صمت الرعد
27/12/2011, 11:59 PM
(http://www.alrassxp.com/ads/51)
التعبير عن الألم
للألم ألوان كثيرة، تتعدد بتعدد بواعثه، هناك ألم يقبض النفس ويبعث الحزن فيها فتنطوي على ذاتها تجد كل شيء مرا أمامها، وهناك ألم يثير غضب النفس ويجيش انفعالاتها الصاخبة فتتفجر عنفا وعدوانا على من حولها، وهناك ألم يضغط على الأعصاب والذهن فيوجعها بما يشلها عن كل تفكير أو حركة.
وإذا كان الألم ألواناً فإن التعبير عنه هو أيضا ألوان، فالناس يعبرون عن آلامهم بصور لا تتماثل بينها، تألم المتنبي وعانى من الإحباط وخيبات الرجاء، فعبر عن ألمه بشعر فيه قوة واعتزاز وكبرياء، وتألم قيس وجميل وكثير للحرمان من المحبوبة، فعبروا عن ألمهم بشعر حزين يفيض بالبكاء والتحسر، وتألم أبو تمام فألمح إلى ألمه ولم يصرح، ورأى في كتم الألم كرامة لصاحبه وترفعا عن إبداء الضعف أو تلقي الإشفاق (ولربما ابتسم الكريم على الأذى، وفؤاده من حره يتأوه).
وفكرة أبي تمام في كبت التعبير عن الألم تعكس فكرة تشيع بين كثير من الناس تتضمن الفخر بالقدرة على تحمل الألم والصبر على الشدائد وترى في التعبير عن الإحساس بالألم جزعا وجبنا وخورا إن قبل من الصغار فإنه لا يليق (بالكبار) مطلقا. وليس من النادر أن نسمع من يقول معتزا، إنه يعاني لكنه صابر لا يدري بمعاناته إلا الله. لكن هذه العبارة يتضح فيها الخلط الذي يقع في أذهان البعض ما بين الشكوى، التي لا تخرج عن الأنين والتبرم أو الاستجداء والاستخذاء، وبين التعبير عن الشعور بالألم والتنفيس عما يعتلج في النفس من أحاسيس تولدت بفعل ذلك الألم. إلا أن هناك فرقا بين الشكوى وبين التعبير عن الألم، فالتعبير عن الألم ليس بالضرورة ضعفا، كما أنه لا يعني الشكوى المستخذية، بل إن بعض أنواع التعبير عن الألم قد تكون ذات نفع للناس متى جاءت في صورة عمل إبداعي جميل، كما نرى في شعر بعض العاشقين الذين يعبرون عن معاناتهم من ألم الصد أو الفراق أو الحرمان، أو في صورة نتاج فني راق، كما في بعض اللوحات البديعة المجسدة لمعاناة إنسانية ما، أو في ما يؤلفه بعض الموسيقيين من ألحان ناعمة تخاطب الانفعالات الحزينة، أو في ما يقوم به المصلحون الاجتماعيون من حث للناس على التغير لاصلاح العيوب والقضاء على الفساد تعبيرا عن شعورهم بالألم مما تعانيه مجتمعاتهم من الخلل والسوء.
إن من يعاني الآلام فيكتمها في صدره لا يدري بها أحد، ليس كمن يعاني الآلام، ثم يعبر عنها في شكل من الأشكال، فالأول اختار موقفا سلبيا، لا ينفع ولا يضر، أما الثاني فإنه من خلال تنفيسه عن نفسه بعض كربها، يقدم نفعا للآخرين عندما يحول مشاعر الألم في داخله إلى فعل ينفع الناس
التعبير عن الألم
للألم ألوان كثيرة، تتعدد بتعدد بواعثه، هناك ألم يقبض النفس ويبعث الحزن فيها فتنطوي على ذاتها تجد كل شيء مرا أمامها، وهناك ألم يثير غضب النفس ويجيش انفعالاتها الصاخبة فتتفجر عنفا وعدوانا على من حولها، وهناك ألم يضغط على الأعصاب والذهن فيوجعها بما يشلها عن كل تفكير أو حركة.
وإذا كان الألم ألواناً فإن التعبير عنه هو أيضا ألوان، فالناس يعبرون عن آلامهم بصور لا تتماثل بينها، تألم المتنبي وعانى من الإحباط وخيبات الرجاء، فعبر عن ألمه بشعر فيه قوة واعتزاز وكبرياء، وتألم قيس وجميل وكثير للحرمان من المحبوبة، فعبروا عن ألمهم بشعر حزين يفيض بالبكاء والتحسر، وتألم أبو تمام فألمح إلى ألمه ولم يصرح، ورأى في كتم الألم كرامة لصاحبه وترفعا عن إبداء الضعف أو تلقي الإشفاق (ولربما ابتسم الكريم على الأذى، وفؤاده من حره يتأوه).
وفكرة أبي تمام في كبت التعبير عن الألم تعكس فكرة تشيع بين كثير من الناس تتضمن الفخر بالقدرة على تحمل الألم والصبر على الشدائد وترى في التعبير عن الإحساس بالألم جزعا وجبنا وخورا إن قبل من الصغار فإنه لا يليق (بالكبار) مطلقا. وليس من النادر أن نسمع من يقول معتزا، إنه يعاني لكنه صابر لا يدري بمعاناته إلا الله. لكن هذه العبارة يتضح فيها الخلط الذي يقع في أذهان البعض ما بين الشكوى، التي لا تخرج عن الأنين والتبرم أو الاستجداء والاستخذاء، وبين التعبير عن الشعور بالألم والتنفيس عما يعتلج في النفس من أحاسيس تولدت بفعل ذلك الألم. إلا أن هناك فرقا بين الشكوى وبين التعبير عن الألم، فالتعبير عن الألم ليس بالضرورة ضعفا، كما أنه لا يعني الشكوى المستخذية، بل إن بعض أنواع التعبير عن الألم قد تكون ذات نفع للناس متى جاءت في صورة عمل إبداعي جميل، كما نرى في شعر بعض العاشقين الذين يعبرون عن معاناتهم من ألم الصد أو الفراق أو الحرمان، أو في صورة نتاج فني راق، كما في بعض اللوحات البديعة المجسدة لمعاناة إنسانية ما، أو في ما يؤلفه بعض الموسيقيين من ألحان ناعمة تخاطب الانفعالات الحزينة، أو في ما يقوم به المصلحون الاجتماعيون من حث للناس على التغير لاصلاح العيوب والقضاء على الفساد تعبيرا عن شعورهم بالألم مما تعانيه مجتمعاتهم من الخلل والسوء.
إن من يعاني الآلام فيكتمها في صدره لا يدري بها أحد، ليس كمن يعاني الآلام، ثم يعبر عنها في شكل من الأشكال، فالأول اختار موقفا سلبيا، لا ينفع ولا يضر، أما الثاني فإنه من خلال تنفيسه عن نفسه بعض كربها، يقدم نفعا للآخرين عندما يحول مشاعر الألم في داخله إلى فعل ينفع الناس