بنت الباحة
01/08/2012, 08:38 PM
الحب أعمى . . بعيون عسليه !
http://www.clasicooo.com/vb/images/icons/roor.gif
http://1.bp.blogspot.com/-TipGQCcIszI/TlWUYtuffZI/AAAAAAAAAsQ/_g7qRNxn4N8/s1600/145.jpg
إن الدخول المفاجئ في منطقة إنعدام الرؤيه هي المشكله التي يمكن أن يعاني منها أي إنسان يتحدث عن الحب ... فرغم معرفته الشديده بهذا الشيء إلا أنه غير قادر على وصفه بوضوح
" دراسة الحب هي ضرب من البحث في الوهم " هذا ما يقوله واحد من العلماء الذين أمضوا سنوات عديده من حياتهم في دراسة الحب وهو متأكد رغم ذلك بأن وقته لم يذهب هدراً لأن ( القيم الوهميه لها واقعها النفسي ولقد عانى ملايين البشر وماتوا من أجل هذه القيم الوهميه خلال آلاف السنين من تطور الحضاره )
ومهما إختلفت أنماط حياة البشر يظل الحب هو ظاهرة كل العصور وأغنية كل الشعوب ليكون بذلك أكثر الأوهام حضوراً بل إنه الوهم الذي يتغلب على كل واقع !
ما هو الحدث الأهم في الحياه ؟ ... هذا السؤال طرحه الباحث " مايكل أرجايل " على أكثر من أربعمائة راشداً وطلب من كل واحد منهم أن يقدّر أكثر أحداث الحياه إيجابيه وفقاً لما تحققه هذه الأحداث من سعاده وشعور بالرضا والهناء
وجاءت ثلاثة أرباع الأوراق تحمل نفس الإجابه حيث كان الحدث الأهم بالنسبه لأصحابها هو ( الوقوع في الحب ) ... وتفوّق هذا الحدث على الكثير من أحداث الحياة الأخرى مثل كسب مبلغ كبير أو الحصول على وظيفه جديده أو ولادة طفل أو الشفاء من مرض خطير !
ولكن على الرغم من هذه الشعبيه الكبيره للحب والتي تجعل منه المطمح الأول لدى أغلب الناس كما جاء في نتيجة الدراسة السابقه نجد العديد من الدعوات الرافضه لفكرة الحب ... وقد طالب كاتب أمريكي قبل سنوات بحذف كلمة ( حب ) من معجم اللغه الإنجليزيه لأنها تنطوي على " خداع للذات " !!
وقد يكون تعبير " خداع الذات " هو التعبير الأقرب لدى هؤلاء الذين يرفضون الحب بفكرته المتعارف عليها وفي ذلك يقول الفيلسوف والروائي الفرنسي الكبير ( سارتر ):
" الحب في صميمه نوع من الخداع الذاتي لأنه يتضمّن حركه أو تسلسلاً إلى ما لا نهايه ... ما دمت أنا أحب فإنني أريد أن يحبني الآخر ... وبالتالي فإني أريد أن يريد الطرف الآخر أن أحبه وهكذا "
ولكن قضية أن يكون المرء محبوباً لم تعد ممسكاً جدلياً يتشبّث به الرافضون للحب لأن الدراسات الحديثه اصبحت تتعامل مع رغبة المرء بأن يكون محبوباً على أنها إحدى المبررات الرئيسيه للحب ... ولكي نقترب من الموضوع أكثر أُورد بإختصار هذه القصه القصيره لـ " بينيت سيرف " :
تدور أحداثها في ملجأ للأيتام حيث كانت هناك بنت صغيره منفره إلى أبعد حد وذات عادات سيئه وسلوك مستهجن عزلها عن أترابها, وكان الأطفال يتجنبونها ويكرهها المدرسون, وكانت مديرة الملجأ تنتظر أي مبرر منطقي لطردها
وفي أحد الأيام بدا كما لو أن فرصة المديره قد حانت, ذلك أن فتاه أخرى تشارك الأولى حجرتها مُكرهه نقلت إلى مديرة الملجأ أن الفتاه تراسل شخصاً خارج الملجأ وأنها رأتها تدفن رساله تحت شجره قُرب جدار القرميد !
بالكاد إستطاعت مديرة الملجأ ومساعدتها إخفاء سرورهما وقالت المديره: سوف نعرف في الحال قرارة الأمر, دلينا على مكان الرساله
وبالفعل فقد وجدتا الرساله بين أغصان الشجره وأنقضت المديره عليها وقرأتها ومن ثم هزّت رأسها وناولتها بصمت إلى مساعدتها ... كان مكتوباً :
( إلى كل من يجد هذه الورقه ... أحبك ) ! http://www.clasicooo.com/vb/images/smilies/9.gif http://www.clasicooo.com/vb/images/smilies/8.gif
في هذه الرساله لا تريد الفتاه الصغيره أن تُحب أحداً, ففي الملجأ الكثير ممن قد تحبهم وما تعنيه بتلك الرساله هو:
( إلى كل من يجد هذه الورقه: أريدك أن تحبني ) http://www.clasicooo.com/vb/images/smilies/9.gif http://www.clasicooo.com/vb/images/smilies/8.gif
فالإنسان في البدايه ينطلق من حاجته الأساسيه لأن يكون شخصاً محبوباً فكل من يحب شخصاً ما يأمل بصوره واعيه أو لا واعيه أن يكون محبوباً من قِبل هذا الشخص, وليس صحيحاً أن هذه الإستجابه تشكّل شرطاً للعاطفه وإنما هي المكافأه المتوقعه التي يكافئ بها المرء بأن يكون محبوباً هي أقدم من حافز الحب لديه
" أنظر, أود أن تحبني بهذه الطريقه " فنحن في إظهارنا الحنان والعاطفه نُشير إلى ما ينبغي على الشخص الآخر أن يبذله تجاهنا وبالتالي فإن حبك للآخر ليس طريقه وحسب لكسب حب الآخر لك وإنما هو هدفك أيضاً
وبإتّباعنا هذا الإلتفاف نصل إلى الرغبه الأصليه و ( الإنزياح ) من كون المرء مُحباً إلى أمنيته أن يكون محبوباً هو المقابل والمكسب ... أن نفعل للآخرين ما نريد منهم فعله لنا إنما هو شكل بدائي من ( العرض المقلوب )
سألت إعرابيه عن العشق فقالت:
( جلّ والله عن أن يرى, وخفي عن أبصار الورى, فهو في الصدور كامن ككمّون النار في الحجر, إن قدحته أورى, وإن تركته توارى ! )
شيء لا يرى ...
هكذا تفهم الإعرابية البسيطة الحب, تتخيله مثل شراره محبوسه في حجر صوان صغير, شراره غير موجوده على أرض الواقع ولكنها رغم ذلك قادره على إحراق كل شيء
إن القلق والفزع والإستياء الملحوظ هي أعراض ثابته في سيكولوجيا حالة الحب, ومهما إختلفت الحالات بإختلاف الأفراد قبل أن يجدوا أنفسهم مغرمين, فإن السمه المشتركه هي إنتقال المزاج من الإضطراب الخفيف إلى الضيق الحاد ومن الإنزعاج إلى الزلازل الإنفعاليه, ولقد وقع روميو في حب جولييت كرد فعل مباشر على إخفاقه مع روزالين
فالحب في بدايته فرار من الذات وترياق للنفور منها, ويقول غوته: ( في مواجهة التفوق الكبير للآخر ما من دواء سوى الحب ) لذلك يحاول العاشق أن يعوّض سخطه على ذاته بإسباغ الكثير من الصفات المُبالغ فيها على ذات المحبوب, هذا الشخص الذي ليس نحن بل ما نودّ أن نكونه
وقد إنتبه العرب لهذه المسأله مُبكراً حيث يصل ابن القيم بالمشكله إلى الذروه حين يجعل من ذات المُحب والمحبوب شيئاً واحداً هو المُحب نفسه أما الحب بهذا التصور " فحقيقته أنه مرآة يبصر فيها المحب طباعه ورقّته في صورة محبوبه ففي الحقيقه لم يحب إلا نفسه وطباعه ومشاكله "
يصوّر ( ثيوديور رايك ) لحظة الوقوع في الحب بصورة شخص في زنزانته يكتشف فجأه أنه موقوف !
ففكرة الحب من أول نظره ليست فكره واقعيه كما يرى ( رايك ) " ان وقتاً طويلاً ينقضي قبل أن نتعلّم نحن البالغون أن الحب في الواقع لا يشبه صورته الهوليوديه, وكم من الأفضل أن نكون يافعين ونتعلّم من ان نكون كهولاً ونعرف "
ولعل شيخ الدارسين للحب الإمام ابن حزم قد سبق هؤلاء في رفض القول بإمكان الحب من أول نظره حيث يرى صاحب " طوق الحمامه " أن هذا النوع من العلاقات يدخل في خانة الشهوه وليس الحب أما الحب فهو يحتاج إلى الزمن الطويل وملازمة المحب للمحبوب ومشاركته في تقلبات حالاته
وفي باب ( علامات الحب ) يرى ابن حزم أن إدمان النظر أول علامات الحب ثم الإقبال بالحديث على المحبوب وموافقته في كل ما يقوله وإن يكن مُحالاً والإسراع بالسير نحو المكان الذي يكون فيه, وإضطراب المحب عندما يرى من يشبه محبوبه أو حين يسمع إسمه وكثرة الغمز الخفي والرغبه في ترديد إسم المحبوب والميل إلى الوحده فضلاً عن السهر ونحول الجسم والقلق والبكاء وإظهار المحبه لأهل المحبوب
والعذاب النفسي يبدو وكأنه سمةٌ من سمات العشاق وخصوصاً العرب, فعمر ابن ربيعه يقول في نهاية قصيدته النونيه:
قلت: يا سيدتي عذبتني ....... قالت: اللهم عذبني إذن
وفي هذا البيت نجد أن حبيبة الشاعر لم تدع بزوال العذاب عن محبوبها بل أن تتعذب هي أيضاً تعويضاً له, ولا أدري حقيقة ان كان في عذاب الحب نوع من المتعه الشخصيه التي تدفع العشاق للبحث عن مثل هذا العذاب أم أنه يأتي كدليل على شدة الحب كما يقول الشاعر:
ولمّا شكوت الحب قالت كذبتني ....... ألست أرى فيك العظام كواسيا
فلا حب حتى يلزق الجلد بالحشا ...... وتخرس حتى لا تجيب المناديا
وقد لا يتّسع المجال هنا للحديث عن هذا الجانب الشاق من الحب لأن المعذبين أكثر من أن أعدهم ولو تحدثت عن مجنون بني عامر لأحتجت عشرات التدوينات لقراءة عذاب هذا العاشق العظيم
الحب حاله خاصه من الإخضرار والربيع العاطفي
حيث يزهر القلب وتتشابك أغصان الروح, وإذا كان البعض يعطي للحب لوناً أحمر أو زهرياً أو أبيض فإن الكثير من العشاق ينظرون إليه على أنه حاله خضراء, ومن ذلك قول أبو صخر الهذلي:
تكاد يدي تندى إذا ما لمستها ......... وينبت في أطرافها الورق الأخضر
و روى ( جعفر السراج ) خبر شجرتين قد إلتفّـتا على قبرين متلاصقين, وقد خرج من كِلا القبرين ساق شجره, حتى إذا صارا أعلى قامه إلتفّـتا, أما القبران فهما قبرا عروه و عفراء !
ويروي ابن الجوزي خبر نخله عاشقه من نحيل البصره كانت غايه في حسنها وطيب رطبها ثم فسدت حتى ( شيصت ) فدعى صاحبها شيخاً خبيراً بالنخل, فنظر إليها وما حولها من النخل فقال: هذه عاشقه لهذا الفحل الذي بالقرب منها فلقحت منه فعادت إلى أحسن مما كانت
ومن سمات الحب أيضاً الغيره الشديده التي تنطلق من رغبه جامحه بتملك المحبوب بحيث لا يرى إلا عاشقه المتيم, وقد تصل الغيره إلى حد المرض في بعض الأحيان كما حدث مع الشاعر ( ديك الجن ) الذي قتل جاريه يحبها كي لا ينظر إليها غيره !
وكتب في رثائها قصيده تكشف عن توتر المحب وقلقه وعجزه عن التملك المطلق لمحبوبه يقول فيها:
يا مهجة طلع الحمام عليها
وجُني لها ثمر الردى بيديها
حكمت سيفي في مجال خناقها
ومدامعي تجري على خديها
رويت من دمها الثرى ولطالما
روى الهوى شفتي من شفتيها
فوحق نعليها وما وطئ الحصى
شيء أعز علي من نعليها
ما كان قتليها لأني لم أكن
أبكي إذا اسقط الذباب عليها
لكن بخلت على العيون بلحظها
وأنفت من نظر العداة إليها
وقد وضع العرب درجات للحب هي:
* ( الحب ): وهو نقيض البغض, والمحبه كما يرى ابن القيم هي غليان القلب وثورانه عند الإهتياج إلى لقاء المحبوب
* ( الصبابه ): وهي الشوق ولو بحثنا في المعجم لما وجدنا في معاني هذه الكلمه أي معنى سعيد
* ( الهوى ): محبة الإنسان الشيء وغلبته على قلبه
* ( العلاقه ): مأخوذه من مادة " علق " بمعنى نشب فيه وهو الحب والهوى الملازم ابداً للقلب
* ( الجوى ): تحول الحب إلى داء طويل الأمد
* ( الخله ): الخليل هو المحب الذي ليس في محبته خلل
* ( الكلف ): الولوع بالشيء مع شغل القلب ومشقته
* ( العشق ): فرط الحب, وإذا صح أن تجاوز المقدار في الحب يعني السعاده فإن العشق بمعنى الحب المفرط يكون المعنى الوحيد السعيد لهذه الكلمه
* ( الشعف ): شعفة الجبل رأسه والشعف هو الحب الشديد الذي يتمكن من سواد القلب
* ( الشغف ): قال تعالى في سورة يوسف: " قد شغفها حباً " وروى الأصمعي أن الشغاف داء في القلب إذا إتصل بالطحال قتل صاحبه
* ( التيم ): أن يستعبده الهوى, وهو ذهاب العقل من الهوى
* ( التبل ): " رجل متبول " أي أسقمه الهوى وقلب متبول: إذا غلبه الحب وهيامه
* ( الدله ): ذهاب الفؤاد من هم ونحوه
* ( الهيام ): هو وصول الحب إلى درجة الجنون
ــــــــــــــــــــــــــــ
قل لي أين يولد الحب في العقل أم القلب ؟
شكسبير _ ( تاجر البندقيه )
الحب في الأرض بعض من تخيلنا .... لو لم نجده عليها لأخترعناه
نزار قباني
وأحبها وتحبني ويحب ناقتها بعيري
المنخل اليشكري
يا حب يا ذكرى وإسم
مدري أنا أبكي عليك من العذاب ... أو أبتسم !
بدر بن عبدالمحسن
حبك غلطه مطبعيه !
غاده السمان
دنياك هذي كلها دمعتيني
دمعة لقـا والثانيه دمعة فراق
http://www.clasicooo.com/vb/images/icons/roor.gif
http://1.bp.blogspot.com/-TipGQCcIszI/TlWUYtuffZI/AAAAAAAAAsQ/_g7qRNxn4N8/s1600/145.jpg
إن الدخول المفاجئ في منطقة إنعدام الرؤيه هي المشكله التي يمكن أن يعاني منها أي إنسان يتحدث عن الحب ... فرغم معرفته الشديده بهذا الشيء إلا أنه غير قادر على وصفه بوضوح
" دراسة الحب هي ضرب من البحث في الوهم " هذا ما يقوله واحد من العلماء الذين أمضوا سنوات عديده من حياتهم في دراسة الحب وهو متأكد رغم ذلك بأن وقته لم يذهب هدراً لأن ( القيم الوهميه لها واقعها النفسي ولقد عانى ملايين البشر وماتوا من أجل هذه القيم الوهميه خلال آلاف السنين من تطور الحضاره )
ومهما إختلفت أنماط حياة البشر يظل الحب هو ظاهرة كل العصور وأغنية كل الشعوب ليكون بذلك أكثر الأوهام حضوراً بل إنه الوهم الذي يتغلب على كل واقع !
ما هو الحدث الأهم في الحياه ؟ ... هذا السؤال طرحه الباحث " مايكل أرجايل " على أكثر من أربعمائة راشداً وطلب من كل واحد منهم أن يقدّر أكثر أحداث الحياه إيجابيه وفقاً لما تحققه هذه الأحداث من سعاده وشعور بالرضا والهناء
وجاءت ثلاثة أرباع الأوراق تحمل نفس الإجابه حيث كان الحدث الأهم بالنسبه لأصحابها هو ( الوقوع في الحب ) ... وتفوّق هذا الحدث على الكثير من أحداث الحياة الأخرى مثل كسب مبلغ كبير أو الحصول على وظيفه جديده أو ولادة طفل أو الشفاء من مرض خطير !
ولكن على الرغم من هذه الشعبيه الكبيره للحب والتي تجعل منه المطمح الأول لدى أغلب الناس كما جاء في نتيجة الدراسة السابقه نجد العديد من الدعوات الرافضه لفكرة الحب ... وقد طالب كاتب أمريكي قبل سنوات بحذف كلمة ( حب ) من معجم اللغه الإنجليزيه لأنها تنطوي على " خداع للذات " !!
وقد يكون تعبير " خداع الذات " هو التعبير الأقرب لدى هؤلاء الذين يرفضون الحب بفكرته المتعارف عليها وفي ذلك يقول الفيلسوف والروائي الفرنسي الكبير ( سارتر ):
" الحب في صميمه نوع من الخداع الذاتي لأنه يتضمّن حركه أو تسلسلاً إلى ما لا نهايه ... ما دمت أنا أحب فإنني أريد أن يحبني الآخر ... وبالتالي فإني أريد أن يريد الطرف الآخر أن أحبه وهكذا "
ولكن قضية أن يكون المرء محبوباً لم تعد ممسكاً جدلياً يتشبّث به الرافضون للحب لأن الدراسات الحديثه اصبحت تتعامل مع رغبة المرء بأن يكون محبوباً على أنها إحدى المبررات الرئيسيه للحب ... ولكي نقترب من الموضوع أكثر أُورد بإختصار هذه القصه القصيره لـ " بينيت سيرف " :
تدور أحداثها في ملجأ للأيتام حيث كانت هناك بنت صغيره منفره إلى أبعد حد وذات عادات سيئه وسلوك مستهجن عزلها عن أترابها, وكان الأطفال يتجنبونها ويكرهها المدرسون, وكانت مديرة الملجأ تنتظر أي مبرر منطقي لطردها
وفي أحد الأيام بدا كما لو أن فرصة المديره قد حانت, ذلك أن فتاه أخرى تشارك الأولى حجرتها مُكرهه نقلت إلى مديرة الملجأ أن الفتاه تراسل شخصاً خارج الملجأ وأنها رأتها تدفن رساله تحت شجره قُرب جدار القرميد !
بالكاد إستطاعت مديرة الملجأ ومساعدتها إخفاء سرورهما وقالت المديره: سوف نعرف في الحال قرارة الأمر, دلينا على مكان الرساله
وبالفعل فقد وجدتا الرساله بين أغصان الشجره وأنقضت المديره عليها وقرأتها ومن ثم هزّت رأسها وناولتها بصمت إلى مساعدتها ... كان مكتوباً :
( إلى كل من يجد هذه الورقه ... أحبك ) ! http://www.clasicooo.com/vb/images/smilies/9.gif http://www.clasicooo.com/vb/images/smilies/8.gif
في هذه الرساله لا تريد الفتاه الصغيره أن تُحب أحداً, ففي الملجأ الكثير ممن قد تحبهم وما تعنيه بتلك الرساله هو:
( إلى كل من يجد هذه الورقه: أريدك أن تحبني ) http://www.clasicooo.com/vb/images/smilies/9.gif http://www.clasicooo.com/vb/images/smilies/8.gif
فالإنسان في البدايه ينطلق من حاجته الأساسيه لأن يكون شخصاً محبوباً فكل من يحب شخصاً ما يأمل بصوره واعيه أو لا واعيه أن يكون محبوباً من قِبل هذا الشخص, وليس صحيحاً أن هذه الإستجابه تشكّل شرطاً للعاطفه وإنما هي المكافأه المتوقعه التي يكافئ بها المرء بأن يكون محبوباً هي أقدم من حافز الحب لديه
" أنظر, أود أن تحبني بهذه الطريقه " فنحن في إظهارنا الحنان والعاطفه نُشير إلى ما ينبغي على الشخص الآخر أن يبذله تجاهنا وبالتالي فإن حبك للآخر ليس طريقه وحسب لكسب حب الآخر لك وإنما هو هدفك أيضاً
وبإتّباعنا هذا الإلتفاف نصل إلى الرغبه الأصليه و ( الإنزياح ) من كون المرء مُحباً إلى أمنيته أن يكون محبوباً هو المقابل والمكسب ... أن نفعل للآخرين ما نريد منهم فعله لنا إنما هو شكل بدائي من ( العرض المقلوب )
سألت إعرابيه عن العشق فقالت:
( جلّ والله عن أن يرى, وخفي عن أبصار الورى, فهو في الصدور كامن ككمّون النار في الحجر, إن قدحته أورى, وإن تركته توارى ! )
شيء لا يرى ...
هكذا تفهم الإعرابية البسيطة الحب, تتخيله مثل شراره محبوسه في حجر صوان صغير, شراره غير موجوده على أرض الواقع ولكنها رغم ذلك قادره على إحراق كل شيء
إن القلق والفزع والإستياء الملحوظ هي أعراض ثابته في سيكولوجيا حالة الحب, ومهما إختلفت الحالات بإختلاف الأفراد قبل أن يجدوا أنفسهم مغرمين, فإن السمه المشتركه هي إنتقال المزاج من الإضطراب الخفيف إلى الضيق الحاد ومن الإنزعاج إلى الزلازل الإنفعاليه, ولقد وقع روميو في حب جولييت كرد فعل مباشر على إخفاقه مع روزالين
فالحب في بدايته فرار من الذات وترياق للنفور منها, ويقول غوته: ( في مواجهة التفوق الكبير للآخر ما من دواء سوى الحب ) لذلك يحاول العاشق أن يعوّض سخطه على ذاته بإسباغ الكثير من الصفات المُبالغ فيها على ذات المحبوب, هذا الشخص الذي ليس نحن بل ما نودّ أن نكونه
وقد إنتبه العرب لهذه المسأله مُبكراً حيث يصل ابن القيم بالمشكله إلى الذروه حين يجعل من ذات المُحب والمحبوب شيئاً واحداً هو المُحب نفسه أما الحب بهذا التصور " فحقيقته أنه مرآة يبصر فيها المحب طباعه ورقّته في صورة محبوبه ففي الحقيقه لم يحب إلا نفسه وطباعه ومشاكله "
يصوّر ( ثيوديور رايك ) لحظة الوقوع في الحب بصورة شخص في زنزانته يكتشف فجأه أنه موقوف !
ففكرة الحب من أول نظره ليست فكره واقعيه كما يرى ( رايك ) " ان وقتاً طويلاً ينقضي قبل أن نتعلّم نحن البالغون أن الحب في الواقع لا يشبه صورته الهوليوديه, وكم من الأفضل أن نكون يافعين ونتعلّم من ان نكون كهولاً ونعرف "
ولعل شيخ الدارسين للحب الإمام ابن حزم قد سبق هؤلاء في رفض القول بإمكان الحب من أول نظره حيث يرى صاحب " طوق الحمامه " أن هذا النوع من العلاقات يدخل في خانة الشهوه وليس الحب أما الحب فهو يحتاج إلى الزمن الطويل وملازمة المحب للمحبوب ومشاركته في تقلبات حالاته
وفي باب ( علامات الحب ) يرى ابن حزم أن إدمان النظر أول علامات الحب ثم الإقبال بالحديث على المحبوب وموافقته في كل ما يقوله وإن يكن مُحالاً والإسراع بالسير نحو المكان الذي يكون فيه, وإضطراب المحب عندما يرى من يشبه محبوبه أو حين يسمع إسمه وكثرة الغمز الخفي والرغبه في ترديد إسم المحبوب والميل إلى الوحده فضلاً عن السهر ونحول الجسم والقلق والبكاء وإظهار المحبه لأهل المحبوب
والعذاب النفسي يبدو وكأنه سمةٌ من سمات العشاق وخصوصاً العرب, فعمر ابن ربيعه يقول في نهاية قصيدته النونيه:
قلت: يا سيدتي عذبتني ....... قالت: اللهم عذبني إذن
وفي هذا البيت نجد أن حبيبة الشاعر لم تدع بزوال العذاب عن محبوبها بل أن تتعذب هي أيضاً تعويضاً له, ولا أدري حقيقة ان كان في عذاب الحب نوع من المتعه الشخصيه التي تدفع العشاق للبحث عن مثل هذا العذاب أم أنه يأتي كدليل على شدة الحب كما يقول الشاعر:
ولمّا شكوت الحب قالت كذبتني ....... ألست أرى فيك العظام كواسيا
فلا حب حتى يلزق الجلد بالحشا ...... وتخرس حتى لا تجيب المناديا
وقد لا يتّسع المجال هنا للحديث عن هذا الجانب الشاق من الحب لأن المعذبين أكثر من أن أعدهم ولو تحدثت عن مجنون بني عامر لأحتجت عشرات التدوينات لقراءة عذاب هذا العاشق العظيم
الحب حاله خاصه من الإخضرار والربيع العاطفي
حيث يزهر القلب وتتشابك أغصان الروح, وإذا كان البعض يعطي للحب لوناً أحمر أو زهرياً أو أبيض فإن الكثير من العشاق ينظرون إليه على أنه حاله خضراء, ومن ذلك قول أبو صخر الهذلي:
تكاد يدي تندى إذا ما لمستها ......... وينبت في أطرافها الورق الأخضر
و روى ( جعفر السراج ) خبر شجرتين قد إلتفّـتا على قبرين متلاصقين, وقد خرج من كِلا القبرين ساق شجره, حتى إذا صارا أعلى قامه إلتفّـتا, أما القبران فهما قبرا عروه و عفراء !
ويروي ابن الجوزي خبر نخله عاشقه من نحيل البصره كانت غايه في حسنها وطيب رطبها ثم فسدت حتى ( شيصت ) فدعى صاحبها شيخاً خبيراً بالنخل, فنظر إليها وما حولها من النخل فقال: هذه عاشقه لهذا الفحل الذي بالقرب منها فلقحت منه فعادت إلى أحسن مما كانت
ومن سمات الحب أيضاً الغيره الشديده التي تنطلق من رغبه جامحه بتملك المحبوب بحيث لا يرى إلا عاشقه المتيم, وقد تصل الغيره إلى حد المرض في بعض الأحيان كما حدث مع الشاعر ( ديك الجن ) الذي قتل جاريه يحبها كي لا ينظر إليها غيره !
وكتب في رثائها قصيده تكشف عن توتر المحب وقلقه وعجزه عن التملك المطلق لمحبوبه يقول فيها:
يا مهجة طلع الحمام عليها
وجُني لها ثمر الردى بيديها
حكمت سيفي في مجال خناقها
ومدامعي تجري على خديها
رويت من دمها الثرى ولطالما
روى الهوى شفتي من شفتيها
فوحق نعليها وما وطئ الحصى
شيء أعز علي من نعليها
ما كان قتليها لأني لم أكن
أبكي إذا اسقط الذباب عليها
لكن بخلت على العيون بلحظها
وأنفت من نظر العداة إليها
وقد وضع العرب درجات للحب هي:
* ( الحب ): وهو نقيض البغض, والمحبه كما يرى ابن القيم هي غليان القلب وثورانه عند الإهتياج إلى لقاء المحبوب
* ( الصبابه ): وهي الشوق ولو بحثنا في المعجم لما وجدنا في معاني هذه الكلمه أي معنى سعيد
* ( الهوى ): محبة الإنسان الشيء وغلبته على قلبه
* ( العلاقه ): مأخوذه من مادة " علق " بمعنى نشب فيه وهو الحب والهوى الملازم ابداً للقلب
* ( الجوى ): تحول الحب إلى داء طويل الأمد
* ( الخله ): الخليل هو المحب الذي ليس في محبته خلل
* ( الكلف ): الولوع بالشيء مع شغل القلب ومشقته
* ( العشق ): فرط الحب, وإذا صح أن تجاوز المقدار في الحب يعني السعاده فإن العشق بمعنى الحب المفرط يكون المعنى الوحيد السعيد لهذه الكلمه
* ( الشعف ): شعفة الجبل رأسه والشعف هو الحب الشديد الذي يتمكن من سواد القلب
* ( الشغف ): قال تعالى في سورة يوسف: " قد شغفها حباً " وروى الأصمعي أن الشغاف داء في القلب إذا إتصل بالطحال قتل صاحبه
* ( التيم ): أن يستعبده الهوى, وهو ذهاب العقل من الهوى
* ( التبل ): " رجل متبول " أي أسقمه الهوى وقلب متبول: إذا غلبه الحب وهيامه
* ( الدله ): ذهاب الفؤاد من هم ونحوه
* ( الهيام ): هو وصول الحب إلى درجة الجنون
ــــــــــــــــــــــــــــ
قل لي أين يولد الحب في العقل أم القلب ؟
شكسبير _ ( تاجر البندقيه )
الحب في الأرض بعض من تخيلنا .... لو لم نجده عليها لأخترعناه
نزار قباني
وأحبها وتحبني ويحب ناقتها بعيري
المنخل اليشكري
يا حب يا ذكرى وإسم
مدري أنا أبكي عليك من العذاب ... أو أبتسم !
بدر بن عبدالمحسن
حبك غلطه مطبعيه !
غاده السمان
دنياك هذي كلها دمعتيني
دمعة لقـا والثانيه دمعة فراق