعزّه أو يحترمه بدلاً من مُراعاة مشاعره والحفاظ على استقرارها مُدّعيًا أنّه يرجو مصلحته؟!.. أيّ تناقُض؟!.. بل ايّ ازدواجيّةٍ سافرة؟!..
الثّقة.. لا ينمّ ولا يغتاب
يُحكى أنّ رجُلاً جاء إلى حكيمٍ من قُدماء حُكماء اليونان سائلاً إيّاه بغضبٍ عمّا جعله يتحدّث عنه بسوءٍ في غيابه، مؤكّدًا أنّ من نقل له ذاك الحديث رجُلاً من أهل الثّقة، عندها أجاب الحكيم بهدوءٍ وقور: "الثّقة لا ينمّ ولا يغتاب".. ويُروى عن أحد حُكماء العرب قوله: " من نمّ لكَ نمّ عليك. ومن نقل إليكَ نقل عنك. ومن إذا أرضيته قال فيك ما ليس فيكَ، كذلك إذا أغضبته قال فيك ما ليس فيك".. وعلى هذا يجدر بنا ألآ نُصدّق كلّ كا يُنقل إلينا من آحاديث الآخرين المُسيئة عنّا، مثلما لا يجوز لنا المُسارعة بتصديق ما يُسيء إلى الآخرين من أحاديث يتمّ اغتيابهم بها على مسامعنا، فلو أنّ الشّخص المُغتاب يتمتّع بالصّدق والشّجاعة الكافية؛ ما كان اقتنص لحظات غياب الطّرف الثّاني للحديث بالسّوء عنه، وبدلاً من أنّ نُسارع باتّخاذ مواقف عدائيّة تجاه أشخاص لم نسمع إساءتهم اللفظيّة لنا بآذاننا، حريّ بنا أن نستفسر أصحاب الشأن أنفسهم كي نسمع وجهات أنظارهم الصّحيحة، ونُدرك الحقيقة الصّريحة دون تلفيقاتٍ ضبابيّةٍ لا يعلم ما وراءها إلا ربّ العباد، وأن نعصم ألسنتنا عن اغتياب أيّ مخلوقٍ مهما ظننا أنّ كلمتنا تخرج إلى جُدرانٍ أمينةٍ على مسامع جماعةٍ من أُلي الثّقة.. وبهذا نحمي مشاعرنا ومُستقبل أسمائنا من عبث العابثين، وتربّص الشّامتين والمُتسلّقين، ونوصد أبواب الفتنة أمام رُسل الشّيطان من المُخادعين.
----------------
الكاتبة على موقع فيس بوك: (http://www.facebook.com/group.php?gid=8886926613)
المزيد... (http://www.nawafnet.ws/msg-4373.htm)