طير حلحال
24/05/2012, 01:42 AM
قريتي الصغيرة
كُـنّـا قديماً في القرية نعيش على الخُبزة والحقـيـنة ( اللـبـنة ) وشويّة مرقة ودغابيس وعصيدة وعـيـش المسواط ، وكانت القرية صغيرة ، لكنها تـتـميّز بالحياة والحركة الكـثـيرة ، فالمساريب تَـعُـج بالنّشاط والحركة من الناس والدواب ، البـيـوت والأحواش مفـتـوحة ، الكل يعمل بكل نشاط وحيويّة ، الديوك تـتضارب حتى تُـقـطّر الدماء منها ، والغنم تـتـزاحم عند عودتها آخر النهار من الريع فيكون لها غثاء وجلبة بحثاً عن صغارها ( البهم ) الجميع ينـتـشرون لحلب الشياة والماعز ، كل بـيـت يحتوي على حمارة وبقرة وثورين وقطط أليفة وكلب للحراسة ، المرأة وما أدراك ما المرأة ، مُنهكة ومُتعبة من الشقى طوال النهار ، فالأم والأخت والزوجة والبنت والجدة كُـلّهُـن يعملن طوال النهار ، دون كللٍ أو ملل ، لا ترتاح لا في ظُهريّة ولا في عصريّة ، تروح من الوادي محمّلة إما بقرب الماء أو أكل للمواشي على ظهرها ، وفي بطـنها جـنـيـن يتحرك في كل لحظة ، ويرفس بطنها برجليه يريد الخروج ، وفي جنبها طفل آخر في الميـزب يصـيح من الجوع ، حيث لم يكن في زمانها حبوب لمنع الحمل لـتـنـظـيـم النسل كزمنـنـا الحاضر ، فالولد إثر البنت والبنت إثر الولد ، وهكذا دواليك ، مثل فقّاسة الـبـيـض ، تذهب إلى الجبال لإحضار الحطب للطبخ والـتـدفـئـة في عز الظهيرة وفي شدة البرد القارس ، تصعد جبلاً إثر جبل ، تكاد تموت من الجوع والعطش إلا ما تأكله من بعض الأشجار والنباتات ، كالـدّابة تسد به رمقها حتى تعود إلى بـيـتـها الذي يـنـتـظرها ، فليس هناك خدامة تقوم بأعمال البيت من طبـيـخ وكنـيـس وتـنظيف ، وعند غروب الشمس تكون قد أطـلّـت على القرية وهي تـئـن من شدة الحمولة الثـقـيـلة على ظهرها ، وما أن تصل إلى الـبـيـت حتى ترمي بجسمها النحيل فوق الهتـلة التي تشبه الأرض من شدة قساوتها ، فـيأتـيها صوت يكاد يهز الجدران المخلوبة بالطين ، يا الله يا مرة بسرعة قومي إطحني حب على الرحاة وسوّي عشانا ، ثم تقوم المسكينة المرهقة بـتجهـيـز عشاء أهل الـبـيت بعد أن قامت بطحن الحب على الرحاة وعجن العجين ، وهناك في السّـفـل يـنـطـلـق خوار البقرة ، تـنـتـظر الطعام أو تـنـتـظر من يحلُبها ، فـتـتعانق الأصوات من يمين وشمال في أذن سـيـدة البيت المتعوسة ، وتحتار تبدّي مين وترضي مين ، تَـشقى الـنّهار كُـلّه وجزءٌ من الليل ، فجزاها الله عن كل ما قدّمت خير الجزاء فـقـد ضربت المثل الأعلى في الصّبر والتحمّل .
وهنا نقول لكل أم أو أخت أو بـنـت أو زوجة أو جدة عاشت في القرية قديماً وواجهت تلك المتاعب والأيام العصـيـبـة ، لكِ منا كل الوفاء والحُب والإحترام والـتـقـديـر ، لأنكِ كُـنـتي إنسانة عُصاميّة أصيلة كريمة سخيّة ومربـيّة فاضلة ، قمتي بالعمل الشاق في المزارع والجبال والـبـيـوت ، أنجـبـتي المفكرين والعباقرة والدكاترة والناجحين في كل عمل ومهنة ، فدعواتـنا المخلصة لكِ إن كنـتـي حيّة بالصحّة والسّعادة وحُسن الخاتمة وإن كنـتـي مـيّـته بالرحمة والمغفرة والرضوان والسكن في روضات الجِـنَـان .
كُـنّـا قديماً في القرية نعيش على الخُبزة والحقـيـنة ( اللـبـنة ) وشويّة مرقة ودغابيس وعصيدة وعـيـش المسواط ، وكانت القرية صغيرة ، لكنها تـتـميّز بالحياة والحركة الكـثـيرة ، فالمساريب تَـعُـج بالنّشاط والحركة من الناس والدواب ، البـيـوت والأحواش مفـتـوحة ، الكل يعمل بكل نشاط وحيويّة ، الديوك تـتضارب حتى تُـقـطّر الدماء منها ، والغنم تـتـزاحم عند عودتها آخر النهار من الريع فيكون لها غثاء وجلبة بحثاً عن صغارها ( البهم ) الجميع ينـتـشرون لحلب الشياة والماعز ، كل بـيـت يحتوي على حمارة وبقرة وثورين وقطط أليفة وكلب للحراسة ، المرأة وما أدراك ما المرأة ، مُنهكة ومُتعبة من الشقى طوال النهار ، فالأم والأخت والزوجة والبنت والجدة كُـلّهُـن يعملن طوال النهار ، دون كللٍ أو ملل ، لا ترتاح لا في ظُهريّة ولا في عصريّة ، تروح من الوادي محمّلة إما بقرب الماء أو أكل للمواشي على ظهرها ، وفي بطـنها جـنـيـن يتحرك في كل لحظة ، ويرفس بطنها برجليه يريد الخروج ، وفي جنبها طفل آخر في الميـزب يصـيح من الجوع ، حيث لم يكن في زمانها حبوب لمنع الحمل لـتـنـظـيـم النسل كزمنـنـا الحاضر ، فالولد إثر البنت والبنت إثر الولد ، وهكذا دواليك ، مثل فقّاسة الـبـيـض ، تذهب إلى الجبال لإحضار الحطب للطبخ والـتـدفـئـة في عز الظهيرة وفي شدة البرد القارس ، تصعد جبلاً إثر جبل ، تكاد تموت من الجوع والعطش إلا ما تأكله من بعض الأشجار والنباتات ، كالـدّابة تسد به رمقها حتى تعود إلى بـيـتـها الذي يـنـتـظرها ، فليس هناك خدامة تقوم بأعمال البيت من طبـيـخ وكنـيـس وتـنظيف ، وعند غروب الشمس تكون قد أطـلّـت على القرية وهي تـئـن من شدة الحمولة الثـقـيـلة على ظهرها ، وما أن تصل إلى الـبـيـت حتى ترمي بجسمها النحيل فوق الهتـلة التي تشبه الأرض من شدة قساوتها ، فـيأتـيها صوت يكاد يهز الجدران المخلوبة بالطين ، يا الله يا مرة بسرعة قومي إطحني حب على الرحاة وسوّي عشانا ، ثم تقوم المسكينة المرهقة بـتجهـيـز عشاء أهل الـبـيت بعد أن قامت بطحن الحب على الرحاة وعجن العجين ، وهناك في السّـفـل يـنـطـلـق خوار البقرة ، تـنـتـظر الطعام أو تـنـتـظر من يحلُبها ، فـتـتعانق الأصوات من يمين وشمال في أذن سـيـدة البيت المتعوسة ، وتحتار تبدّي مين وترضي مين ، تَـشقى الـنّهار كُـلّه وجزءٌ من الليل ، فجزاها الله عن كل ما قدّمت خير الجزاء فـقـد ضربت المثل الأعلى في الصّبر والتحمّل .
وهنا نقول لكل أم أو أخت أو بـنـت أو زوجة أو جدة عاشت في القرية قديماً وواجهت تلك المتاعب والأيام العصـيـبـة ، لكِ منا كل الوفاء والحُب والإحترام والـتـقـديـر ، لأنكِ كُـنـتي إنسانة عُصاميّة أصيلة كريمة سخيّة ومربـيّة فاضلة ، قمتي بالعمل الشاق في المزارع والجبال والـبـيـوت ، أنجـبـتي المفكرين والعباقرة والدكاترة والناجحين في كل عمل ومهنة ، فدعواتـنا المخلصة لكِ إن كنـتـي حيّة بالصحّة والسّعادة وحُسن الخاتمة وإن كنـتـي مـيّـته بالرحمة والمغفرة والرضوان والسكن في روضات الجِـنَـان .