صقر الجنوب
29/06/2005, 02:09 PM
جبران خليل جبران
ولد جبران خليل جبران في بشري في 6 كانون الثاني 1883، وهو الولد البكر لخليل جبران ولكاملة رحمة في زيجتها الثالثة وشقيق بطرس (أخوه من أمه) ومريانا وسلطانة. ترعرع في بشري مدللاً في طفولته، وتلقى في مدرسة الخوري جرمانوس التابعة لدير مار ليشاع، أوليّات السريانية والعربية.
سجن والده وهو في الثامنة من عمره، وصادرت جيوش المتصرف منزل الأسرة العريق وأملاكها. في التاسعة من عمره سقط عن صخرة عالية بالقرب من دير مار ليشاع فانكسر عظم كتفه وصلب على خشبة بضعة أشهر ليلتحم العظم (يجبّر) ، فاكتشف في ذاته معنى الصلب الذي عرفه مشهدياً في طقوس الصوم وأسبوع الآلام. والكسر أودع يده اليمنى ضعفاً لازمه طيلة حياته ودفعه لاقتناء عصاً .
عندما بلغ جبران الحادية عشرة من عمره خرج الوالد من السجن وكان الجوع يهدد أسرته، الأمر الذي دفعها إلى الهجرة، فأقلعت في 25حزيران 1895 من مرفأ بيروت متجهة الى بوسطن حيث الطموح البعيد.
إلتحق جبران في أوليفربليس بمدرسة الغرباء التي لم تقبله إلا عاماً واحداً، وخلاله اكتشفت المدرّسة جسّي فرمونت بل موهبته في فن الرسم.
تفجّرت طاقاته مع دواوين الشعر الإنكليزي ومعاجم الميثولوجيات الذي سهّل له التعرّف الى نخبة البيئة البوسطينية وأيقظ في أقلامه حس استنطاق بواطن الكتب، وجسدها في رسوم كان لها دور في شهرته.
جبران والحب
عرف في كيانه حباً جارفاً نحو سلطانة تابت وهي أرملة، توفيت ووفاتها عمّقت في نفسه معنى التجلّد والصلب الداخلي مجدداً. عواطفه ونزواته ومخيلته، كانت سابقة لعقله ومعرفته، وقد أدرك هذا التفاوت فيه. وسط هذا الصراع الداخلي، بلغه خبر وفاة أخته بالسل ودّع جبران أخاه بطرس بالداء نفسه ومن ثم والدته بداء السرطان، وكان كل ذلك في فترة لا تتجاوز السنة، فكانت الأقدار الموجعة عاملاً إضافياً في تفجير عبقريته.
ثم بدأ حبه لجوزفين. مع هذه المرأة أدرك جبران أن الجمال والعذوبة والشاعرية والصبا ليست الحب. وأدرك أن عليه أن يجد جبران الرجل في نقيضه جبران العاطفي. وكانت تلك التجربة المدخل الى مقالات "دمعة وابتسامة" التي نشرت في "المهاجر" . تعرف جبران على ماري هاسكل عام 1904، فكانت بالنسبة له السيدة الكريمة التي تعهدت انماء فنه ومواهبه. فقد اكتشفت فيه فناناً كبيراً، وحفزته على الكتابة باللغة الإنكليزية، فكانت تنقّح أكثر مؤلفاته الأولى بهذه اللغة، خصوصاً "المجنون" و"السابق" و"النبي". جمعت ماري هاسكل بجبران قصة حب كتبت على ستة آلاف صفحة من الرسائل والكتابات اليومية، وامتدت بين العام 1908 والعام 1926 تاريخ زواجها من رجل آخر. كانت عوائق الزواج بين جبران وهاسكل كثيرة، كبر سنها بالنسبة إليه (10سنوات) ومن بشاعتها، كما ان وضعه المادي لم يكن مؤاتياً، وأدرك جبران أن عليه أن يرسم للحب هدفاً أبعد منه ويحرره من قيود الزواج. وكان لجبران علاقة حب عبر المسافات جمعته بالشاعرة مي زيادة التي كانت تعيش في القاهرة، وبدأت تراسله الى نيويورك منذ العام 1912 ولغاية آذار 1931، أي قبل وفاته بنحو نصف الشهر. تضمنت الرسائل المتبادلة بينهما دراسات حول مؤلفات جبران وآفاق الحركة الثقافية في نيويورك ومصر. ولا تخلو هذه الرسائل في العديد من صفحاتها من العتوبة والملامة التي يتداولها العشّاق ومن تلميح الى الحب وتصريح به، غير أن هذا الحب ظل من دون لقاء. أما سلمى كرامة فهي شخص ابتكرها جبران ابتكاراً.
انغماس جبران بالأدب والرسم، لم يصرفه عن الاهتمام بقضايا وطنه السياسية وغيرها، فقد كان وطنياً صادقاً، ينتهز كل مناسبة لمساعدة أبناء وطنه بعمله، وماله وقلمه.
حقق جبران شهرة كبيرة في أميركا لم يبلغها أيّ من العباقرة معاصريه، ودرّت عليه كتبه أرباحاً طائلة، فنزعت من قلبه طعم المرارة، ومن قلبه حرارة الشكوى. وبينما كان متربعاً على قمة مجده الأدبي، تمكّن منه المرض، فوافته المنية في مستشفى القديس "فنسنت" في نيويورك في العاشر من نيسان من العام 1931، ونقلت رفاته الى لبنان في 21 آب من العام نفسه، ودفن في دير مار سركيس قرب بشري بحسب وصيته، في المكان الذي كان يحلم بالعودة إليه.
أعمـالـــه
ترك ستة عشر كتاباً عربياً وإنكليزياً، وآلافاً من الرسوم التي نشر بعضها في كتبه. مؤلفاته باللغة العربية هي: الموسيقى -عرائس المروج -الأرواح المتمردة –المواكب- العواصف- الأجنحة المتكسرة- دمعة وابتسامة- البدائع والطرائف. أما مؤلفـاته باللغـة الإنكلـيزية فهي: المجـنون- السابق- رمل وزبد- التائه- حديقة النبي- آلهة الأرض- النبي- يسوع ابن مريم.
مقتطفات
من "حديقة النبي" لجبران خليل جبران
· كل فكر حبسته عن الظهور بالكلام يجب أن أُطلقه بالأعمال.
· أتوق الى الأبدية لأنني سأجتمع فيها بقصائدي غير المنظومة وصوري غير المرسومة.
· إن ما نتوق إليه ونعجز عن الحصول عليه، أحب الى قلوبنا مما قد حصلنا عليه.
· إذا كذب الإنسان كذبة لا تؤذيك ولا تؤذي أحداً غيرك فلماذا لا تقول في قلبك: إن بيت حقائقه لا يسع خياله ولذلك يتركه الى فضاء أرحب؟
· للرجـل العظيـم قلبـان: قلـب يتألـم وقلـب يتأمل.
· ليُشبِع الرب المتخمين!
• ليس الجبل المقنّع بالضباب تلة، وليست السنديانة تحت المطر بالصفصافة الباكية.
****
يقول جبران
نفسي مثقلة بأثمارها فهل في الأرض جائع يجني ويأكل ويشبع؟
نفسي طافحة بخمرها فهل من ظامىء يسكب ويشرب ويرتوي؟
ألا ليتني كنت شجرة لا تزهر، ولا تثمر، فألم الخصب أمر من ألم العقم
وأوجاع ميسور لا يؤخذ منه أشد هولا من قنوط فقير لا يرزق
***
يقول جبران خليل جبران
أنا وأنتم أيها الناس مأخوذون بما بان من حالنا، متعامون عما خفي من حقيقتنا. فإن عثر أحدنا قلنا هو الساقط
وإن تماهل قلنا هو الخائر التلف، وإن تلعثم قلنا هو الأخرس
وإن تأوه قلنا تلك حشرجة النزع فهو مائت
أنا وأنتم مشغوفون بقشور "أنا" وسطحيات "أنتم" لذلك لا نبصر ما أسره الروح إلى "أنا" وما أخفاه
الروح في أنتم
وماذا عسانا نفعل ونحن بما يساورنا من الغرور غافلون عما فينا من الحق؟
***
يقول جبران
ما احملك ايتها الارض وما ابهاك ما اتم امتثالك للنور وانبل خضوعك للشمس
منقول
ولد جبران خليل جبران في بشري في 6 كانون الثاني 1883، وهو الولد البكر لخليل جبران ولكاملة رحمة في زيجتها الثالثة وشقيق بطرس (أخوه من أمه) ومريانا وسلطانة. ترعرع في بشري مدللاً في طفولته، وتلقى في مدرسة الخوري جرمانوس التابعة لدير مار ليشاع، أوليّات السريانية والعربية.
سجن والده وهو في الثامنة من عمره، وصادرت جيوش المتصرف منزل الأسرة العريق وأملاكها. في التاسعة من عمره سقط عن صخرة عالية بالقرب من دير مار ليشاع فانكسر عظم كتفه وصلب على خشبة بضعة أشهر ليلتحم العظم (يجبّر) ، فاكتشف في ذاته معنى الصلب الذي عرفه مشهدياً في طقوس الصوم وأسبوع الآلام. والكسر أودع يده اليمنى ضعفاً لازمه طيلة حياته ودفعه لاقتناء عصاً .
عندما بلغ جبران الحادية عشرة من عمره خرج الوالد من السجن وكان الجوع يهدد أسرته، الأمر الذي دفعها إلى الهجرة، فأقلعت في 25حزيران 1895 من مرفأ بيروت متجهة الى بوسطن حيث الطموح البعيد.
إلتحق جبران في أوليفربليس بمدرسة الغرباء التي لم تقبله إلا عاماً واحداً، وخلاله اكتشفت المدرّسة جسّي فرمونت بل موهبته في فن الرسم.
تفجّرت طاقاته مع دواوين الشعر الإنكليزي ومعاجم الميثولوجيات الذي سهّل له التعرّف الى نخبة البيئة البوسطينية وأيقظ في أقلامه حس استنطاق بواطن الكتب، وجسدها في رسوم كان لها دور في شهرته.
جبران والحب
عرف في كيانه حباً جارفاً نحو سلطانة تابت وهي أرملة، توفيت ووفاتها عمّقت في نفسه معنى التجلّد والصلب الداخلي مجدداً. عواطفه ونزواته ومخيلته، كانت سابقة لعقله ومعرفته، وقد أدرك هذا التفاوت فيه. وسط هذا الصراع الداخلي، بلغه خبر وفاة أخته بالسل ودّع جبران أخاه بطرس بالداء نفسه ومن ثم والدته بداء السرطان، وكان كل ذلك في فترة لا تتجاوز السنة، فكانت الأقدار الموجعة عاملاً إضافياً في تفجير عبقريته.
ثم بدأ حبه لجوزفين. مع هذه المرأة أدرك جبران أن الجمال والعذوبة والشاعرية والصبا ليست الحب. وأدرك أن عليه أن يجد جبران الرجل في نقيضه جبران العاطفي. وكانت تلك التجربة المدخل الى مقالات "دمعة وابتسامة" التي نشرت في "المهاجر" . تعرف جبران على ماري هاسكل عام 1904، فكانت بالنسبة له السيدة الكريمة التي تعهدت انماء فنه ومواهبه. فقد اكتشفت فيه فناناً كبيراً، وحفزته على الكتابة باللغة الإنكليزية، فكانت تنقّح أكثر مؤلفاته الأولى بهذه اللغة، خصوصاً "المجنون" و"السابق" و"النبي". جمعت ماري هاسكل بجبران قصة حب كتبت على ستة آلاف صفحة من الرسائل والكتابات اليومية، وامتدت بين العام 1908 والعام 1926 تاريخ زواجها من رجل آخر. كانت عوائق الزواج بين جبران وهاسكل كثيرة، كبر سنها بالنسبة إليه (10سنوات) ومن بشاعتها، كما ان وضعه المادي لم يكن مؤاتياً، وأدرك جبران أن عليه أن يرسم للحب هدفاً أبعد منه ويحرره من قيود الزواج. وكان لجبران علاقة حب عبر المسافات جمعته بالشاعرة مي زيادة التي كانت تعيش في القاهرة، وبدأت تراسله الى نيويورك منذ العام 1912 ولغاية آذار 1931، أي قبل وفاته بنحو نصف الشهر. تضمنت الرسائل المتبادلة بينهما دراسات حول مؤلفات جبران وآفاق الحركة الثقافية في نيويورك ومصر. ولا تخلو هذه الرسائل في العديد من صفحاتها من العتوبة والملامة التي يتداولها العشّاق ومن تلميح الى الحب وتصريح به، غير أن هذا الحب ظل من دون لقاء. أما سلمى كرامة فهي شخص ابتكرها جبران ابتكاراً.
انغماس جبران بالأدب والرسم، لم يصرفه عن الاهتمام بقضايا وطنه السياسية وغيرها، فقد كان وطنياً صادقاً، ينتهز كل مناسبة لمساعدة أبناء وطنه بعمله، وماله وقلمه.
حقق جبران شهرة كبيرة في أميركا لم يبلغها أيّ من العباقرة معاصريه، ودرّت عليه كتبه أرباحاً طائلة، فنزعت من قلبه طعم المرارة، ومن قلبه حرارة الشكوى. وبينما كان متربعاً على قمة مجده الأدبي، تمكّن منه المرض، فوافته المنية في مستشفى القديس "فنسنت" في نيويورك في العاشر من نيسان من العام 1931، ونقلت رفاته الى لبنان في 21 آب من العام نفسه، ودفن في دير مار سركيس قرب بشري بحسب وصيته، في المكان الذي كان يحلم بالعودة إليه.
أعمـالـــه
ترك ستة عشر كتاباً عربياً وإنكليزياً، وآلافاً من الرسوم التي نشر بعضها في كتبه. مؤلفاته باللغة العربية هي: الموسيقى -عرائس المروج -الأرواح المتمردة –المواكب- العواصف- الأجنحة المتكسرة- دمعة وابتسامة- البدائع والطرائف. أما مؤلفـاته باللغـة الإنكلـيزية فهي: المجـنون- السابق- رمل وزبد- التائه- حديقة النبي- آلهة الأرض- النبي- يسوع ابن مريم.
مقتطفات
من "حديقة النبي" لجبران خليل جبران
· كل فكر حبسته عن الظهور بالكلام يجب أن أُطلقه بالأعمال.
· أتوق الى الأبدية لأنني سأجتمع فيها بقصائدي غير المنظومة وصوري غير المرسومة.
· إن ما نتوق إليه ونعجز عن الحصول عليه، أحب الى قلوبنا مما قد حصلنا عليه.
· إذا كذب الإنسان كذبة لا تؤذيك ولا تؤذي أحداً غيرك فلماذا لا تقول في قلبك: إن بيت حقائقه لا يسع خياله ولذلك يتركه الى فضاء أرحب؟
· للرجـل العظيـم قلبـان: قلـب يتألـم وقلـب يتأمل.
· ليُشبِع الرب المتخمين!
• ليس الجبل المقنّع بالضباب تلة، وليست السنديانة تحت المطر بالصفصافة الباكية.
****
يقول جبران
نفسي مثقلة بأثمارها فهل في الأرض جائع يجني ويأكل ويشبع؟
نفسي طافحة بخمرها فهل من ظامىء يسكب ويشرب ويرتوي؟
ألا ليتني كنت شجرة لا تزهر، ولا تثمر، فألم الخصب أمر من ألم العقم
وأوجاع ميسور لا يؤخذ منه أشد هولا من قنوط فقير لا يرزق
***
يقول جبران خليل جبران
أنا وأنتم أيها الناس مأخوذون بما بان من حالنا، متعامون عما خفي من حقيقتنا. فإن عثر أحدنا قلنا هو الساقط
وإن تماهل قلنا هو الخائر التلف، وإن تلعثم قلنا هو الأخرس
وإن تأوه قلنا تلك حشرجة النزع فهو مائت
أنا وأنتم مشغوفون بقشور "أنا" وسطحيات "أنتم" لذلك لا نبصر ما أسره الروح إلى "أنا" وما أخفاه
الروح في أنتم
وماذا عسانا نفعل ونحن بما يساورنا من الغرور غافلون عما فينا من الحق؟
***
يقول جبران
ما احملك ايتها الارض وما ابهاك ما اتم امتثالك للنور وانبل خضوعك للشمس
منقول