صقر الجنوب
24/07/2011, 10:58 AM
حديث أهالي الباحة
http://www.sabq.org/sabq/misc/get?op=GET_AUTHOR_IMAGE&name=author20136490.jpg&width=72&height=88
جمعان الكرت
لا يختلف اثنان في كون الطرق أحد أهم عوامل نهوض الدول؛ لذا أولت دول العالم، وخصوصاً المتقدمة، الطرق اهتماماً كبيراً، وخصصت لها ميزانيات ضخمة؛ لأنها تدرك تماماً العوائد الكبيرة منها في عمليات الربط الداخلي أو الخارجي، والتنامي الحضاري والثقافي والاجتماعي، ومن بينها السعودية؛ حيث أعطت وأنفقت بسخاء من أجل تنفيذ شبكة طرق لربط أنحاء السعودية؛ على اعتبار أن مساحتها الجغرافية تعادل ربع مساحة قارة أوروبا.
هذه المقدمة أسوقها توطئة لمشروع ضخم يتم تنفيذه حالياً، هو الطريق الدائري السريع الذي تنفذه وزارة النقل في قمم جبال السراة بوصفه حزاماً دائرياً حول مدينة الباحة بطول 33 كيلومتراً، وعرض 100 متر.
والإشكالية هنا في عرض الطريق، وهو بما يعادل طول ملعب كرة قدم (لمشط سفوح وقمم الجبال)، وقد بدأ التنفيذ بالفعل على مقربة من جبل مهران مروراً بعدد من القرى السروية الصغيرة "الغمدة، العقشان وغيرهما"..
ومن شاهد الطريق وهو في بدايته أُصيب بالاندهاش والعجب، ليس للطريق ذاته، بل لما يتركه من آثار عجيبة على جانبيه؛ إذ إن طريقاً بهذا الاتساع حتماً سيزيل غابات، ويدمِّر منازل، ويشوِّه الجبال.. تخيَّل ملعب كرة تُمشط به الجبال، ماذا تتوقع أن يحدث؟
حين صعدتُ على قمة جبل مهران على مقربة من "موتيل الباحة" أُصبتُ بالرعب؛ إذ إن الطريق غيّر من معالم الجبال، ولا أدري كيف يكون الوضع حين انتهاء الطريق.. الناس في الباحة يتحدثون كثيراً عن هذا الطريق وعن آثاره العظيمة التي ستؤول إلى تغيير معالم جبال سراة الباحة. وللحق رجعت إلى السيد قوقل؛ لأشاهد الطرق المنفَّذة في الدول ذات الطابع الجبلي، وكانت اليابان أنموذجاً لاعتبارات عدة، أولاً: لأن معظم مساحتها الجغرافية أراض جبلية. ثانياً: تُعتبر أنموذجاً فريداً ومميزاً في تنفيذ الطرق. وبعد تحريك للماوس في مواقع متعددة في اليابان أدهشتني بالفعل تلك الطرق، إلا أنني لم أشاهد طريقاً واسعاً ليصل عرضه إلى 100م، بل شاهدت بعض الطرق بأشكال هندسية رائعة وانحناءات مذهلة تسير فوق الجبال، وتشق المدن، وتعبر من داخل عمارات ضخمة، ولم تضطر وزارة نقلهم الموقرة لاجتثاث تلك البنايات الشاهقة؛ فمرت الطرق الحديثة بسلام من داخلها دون تفكير في الإزالة كما يحدث في الدائري لمدينة الباحة، الذي سيكون مهدِّداً للبيئة. ولما كانت الطرق مهمة في التنامي الحضاري فلا أعترض أبداً على الطريق ذاته بل على سعته؛ إذ يمكن تنفيذ طريق مماثل في براري نجد أو في الساحلين الشرقي أو الغربي، أما في منطقة جبلية فهذا شأن آخر.
أتمنى أن يُكتفى بتنفيذ طريق بعرض خمسين متراً، والاستفادة من الخمسين متراً الباقية في مشروع لطريق دائري آخر حول الدائري الأساسي؛ لأن قمم وسفوح الجبال لا يمكن أن تستوعب طريقاً بمساحة ملعب كرة قدم تمشط به الجبال؛ لما يخلفه من تراكم للصخور والأتربة، فضلاً عن اجتثاث الأشجار والمباني كما يحدث حالياً عند سفح جبل مهران، فضلاً عن إمكانية الاستفادة من المبالغ في طريق تستفيد منه أحياء وقرى أخرى.
ليت وزارة النقل تعيد النظر في مشروعها إذا أرادت أن تُحقق فائدة دون أضرار؛ لأن الناس يتحدثون في مجالسهم عما سيتركه هذا الطريق من آثار، وربما مخططو المشروع ركزوا في تنفيذ المشروع، ولم يناقشوا آثاره في منطقة ذات طابع جبلي هي الباحة، التي يُنتَظر أن تكون واحدة من المواقع السياحية البارزة في بلادنا، والتي ينبغي الحفاظ على أشجارها؛ باعتبارها أيضاً ثروة اقتصادية.
جمعان الكرت
عضو المجلس العالمي للصحافة
http://www.sabq.org/sabq/misc/get?op=GET_AUTHOR_IMAGE&name=author20136490.jpg&width=72&height=88
جمعان الكرت
لا يختلف اثنان في كون الطرق أحد أهم عوامل نهوض الدول؛ لذا أولت دول العالم، وخصوصاً المتقدمة، الطرق اهتماماً كبيراً، وخصصت لها ميزانيات ضخمة؛ لأنها تدرك تماماً العوائد الكبيرة منها في عمليات الربط الداخلي أو الخارجي، والتنامي الحضاري والثقافي والاجتماعي، ومن بينها السعودية؛ حيث أعطت وأنفقت بسخاء من أجل تنفيذ شبكة طرق لربط أنحاء السعودية؛ على اعتبار أن مساحتها الجغرافية تعادل ربع مساحة قارة أوروبا.
هذه المقدمة أسوقها توطئة لمشروع ضخم يتم تنفيذه حالياً، هو الطريق الدائري السريع الذي تنفذه وزارة النقل في قمم جبال السراة بوصفه حزاماً دائرياً حول مدينة الباحة بطول 33 كيلومتراً، وعرض 100 متر.
والإشكالية هنا في عرض الطريق، وهو بما يعادل طول ملعب كرة قدم (لمشط سفوح وقمم الجبال)، وقد بدأ التنفيذ بالفعل على مقربة من جبل مهران مروراً بعدد من القرى السروية الصغيرة "الغمدة، العقشان وغيرهما"..
ومن شاهد الطريق وهو في بدايته أُصيب بالاندهاش والعجب، ليس للطريق ذاته، بل لما يتركه من آثار عجيبة على جانبيه؛ إذ إن طريقاً بهذا الاتساع حتماً سيزيل غابات، ويدمِّر منازل، ويشوِّه الجبال.. تخيَّل ملعب كرة تُمشط به الجبال، ماذا تتوقع أن يحدث؟
حين صعدتُ على قمة جبل مهران على مقربة من "موتيل الباحة" أُصبتُ بالرعب؛ إذ إن الطريق غيّر من معالم الجبال، ولا أدري كيف يكون الوضع حين انتهاء الطريق.. الناس في الباحة يتحدثون كثيراً عن هذا الطريق وعن آثاره العظيمة التي ستؤول إلى تغيير معالم جبال سراة الباحة. وللحق رجعت إلى السيد قوقل؛ لأشاهد الطرق المنفَّذة في الدول ذات الطابع الجبلي، وكانت اليابان أنموذجاً لاعتبارات عدة، أولاً: لأن معظم مساحتها الجغرافية أراض جبلية. ثانياً: تُعتبر أنموذجاً فريداً ومميزاً في تنفيذ الطرق. وبعد تحريك للماوس في مواقع متعددة في اليابان أدهشتني بالفعل تلك الطرق، إلا أنني لم أشاهد طريقاً واسعاً ليصل عرضه إلى 100م، بل شاهدت بعض الطرق بأشكال هندسية رائعة وانحناءات مذهلة تسير فوق الجبال، وتشق المدن، وتعبر من داخل عمارات ضخمة، ولم تضطر وزارة نقلهم الموقرة لاجتثاث تلك البنايات الشاهقة؛ فمرت الطرق الحديثة بسلام من داخلها دون تفكير في الإزالة كما يحدث في الدائري لمدينة الباحة، الذي سيكون مهدِّداً للبيئة. ولما كانت الطرق مهمة في التنامي الحضاري فلا أعترض أبداً على الطريق ذاته بل على سعته؛ إذ يمكن تنفيذ طريق مماثل في براري نجد أو في الساحلين الشرقي أو الغربي، أما في منطقة جبلية فهذا شأن آخر.
أتمنى أن يُكتفى بتنفيذ طريق بعرض خمسين متراً، والاستفادة من الخمسين متراً الباقية في مشروع لطريق دائري آخر حول الدائري الأساسي؛ لأن قمم وسفوح الجبال لا يمكن أن تستوعب طريقاً بمساحة ملعب كرة قدم تمشط به الجبال؛ لما يخلفه من تراكم للصخور والأتربة، فضلاً عن اجتثاث الأشجار والمباني كما يحدث حالياً عند سفح جبل مهران، فضلاً عن إمكانية الاستفادة من المبالغ في طريق تستفيد منه أحياء وقرى أخرى.
ليت وزارة النقل تعيد النظر في مشروعها إذا أرادت أن تُحقق فائدة دون أضرار؛ لأن الناس يتحدثون في مجالسهم عما سيتركه هذا الطريق من آثار، وربما مخططو المشروع ركزوا في تنفيذ المشروع، ولم يناقشوا آثاره في منطقة ذات طابع جبلي هي الباحة، التي يُنتَظر أن تكون واحدة من المواقع السياحية البارزة في بلادنا، والتي ينبغي الحفاظ على أشجارها؛ باعتبارها أيضاً ثروة اقتصادية.
جمعان الكرت
عضو المجلس العالمي للصحافة