صقر الجنوب
28/06/2005, 01:17 PM
الزيارات للتهنئة والتعزية
بقلم: فوزية الخزمري
كانت المرأة بحكم الطبيعة السائدة في بناء البيوت المجاورة، تزور جميع جاراتها وتتبادل معهن الزيارات والهدايا. وهل كانت المرأة تحتاج الى زيارة وهي تعيش مع الجميع يتشاركون في مأكلهم ومجلسهم ويذهبن الى المزارع سوياً والى الابار لحمل الماء سوياً وكأنهن شخصٌ واحد يقوم بعمل واحد في بيت واحد. فبئست المدنية فلقد فرقت القريبين فضلاً عن الأبعدين.
وكن النساء جميعاً يجتمعن في بيت إحداهن ويتبادلن أطراف الحديث حيث تحمل واحدة منهن قهوتها معها ويتزاورن.
وتكاد تكون زيارة المرأة لجيرانها يومياً وباستمرار أما زيارتها لأهلها وأقاربها الذين تبعد عنهم مسافة تضطرها الى قضاء نصف نهارٍ أو أكثر فإن زيارتها تكون على فترات متقطعة ومتباعدة والسبب في ذلك يعود الى أعباء المرأة ووظائفها في مجتمع لم يكن ليتسامح مع الخطأ أو التقصير أو يترك مجالاً للفسحة والصلة لأكثر من زيارة تقل عن الساعة عند جارة لصيقة بحجة القيام بعملٍ مفيد!
وكانت المرأة تعود المريض في بيته وتصنع له أحياناً بعض أنواع الطعام أو تجلب معها حبات من البيض البلدي مع قليل من السمن أو مرقاً لدجاجة بلدية.
ومن الجميل ذكرة أن المرأة ومن باب حسن الضيافة كانت إذا زارتها جارتها ترسل إلى من لم تحضر من صويحبات الضيفة لتحضر معهن مجلسهن وتسمى الزائرة (مقهوية) أي لم تأت إلا لشرب القهوة وتبادل الأحاديث فقط.
· الزيارة للتهنئة بالمولود
أما إذا كانت زيارة المرأة للتهنئة بالمولود فإنها تسمى (مهنية) وتحمل معها في طبق نوع من الدقيق وتحمله معها إلى أهل البيت.
وكان المولود يسمى في يومه ولا يترك لفترة ويقيمون له العقيقة وتسمى عندهم باسم (الكبارة) ويحنك بالسمن والتمر ويكحل المولود سواء كان ذكراً أو أنثى وترسم حواجبه ويلف في قطعة من القماش ويحمل وغالباً ما كانت القابلة امرأة متخصصة في هذا العمل تذهب من بيت إلى الثاني حتى ولو كان الوقت متأخراً أو ليلاً ويبقى المولود فترة أيامه الأولى في حضن أحد أقربائه ولا يوضع مع أمه إلا في حالة الرضاع فقط. وكانت القابلة تقوم بهذا العمل احتساباً لا تأخذ عليه أجراً. فقولوا بربكم هل في زماننا هذا من يقدم مثل هذه الخدمات الجليلة دون عطاء جزيل؟!
· الزيارة للعزاء
في حال الزيارة للعزاء كان النساء يتجمعن عند أهل الميت ليودعن الميت ويرددن عبارات (يا رحام يالله) ويبدأن بالنياحة على الميت مشاركة لأهل الميت ويحملن معهن المال أو الدراهم والهدايا ويصنعن الطعام لأهل الميت لمدة طويلة.
أما المرأة التي تكون من أهل الميت أو أقاربه فإنه تحزن حزناً شديداً قد يصل إلى المبالغة، فهي تمكث ما يقارب العام أو العامين من ترك الزينة بكل أنواعها كالحناء والكحل ولبس الجديد ولا تحضر المناسبات ولا الاحتفالات وإن حضرت كانت بسيطة بل والحزن على قسمات وجهها كل ذلك وفاء لحق هذا الميت.
وإذا كانت المتوفية إمرأة فإن أقاربها يجتمعن لغسلها حيث تغسل بالماء والسدر ثم يغسل شعرها ويسدل من ورائها وتكفن في شيء بسيط من القماش يصلح أن يطلقون عليه مسمى الكفن. تحمل المرأة بعدها على أكتاف الرجال وكانت من بين النساء من تشتهر بغسل المتوفيات وإن كان لديها بعض الأخطاء في عملها ذلك، ولكنه عمل شرعيٌ جليل، تقوم به المرأة محتسبة الأجر والمثوبة عند الله . وبعد موتها يتصدق أهلها عليها بذبح الذبائح وتوزيع اللحم على جميع أهالي القرية ويسمى هذا (العشاء) أي يقومون بالعشاء على الميت.
أما الآن....... فقد تباعدت الدور عن بعضها وقلت زيارة المرأة لجاراتها كما تعددت وسائل الإتصال مع بعضهن.
ولازالت المرأة تذهب للتهنئة بالمولود وتحمل معها أصناف من الحلوى والهدايا الخاصة بالمولود وبأمه وتصنع في بعض الأحيان طعاما تحمله إليهم.
كما أنها تقوم بعيادة المريض وزيارته وأما مراسيم العزاء فإنها تكاد تكون مشابهة تماماً لما كانت عليه في الماضي.
أما تغسيل الموتى فهناك نساء متخصصات في هذا العمل حيث تقام دورات وخاصة في موسم الصيف لتدريب المتبرعات لغسل الموتى بالطريقة الصحيحة. وقد تم تعليم أعداد من النساء في هذا المشروع وتزايدت أعدادهن فلله الحمد والمنة.
منقول
بقلم: فوزية الخزمري
كانت المرأة بحكم الطبيعة السائدة في بناء البيوت المجاورة، تزور جميع جاراتها وتتبادل معهن الزيارات والهدايا. وهل كانت المرأة تحتاج الى زيارة وهي تعيش مع الجميع يتشاركون في مأكلهم ومجلسهم ويذهبن الى المزارع سوياً والى الابار لحمل الماء سوياً وكأنهن شخصٌ واحد يقوم بعمل واحد في بيت واحد. فبئست المدنية فلقد فرقت القريبين فضلاً عن الأبعدين.
وكن النساء جميعاً يجتمعن في بيت إحداهن ويتبادلن أطراف الحديث حيث تحمل واحدة منهن قهوتها معها ويتزاورن.
وتكاد تكون زيارة المرأة لجيرانها يومياً وباستمرار أما زيارتها لأهلها وأقاربها الذين تبعد عنهم مسافة تضطرها الى قضاء نصف نهارٍ أو أكثر فإن زيارتها تكون على فترات متقطعة ومتباعدة والسبب في ذلك يعود الى أعباء المرأة ووظائفها في مجتمع لم يكن ليتسامح مع الخطأ أو التقصير أو يترك مجالاً للفسحة والصلة لأكثر من زيارة تقل عن الساعة عند جارة لصيقة بحجة القيام بعملٍ مفيد!
وكانت المرأة تعود المريض في بيته وتصنع له أحياناً بعض أنواع الطعام أو تجلب معها حبات من البيض البلدي مع قليل من السمن أو مرقاً لدجاجة بلدية.
ومن الجميل ذكرة أن المرأة ومن باب حسن الضيافة كانت إذا زارتها جارتها ترسل إلى من لم تحضر من صويحبات الضيفة لتحضر معهن مجلسهن وتسمى الزائرة (مقهوية) أي لم تأت إلا لشرب القهوة وتبادل الأحاديث فقط.
· الزيارة للتهنئة بالمولود
أما إذا كانت زيارة المرأة للتهنئة بالمولود فإنها تسمى (مهنية) وتحمل معها في طبق نوع من الدقيق وتحمله معها إلى أهل البيت.
وكان المولود يسمى في يومه ولا يترك لفترة ويقيمون له العقيقة وتسمى عندهم باسم (الكبارة) ويحنك بالسمن والتمر ويكحل المولود سواء كان ذكراً أو أنثى وترسم حواجبه ويلف في قطعة من القماش ويحمل وغالباً ما كانت القابلة امرأة متخصصة في هذا العمل تذهب من بيت إلى الثاني حتى ولو كان الوقت متأخراً أو ليلاً ويبقى المولود فترة أيامه الأولى في حضن أحد أقربائه ولا يوضع مع أمه إلا في حالة الرضاع فقط. وكانت القابلة تقوم بهذا العمل احتساباً لا تأخذ عليه أجراً. فقولوا بربكم هل في زماننا هذا من يقدم مثل هذه الخدمات الجليلة دون عطاء جزيل؟!
· الزيارة للعزاء
في حال الزيارة للعزاء كان النساء يتجمعن عند أهل الميت ليودعن الميت ويرددن عبارات (يا رحام يالله) ويبدأن بالنياحة على الميت مشاركة لأهل الميت ويحملن معهن المال أو الدراهم والهدايا ويصنعن الطعام لأهل الميت لمدة طويلة.
أما المرأة التي تكون من أهل الميت أو أقاربه فإنه تحزن حزناً شديداً قد يصل إلى المبالغة، فهي تمكث ما يقارب العام أو العامين من ترك الزينة بكل أنواعها كالحناء والكحل ولبس الجديد ولا تحضر المناسبات ولا الاحتفالات وإن حضرت كانت بسيطة بل والحزن على قسمات وجهها كل ذلك وفاء لحق هذا الميت.
وإذا كانت المتوفية إمرأة فإن أقاربها يجتمعن لغسلها حيث تغسل بالماء والسدر ثم يغسل شعرها ويسدل من ورائها وتكفن في شيء بسيط من القماش يصلح أن يطلقون عليه مسمى الكفن. تحمل المرأة بعدها على أكتاف الرجال وكانت من بين النساء من تشتهر بغسل المتوفيات وإن كان لديها بعض الأخطاء في عملها ذلك، ولكنه عمل شرعيٌ جليل، تقوم به المرأة محتسبة الأجر والمثوبة عند الله . وبعد موتها يتصدق أهلها عليها بذبح الذبائح وتوزيع اللحم على جميع أهالي القرية ويسمى هذا (العشاء) أي يقومون بالعشاء على الميت.
أما الآن....... فقد تباعدت الدور عن بعضها وقلت زيارة المرأة لجاراتها كما تعددت وسائل الإتصال مع بعضهن.
ولازالت المرأة تذهب للتهنئة بالمولود وتحمل معها أصناف من الحلوى والهدايا الخاصة بالمولود وبأمه وتصنع في بعض الأحيان طعاما تحمله إليهم.
كما أنها تقوم بعيادة المريض وزيارته وأما مراسيم العزاء فإنها تكاد تكون مشابهة تماماً لما كانت عليه في الماضي.
أما تغسيل الموتى فهناك نساء متخصصات في هذا العمل حيث تقام دورات وخاصة في موسم الصيف لتدريب المتبرعات لغسل الموتى بالطريقة الصحيحة. وقد تم تعليم أعداد من النساء في هذا المشروع وتزايدت أعدادهن فلله الحمد والمنة.
منقول