تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عقوق الوالدين


بنت الباحة
20/08/2012, 12:26 AM
http://files2.fatakat.com/2010/12/12934775201575.gif

عقوق الوالدين


أيام قليلة تفصلنا عن العيد ، ورمضان يودعنا ، بعضنا تدمع عيناه عليه
وبعضنا ينتظر رحيله ساعة بـ ساعة ، لــ أعتباراته ، وما بينهما غنم
من غنم في هذه الأيام ، وخسر من خسر ، ويبقى الله هو العفو الكريم .
لا يريد الله في رمضان منا صيام الجائعين ، أغلبنا صيامه جوع بـ جوع ،
أما القلب والجوارح فلا تصوم عما تفعله طوال عام ، وما هو أهم ،
هو تلك الأثقال التي يحملها كثيرون على ظهورهم فلا يرفعونها في
شهر مثل رمضان .
نسمع حكايات كثيرة عن عقوق الوالدين ، وبعضنا لا يتفقد والدايه
أو أحدهما إلا مرة في الأسبوع ، وإن دعاهما إلى الأفطار يدعوهما
مرة واحدة فقط ، ولا يتذكر والدايه بقية الشهر ، يبقى منغمساً في الصوم
عن الطعام ، حارماً نفسه مما هو أهم .
بعضنا يرى حقوق الوالدين بعد الزوجة والأبناء ، وبعضنا يتصدق على
والدايه مما يتبقى من دخله ، بدلاً من أن يعطيهما من رأس الكوم
في دخله قبل الإيجار والمصاريف .
بعض العلماء يقولون إن عقوق الوالدين بــ الذات لا تؤجل عقوبته إلى
الآخرة ، إما تتم العقوبة في الدنيا مباشرة ولا تأخر ، والذي يعق والدايه أو
أحدهما يأتيه أبن أو أبنة يعقه بــ ذات الطريقة ، إن لم يكن أسوأ !
رجل عجوز ذات مرة في أحدى ضواحي مدينتي ، سمع الجيران صوت
أينه ليلاً ، وخرجوا بحثاً عن مصدر الصوت ، فـــ وجدوا عجوزاً تم رميه
قرب حاوية نفايات والذين رموه هم أولاده الذين ملوا أمراضه وعجزه
فـــ خرجوا بعد منتصف الليل لــ يرموه عند الحاوية .
الجيران شعروا بــ الذهول ، فــ أي أولاد هم أولئك .. هل هم بشر !!
حاول الجيران حمل العجوز الثمانيني من أجل إعادته إلى بيته أو أخذه
إلى أحد بيوت الجيران ، غير أن العجوز بكى بــ شدة ، طالباً تركه عند
الحاوية فـ هذا مكانه الطبيعي حتى يموت .
أحتار الجيران في أمر العجوز ولماذا يريد البقاء عند الحاوية ...!
سكت هذا العجوز قليلاً وروى لهم أنه قبل أربعين عاماً وحين كان في عز قوته وصحته وماله حمل أمه قرفاً من مرضها ورماها آنذاك
عند ( مزبلة القرية ) بـــ ذات الطريقة .
أضاف العجوز أن هذا عقاب طبيعي من الله ، فقد فعل ذات الفعلة مع
أمه التي رماها قبل أربعين عاماً عند الحاوية ، فــ جاء أولاده دون أخلاق
لــ يرموه عند الحاوية ، ودون أن يعرفوا أن كل هذه أقدار تجري لــ سداد
الفواتير المعلقة بين السماء والأرض .
في قصة آخرى معروفة في التراث الأسلامي ، فــ إن رجلاً دخل الجنة
لــ سبب بسيط لايخطر على بال أحد ، بــ رغم سوء أخلاقه وشربه لـ الخمر
وزيارته لــ بائعات الهوى وأعتياده السرقة وإيذاء الناس .
الرجل كان يعود إلى منزله وقد ترنح من فرط السكر وإذ يدخل غرفتهم الوحيدة
وفيها والداه ووالداته ، و زوجته وأولاده فقد كان يحلب الماعز الوحيد في
بيته ويحمل إناء الحليب ويدخل إلى البيت .
أولاده يستيقظون ويشدونه من ثيابه يريدون شرب الحليب فلا يقبل ..
يبقى واقفاً عند رأس والده ووالداته من أجل إيقاظهما لـ يشربا أولاً
قبل أولاده الصغار والجياع ، وبعد أن يرتوي الوالدان كان يسمح لـ أولاده
بــــ الشرب من الحليب .
بـــ الرغم من كل خطاياه ولأن الله عفو وكريم فقد أدخلته ( سقيا الحليب )
إلى الجنة وأدخله بر والدايه الجنة ، وأدخله تقديمه لــ والدايه على أطفاله
الجنة ، وهذا يقول أن الدين ليس نصاً حرفياً فقط
بل هو روح ، وإذ لانبّر والداينا في رمضان فما نفع الجوع والصيام ..!
في الأيام الأخيرة لـ ضيفنا الكريم ، نقول إن كل واحد منّا بـ حاجة
لــ جردة حساب مع نفسه حول علاقته بــ والدايه ، والمال ليس كل شيء
فــ إن عدمت المال فــ إن الحنان وحسن المعاملة والبر عسل تسكبه
في قلب والدايك .