المجهر
27/05/2005, 08:23 PM
الباحة: لا جديد
تشهد مدن ومناطق المملكة كثيرا من مظاهر التنمية، التي وإن تدنت سرعتها في بعض المناطق، إلا أنها تظل قائمة ويلمس ذلك من يعود إلى تلك المناطق بعد سنوات عديدة. في منطقة الباحة لا استطيع القول بأن هناك بطئاً في تنفيذ المشاريع التنموية، بل استطيع القول بأن هناك غيابا، فما رأيته بها قبل خمسة عشر عاماً هو ما رأيته هذا العام، فقط صالات الأفراح هي التي تزداد، وفقط هي التوسعة اليتيمة في طريق الباحة بلجرشي وهي لا تزيد على 30كم تم تنفيذها على مدى عشرين عاماً، أما غير ذلك فلا جديد.
مشروع المياه بالمنطقة، وقد حذرنا سابقاً من عدم جدواه أثبت ويثبت كل عام فشله، فجلب المياه من آبار وادي عردة لم ولن يكفي منطقة الباحة بمدنها المختلفة، ومجرد جلب المياه إلى منطقة واحدة تتزاحم عليها (الوايتات) ليس هو الطموح ولا يستحق أن يطلق عليه مشروع مياه، طالما لم يتم إيصاله للمنازل وطالما لا يوجد ضمان باستمراريته، وتجربة وادي تربة مع الطائف مثال لما يمكن التنبؤ به لهذا المشروع.. الحل واضح ويتمثل في مشروع تحلية للمنطقة، لكن لا يعرف لماذا يتم تغييب مشروع التحلية ذلك عن منطقة الباحة!
برنامج التنشيط السياحي الذي كانت تراهن عليه المنطقة بحكم طبيعتها الخلابة، لم تكن بحاجة إلى أكثر من قليل من التخطيط والتنظيم والاستغلال لإمكانات المنطقة، فشل فشلاً ذريعاً هذا العام كعادته كل عام، فحتى الفقرة الوحيدة التي كان يفترض تميز المنطقة بها، ألا وهي مهرجان العسل، لم يكن أكثر من مجرد (حراج) عسل.
الكلية الجامعية الوحيدة بالمنطقة وهي كلية أهلية، أثبتت هي الأخرى فشلها ولولا بعض الدعم الخاص الذي تحظى به من قبل المعنيين لتم إقفالها (بالضبة والمفتاح)، فقد بدأ فشلها مع اختيار مكانها الذي أضاف عليها صفة الموت فأصبحت تعرف بكلية الموت، حيث بنيت على قمة جبل من يحاول الوصول إليه في أيام الشتاء فهو مغامر وقد يضحي بحياته، تلك الكلية التي لا يزيد عدد طالباتها على عدد أصابع اليدين وطلابها يعدون بالعشرات فقط، لم يسأل أحد عن أسباب فشلها.
شركة الباحة للاستثمار.. سمعنا بهذا الاسم في بورصة الأسهم، لكن أين مشاريعها التي تخدم المنطقة؟ لا شيء يذكر، رغم أن عمر الشركة يصل العشرين عاماً وأكثر. كل ما نعلمه عن تلك الشركة هو استئجارها لمقر فخم بمدينة جدة (وليس الباحة) وعقد اجتماعات مجلس إدارتها بأفخم الفنادق كل عام، وغير ذلك كل أرباحها تأتي فقط عن طريق الفوائد البنكية، وليس عن طريق أرباح المشاريع الضخمة التي أقامتها بالمنطقة، إلا إذا اعتبرنا تأسيس دورات مياه ووضع خزانات مياه حديدية سعة 100جالون ببعض المناطق السياحية هو فتح اقتصادي تنموي لمنطقة الباحة.
يبدو أنني أقسو على منطقة الباحة، لكنني أحبها وأحرص على زيارتها كل عام أو عامين مرة على الأقل، وفي كل زيارة أبحث عن الجديد في مشاريع التنمية، فلا أجد شيئاً يذكر، وفي كل مرة يحملني أبناؤها أمانة الكتابة عنها مثل ما أكتب عن بقية مناطق بلادي التي أحبها جميعاً وأتمنى لها المزيد من التقدم والازدهار، وفي كل مرة أتساءل وأوجه السؤال إلى المثقفين ورجال الأعمال من أبناء المنطقة والمعنيين بها: هل تعاني منطقة الباحة من أزمة إدارية أم أزمة اجتماعية أم أزمة بيئية تتسبب في هذا التغييب التنموي؟
د.محمد عبدالله الخازم
جريدة الرياض
تشهد مدن ومناطق المملكة كثيرا من مظاهر التنمية، التي وإن تدنت سرعتها في بعض المناطق، إلا أنها تظل قائمة ويلمس ذلك من يعود إلى تلك المناطق بعد سنوات عديدة. في منطقة الباحة لا استطيع القول بأن هناك بطئاً في تنفيذ المشاريع التنموية، بل استطيع القول بأن هناك غيابا، فما رأيته بها قبل خمسة عشر عاماً هو ما رأيته هذا العام، فقط صالات الأفراح هي التي تزداد، وفقط هي التوسعة اليتيمة في طريق الباحة بلجرشي وهي لا تزيد على 30كم تم تنفيذها على مدى عشرين عاماً، أما غير ذلك فلا جديد.
مشروع المياه بالمنطقة، وقد حذرنا سابقاً من عدم جدواه أثبت ويثبت كل عام فشله، فجلب المياه من آبار وادي عردة لم ولن يكفي منطقة الباحة بمدنها المختلفة، ومجرد جلب المياه إلى منطقة واحدة تتزاحم عليها (الوايتات) ليس هو الطموح ولا يستحق أن يطلق عليه مشروع مياه، طالما لم يتم إيصاله للمنازل وطالما لا يوجد ضمان باستمراريته، وتجربة وادي تربة مع الطائف مثال لما يمكن التنبؤ به لهذا المشروع.. الحل واضح ويتمثل في مشروع تحلية للمنطقة، لكن لا يعرف لماذا يتم تغييب مشروع التحلية ذلك عن منطقة الباحة!
برنامج التنشيط السياحي الذي كانت تراهن عليه المنطقة بحكم طبيعتها الخلابة، لم تكن بحاجة إلى أكثر من قليل من التخطيط والتنظيم والاستغلال لإمكانات المنطقة، فشل فشلاً ذريعاً هذا العام كعادته كل عام، فحتى الفقرة الوحيدة التي كان يفترض تميز المنطقة بها، ألا وهي مهرجان العسل، لم يكن أكثر من مجرد (حراج) عسل.
الكلية الجامعية الوحيدة بالمنطقة وهي كلية أهلية، أثبتت هي الأخرى فشلها ولولا بعض الدعم الخاص الذي تحظى به من قبل المعنيين لتم إقفالها (بالضبة والمفتاح)، فقد بدأ فشلها مع اختيار مكانها الذي أضاف عليها صفة الموت فأصبحت تعرف بكلية الموت، حيث بنيت على قمة جبل من يحاول الوصول إليه في أيام الشتاء فهو مغامر وقد يضحي بحياته، تلك الكلية التي لا يزيد عدد طالباتها على عدد أصابع اليدين وطلابها يعدون بالعشرات فقط، لم يسأل أحد عن أسباب فشلها.
شركة الباحة للاستثمار.. سمعنا بهذا الاسم في بورصة الأسهم، لكن أين مشاريعها التي تخدم المنطقة؟ لا شيء يذكر، رغم أن عمر الشركة يصل العشرين عاماً وأكثر. كل ما نعلمه عن تلك الشركة هو استئجارها لمقر فخم بمدينة جدة (وليس الباحة) وعقد اجتماعات مجلس إدارتها بأفخم الفنادق كل عام، وغير ذلك كل أرباحها تأتي فقط عن طريق الفوائد البنكية، وليس عن طريق أرباح المشاريع الضخمة التي أقامتها بالمنطقة، إلا إذا اعتبرنا تأسيس دورات مياه ووضع خزانات مياه حديدية سعة 100جالون ببعض المناطق السياحية هو فتح اقتصادي تنموي لمنطقة الباحة.
يبدو أنني أقسو على منطقة الباحة، لكنني أحبها وأحرص على زيارتها كل عام أو عامين مرة على الأقل، وفي كل زيارة أبحث عن الجديد في مشاريع التنمية، فلا أجد شيئاً يذكر، وفي كل مرة يحملني أبناؤها أمانة الكتابة عنها مثل ما أكتب عن بقية مناطق بلادي التي أحبها جميعاً وأتمنى لها المزيد من التقدم والازدهار، وفي كل مرة أتساءل وأوجه السؤال إلى المثقفين ورجال الأعمال من أبناء المنطقة والمعنيين بها: هل تعاني منطقة الباحة من أزمة إدارية أم أزمة اجتماعية أم أزمة بيئية تتسبب في هذا التغييب التنموي؟
د.محمد عبدالله الخازم
جريدة الرياض